مرحلة جديدة تتجه لها الحكومة اليمنية تخص التعامل مع “الحوثيين”، بناء على القرار الأخير الصادر عن “مجلس الدفاع الوطني اليمني” في 22 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، الذي صنّف ميليشيا “الحوثي”، “جماعة إرهابية”، فما إجراءات وشكل هذه المرحلة.

قرار “مجلس الدفاع الوطني اليمني”، جاء بعد استهداف “ميناء الضبة” لتصدير النفط في محافظة حضرموت شرقي اليمن من قبل “الحوثيين”، وهو الاستهداف الذي لاقى تنديدا دوليا، وأدانه “مجلس الأمن”، خصوصا أنه جاء تنفيذا لتهديدات أطلقها قادة “حوثيون” خلال مشاورات الساعات الأخيرة لانتهاء الهدنة المعلنة برعاية أممية مطلع الشهر المنصرم.

https://7al.net/2022/11/07/%d8%a7%d9%86%d9%87%d9%8a%d8%a7%d8%b1-%d9%88%d8%af%d9%8a%d9%88%d9%86-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a3%d9%8a%d9%86-%d9%8a%d8%aa%d8%ac%d9%87-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85/mwissam/news/global-news/

الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، قالت مؤخرا، إنها اعتمدت عددا من الإجراءات والبرامج التنفيذية الخاصة بإعادة بناء الخطط الوزارية للتعامل مع المتغيرات الجديدة في ضوء قرار تصنيف “الحوثيين” بكونهم “جماعة إرهابية”.

الحكومة أوضحت في بيان صدر عقب اجتماع في عدن، أن الإجراءات والبرامج التنفيذية الجديدة، تتضمن إعادة بناء الخطط الوزارية، بما يلبي احتياجات المرحلة واستحقاقاتها السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والإنسانية وفقا للتطورات الأخيرة، مع مراعاة الاستمرار في تنفيذ مسار الإصلاحات وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

إعداد استراتيجية وفق آليات مدروسة تضمن عدم تأثير قرار تصنيف “الحوثيين”، “جماعة إرهابية” على النشاط التجاري والقطاع الخاص الوطني وسلاسة تدفق المواد والسلع الغذائية، هو ما أقرته الحكومة، وذلك بما يحافظ على معيشة وحياة المواطنين في مناطق سيطرة “الحوثيين”، بحسب البيان.

“إنهاء الانقلاب”

رئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك، وجّه بالبدء الفوري في تنفيذ الخطط الوزارية المقرة وفق متطلبات المرحلة الجديدة، والتركيز على استكمال استعادة الدولة “وإنهاء الانقلاب الحوثي” المدعوم إيرانيا، بحسب قوله.

عبد الملك أكد، أن تهديدات “الحوثيين” المستمرة للمنشآت الاقتصادية الوطنية والبنى التحتية المدنية في اليمن ودول الجوار، سيتم التعامل معها بحزم لحماية مقدرات الشعب اليمني والملاحة الدولية، واستقرار الطاقة العالمي.

رئيس الحكومة، جدّد الدعوة للمجتمع الدولي إلى منع تدخلات إيران في شؤون اليمن الداخلية، وإلزامها بتطبيق القرارات الدولية بحظر منح “الحوثيين” السلاح، ودعمهم بالمال والإعلام، مؤكدا الحرص على التنسيق مع شركاء اليمن في مكافحة الإرهاب، لتنفيذ كل الإجراءات الرامية لحماية الملاحة الدولية.

“استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب هدف لا رجعة عنه، والوصول إلى هذا الهدف سيتحقق بكل الأساليب المتاحة والممكنة  ولجوء الحوثيين إلى استهداف المدنيين واستمرار حصارهم على المدن، وخاصة تعز، والتنصل من كل التزاماتهم بموجب الهدنة الإنسانية ورفض تجديدها هو الوجه الحقيقي للحوثيين منذ عام 2014″، بحسب عبد الملك.

الحكومة اليمنية شدّدت خلال اجتماعها، على أن “المعركة ضد الحوثيين مصيرية ووجودية، ولا مجال أمام الشعب اليمني إلا الانتصار فيها”، مؤكدة أنها “تضع في أولوياتها دعم هذه المعركة حتى إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة”.

وزير الخارجية اليمني، أحمد عوض بن مبارك، أكد إبان “القمة العربية” التي عُقدت في الجزائر الأسبوع الماضي، وجود مقاربة سياسية جديدة للحكومة اليمنية، تتمثل بـ”ممارسة أقصى درجات الضغط على الحوثيين”، مشيرا إلى أن قمة الجزائر قدمت دعما كبيرا للحكومة اليمنية.

“القمة العربية” تحدثت عن إدانة واضحة لميلشيا “الحوثي”، واعتبر بن مبارك القرار تأكيد لقرار “مجلس الدفاع الوطني”، الذي اتخذته الحكومة اليمنية بعد استهداف “الحوثيين” لمينائي “الضبة” في حضرموت و”النشيمة” بمحافظة شبوة، الشهر الماضي.

قمة الجزائر، أكدت أنه لا يوجد حل للأزمة اليمنية، إلا وفقا للمرجعيات السياسية الرئيسية، وهي “المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والقرار الدولي 2216″، وفق بن مبارك.

شروط “الحوثيين” لتمديد الهدنة

بن مبارك لفت إلى وجود مقاربتين في اليمن، الأول هو “مراهنة حوثية، ورفض لتمديد الهدنة في اليمن، وتفضيل للخيار العسكري”، في حين أن المقاربة الثانية هي “مقاربة يمنية تؤكد على المرجعيات والثوابت، ورفض التدخل الإيراني في الملف اليمني”.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، طالب بعد تصنيف عدن لـ “الحوثيين”، “جماعة إرهابية”، الدول العربية بـ “ممارسة أقصى درجات الضغط”، وتنفيذ توصية “مجلس الجامعة العربية” على مستوى المندوبين، “بإدراج الحوثيين على قوائم الإرهاب”.

وفق تصريح صحفي لـ بن مبارك، فإن الحكومة اليمنية تدرك التأثيرات التي قد تكون على الجانب الإنساني، أو التي تقود إلى تعقيدات ذات نتائج سلبية، ولذلك وضعت تدابير كافية لتلك المسائل لمعالجتها، مشددا على أهمية وجود “مقاربة سياسية وأمنية وعسكرية واقتصادية جديدة، ودون ذلك لا يمكن للحوثي أن يأتي لطاولة الحوار”.

منذ 2 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، يعيش اليمن هدنة غير معلنة مع “الحوثيين”، وسط استمرار التحرك الأممي والأميركي لتمديد الهدنة رسميا، والتي دخلت حيّز التنفيذ للمرة الأولى في 2 نيسان/أبريل الماضي، رغم المعوقات التي تفرضها الجماعة، بإصرارها على تلبية عدد من شروطها. 

الشروط “الحوثية”، تتعلق تحديدا بدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم، بما في ذلك العسكريون، من عائدات صادرات النفط اليمني في مناطق الحكومة المعترف بها دوليا.

الحكومة اليمنية أكدت، أن “الإجراءات الجديدة تأتي بناء على توجيهات قيادة المجلس الرئاسي، وتضمن عدم تأثير قرار تصنيف ميليشيا الحوثي جماعة إرهابية على النشاط التجاري والقطاع الخاص الوطني وسلاسة تدفق السلع الغذائية، بما يحافظ على معيشة وحياة المواطنين في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية”.

لكن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، دعا في كلمته خلال القمة العربية، إلى “تصنيف عربي كامل لميليشيات الحوثي الانقلابية كمنظمة إرهابية”، وتطرق إلى مخاوف المجتمع الإقليمي والدولي من تداعيات التصنيف، مشيرا إلى أن “التحول في استراتيجية تعامل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية مع هذه الجماعة الإرهابية، يراعي كافة الشواغل، وفق آليات مدروسة تأخذ بعين الاعتبار الحقائق والواقع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني”.

حول طبيعة الإجراءات الحكومية الجديدة التي يمكن اتخاذها ضد “الحوثيين”، قال تقرير لصحيفة “العربي الجديد”، إن “الإجراءات يُرجح أن تشمل استهداف شركات تابعة للحوثيين، تستخدمها المليشيات كغطاء لبناء مركزها الاقتصادي وتمويل العمليات الإرهابية ضد الشعب اليمني ودول الجوار، إلى جانب الممرات الدولية، فضلا عن تهديد الأمن القومي لليمن وثرواته”.

نحو الحسم العسكري؟

التقرير نقل عن مصدر من داخل الحكومة اليمنية، أن “هناك وزارات بدأت فعليا تنفيذ هذه الإجراءات والقرارات من أجل تجفيف منابع الحوثيين، بما في ذلك قطع الإيرادات المالية التابعة للعديد من المؤسسات الحكومية الإيرادية كالاتصالات وغيرها، إلى جانب نقل ما تبقى من هيئات حكومية ما زالت مكاتبها الرئيسية في صنعاء”.

مصدر عسكري في وزارة الدفاع اليمنية، أكد بحسب تقرير “العربي الجديد”، أن “الأفراد والجماعات والكيانات الحوثية أو المرتبطة بالحوثيين، سيخضعون للتعامل وفقا للأنظمة المعمول فيها يمنيا وعالميا فيما يخص الجماعات الإرهابية وملاحقة هذه الكيانات والأفراد داخليا وخارجيا، وبالتنسيق مع التحالف العربي ودول الجامعة العربية، إضافة إلى الجهات الدولية”.

التقرير أشار أيضا، إلى أن جميع الموانئ اليمنية ستخضع لإجراءات جديدة، سواء في مناطق الشرعية أو الموانئ الواقعة تحت سيطرة “الحوثيين”، والأخيرة ستخضع لإجراءات رقابية جديدة بالتنسيق مع أطراف محلية وإقليمية ودولية، كما ستخضع كل الواردات في تلك الموانئ لمزيد من التدقيق والتفتيش، وقد تمنع بعض الأصناف التي تستخدمها ميليشيات “الحوثي” لأعمال عسكرية.

وزارة النفط اليمنية، هي الأخرى شكّلت خلية بعد توجيهات مجلس القيادة الرئاسي، وبناء على توجيهات مجلس الوزراء، وبدأت عملها منذ فترة بهدف تأمين المنشآت النفطية وتصدير النفط عقب “الهجمات الحوثية” على موانئ الضبة في حضرموت والنشيمة في شبوة وحقول النفط في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

في 28 شباط/فبراير الماضي، اعتمد “مجلس الأمن” الدولي “القرار2624” تحت البند السابع، الذي يقضي بتجديد نظام العقوبات على اليمن، وصنف “الحوثيين” في إحدى فقراته بـ”الجماعة الإرهابية”. كما أدرج القرار “الحوثيين” ككيان تحت حظر السلاح المستهدف.

الولايات المتحدة، صنّفت “الحوثيين” في 19 كانون الثاني/يناير “جماعة إرهابية”، وذلك في آخر يوم من عهد ولاية الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، لكن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أوقفت ذلك التصنيف في شباط/فبراير 2021، ولم تلغ القرار تماما.

لكن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قال حينها، إن الولايات المتحدة تراقب أنشطة “الحوثيين”، وتعكف على تحديد أهداف جديدة للعقوبات، لا سيما على المسؤولين عن هجمات على الملاحة التجارية في البحر الأحمر وعن الهجمات الصاروخية على السعودية.

في النهاية، فإن قرار “مجلس الدفاع الوطني”، بتصنيف “الحوثيين” على أنهم “جماعة إرهابية”، والإجراءات الحكومية الجديدة المتخذة، تدلّل على أن الحل السلمي بات ضعيفا، خصوصا مع رفض “الحوثيين” تمديد الهدنة، وبالتالي فإن التوجه سيكون نحو الحسم العسكري للأزمة اليمنية، بحسب “العربي الجديد”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.