“ما الفائدة من الحصول على وظيفة في القطاع العام” يتساءل عمر حميدي، وهو خريج كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، مشيرا إلى أن الوظيفة الحكومية لا يمكن لها أن تؤمن له حياة كريمة بعد التخرج، فهو يحاول البحث عن وظيفة في القطاع الخاص أو السفر خارج البلاد.
العمل الحكومي
فرصة العمل في المؤسسات الحكومية، لم تعد تجذب الشباب أو الباحثين عن العمل، كما كان الحال في مطلع الألفية الجديدة، حيث كانت الوظيفة الحكومية براتب ثابت هدف لمعظم خريجي الجامعات السورية.
مع تدني قيمة الرواتب والأجور وانهيار العملة المحلية في سوريا، فمتوسط الراتب الحكومي لا يتعدى 150 ألف ليرة سورية (30 دولار أميركي) شهريا، وهو لا يكفي مصروف عائلة لبضعة أيام فقط.
حميدي قال في حديثه لـ“الحل نت“، “نعم سمعت بملتقى بوابة العمل الذي تنظمه وزارة الشؤون الاجتماعية، لكنني غير مهتم، هناك بعض الطلاب حضروا جلسة لهذا الملتقى وأبدوا إحباطهم من نتائجه، من أين يأتي التفاؤل والحكومة لا تزال تعترف بمبلغ 96 ألف ليرة على أنه راتب شهري، وهو لا يكفي يوم واحد“.
بكثير من الاستياء والإحباط، تحدث عن رؤيته في أن الأوضاع الاقتصادية تتجه نحو الأسوأ، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه يبحث عن فرصة للخروج من البلاد وبدء حياة جديدة، وأضاف “الآن أنا أبحث عن فرصة عمل في شركة خاصة بعيدا عن القطاع العام، وأسعى كذلك لإيجاد فرصة السفر وبدء حياة جديدة خارج سوريا، هنا لا أرى أي أمل ببناء مستقبل جيد، والحكومة لا يبدو أنها قادرة حتى على تنفيذ وعودها“.
قد يهمك: بين دعم المواطن ودعم المنتِج.. قرارات الحكومة تزيد من معاناة السوريين
وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، أطلقت فعاليات ملتقى “بوابة العمل” المستمر منذ أيام، إذ يقوم الملتقى بالتعاون بين الوزارة وشركة “سيريتل” للاتصالات، وذلك بمشاركة العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة، بهدف طرح فرص العمل الجديدة في سوق العمل.
بحسب ما نقلت صحيفة “الوطن”، فإن أكثر من 50 شركة ومؤسسة ومنظمة من مختلف القطاعات والصناعات في الواقع، وأكثر من مئة شركة بالواقع الافتراضي تعرض المئات من فرص العمل المتنوعة ضمن شركات الاتصالات، والصناعات الغذائية والدوائية، والمنظمات الدولية، البنوك، والشركات الهندسية وغيرها.
الطالبة في كلية إدارة الأعمال بجامعة دمشق نغم السعدي، أكدت أنها حضرت عدة جلسات من الملتقى، رفقة زملائها في الجامعة، مشيرة إلى أن تركيزهم كان ينصب على الشركات الخاصة، باعتبارها تقدم فرص عمل أفضل.
السعدي قال في حديثها لـ“الحل نت“، “بالتأكيد التركيز كان على الشركات الخاصة من قِبل الطلاب، الشركات الخاصة تدفع رواتب تبدأ من مئتي ألف ليرة، وهناك بعض الشركات تصل الرواتب فيها إلى 500 ألف وهذا الراتب بمثابة حلم لخريجي الجامعات“.
السعدي أشارت كذلك إلى صعوبة الحصول على هذه الفرص بالنسبة لخريجي الجامعات حديثا، وأضافت “صحيح أن هناك بعض الشركات تدفع هذه المبالغ، لكن هذه الفرص محدودة جدا، وغالبا ما يطلب أرباب العمل فيها خبرات كبيرة، ونحن كخريجين جدد بالطبع لا نملك خبرات طويلة في سوق العمل“.
فجوة الرواتب والإنفاق
مع استمرار ارتفاع الأسعار للسلع والمواد الأساسية، ازدادت الفجوة بين أجور الموظفين، وحجم الإنفاق، الذي لا يساوي سوى 15 بالمئة، من راتب الموظف في أفضل الأحوال.
عضو مجلس الشعب السوري محمد زهير تيناوي، أكد أن جور العاملين في الجهات العامة باتت منفصلة عن الواقع، ومن غير المنطقي أن تعطي أجرا لموظف عن شهر كامل لا يكفيه لأكثر من يومين.
تيناوي أوضح في تصريحات صحفية سابقة الشهر الماضي، أن “حاجة الأسرة السورية اليوم لا يقل عن 1,5 مليون ليرة شهريا، وهو ما يعادل 10 أضعاف الأجور التي يحصل عليها معظم العاملين في الجهات العامة وللذين لا يزيد أجرهم الشهري على 150 ألف ليرة“.
استقالة أصحاب الكفاءات
نتيجة لتدني الأجور والرواتب في القطاع الحكومي، فقد شهِد الأخير خلال السنوات الماضية، آلاف الاستقالات لأصحاب الكفاءات في مختلف الاختصاصات، ذلك ما اعتبره تيناوي، “مؤشرا واضحا على تردي الحالة المعيشية وبحث أصحاب الاستقالات عن فرص عمل بديلة“، محذرا من تحول “لاستقالات إلى ظاهرة تسهم في تفريغ المؤسسات العامة من الخبرات والعاملين الذين لديهم مؤهلات“.
الحكومة في دمشق تقف عاجزة أمام انهيار قيمة الرواتب والأجور أمام المواد الغذائية والسلع الأساسية للأسر السورية، فضلا عن انهيار العملة المحلية، الذي أفقد الرواتب في سوريا نسبة كبيرة من قيمتها، وهذا ما دفع المئات من موظفي المؤسسات الحكومية السورية إلى الاستقالة مؤخرا.
تعليقا على تدني الرواتب والأجور في سوريا، أكد عضو غرف تجارة دمشق فايز قسومة، على ضرورة ازدهار الاقتصاد حتى يعيش المواطن السوري، مشيرا إلى أن ذلك يعني بالضرورة تحسين وضع الكهرباء ورفع مستوى الدخل.
قسومة قال في تصريحات نقلتها إذاعة “أرابيسك” المحلية قبل أيام، إن دخل الموظفين في سوريا، لا يتناسب أبدا مع أبسط الاحتياجات الأساسية، وأضاف “حتى لو أصبح الراتب بالحد الأدنى 500 ألف ليرة، فإنه لا يكفي لإطعامه أكثر من خبزة وبصلة“.
وزاد بالقول “أما عندما يكون راتب الموظف 200 ألف ولديه ولدين، فلا يكفيه هذا الراتب أن يُطعم كل ولد سوى نصف سندويشة فلافل، ثلاث وجبات في اليوم، وذلك دون أن يدفع كهرباء وماء ومصاريف أخرى“.
يواجه السوريون في المناطق الخاضعة للحكومة السورية، صعوبة في التغلب على أزمات ارتفاع الأسعار المتكررة، فبدأت العائلات السورية بحذف العديد من الأصناف الاستهلاكية من قائمة المشتريات الشهرية، بهدف التوفيق بين الدخل والمصروف.
مع حلول العام 2022، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في سوريا سواء الخضروات، والفواكه، أو المواد التموينية، أو اللحوم أو غيرها. ويبدو أن العام الجديد جلب معه العديد من التغييرات في الاقتصاد السوري، ويمكن أن تؤدي هذه التغييرات إلى نتائج غير متوقعة على العائلات السورية خصوصا وأن أغلبها بات يُصنّف ضمن الطبقة الفقيرة.
لا يبدو أن حكومة دمشق قادرة على ضبط الأسعار، وتأمين المواد الأساسية والغذائية بشكل يكفي حاجة الأسواق السورية، وذلك على الرغم من الوعود الكثيرة التي أطلقتها مؤخرا بهذا الصدد.
متوسط تكاليف المعيشة
بحسب آخر الدراسات فإن متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية، شهِد نهاية شهر أيلول/سبتمبر 2022، ارتفاعا بمقدار 563 ألف و970 ليرة سورية، عن التكاليف التي سُجلت في شهر تموز/يوليو الماضي، لتصل إلى ما يقارب الـ 3.5 ملايين ليرة.
وأشارت الدراسة التي نشرتها صحيفة “قاسيون“، إلى أنها اعتمدت طريقة محددة في حساب الحد الأدنى لتكاليف معيشة أسرة سورية من خمسة أشخاص، تتمثل بحساب الحد الأدنى لتكاليف سلة الغذاء الضروري (بناء على حاجة الفرد اليومية إلى نحو 2400 سعرة حرارية من المصادر الغذائية المتنوعة).
جاء في الدراسة “ارتفع الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة بنحو 352,481 ليرة، منتقلا من 1,881,858 ليرة في تموز/يوليو إلى 2,234,339 ليرة في أيلول/سبتمبر، ما يعني أن التكاليف ارتفعت بنسبة وصلت إلى 19 في المئة، خلال ثلاثة أشهر فقط“.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.