“بالشهر مرة أو مرتين بالكتير” يصف ماهر باكير، استهلاك عائلته المكونة من خمسة أفراد، من البيض، وذلك بعد ارتفاع أسعاره بشكل متكرر منذ بداية العام الجاري، ليصبح سعر البيضة الواحدة نحو 500 ليرة سورية.

قفزات متتالية بالأسعار

أسعار منتجات الدواجن من البيض والفروج، شهد قفزات متتالية على خلفية ارتفاع تكاليف الإنتاج، وانعدام الدعم الحكومي للمنتجين، الأمر الذي تسبب بخروج العديد من المنتجين من قطاع الدواجن، ما قد يشكل تهديدا على القطاع.

باكير قال في حديثه لـ”الحل نت”، “سابقا كان البيض من أساسيات المواد الغذائية في المنزل، وكان الاستهلاك شبه يومي والشراء بالطبق، البيض أساسي على الفطور مثلا، الآن نشتري بالبيضة و اضطررنا لحذف البيض من روتين الغذاء اليومي”.

حول أسعار منتجات الدواجن أوضح باكير، “قبل أيام اشتريت 8 بيضات بسعر 4500، ويبلغ سعر الطبق 30 بيضة، نحو 15000 ليرة، فضلا عن أسعار منتجات الدواجن الأخرى كلحم الدجاج”.

باكير أشار إلى أن انخفاض استهلاك عائلته، شمل لحم الفروج أيضا، حيث وصل سعر الكيلو الواحد إلى متوسط 13 ألف ليرة سورية، مؤكدا أن هذه الأسعار تعتبر عبئا ثقيلا عليه وهو موظف حكومي براتب 200 ألف ليرة.

تكاليف عالية

من جانبه اعتبر عضو لجنة مربي الدواجن في دمشق محمد جنن، أن تكلفة الفروج والبيض تعتبر عالية حاليا، حيث أن التسعيرة التي تضعها وزارة التموين أقل من التكلفة، وهذه مشكلة يعاني منها المربيين.

جنن أشار في تصريحات نقلتها صحيفة “الوطن” المحلية الإثنين، إلى أن مربي الدواجن يواجهون مشاكل كبيرة في الالتزام بالتسعيرة الصادرة عن الحكومية، مؤكدا أن هذه التسعيرات لا تتناسب مع تكاليف الإنتاج التي ترتفع بشكل دوري.

جنن أوضح أن، “سعر صندوق البيض الذي يتسع لـ 12 كرتونة اليوم بالجملة 190 ألف ليرة أي أن سعر الكرتونة الواحدة بحدود 15850 ليرة، والتموين تُسعرها بالمفرق بسعر 13500 ليرة وهذه التسعيرة غير منطقية ولا تغطي التكاليف”.

جنن حذر من التبعات السلبية على قطاع الدواجن، جراء الفجوة بين التسعيرة الرسمية والتكاليف الحقيقية، وأضاف، “في حال كانت وزارة التموين كجهة حكومية تريد دعم المواطن من خلال وضع التسعيرة فيجب أن تدعمه من جيبها، وليس على حساب المربي الذي نخسره تدريجيا مع خروج مربين جدد يوميا”.

مربي الدواجن السابق علاء حياني، يؤكد أنه لم يعد يستطيع تحمل خسائر إنتاج البيض والفروج، فقرر الخروج من خط إنتاج الدواجن، وهو الذي كان يمتلك مزرعة صغيرة في ريف حلب لتربية الدجاج.

قد يهمك: “قاطعناها من زمان“.. انخفاض الاستهلاك يهدد صناعة الألبان والأجبان في سوريا

حياني قال في حديثه لـ”الحل نت”، “التسعيرة الرسمية لا تراعي أبدا التكاليف، العديد من الأصدقاء خرجوا من خط الإنتاج، البعض كذلك يضطر للبيع من دون الالتزام بالتسعيرة الرسمية الصادرة عن الحكومة”.

كذلك أكد حياني أن تكلفة كيلو الفروج تصل إلى نحو 13 ألف ليرة، بينما تجدها بلوائح التسعيرة الرسمية بـ 10200، “هذه الخسائر لا تتحملها الحكومة كدعم للقطاع، إنما تقع على عائق المنتج”.

بالعودة إلى عضو لجنة مربي الدواجن في دمشق محمد جنن، فقد بين أن مشكلة الدواجن تحتاج لمعالجة من كل الاتجاهات وليس من اتجاه واحد، وقال “في حال لم يكن هناك إمكانية من المعنيين في الحكومة لضبط سعر فول الصويا والذرة الصفراء في السوق وتأمين المازوت للمربي بالسعر المقنن، فهذا يعني أن أسعار المربي بالنسبة للفروج والبيض تعتبر متغيرة بشكل يومي”.

مشكلة الأعلاف

بدوره أوضح عضو لجنة مربي الدواجن حكمت حداد، أن  القطاع يمر بصعوبات كثيرة أهمها الأعلاف التي تشكل 85 بالمئة من التكلفة، مؤكدا أنه لا توجد حلول في الأفق، والوضع يزداد سوءا، وأنّ أكثر من نصف المربين خرجوا من التربية بسبب الخسارات الكبيرة.

وأضاف “التكلفة مرتفعة جدا، على سبيل المثال تربية 10000 دجاجة بياضة تكلف حوالي 350 مليون ليرة، وهذه المهنة على كف عفريت، ارتفاع أسعار الأعلاف عالميا أثر بشكل كبير في زيادة التكلفة، إضافة إلى تغييرات بسعر الصرف التي زادت الطين بلة، عدا عن ذلك فالمربي لا يستطيع بيع منتجاته بأسعار مرتفعة لتعويض خسارته بسبب الدخل المتدني جدا للمواطن الذي لا يستطيع الشراء.

ويعاني كل من قطاع الدواجن وقطاع الألبان والأجبان، من مشاكل كبيرة تسببت بخروج العديد من التجار والعاملين في هذه المجالات من السوق، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج من جهة، وانخفاض استهلاك الأسواق من هذه المنتجات بسبب ارتفاع أسعارها.

انخفاض استهلاكي حاد

استهلاك منتجات الحليب تراجع إلى نسب وصلت إلى 50 بالمئة، منذ بداية العام الجارية فقط، وسط تحذيرات بتهديد ذلك لقطاع إنتاج الحليب ومشتقاته، وسط عجز الحكومة عن تأمين المواد بسعر أقل أو دعم المنتجين في هذا القطاع، من أجل استمرارهم في العمل.

عضو مجلس إدارة الجمعية الحرفية للألبان والأجبان في دمشق أحمد السواس قال، إن انخفاض استهلاك مشتقات الحليب وصل إلى 30 – 35 بالمئة في العاصمة دمشق وحدها، بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، حيث انخفضت كمية استهلاك الحليب ما بين 50 إلى 60 طن يوميا، بسبب ارتفاع الأسعار.

السواس لفت في تصريحات نقلتها منصة “صاحبة الجلالة” المحلية الأربعاء، إلى أن الأسواق تشهد ركودا واضحا بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وحوامل الطاقة، فضلا عن ارتفاع أسعار الأعلاف، ما انعكس سلبا على كميات الاستهلاك.

السواس أكد أن 25 بالمئة من الورش العاملة بهذا القطاع أغلقت أبوابها بحكم الوضع الاقتصادي، وبسبب ارتفاع التكاليف حيث أصبحوا يعتمدون على المعامل الكبيرة التي تنتج أكثر من صنف، والتي مازالت تعمل ضمن طاقاتها لأنها لا تتأثر بارتفاع سعر الحليب لأن البضاعة التصديرية لديها تغطي التكاليف.

التحايل على الأزمات

يواجه السوريون في المناطق الخاضعة للحكومة السورية، صعوبة في التغلب على أزمات ارتفاع الأسعار المتكررة، فبدأت العائلات السورية بحذف العديد من الأصناف الاستهلاكية من قائمة المشتريات الشهرية، بهدف التوفيق بين الدخل والمصروف.

مع حلول العام الجديد 2022، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في سوريا سواء الخضروات، والفواكه، أو المواد التموينية، أو اللحوم أو غيرها. ويبدو أن العام الجديد جلب معه العديد من التغييرات في الاقتصاد السوري، ويمكن أن تؤدي هذه التغييرات إلى نتائج غير متوقعة على العائلات السورية خصوصا وأن أغلبها بات يُصنّف ضمن الطبقة الفقيرة.

لا يبدو أن حكومة دمشق قادرة على ضبط أسعار السلع الغذائية بالتحديد، فقد فشلت جميع الآليات التي أقرّتها منذ بداية العام الجاري لضبط الأسعار، فضلا عن فشلها في فرض الأسعار الواردة في نشراتها الرسمية الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.

كذلك يعتمد السوريون في مناطق سيطرة دمشق، على الإعانات الخارجية من أقاربهم وأصدقائهم من دول اللجوء لتغطية احتياجاتهم الأساسية بشكل شهري، وذلك بسبب ضعف القدرة الشرائية وانهيار الليرة السورية إلى أدنى مستوياتها، في ظل الغلاء المستمر لأسعار مختلف السلع والمواد الأساسية.

قد يهمك: “تكلفتها تحتاج راتب“.. تزايد معاناة المواطنين مع قطاع الاتصالات في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.