“نسمع بيها وما نشوفها”. لا أحد يصدق بأن مفردات البطاقة التموينية ستكون عونا له في معيشته الصعبة من قبل الحكومة العراقية. “نسمع وما نشوف” أمست الجملة الملاصقة لحكاية الحصة التموينية.

“خلصت عمري بس أسمع إنو الحكومة زيّدت مفردات التموينية، ومن تجيني كلشي ماكو. بطرگ التمنات والعدسات والدهن وبس. كلشي غيرهن چذب بچذب”، يقول عباس فيصل، مواطن من العاصمة العراقية بغداد.

فيصل يبلغ من العمر 37 عاما، وهو رب أسرة تتكون من 5 أفراد، زوجته و3 أطفال إضافة له. “من چنت أعيش ويا أهلي قبل 12 سنة أتذكر البطاقة التموينية بس تمن وعدس ودهن زيت، وتزوجت وصاروا عندي أطفال والتموينية هيَّ هيَّ”.

الحصة التموينية قبل 2003

الحكومة العراقية، تقوم وبشكل شهري بتوزيع مفردات البطاقة التموينية على المواطنين العراقيين. كل بيت تصله مفرداته التموينية مع كل شهر، لكن الناس يشكون من قلّة المفردات، خاصة مع تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي في البلاد.

“هسه بلله آني حالتي مگدورلها، موظف وجاي أكدر أوازن ويا هالعيشة، واتعامل ويا التموينية حالها حال الما موجودة، بس الفقير والعامل اللي يشتغل بأجر يومي والمو موظف شلون”، يقول فيصل لـ “الحل نت”.

في السابق قبل 2003، كانت مفردات البطاقة التموينية تكتظ بكل ما يحتاجه المواطن من بقوليات وفواكه وخضراوات ورز وزيت وصابون، لا بل تأتي معها للمواطن حتى سگائر وشفرات للحلاقة.

“كل شهر ننتظر الفرج ونگول يا الله بلكي هالشهر تزيد مفردات التموينية، بس كالعادة تجي نفسها ثابتة، عبالك صدقة منهم لو جديَة نطلبها من الحكومة”، تقول رقية عبد، مواطنة من محافظة صلاح الدين، شمال العاصمة بغداد.

رقية أرملة، لديها 4 أطفال، فقدت زوجها الذي كان يعمل كاسبا، أثناء محاولة سيطرة تنظيم “داعش” على مدينة “آمرلي”. “التحق ويا المتطوعين ضد التنظيم وهناك استشهَد قبل 8 سنوات تقريبا”.

آثار تغيير سعر الصرف

الحكومة العراقية السابقة، زادت من أعباء الوضع الاقتصادي صعوبة على الناس، عندما رفعت سعر صرف الدولار مقابل الدينار، وجعلت كل 100 دولار تعادل 145 ألف دينار عراقي، بعد أن كانت الـ 100 دولار تبلغ 120 ألف دينار.

تغيير سعر الصرف، رفع الأسعار في الأسواق، لا سيما المتعلقة بمتطلبات الحياة اليومية، ووعدت الحكومة آنذاك بزيادة مفردات الحصة التموينية لمساعدة العوائل، لكن الحكومة السابقة انتهت وحلّت محلّها حكومة جديدة، ولم تنفّذ وعدها.

“عايشة عالإعانة مال رجلي المرحوم، وعالإغاثات من المنظمات ومساعزة گرايب المرحوم بين فترة وثانية؛ لأن التموينية ما تشوف منها شي، وكل بركة ما بيها”، تقول رقية بوجه متذمّر وبتعابير حزينة لـ “الحل نت”.

مفردات البطاقة التموينية، هي مواد غذائية بالدرجة الأساس، توزعها وزارة التجارة العراقية بسعر رمزي شهريا، وبدأ توزيعها منذ أيلول/سبتمبر 1990، من قبل نظام صدام حسين السابق، تخفيفا لعواقب الحصار الاقتصادي الذي فرضه “مجلس الأمن” الدولي على العراق آنذاك، بعد غزو نظام صدام للكويت.

“ما عندي كل ثقة بالحكومة. أي حچاية تطلع منها ما أصدّگ بيها، تطب منا وتطلع منا. بس هضيمة بلد مليان ثروات وتحكمه هيچ ناس ما تگدر توفرلك حصة تموينية بيها خير”، يقول محمد كريم، مواطن من محافظة المثنى.

تعهد وتراجع

رئيس الحكومة الجديدة، محمد شياع السوداني، كان قد هاجم قبل وصوله لسدة الحكم، قرار الحكومة السابقة بتغيير سعر الصرف، وتبنى “الإطار التنسيقي” الذي أوصله لرئاسة الحكومة الجديدة، إرجاع سعر الصرف إلى سابق عهده.

السوداني وبعد أسبوع واحد على تشكيل حكومته الجديدة، خرج في مؤتمر صحفي، وقال إن قرار تغيير سعر الصرف بيد “البنك المركزي العراقي”، ولن يتدخل في ذلك، لينقلب على تصريحه قبل وصوله لرئاسة الحكومة، يرادفه صمت “إطاري” بعد تبنيه إعادة سعر الصرف.

في المؤتمر الصحفي نفسه، تعهد شياع السوداني، بأنه لن يترك المواطن يعاني من تبعات قرار تغيير سعر الصرف الذي أقرته الحكومة السابقة، وأن حكومته ستعمل على تقليل المعاناة من خلال رفد المواطن بالمواد الغذائية بشكل كبير ضمن مفردات الحصة التموينية.

“آني ما أصدّگ بهالحچي، سمعنا منا لحد ما الله گال بس. عن نفسي ما محتاجلها، بس عندي گرايب كلش محتاجيها وآني متكفل بيهم. صح حالتي زينة، بس تكفلي بگرابتي جاي يصعّب عليّة الوضع شوية”، يقول محمد كريم لـ “الحل نت”.

في النهاية، فإن 19 عاما من الوعود الحكومية بتحسين مفردات البطاقة التموينية، دون تنفيذ أي حكومة من الحكومات السابقة لوعدها، يجعل الشارع لا يثق بعهد حكومة السوداني الحالية، ولا بأي حكومة لاحقة ضمن النظام السياسي الحالي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.