مع اقتراب الانتخابات التركية، وفي الوقت الذي تظهر فيه البيانات الرسمية التي نُشرت، أمس الخميس، أن التضخم في تركيا ارتفع في تشرين الأول/أكتوبر على أساس سنوي لأعلى مستوى منذ 24 عاما عند 85.51 بالمئة، وهو ما يقل بشكل طفيف عن التوقعات، بعدما خفض “البنك المركزي” سعر الفائدة ثلاث مرات في ثلاثة أشهر رغم ارتفاع الأسعار.

“معهد الإحصاء” التركي، أوضح أن أسعار المستهلكين ارتفعت 3.54 بالمئة على أساس شهري، مقابل توقعات في مسح أجرته رويترز بارتفاع 3.60 بالمئة، بينما كان من المتوقع أن يرتفع التضخم في أسعار المستهلكين على أساس سنوي 85.60 بالمئة.

في حين ارتفع مؤشر أسعار المنتجين المحليين 7.83 بالمئة على أساس شهري في تشرين الأول/أكتوبر، و157.69 بالمئة على أساس سنوي، يأتي ذلك في وقت تواجه تركيا أسوأ أزمة ترتبط بتكاليف المعيشة منذ عقود، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 99 بالمئة، وارتفعت فواتير الطاقة بنسبة 20 بالمئة، في بلد حيث يعيش نصف السكان على الحد الأدنى للأجور، وفقا لوكالة “بلومبيرغ”.

وسط تلك المؤشرات، بات السؤال الأكثر حضورا في الوقت الحالي: ما هي حظوظ الرئيس التركي أوردغان في السباق الانتخابي لولاية ثالثة، في الانتخابات المقرر اجراءها في العام 2023، بخاصة وأن الكثير من الناس يشعرون بالإحباط والغضب.

اقرأ/ي أيضا: خلاف على منصب القائم بأعمال مرشد “الإخوان المسلمين” في مصر.. هل تعاني الجماعة من التفكك؟

تراجع ثقة أنصار أرودغان

على الرغم من أن أردوغان لا يزال متمكنا في مقر أنصاره غازي عنتاب لكن هناك مؤشرات إلى أنه من الممكن أن تواجهه صعوبات قد تؤدي للإطاحة به، وفقا للوكالة.

إذ أنه لا تزال هناك مشكلات رئيسية يشعر بها أبناء المحافظة الموالون لأردوغان، وقد يكون أهمها الهجرة، لا سيما مع ارتفاع تكاليف السكن إلى مستويات عالية جدا، ولذلك تؤكد الوكالة أن حظوظ أردوغان السياسية آخذة في التناقص.

 استطلاع الرأي جديد عكس تهاوي شعبية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه وحظوظهم المحدودة في الانتخابات المقبلة، وأظهر استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة “متروبول” للأبحاث أنّ نسبة التصويت للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات القادمة لن تتخطى الـ40 بالمئة.

وقد وجه استطلاع الرأي سؤالا للمشاركين يقول: “لمن ستصوّت إذا كانت الانتخابات يوم الأحد القادم، الرئيس رجب طيب أردوغان أم رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدارأوغلو، أم الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرداش”.

اقرأ/ي أيضا: أبرز ملفات قمة “أبيك”.. تهديدات كوريا الشمالية حاضرة؟

أرودغان والوقت المستقطع

بحسب الاستطلاع، إذا خاض هؤلاء المرشحون الـ3 الانتخابات، فإن أردوغان سيحصل على 40.1 بالمئة من الأصوات، في حين أن زعيم حزب الشعب الجمهوري سيحصل على 30.2 بالمئة، بينما دميرداش سيحصل على 15.2 بالمئة. 

وتشير تلك البيانات إلى احتمال أن تكون هناك جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية، بين أردوغان والمرشح الآخر الأوفر حظا، وبينما فضل 97 بالمئة من ناخبي حزب العدالة والتنمية أردوغان، صرح 80.2 بالمئة من ناخبي حزب “الشعب الجمهوري” بأنهم سيصوتون لصالح كيليتشدار أوغلو، الذي كان مفضلا بنسبة 60.3 بالمئة من أعضاء حليفه حزب الخير.

يذكر أن الانتخابات البرلمانية والرئاسة التركية من المقرر أن تعقد في حزيران/يونيو العام المقبل، وسط تزايد مؤشرات استطلاعات الرأي إلى تزايد شعبية حزب “الشعب الجمهوري” المعارض في الآونة الأخيرة، في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تعجز حكومة حزب “العدالة والتنمية”  عن تعديلها.

إضافة إلى تلك التحديات، فأن الخطوط العريضة لمسار بديل لمستقبل تركيا السياسي أصبح أكثر تميزا، وذلك لعدة عوامل، ظهرتها الانتخابات المحلية الأخيرة التي أدت إلى إضعاف أردوغان وحزبه “العدالة والتنمية” بشدة، في حين أن أحزاب المعارضة والفصائل المتمردة داخل حزب العدالة والتنمية تشهد صحوة.

كما أن من المحتل أن يكون هناك صراع على السلطة خلال الفترة القادمة بين الحكومة والمعارضة القوية من شأنه أن يزيد من عدم الاستقرار السياسي ويزيد من مخاطر الاضطرابات المدنية، فضلا عن أنه من المرجح أن يؤدي المشهد السياسي الممزق إلى زيادة عدم القدرة على التنبؤ بالنسبة للشركات وتعقيد تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تشتد الحاجة إليها، ما يتسبب بتراجع حظوظ أرودغان أكثر.

تصاعد حظوظ المعارضة

كذلك أن السيناريو البديل الذي بدأت الثقة به تتصاعد بشكل متزايد يرى تصدعات في التحالف الحاكم تمنح معارضة موحدة إمكانية الحضور الفعال في الانتخابات المقبلة، مما يمهد الطريق لتغيير الحكومة، لا سيما وأن الانتصار المقنع الذي حققه حزب الشعب الجمهوري المعارض في إعادة إجراء انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول الأخيرة كان بمثابة علامة بارزة في التطور السياسي لتركيا ويقدم رؤية مستقبلية بديلة لمسار البلاد.

أيضا أن دراسة استقصائية أجرتها شركة الاقتراع التركية “بيار” في 19 تموز/يوليو أشارت إلى أن الأداء الضعيف للحكومة في الانتخابات المحلية لم يكن مجرد حدث لمرة واحدة، من بين الذين شملهم الاستطلاع، ذكر أكثر من نصفهم أنهم بالتأكيد لن يصوتوا لأردوغان في الانتخابات الرئاسية، وهو ما يؤشر أن السكان يتجهون نحو التغيير السياسي.

علاوة على ذلك، فأن سيطرة المعارضة الآن على خمسة من أصل ستة من أكبر المراكز الحضرية في تركيا، بما في ذلك أكبر مدينة اسطنبول والعاصمة أنقرة، تلوح إلى أن عصر نجاح أردوغان في السياسة التركية قد انتهى، مبينة أت على الرغم مما تظهر نتائج الانتخابات من تعزيز أردوغان لسلطته على المستوى الوطني، فإن دعمه في المدن الكبرى آخذ في التآكل.

يشار إلى أن المدن الكبرى في تركيا هي كيانات إدارية مستقلة تدير موارد مالية ضخمة، إذ أن ميزانية بلدية إسطنبول الحضرية تبلغ لعام 2019، 23.8 مليار ليرة تركية، أي ما يعادل 4.2 مليار دولار أمريكي تقريبا بالتالي السيطرة على هذه البلديات من قبل المعارضة وضع سلطة كبيرة في أيديها، ما يعني الآن لديها مجال لتقديم مرشحين وتحالفات بديلة قابلة للتطبيق.

يأتي ذلك بينما كانت إسطنبول مصدرا مهما للإيرادات لتوفير الإيجار للشركات الصديقة للحكومة، بالنسبة لحزب “العدالة والتنمية”، لذلك لدى المعارضة الآن فرصة لتفكيك شبكات التابعة لحزب “العدالة والتنمية” وإعادة هيكلتها بعد تصميمها الخاص، مما يمنحها سلطة كبيرة في اتخاذ القرار بشأن المناقصات العامة وتصاريح البناء وتخصيص الأراضي، والذي سيدعمها في سباق الانتخابات.

اقرأ/ي أيضا: السودان.. ما فرص نجاح اتفاق المدنيين والعسكر على إنهاء التوتر؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.