مع تنامي خطر المشروع الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، واتهام قوى دولية قوات تابعة لطهران، بتهديد الملاحة في بحر الخليج، يبدو أن المنطقة ستشهد تحالفا دوليا على الصعيد العسكري بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية لحماية الملاحة البحرية ومواجهة التهديد الإيرانية.

الردع والدبلوماسية

الردع والدبلوماسية يمثلان سياسة واشنطن بالتعامل مع الخطر الإيراني في المنطقة، وذلك بالتعاون مع العديد من الدول الإقليمية، إذ تُدرك هذه الأطراف أن نجاح الدبلوماسية بالتعامل مع التهديدات، يتطلب إعداد قوى ردع تكون جاهزة لأي خيار عسكري قد يكون اضطراريا في المستقبل.

منسق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، أكد أن بلاده لن تسمح بتهديد حرية الملاحة في مياه الخليج وتعريضها للخطر.

على هامش مشاركته في منتدى حوار المنامة في البحرين، قال ماكغورك، إن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن الملاحة في مياه الخليج، وإنها تتبنى سياسة الردع والدبلوماسية لمنع التهديدات.

ماكغورك، لفت إلى شراكة بلاده مع بعض الدول في الشرق الأوسط، في إطار استراتيجية الأمن القومي، وذلك لتعزيز قوة الردع، وتقليل المخاطر، وإرساء أسس طويلة الأجل في موقف قوي للولايات المتحدة الأميركية.

في كلمته التي ألقاها خلال أعمال منتدى “حوار المنامة” قال نيكولاس دييندياس وزير خارجية اليونان، إن منطقة الشرق الأوسط قد شهدت اتفاقيات يمكن اعتبارها مؤشرات إيجابية رغم التحديات والنزاعات الموجودة في المنطقة.

دييندياس، أشار إلى أن (الاتفاقيات الإبراهيمية) أحدثت تغييرات جذرية في المنطقة، معتبرا أنها أثبتت إرادة الدول على إحداث التغيير.

وقال، “لطالما شكّلت منطقة شرق المتوسط والشرق الأوسط بشكل عام وكذلك أفريقيا بيئة جيدة لتعايش النزاعات المختلفة إلا أن ذلك لم يمنع من رؤية الأمور بشكل إيجابي“.

الخبير في العلاقات الدولية الدكتور عمر عبد الستار، رأى أن التهديدات التي تسعى واشنطن لمواجهتها، تتمثل بالدرجة الأولى بالتهديدات الإيرانية، لا سيما في ظل اصطفاف إيران عسكريا كذلك مع روسيا، وتعثر التوصل للاتفاق النووي.

عبد الستار قال في حديث خاص مع “الحل نت“، “التهديدات في الشرق الأوسط التي تسعى واشنطن لمواجهتها، جاءت بسبب تعدد الأقطاب في المنطقة، لا سيما بعد تحالف إيران مع روسيا بشكل عسكري“.

عبد الستار اعتقد في حديثه أن مواجهة هذا الخطر، يشبه إلى حد كبير مواجهة غزو روسيا لأوكرانيا، مشيرا إلى احتمالية “تحول منطقة ما في الشرق الأوسط لأوكرانيا جديدة.

حول ذلك أضاف، “ما تقوم به إيران الآن، قصف لكوردستان، أو ضربها ناقلة نفط إسرائيلية، هذا عمل إيراني ومن وراءه روسيا، ولذلك الآن يقوم بايدن، بتنفيذ عقيدة كارتر التي تنص على أن الخليج العربي جزء من الأمن القومي الأميركي“.

اصطفاف إيران مع روسيا عسكريا، رفع من قلق دول المنطقة، كذلك فإن هذا التحالف سيزيد من وتيرة الخطوات الأميركية لمواجهة إيران بكافة السبل، إذ رأى عبد الستار أن إيران قتلت نفسها بنفسها بهذا التحالف.

اقرأ أيضا: د.محسن أبو النور لـ“الحل نت“: لن يكون هناك استقرار في الشرق الأوسط بوجود إيران

زاد بالقول، “أميركا قد تعود لخيار تغيير النظام في إيران لحماية الملاحة في الخليج، الذهاب إلى ما بعد الاتفاق النووي بلا اتفاق، بالتالي العمل على تشكيل نظام بديل لنظام إيران مهم في هذه المرحلة، وقد يأخذ وقت“.

عبد الستار أوضح كذلك، أن حماية الملاحة من الأخطار المحيطة، تتطلب تحالف دولي عسكري وهو ما يتم التحضير له الآن، وذلك على غرار ما حصل في أوروبا بتحالف الدول الأوروبية لمواجهة الغزو الروسي، فإن الأمر ذاته يحدث في منطقة الشرق الأوسط لمواجهة المشروع الإيراني وما يشكله من تهديدات.

حول تبعات هذا التحالف قال عبد الستار، “رأينا عندما أطلقت إيران تهديدات ضد السعودية، تراجعت بسبب الموقف الأميركي، لا تريد واشنطن ودول مجلس التعاون الخليجي تكرار هجوم أرامكو الذي حصل في 2019، بالتالي سبل المواجهة هي الاستعداد عسكريا، الردع والدبلوماسية يمثلان سياسة واشنطن، ويقصد بالدبلوماسية الإرغام عبر الاستعداد لأي خيار عسكري محتمل“.

من بين السيناريوهات المتوقعة، هو التصعيد العسكري، لا سيما بعد توقف محادثات الاتفاق النووي الإيراني، وهو الملف الذي يحتاج بحسب عبد الستار إلى “قطع طريق” لتفكيك ملف إيران النووي.

خطوات فعلية

في تأكيد لواشنطن على الخطوات الفعلية لما تم الإعلان عنه في مؤتمر المنامة، أعلن قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا، السبت أن قوة مخصصّة للأنظمة غير المأهولة في الخليج ستنشر أكثر من 100 سفينة مسيّرة في مياه المنطقة الاستراتيجية بحلول العام المقبل.

كوريلا كان يتحدث بعدما اتهمت إسرائيل والولايات المتحدة إيران الأسبوع الماضي، بما وصفته بأنه هجوم بطائرة من دون طيار على ناقلة نفط تديرها شركة مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي محمّلة بالوقود قبالة عُمان.

الهجوم هو الأحدث في سلسلة من الحوادث في المنطقة الغنية بالنفط وسط توترات متصاعدة بين واشنطن وطهران تسبّبت كذلك بحوادث بين قواتهما البحرية.

كوريلا قال في مؤتمر “حوار المنامة” السنوي بحلول هذا الوقت من العام المقبل، ستنشر قوة-59 أسطولا يضم أكثر من 100 سفينة فوق سطح البحر وتحته غير مأهولة، تعمل وتتواصل معا“.

بحسب موقع “العربية نت“، فإنه “تم إطلاق القوة-59 في أيلول/سبتمبر 2021 في البحرين، مقر الأسطول الخامس، بهدف دمج الأنظمة غير المأهولة والذكاء الاصطناعي في عمليات الشرق الأوسط بعد سلسلة من هجمات الطائرات بدون طيار ضد السفن أُلقي باللوم فيها على إيران“.

كوريلا، قال إنه بالإضافة إلى السفن غير المأهولة، فإن الولايات المتحدة “تبني برنامجا تجريبيا هنا في الشرق الأوسط للتغلب على الطائرات بدون طيار مع شركائنا“، من دون تفاصيل إضافية.

الجنرال الأميركي أضاف ،“مع تقدم تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، فقد يكون (تطوير) أعدائنا للطائرات المسيّرة أكبر تهديد تكنولوجي للأمن الإقليمي“.

منطقة الشرق الأوسط، يبدو أنها ستشهد تحالفات عديدة في المستقبل، سيكون الملف الإيراني على رأس أولويات القوى المتحالفة، وذلك لمواجهة تهديدات المشروع الإيراني، وهي التهديدات التي تخشاها العديد من القوى الإقليمية أبرزها معظم دول الخليج وإسرائيل.

قد يهمك: الانتهاكات ودعم روسيا.. أسباب لزيادة العقوبات الأوروبية على إيران

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.