المخاوف من عودة التصعيد العسكري في اليمن تعود إلى الواجهة، تزامنا مع فشل التوصل حتى الآن إلى هدنة من شأنها تمديد وقف القتال في البلاد بين الأطراف اليمنية، إذ تواصل الأمم المتحدة جهودها من أجل التوصل إلى هدنة يمكن أن تضمن عدم تجدد القتال.

عوائق عديدة تواجه التوصل إلى هذه التهدئة، تتمثل بالاعتداءات العسكرية المتكررة من قبل مجموعات “الحوثيين” المدعومة من قبل إيران، في وقت تتهم فيه الحكومة اليمنية “الحوثيين” بسعيهم لإعادة نشر الفوضى والوقوف بوجه الجهود الرامية لإرساء الاستقرار في البلاد.

جهود أممية

مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن، هانس غروندبرغ، قال إن المحادثات مع الأطراف اليمنية، منذ مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي، “تشهد تقدما“، حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق بعد حول تجديد الهدنة وتوسيعها وأمور أخرى.

غرونبرغ قال في تصريحات نقلها موقع “العربي الجديد“، إنه على تواصل مستمر مع جميع الأطراف، بشأن القضايا والأسباب المتعلقة بعدم التوصل لهدنة من شأنها وقف التصعيد، وأضاف “هذه المناقشات تحرز تقدما لأنها مستمرة ونرى أيضا دعما من دول المنطقة ومن المجتمع الدولي. لكن حتى الآن، لم نحقق نتيجة، ولكن هذا هو الهدف“.

كذلك اعتبر أن الهدنة في اليمن ضرورة ملحة، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أنها ليست الهدف النهائي، الذي يتمثل بالعودة إلى العملية السياسية، حيث تنخرط الأطراف في تسوية طويلة الأمد للصراع وهذا يتطلب نهجا أوسع وهذا ما نبحث عنه.

كما خلال إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن، دعا المبعوث الأممي جميع الأطراف في اليمن إلى التحلّي بأقصى درجات ضبط النفس وحثهم على تجديد الهدنة.

مخاوف من عودة الحرب

الشارع اليمني يخشى منذ الثاني من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عودة الاشتباكات والحرب في البلاد، وهو التاريخ الذي شهد انتهاء الهدنة الموقعة بين الأطراف اليمنية، منذ نيسان/أبريل الماضي وتم تجديدها مرتين.

من بين الملفات العالقة بين “الحوثيين” والحكومة اليمنية المعترف بها، هي مسائل تتعلق بالرؤية الاقتصادية في البلاد، مثل دفع الرواتب، كذلك فإن الجانبان لم يتوصلا حتى الآن إلى رؤية مشتركة حول تسوية الصراع على المدى الطويل.

وعلى الرغم من الحذر والهدوء النسبي حتى الآن، تعيق بعض الاعتداءات العسكرية التي يشنها “الحوثيون” من إمكانية تجديد الهدنة، وهو الأمر الذي أكده المبعوث الأممي عندما أشار إلى أن “أنصار الله” (الحوثيين) شنوا اعتداءات على الأنابيب النفطية والموانئ في حضرموت وشبوة، بغية حرمان الحكومة اليمنية من مصدر العوائد الأساسية من تصدير النفط“.

اعتبر أيضا أن الاعتداء على البنى التحتية وتهديد الشركات النفطية، يقوّض رفاه الشعب اليمني ويمكن أن يؤدي إلى تصعيد عسكري واقتصادي، وقد شهدنا في السابق هذا النمط من التصعيد، خلال حرب اليمن.

تصاعد وتيرة الجهود الأممية للتوصل لاتفاق تهدئة في اليمن، جاء بعد هجوم جماعة “الحوثي” على ميناء الضبة، وعلى أثره توقّفت عمليات تصدير النفط الخام اليمني.

بعد الهجوم أعلنت الحكومة اليمنية في عدن، أنها اتخذت عددا من الإجراءات الخاصة للتعامل مع المتغيرات الجديدة بعد تصنيف “الحوثيين” جماعة إرهابية، وفق ما نقلت وكالة “سبأ” التابعة للحكومة.

بدوره، شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، على المضي في طريق السلام وإنهاء الانقلاب، واستعادة مؤسسات الدولة وتمكينها من إدارة حصتها العادلة من المبادرة التمويلية للدول النامية والأقل نموا لمواجهة تحديات المناخ، والحد من نتائج الممارسات التدميرية التي ينتهجها “الحوثيون”، بما في ذلك تحويل البلاد إلى أكبر حقل للألغام.

العليمي، قال إن المجلس الرئاسي ذهب إلى أبعد مدى في التعاطي مع جهود السلام كافة، سعيا منه إلى تخفيف المعاناة الإنسانية، وإعادة اليمن إلى مساره الطبيعي عضوا فاعلا في محيطه الإقليمي والدولي، “لكن الحوثيين وقفوا على الدوام عائقا أمام فرص التقدم في جهود السلام، وآخرها رفض تجديد الهدنة الإنسانية، واستهداف المنشآت النفطية والملاحية والتهديد بتوسيع هذه الهجمات عبر الحدود بمنطقة تقع في قلب الممرات التجارية الرئيسية في العالم”، حسب تعبيره.

“الحوثيون” يواجهون اتهامات بشأن عرقلة تمديد الهدنة بسبب الهجمات التي نفذوها خلال الأسابيع الماضية، كذلك فإن رفض المقترح الأممي بشأن تمديدها كان بناء على بين أصدر “المجلس السياسي الأعلى” لـ”الحوثيين”، الذي اعتبر المقترح الأممي “لا يرقى لمطالب اليمنيين” حسب البيان.

قد يهمك: نتنياهو نحو تشكيل حكومة جديدة.. ما أبرز الملفات التي تواجهه؟

الفريق “الحوثي”، أوضح في بيان، أنه “خلال ستة أشهر من عمر الهدنة لم نلمس من الطرف الآخر التحالف العربي والحكومة اليمنية أي جدية لمعالجة الملف الإنساني كأولوية عاجلة وملحة“.

التهدئة خيار الجميع

محللون ومراقبون للوضع في اليمن، أشاروا إلى أن العودة للهدنة، هي الخيار الأنسب لجميع الأطراف “وذلك بسبب الحاجة الملحة للسلام في المرحلة الراهنة“.

بحسب تقرير لوكالة “الأناضول”، فإن مختلف الأطراف عاشت مرحلة التهدئة خلال الأشهر الماضية، ولن تفرط في ذلك، وهي على قناعة بأنها لن تستطيع تحقيق المزيد من المكاسب عن طريق الحرب.

لكن الرفض “الحوثي” للتجديد عقّد المشهد، حيث تسعة الجماعة لتعزيز مواقفها وتنفيذ مطالبها المعلقة، أبرزها فتح وجهات جديدة مضمونة لمطار صنعاء، وتسليم رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم من خزينة الحكومة المعترف بها دوليا

في المقابل يواجه “الحوثيون” ضغطا دوليا من مختلف الأطراف، للقبول لتمديد الهدنة، فالمجتمع الدولي يضغط باتجاه التهدئة في اليمن، بسبب انشغاله حاليا بعمليات الغزو الروسي لأوكرانيا، وبالتالي لا أحد يريد فتح صراع عسكري جديد خلال الفترة الراهنة، خاصة وأن إعادة التصعيد في اليمن قد يؤثر على صادراتها من النفط، في ظل أزمة النفط والطاقة التي يعاني منها العالم.

يشهد اليمن، منذ أكثر من 7 سنوات، حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية، و”الحوثيين” المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات بينها صنعاء منذ أيلول/سبتمبر 2014.

جميع المعطيات حاليا تشير بالنهاية إلى احتمالية كبيرة في نجاح تمديد التهدئة، خاصة مع وجود الإرادة الدولية والمحلية، لكن ربما نشهد تفاهمات واتفاق متبادل بين عدن وصنعاء، للتوصل إلى صيغة نهائية مرضية للطرفين، من شأنها إبعاد شبح عودة الحرب إلى اليمن.

قد يهمك: الابتعاد السوري عن إيران شرط إسرائيل لوقف قصفها على سوريا.. ما احتمالات ذلك؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.