الإرهاب في إفريقيا.. صعود للجماعات المتطرفة والجهادية القادمة من أفغانستان؟

عندما ضعف تنظيم “داعش” الإرهابي في العراق وسوريا في السنوات الأخيرة، تنبأ العديد من المتخصصين بانتقال التنظيمات المتطرفة إلى مناطق أخرى في العالم، ومع عودة فصائل تنظيم “القاعدة” وظهورها في دول إفريقيا خاصة في الصومال ومالي ونيجيريا، فضلا عن شمال إفريقيا، أشار مراقبون إلى أن إفريقيا سوف تصبح مستقبلا أرض “الجيل الثالث” لتنظيم “القاعدة”، بحيث تكون أفغانستان جديدة.

الأحداث التي مرت بها بعض الدول العربية مثل اليمن وليبيا وسوريا وتونس، أو كما سُميت بثورات “الربيع العربي” قادت إلى تصاعد أنشطة هذه التنظيمات، والتي تمكنت من نقل أسلحة مختلفة إلى الدول الإفريقية ودول المغرب العربي.

المتطرفون استطاعوا عبر عمليات البيع والشراء والعلاقات القبلية، لاسيما من “الطوارق”، في استغلال هذه الأحداث لتحقيق أهدافهم المختلفة.

المجموعات المتطرفة

خمس مجموعات إرهابية مسلحة شديدة الخطورة، تتغلغل في قارة إفريقيا الآن، ولديها صلات بتنظيم “القاعدة”، وهي “بوكو حرام” في نيجيريا، و”القاعدة في المغرب الإسلامي” شمال الصحراء الكبرى، وحركة “الشباب المجاهدين” الصومالية، وحركة “أنصار الدين” السلفية الجهادية في مالي، وحركة “التوحيد والجهاد” في غرب إفريقيا.

في العامين الأخيرين ضعف تنظيم “داعش”، وهو أقوى التنظيمات المتطرفة، وخاصة بعد الضربات التي تلقاها من قوات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في العراق وسوريا.

الحكومة العراقية، أعلنت في التاسع من كانون الأول/ ديسمبر عام 2017، النصر التام على التنظيم، وتحرير جميع المحافظات العراقية من سيطرته.

الانتقال إلى إفريقيا

من أهم الأسباب التي يعود لها تمدد التنظيمات المتطرفة في غرب ووسط إفريقيا، بحسب حديث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة محمد بركات، لـ”الحل نت”، هشاشة الحالة الأمنية، وضعف الأنظمة السياسية الحاكمة، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، فضلا عن محاولة استحواذ تلك التنظيمات على ثروات تلك المناطق، وفي مقدمتها صناعة تعدين الجواهر والمعادن النفيسة.

 قارة إفريقيا تمثل حاليا بيئة خصبة وملاذا آمنا للجماعات الأصولية، من وجهة نظر بركات، وذلك نظرا لطبيعتها الجغرافية التي تتيح لهم التنقل بحرية تامة، مع إمكانية التدريبات المسلحة، بجانب التماهي مع الحركات الانفصالية والجماعات المسلحة التي يتم استمالتها وصبغها بالإطار العقائدي الديني، وفق تعبيره.

قد يهمك: بين “داعش” و”القاعدة”.. مالي تشهد حرب نفوذ؟

 نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، قالت في تصريح صحفي، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إن “انتشار الإرهاب في إفريقيا، لا يمثل مصدر قلق للدول الإفريقية وحدها، بل هو تحدٍّ لنا جميعا، أن إفريقيا تتأثر بالتهديد الذي يشكله الإرهاب أكثر من أي منطقة أخرى في العالم”.

الإرهابيون والمتطرفون، بما في ذلك “داعش” و”القاعدة” والجماعات التابعة لهما، استغلوا عدم الاستقرار والصراع بهدف زيادة أنشطتهم، وتكثيف الهجمات في جميع أنحاء القارة، بحسب حديث النائبة، والتي أشارت إلى أن العنف الوحشي لهذه الجماعات تسبب في مقتل وجرح الآلاف.

الوضع في منطقة الساحل وغرب إفريقيا ملحّ بشكل خاص، حيث تنشط بعض الجماعات التابعة لـ”داعش” الأكثر عنفا في المنطقة. خلال العامين الماضيين، توسعت هذه الجماعات عبر مناطق واسعة من الساحل، مما زاد من وجودها في مالي، بينما توغلت أكثر في بوركينا فاسو والنيجر.

إفريقيا شهدت في العقد الأخير، تطورا ملحوظا في قضية الإرهاب، متمثلا في تزايد الحركات والجماعات، وارتفاع نسبة العمليات الإرهابية، من أقصى الساحل الإفريقي بالغرب إلى أقصى الساحل الإفريقي في الشرق، حيث إن انتشار معظم هذه الجماعات وأن كان لا يقتصر هذا الانتشار المرعب للإرهاب في القارة على منطقة بعينها، بل لا تخلو منطقة من مناطق القارة من وجود تهديد إرهابي.

 هناك أكثر من 5000 إفريقي من جنسيات مختلفة ينشطون مع الجماعات الإرهابية في القارة وفي مناطق النزاعات المسلحة الأخرى، إذ تضم 64 منظمة وجماعة إرهابية ينتشر معظمها في شرقها. مع ذلك يمكن القول إن “قوَّة وفاعلية الجماعات الإرهابية في القارة تختلف من منطقة إلى أخرى، كما أن تداعياتها أيضا تختلف من دولة إلى أخرى”.

فقدان السيطرة

التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها تنظيم “داعش” المتشدد، فقدت سيطرتها وقوتها القتالية والهجومية، بعد الهزيمة التي لحقت بجماعاتها في السنوات الأخيرة وتحديدا في سوريا والعراق، بحسب حديث الكاتب بزورك محمد، لـ”الحل نت”.

التنظيم المتشدد يعيش الآن وضعية مالية منهارة، وفق محمد، بسبب فقدانه المساحات الشاسعة من خارطة دولته المزعومة، حيث تلاشت تماما على أرض الواقع، لذلك ربما يفكر باللجوء إلى خيارات عديدة لتجديد نشاطه ولتنجيد مقالتين ومسلحين في صفوفه، وفق تعبيره.

 من بين تلك الخيارات، يرى محمد، الانتقال إلى مناطق في القارة الإفريقية، على غرار التنقلات لتنظيم “القاعدة” في باكستان وأفغانستان في السنوات الأخيرة، إذ تنبأ العديد من المتخصصين بانتقال شبكات الإرهاب إلى مناطق أخرى في العالم، ومع عودة فصائل “القاعدة” وظهورها في دول إفريقيا خاصة في الصومال ومالي ونيجيريا، فضلا عن شمال إفريقيا، سوف تصبح مستقبلا “أرض الجيل الثالث لتنظيم القاعدة” على اعتبارات أبرزها، أن تلك المناطق مناطق ذات طبيعة جغرافية وعرة وجافة، فضلا عن أنها نائية وبلا قيود للمرور والتنقلات لمسلحي التنظيمات الإرهابية، على حد قوله.

 “حركة الشباب” الصومالية التابعة لتنظيم “القاعدة”، تعدُّ أخطر تهديد يواجه شرق إفريقيا، إذ استمرت سيطرة الحركة على مناطق واسعة في وسط وجنوب الصومال برغم وجود قوات الاتحاد الإفريقي على أراضيه، إذ تشير التوقعات إلى سيطرة هجمات حركة الشباب المتشددة في شرق إفريقيا.

استجابة سريعة من الدول الكبرى

منظمات مختصة تؤكد بأنه، على الدول الكبرى الانتباه لهذا الخطر الكبير، المتمثل بانتشار الإرهاب والتنظيمات المتطرفة في الدول الإفريقية، كون عدم الالتفات لهذا الملف الخطير، يعني توسع تنظيم “داعش” و”القاعدة” وجماعة “بوكو حرام”، وباقي التنظيمات المتطرفة في العالم، وانتشارها في دول جديدة.

بحسب استراتيجية التنظيمات المتطرفة، فأن “اتخاذها إفريقيا في الوقت الحالي، لتكون عاملا مؤقتا، للانطلاق نحول الدول الأخرى، بعد تدريب وتأهيل عناصر من الجيل الثالث كما حدث في أفغانستان وسوريا والعراق”. بسبب القيود المفروضة على التنظيمات المتطرفة في الشرق الأوسط، والضربات الجوية اليومية، فأن تحركات التنظيم أصبحت تتم بصعوبة كبيرة، ولم يعد أمامه سوى اللجوء للقارة الإفريقية السمراء.

كما وضع “المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب” بقيادة ألمانيا والولايات المتحدة “مذكرة برلين”، وهي مبادرة حول إساءة استخدام الأنظمة الجوية من قبل الإرهابيين لشن هجمات ضد البنية التحتية والأماكن العامة، وتحث أيضا الدول على مراعاة قرارات “مجلس الأمن” التي تحظر تقديم دعم للجماعات والمنظمات الإرهابية، بمحاولاتها تطوير أو تصنيع أو استعمال مواد محظورة أو نقلها أو تنفيذ هجمات بالطائرات المسيرة، التي أقر مجلس الأمن إساءة استخدامها على مستوى العالم.

 البيئة في إفريقيا، تُعد صالحة لاستمرار وتصاعد وتوغل الحركات الإرهابية، فيما تطالب جهات مختصة بمحاربة الإرهاب بضرورة التدخلات الغربية السريعة، لأن بقاء هذه الحركات لا يهدد سكان القارة الإفريقية فحسب، بل هو تهدد يطال معظم دول المنطقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.