وتيرة مرتفعة للتوتر بين إيران وإسرائيل، في ظل إصرار الاخيرة على مواجهة المشروع الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، ومنع طهران من امتلاك القنبلة النووية، باستخدام كافة أدواتها، حتى لو اضطرت لشن حرب مفتوحة حسب تصريحات المسؤولين الإسرائيليين.

لكن عودة العمليات النوعية الإسرائيلية ضد إيران، قد توحي باستبعاد فكرة الحرب، لا سيما في ظل الأوضاع الدولية والإقليمية، وفي وقت لا أحد من الأطراف يرغب بالدخول في حرب، فهل تكون العمليات النوعية لإسرائيل بديل الحرب المباشرة.

عودة العمليات العسكرية

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، أعلن أمس الأربعاء، مسؤولية قوات بلاده، بشن ضربة جوية استهدفت مؤخرا قافلة دخلت سوريا من العراق، مشيرا إلى أن الهدف كان شاحنة تحمل أسلحة.

كوخافي قال أمام مؤتمر استضافته جامعة “رايشمان” في تصريحات نقلها موقع قناة “الحرة”، إنه “لولا المخابرات الإسرائيلية، لربما لم نعلم أن من بين 25 شاحنة في القافلة، كانت هناك شاحنة تحمل أسلحة وهي الشاحنة رقم ثمانية“.

بالمقاطعة مع تصريحات المسؤولين في العراق، يبدو أن الهجوم الإسرائيلي كان قد وقع في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، حيث أكد مسؤولون في العراق أن الهجوم تم عبر طائرة مسيرة ودمرت شاحنتين تحملان الوقود.

الباحث المختص في الشؤون الإيرانية الدكتور هاني سليمان، رأى أن العمليات النوعية ضد القوات الإيرانية في سوريا، هي الخط الأساسي في المواجهات بين الجانبين، وستكون الأساس مع عمليات الاغتيال والهجمات السيبرانية في حال استبعاد فكرة الحرب المباشرة.

قد يهمك: رفضتها معظم الأطراف الدولية.. هل تطلق أنقرة عملية عسكرية شمالي سوريا؟

سليمان قال في حديث خاص مع “الحل نت“، “عودة الجانب الإسرائيلي لقصف الشحنات الإيرانية في سوريا، تؤكد أن هذا هو الخط الأساسي في المواجهات الإسرائيلية الإيرانية خلال الفترة الأخيرة، فخط المواجهة النوعية هذا هو الأساس، الحرب المباشرة أعتقد أنها بعيدة عن المواجهات المختلفة الإيرانية الإسرائيلية“.

المواجهات الثنائية بين إيران وإسرائيل، انتقلت من المربع التقليدي إلى مناطق مختلفة، وذلك بعد توسع إيران في سوريا، ما زاد من مساحة المواجهات، الذي أدى إلى زيادة الضغط بطبيعة الحال على إسرائيل لمواجهة إيران.

حول ذلك أضاف سليمان، “كان هناك العديد من العمليات النوعية المتبادلة، بدأتها إسرائيل بعملية الرد على استهداف إيران للنواقل الإسرائيلية أو حركة الملاحة، كذلك حرب المسيرات التي بدأت في سوريا بين الجانبين“. كما لدى إسرائيل سَبْق فيما يتعلق بالعمليات الخاصة باغتيال علماء البرنامج النووي الإيراني، بهدف تعطيل وصول إيران للسلاح النووي، أو عبر استهداف قادة “الحرس الثوري” الإيراني مؤخرا.

طرق أخرى

لجوء إسرائيل إلى هذه العمليات والاستمرار فيها، يعني ربما تجنيب منطقة الشرق الأوسط حرب مفتوحة، في ظل أن العالم لا يبدو أنه يحتمل فتح حرب جديدة، ستتجاوز تبعاتها منطقة الشرق الأوسط، التي قد لا تتحمل تبعات هذه الحرب.

كذلك فإن هناك فرص أخرى لتجنيب المنطقة الحرب، وذلك من خلال جهود إحياء المسارات الدبلوماسية للعودة إلى الاتفاق النووي.

الخبير في الشؤون السياسية والأمنية الدولية حازم القصوري، استبعد أن المراحل المتقلبة التي مرّ بها الاتفاق النووي، ستشكل انسدادا نهائيا للاتفاق، مشيرا إلى أن أطراف النزاع في المنطقة ليس لديها مصلحة في اندلاع المواجهة العسكرية في المرحلة الراهنة، بالتالي العودة للمفاوضات هو الخيار الأنسب للجميع.

القصوري قال في حديث سابق مع “الحل نت“، “المرحلة الحالية تفتح طريق لمشاورات جديدة وترتيبات أخرى لتجنب التوتر في المنطقة أمام ما تشهده ساحات المعارك في أوكرانيا، فالعالم يتجه إلى حرب باردة من خلال ما يجري في أوكرانيا وارتفاع المخاطر والتهديدات في المنطقة عموما، لذلك لن تكون مواجهة حقيقية بين إيران وإسرائيل خاصة وأن طرفي النزاع ليست لهما مصلحة في ذلك بقدر ما سوف يحفظان على توازن الرعب“.

العودة إلى المفاوضات

القصوري، أوضح أن أزمة الاتفاق النووي الحالية ستفرض على الجميع الدفع نحو مسار جديد للاتفاق على درب الوصل، لحل أمام ما يجري في الداخل الإيراني على إثر وفاة مهسا أميني ومقتل ناشطة إيرانية أخرى بـ 6 رصاصات من قِبل قوات الأمن أثناء الاشتباكات، كل هذا سيشكل ضغط دولي يُفرض على إيران التروي والمصلحة في فتح قنوات حوار جديدة من أجل تجنب المواجهة ليس مع اسرائيل فقط، بل دول المنطقة والعالم الذي لا يغفر خرق القوانين الدولية كما حقوق الإنسان.

المعركة الدبلوماسية ستكون بديلا عن المواجهة العسكرية، لاحتواء التوتر، وذلك بالنظر لمخاطر وتبعات هذه المواجهة على المنطقة ككل، حيث إن مصلحة الجميع تقتضي التوجه نحو الاستقرار واستبعاد خيار الحرب.

مؤخرا تسعى إسرائيل للضغط على إيران من أجل العودة بشكل جَدّي للاتفاق النووي، فعاودت رفع وتيرة استهداف الميليشيات الإيرانية في سوريا، كما تعمل على حشد الرأي العام الدولي ضد إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي.

قبل أيام تحدثت تقارير إسرائيلية عن محاولات إيرانية، نقل شحنات الأسلحة عبر مطار بيروت، على غرار ما كان يحصل في مطار دمشق، مؤكدة أن القوات الإسرائيلية هددت بقصف المطار إذا استمرت التحركات الإيراني.

الباحث في العلاقات الدولية عمر عبد الستار، رأى أن قصف مطارات في بيروت أو بغداد، في المرحلة الراهنة، يخالف الاستراتيجية المتّبعة مع إيران من قبل دول المنطقة والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن التهديدات الإسرائيلية جاءت نتيجة تحركات قام بها “حزب الله” اللبناني.

عبد الستار قال في حديث سابق مع “الحل نت“، “أعتقد أن قصف مطارات في بيروت أو في بغداد في هذا التوقيت يخالف الاستراتيجية المتّبعة حاليا مع إيران من قِبل أميركا، والتي تركز على الهدوء في المنطقة ودعم الانتفاضة داخل إيران، تزامنا مع توقف المفاوضات حول النووي وعدم قدرة إيران على إحداث فوضى في المنطقة“.

فالولايات المتحدة الأميركية، تريد منطقة الشرق الأوسط هادئة، والذهاب إلى ما بعد الاتفاق، و”هذا يمنع قصف بيروت في هذا التوقيت، صحيح أن هناك أجواء للتركيز على إيران وتوجيه ضربات، إلا أن التوقيت لم يحن بعد لتنفيذ هذه الضربات”، بحسب عبد الستار.

على الرغم من استبعاد فكرة الحرب المباشرة، إلا أن استمرار إيران في برنامجها النووي وعدم إبداء الرغبة في العودة إلى المسارات الدبلوماسية، سيصاعد بالتأكيد وتيرة العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد المواقع الإيرانية، وضد أي محاولات لنقل معدات عسكرية من قبل طهران في المنطقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة