يوم الأربعاء الفائت، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة في دمشق في أحدث بادرة على تحسّن العلاقات بين الأسد ودولة عربية.

وكالة أنباء الإمارات الرسمية “وام”، بينّت أن الاجتماع تناول التطورات في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط الأوسع. مضيفة أن وزير الخارجية عبد الله بن زايد أشار إلى دعم الإمارات لحل سياسي للصراع السوري المستمر منذ أكثر من عقد. وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” إنهما بحثا التطورات الإقليمية والدولية والعلاقات الاقتصادية.

في مقابل ذلك يرى بعض المراقبين أن هذه الزيارة التي جاءت بعد التطور في العلاقات السورية التركية تحمل رسائل إلى حكومة دمشق ربما تتعلق بالتغييرات في الأوضاع في بعض المناطق السورية ومن بينها الجنوب، خاصة بعدما ذكرت تقارير إعلامية عن وجود مشروع لإقامة إقليم إداري جنوب سوريا بعد الاجتماعات التي جرت قبل عدة أشهر في الإمارات وضمت معارضين من محافظتي درعا والسويداء.

أسئلة تطرحها زيارة وزير خارجية الإمارات، إلى سوريا حوال أهداف الزيارة، ومسار التطبيع بين الإمارات وسوريا وما إذا كان سيترافق مع دعم اقتصادي لسوريا، وهل هناك رسائل للأسد حول مشاريع للتسوية السياسية في سوريا.

زيارة للبحث عن حلول

هذه هي الزيارة الأولى لوزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد منذ اجتماعه مع الأسد في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 التي أُعيدت فيها العلاقات بين الجانبين. وبعد أشهر، في آذار/مارس 2022، زار الأسد الإمارات العربية المتحدة في أول زيارة لدولة عربية منذ اندلاع الحرب في سوريا.

زيارة الأسد للإمارات في 2022

التصريحات الرسمية للبلدين تتحدث عن أن الزيارة لبحث التطورات في سوريا والمنطقة وإمكانية إيجاد حل للأزمة السورية إضافة لبحث العلاقات الاقتصادية الثنائية.

الصحفي السوري، عقيل حسين، أشار خلال حديثه لـ”الحل نت”، إلى أن الزيارة تأتي في توقيت يتم الحديث فيه عن مشاريع للحل في سوريا عبر تجزئة الملف السوري إلى ملفات عدة على أساس الجغرافيا ومناطق النفوذ.

قد يهمك:“منطقة آمنة” في الجنوب السوري.. ما الاحتمالات؟

تركيا بدأت العمل مع روسيا من أجل مشروع في الشمال السوري، والأردن يسعى لإنجاز مشروع في الجنوب، وحسب التسريبات فإن الإمارات والسعودية وروسيا اتفقت على مشروع الإقليم الجنوبي، لذلك فإن هذه الزيارة تأتي في توقيت يبحث فيه الكل عن إنجاز تسوية في سوريا بأسرع وقت ممكن، حسب حسين.

تطبيع دون دعم اقتصادي

الإمارات ليست الوحيدة التي قامت بتطبيع علاقاتها مع دمشق، لكن تركيا التي تُعتبر لاعبا رئيسيا في الملف السوري عادت إلى التطبيع مع دمشق، ففي الأسبوع الماضي، انعقدت محادثات بين وزيري الدفاع السوري والتركي في موسكو في أعلى مستوى معلن بين الجانبين المتنافرين منذ بدء الحرب.

إلا أن عمليات التطبيع التي تجري لم تحسّن حياة السوريين، وما زال الاقتصاد يعاني من الدمار وأكثر من نصف سكان البلاد الذين كان يبلغ عددهم زهاء 20 مليون نسمة قبل الحرب إما نازحون أو لاجئون.

حول مسار التطبيع بين البلدين، لفت حسين إلى أن التطبيع بين الإمارات وسوريا تم بالفعل ولم يعد بحاجة لخطوات إضافية والزيارات المتبادلة كانت على أعلى مستوى عندما زار الأسد الإمارات قبل أشهر، لكن الحديث عن دعم اقتصادي فلا يمكن للإمارات أو لأي دولة أن تكون مستعدة لتقديم أي نوع من أنواع الدعم الاقتصادي لدمشق قبل إنجاز خطوات كبيرة في طريق الحل السياسي، فكل ما تقوم به هذه الدول من أجل إغراء حكومة دمشق بتقديم تنازلات والانخراط الجَدّي في العملية السياسية وإن كانت وفق شروط ومحددات لا تتناسب مع سقف المعارضة.

إقليم إداري في الجنوب السوري؟

تقارير صحفية نوّهت إلى أن مشروع الأقاليم الإدارية قد يتمكن من فرض نفسه كخيار للحل في سوريا، على أن تكون بداية التنفيذ من خلال العودة إلى الجنوب، المنطقة التي لطالما كانت مسرحاً لصراع مصالح اقليمية ودولية لا تقل في أهميتها عن الشمال.

معلومات ووقائع تقاطعت خلال الأسابيع الأخيرة الماضية تشير إلى التوافق بين دول عديدة على انشاء اقليم إداري في الجنوب، بموافقة ومشاركة من حكومة دمشق.

الحدود السورية الأردنية

هذه المعلومات تتقاطع مع تقارير سبق وأن نشرتها وسائل إعلام أردنية في حزيران/ يونيو الماضي، تحت عنوان “منطقة آمنة في جنوب سوريا”، وأفادت حينها بوجود خطط “لإنشاء منطقة آمنة على الحدود السورية-الأردنية، بعمق يزيد عن 35 كيلومتراً، لمواجهة التغلغل الإيراني وتعويض الفراغ نتيجة الانشغال الروسي في أوكرانيا”.

عقيل حسين أوضح أن لقاءات أردنية في الإمارات جرت بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق، وهذه اللقاءات هي لبحث الملف السوري، وزيارة عبد الله بن زايد جاءت لنقل رسائل للأسد وحمل رسائل منه.

لكن لا يمكن الجزم حتى الآن بإقامة منطقة آمنة في الجنوب، فقد كانت هناك العديد من المشاريع لكنها لم تُطبّق ومنها ما تم العمل عليه ثم توقف، مثل مشروع خط الغاز العربي من مصر عبر سوريا إلى لبنان، ومشروع تزويد لبنان بالكهرباء من الأردن، وذلك بسبب تغير المعطيات المتعلقة بهذه المشاريع.

على الرغم من ذلك يؤكد حسين، أن مشروع الإقليم الإداري في الجنوب لم يُعد مجرد أفكار، حيث يتم العمل عليه منذ ثلاثة أشهر، والتحركات الأخيرة في درعا قطعت شوطا كبيرا على الأرض من خلال عمليات تطهير المنطقة من خلايا تنظيم “داعش” وعصابات السلاح والخطف والسلب والسرقة، لكن إلى أي حدّ يمكن أن يستمر هذا المشروع وهل يمكن أن تظهر أي تطورات تُعيقه أو يقع أي حدث سياسي كبير يلغيه من غير الواضح ذلك بعد، لكن من الناحية العملية فالمشروع قائم.

حسين أفاد أن المشروع بحسب المعلومات والتسريبات، هو إقليم إداري في الجنوب يخضع لحكومة دمشق وفق قانون الإدارة المحلية رقم 107، حيث ستكون هناك عدة أقاليم في سوريا يمكن أن يصل عددها إلى 7 أقاليم، والأقاليم الإدارية هي النقطة الوحيدة التي يتفق عليها الروس والأميركيون للحل في سوريا، والطرفان مقتنعان بأن الحل لا يمكن أن يتم إلا عن طريق المشاريع الإدارية أو الإدارة اللامركزية.

حسين ختم بأن هذا المشروع من الممكن أن ينجح، لأن الغالبية العظمى من الدول الفاعلة متفقة عليه، وتبقى الخلافات على التفاصيل والامتيازات والمكاسب التي تسعى كل دولة لتحقيقها من خلاله.

من الواضح أن مشروع الإقليم الإداري في الجنوب السوري بات أقرب إلى الواقع أكثر من أي وقت مضى، وذلك بحسب المعلومات التي تسربت عن الاجتماعات التي عُقدت من أجله والتي ضمت ممثلين عن دمشق أبرزهم اللواء مفيد حسن الذي سبق وأن اجتمع مع معارضين في باريس والأردن من أجل هذه المشروع، إلا أن العائق الأبرز هو الوجود الإيراني في الجنوب وقدرة إيران على التأثير على حكومة دمشق لتعطيله خاصة أنه ينص على عدم وجودٍ للإيرانيين وميليشياتهم على بُعد 55 كم عن الحدود السورية الأردنية.

إقرأ أيضا:بين صيف وأيلول درعا.. ما الذي تغير في الجنوب السوري خلال 4 سنوات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة