منذ تعرض ابنه محمد للاغتيال أواخر عام 2011، لا يكاد الممثل السوري أحمد رافع يخرج بمقابلة تلفزيونية عبر وسائل الإعلام، إلا ويتحدث عن حادثة اغتيال ابنه، وربما كان الأمر مبررا خلال الفترة الأولى لأب مفجوع بابنه بصرف النظر عن مواقفه السياسية وممارساته خلال حياته، خاصة وأنه فقد محمد مقتولا.

لكن ما يطرح التساؤل حول أسلوب الممثل السوري في الحديث عن حادثة ابنه، هو استخدام القضية في أي حديث فني أو سياسي يتحدث عنه رافع، فعندما يهاجم الفن والفنانين يضح قضية مقتل ابنه كدرع يحمي فيه نفسه من الانتقادات حول أسلوبه وطريقة مهاجمته للفن، كذلك عندما يتحدث رافع عن اللاجئين ويصفهم بالخونة دائما ما يستخدم بين السطور حادثة مقتل ابنه، وكأنه يبرر لنفسه هذا الهجوم العنيف على السوريين بمقتل ابنه.

بالتأكيد فإن حادثة مقتل محمد على يد مسلحين مستنكرة، وقد رفضها فئة واسعة من السوريين حتى ممن يهاجمهم محمد رافع عبر وسائل الإعلام، خاصة وأن محمد قُتل على يد مسلحين من فصائل المعارضة أواخر 2011، وقد اتهمت الفصائل حينها محمد بالتعامل مع المخابرات السورية ونشرت صورة لرخصة سلاح كان يحملها قبل اغتياله، لكن هل يبرر ذلك لوالده أحمد أن يبقى طيلة حياته يستخدم ابنه كورقة للمزايدة على السوريين وأوضاعهم المعيشية ويتّهمهم بالخيانة تارة وبالعمالة تارة أخرى.

أحمد رافع يفتح النار على اللاجئين

بلهجة هجومية لاذعة خرج أحمد رافع قبل أيام عبر إحدى الإذاعات المحلية، مهاجما اللاجئين السوريين وكل من ترك البلاد، متهما إياهم بـ”الخيانة”، ووجّه إليهم أبشع الصفقات، وقد طالب الجميع بالعودة، معتبرا أن “الوطن جنة”، وبالتالي يجب على الجميع العودة والعمل من أجل سوريا وقادة سوريا.

رافع تناسى ربما دور من سماهم قادة سوريا، في تردي الأوضاع المعيشية وتدهور الاقتصاد السوري، ما يجعل هدف الوصول إلى أدنى مستوى معيشي “مستحيل”، في ظل إدارة حكومية فاشلة تعجز حتى عن تأمين أبسط مقومات الحياة، فضلا عن الفساد المنتشر في البلاد، فكيف يمكن للسوريين العودة إلى الوطن وتأمين حياة كريمة.

عبر إذاعة “سوريانا” المحلية، اعتبر رافع أن فقده لابنه كان نتيجة “حبه للوطن ولسيد الوطن”، معتبرا نفسه يتفوق وطنية عن كل من خرج من سوريا باحثا عن مستقبل أفضل له ولعائلته، فضلا عمن هرب من الاعتقال أو الموت على يد من يتغنى رافع ليلا نهارا بهم، ويختصر الوطن والوطنية بهم.

قد يهمك:  قضية لمجرّد: هل حقّق القضاء الفرنسي “العدالة”؟

رافع اعتبر نفسه مثالا للوطنية لأنه خسر ابنه، متجاهلا أن النسبة الساحقة من العوائل السورية فقدت أحد أفرادها أو ربما أكثر، سواء تلك التي بقيت في سوريا أو خرجت هربا من الموت، لكن رافع مصرّ على اختصار معاني الوطني من منظوره هو فقط، وهو الذي يعتبر أن حب الرئيس والوفاء للقيادة هو التجسيد الحقيقي للحب الوطني، وقد قالها في مقابلته “سيد الوطن هو الرمز الكبير وأنا ترباية حافظ الأسد، وفقداني لابني هو نتيجة حب الوطن وسيد الوطن”.

“كل من خرج من سوريا خائن”

من وجهة نظر رافع فإن كل من غادر سوريا يجب أن يعامل معاملة الخائن، خاصة وأنه رفض وعائلته المغادرة، وقد وصف اللاجئين السوريين في أوروبا بـ”الخنازير” على حد تعبيره، وأضاف: “قسم كبير من السوريين دمروا بلدهم وخرجوا إلى أوروبا، من أجل أن يأكلوا ويشربوا ويقبضوا 500 يورو آخر كل شهر ونساء كثير” حسب قوله.

رافع لم ينسى كذلك أن يهاجم الفنانين السوريين الذين خرجوا من سوريا، معتبرا أن الفنانين خارج سوريا استفادوا وأصبحوا نجوما، بينما بقي هو في سوريا وكسب “الوطن” وخسر الفن، وهنا يجب أن نذكّر رافع بأن العديد من الفنانين السوريين داخل سوريا، ما زالوا يقدمون بإمكاناتهم للدرامة السورية سواء داخل سوريا، أو عبر السفر وتصوير الأعمال في بلاد أخرى.

مصادر فنية خاصة أفادت لـ”الحل نت”، عن سبب ابتعاد العديد من شركات الإنتاج عن الممثل أحمد رافع، حيث أكد المصادر أن بعض شركات الإنتاج تتعمد عدم التعامل مع رافع، بسبب كثر إثارته للجدل واستخدام اسم ابنه حتى في المفاوضات الخاصة بمقدار أجره في المسلسلات.

رافع عُرف خلال السنوات القليلة الماضية، بتصريحاته المثيرة للجدل، خاصة بما يتعلق بمهاجمته للاجئين السوريين، وملابسه الغريبة التي يظهر بها في اللقاءات التلفزيونية، معتبرا أن الأزياء التي يرتديها هي الأقوى بين الأزياء، رغم أن ناشطين يعتبرون أن ما يرتديه رافع “غريبا” ولا يتناسب مع المناسبات التي يحضرها رافع.

رافع وإثارة الجدل

في لقاء سابق  له عبر منصة “يلا تريند”، كشف عن احتمال إنشاء ماركة ملابس تحمل اسمه، خاصة بعد الجدل الذي أثاره في كل إطلالة له مؤخرا، وحول ردّه على مَن يقول أنه “رجل مجنون” بسبب ملابسه الغريبة والملفتة للنظر، فقال، “شكرا كتير لأنك اعتبرتني مجنون، مشان شو ما عملت مسموح”، واصفا من ينتقد ملابسه بالـ “طنبرجي” وهم فقط يحبون التعليق وانتقاد الآخرين، واعتبرهم  “لا يُحسنون انتقاء ملابسهم أو مأكلهم أو شرابهم”، وينتقدون الآخرين فقط. 

في الملابس، طبيعي أن تختلف الأذواق والآراء، لكن رافع لا يتقبل عدم إعجاب فئة واسعة من السوريين بملابسه، فعندما ارتدى جاكيت اعتبره معظم رواد مواقع التواصل الاجتماعي “غريب وغير مناسب” خلال تشييع الفنان الراحل صباح فخري، استغرب الممثل السوري عدم إعجاب السوريين بملابسه وقال، “العزاء ليس باللبس، هناك تعليقات لا أتوقع أنها تخرج من بني آدم، نحن شعب متخلف”.

موجات الجدل التي أثارها رافع استمرت لأشهر، عبر ظهوره بملابس لافتة وتصريحاته عن فنانين آخرين، دفعت الإعلامية اللبنانية رابعة الزيات لاستضافته في برنامجها “شو القصة“، اعتبر خلالها نفسه الفنان الوحيد الذي يجيد الأناقة في سوريا، إذ أجاب لدى سؤاله عن الفنان الأكثر أناقة في البلاد، “بسوريا ما عنا حدا، كستايل مافي غير أحمد رافع. ومن الفنانات في نسرين طافش وكندة حنا وسلاف فواخرجي وسلافة معمار بيعرفوا يلبسوا“.

كذلك انتقد رافع سابقا الدراما السورية، في وقت أشار صحفيون بالشأن الفني، أن تجاهل شركات الإنتاج لأحمد رافع قد يكون أبرز أسباب توجيه النقد المتواصل للدراما والأعمال الفنية، وهاجم المشاهد الجريئة في المسلسلات السورية.

أحمد رافع هو ممثل سوري من أصل فلسطيني وهو من مواليد تشرين الثاني/نوفمبر من العام 1960، يعود الظهور الأول له على الشاشة الصغيرة للعام 1973 حيث شارك في فيلم ذكرى ليلة حب، ومن أبرز أعمال أحمد رافع “وردة شامية، الخوالي، ليالي الصالحية، طاحون الشر، مرايا، صرخة روح وحصاد السنين، وكان قد حضر الموسم الماضي، في مسلسل (سوق الحرير 2) إلى جانب عدد من نجوم الدراما السورية”، منهم، “بسام كوسا، سلوم حداد، كاريس بشار، قمر خلف، نادين تحسين بيك، فادي صبيح، عبد الهادي صباغ، وفاء موصللي، ريم كفارنة“. كذلك شارك رافع مؤخراً في الجزء الخامس من المسلسل الشهير “الهيبة“، الذي يُعرض حالياً على “منصة شاهد” التابعة لمجموعة “أم بي سي”.

رغم تكرار تصريحاته الذي يهاجم فيها اللاجئين السوريين، فإنه حتى الآن لم تتحرك أي جهة رسمية أو غير رسمية ضد أحمد رافع، ذلك ما يوضح أن تصريحات رافع تتماشى مع رغبة السلطة في دمشق، التي تعتبر كل من خرج يبحث عن مستقبل أفضل خارج سوريا “خائن وعميل”، إذ يجب على السوريين البقاء تحت رحمة قلة الكهرباء وانهيار الليرة والاقتصاد، في ظل عدم وجود أي خطة أو رؤية لتحسين الوضع المعيشي من قبل حكومة دمشق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.