بينما كانت قائمة العروض الرمضانية لجميع أنواع الدراما العربية تخرج وتصطف لتكون واضحة قبل أيام من بداية موسم رمضان لعام 2023، اضطربت قائمة الدراما والمسلسلات السورية، ووصفت بـ”مساومات” في الساعات الأخيرة التي استبعدت عدة أعمال من العرض.

يبدو أن ثمة جملة من الأسباب حول إقصاء عدد من الأعمال الدرامية السورية من السباق الرمضاني هذا العام، رغم أن المنافسة على إنتاج الدراما السورية أصبحت حقيقة خلال العامين الماضيين تحديدا. اللافت في الأمر أن الأعمال الدرامية السورية المشاركة هذا العام كلها أعمال من فئة “البيئة الشامية”، باستثناء المسلسل الاجتماعي اليتيم “خريف عمر” الذي يُعرض على قناة “أبو ظبي”، بجانب حضور خجول لباقي الأنواع، سواء الكوميديا أو حتى الفانتازيا التاريخية.

 فيما المسلسلات الأربعة السورية التي تم إخراجها من السباق الرمضاني، كلها كانت اجتماعية تلتقي في محاكاة الواقع. ومن أبرز الذين انسحبوا بعد مفاوضات استمرت بعضها حتى ربع الساعة الأخير من بداية شهر الرمضان هم “دوار شمالي”، “مال القبان”، “كانون” و”كسر عضم 2 – سراديب”.

إزاء ذلك تداولت على مواقع التواصل الاجتماعي أحاديث عن الأسباب التي أدت إلى استبعاد هذه الأعمال الأربعة من قائمة العرض لموسم رمضان 2023، ويبدو أنهم يحاولون إخفاء السبب الحقيقي بقولهم “كلنا نعرف السبب، لكن لا يمكننا التحدث”.

لذلك، في هذا التقرير، سيتم إلقاء الضوء على هذه الأعمال الدرامية الأربع وأسباب استبعادها من السباق الرمضاني حسب آراء النقاد والمشاهدين، ثم تناول أهمية هذه المسلسلات وما إذا كانت الظروف في سوريا هي السبب، أم يعود للدور الرقابي هناك، أو ثمة مساومات على الأعمال من قبل بعض القائمين على الأعمال.

تخبط في القرارات

نحو ذلك، أعرب بعض نقاد الدراما عن أسفهم من الارتباك الذي يسود قرارات تقديم أعمال الدراما السورية، حيث تم إقصاء أربع مسلسلات من قائمة العروض قبل ساعات قليلة من بدء الموسم الدرامي لرمضان 2023، وأشاروا إلى أن الأسباب تختلف من مسلسل لآخر، وأن ما يحدث هذا العام غريب جدا ويختلف عن كل عام، حيث لا بيع ولا شراء ولا تسويق لهذه الأعمال أو ضمان وجود محطة لعرض العمل، وكأن الدراما الاجتماعية السورية أصبحت آفة لا يريد أحدٌ عرضها.

عادةً ما يخرج مسلسل أو اثنان من العرض، لكن أن يخرج من السباق الرمضاني كل هذه الأعمال دفعة واحدة وهي ذات إنتاج جيد، ذلك ما يزيد الطين بلة، ويجعل من المنتج السوري يبتعد عن الإنتاج فيما بعد لأن لا أحد يحميه، وأن الأمر يحوطه الغموض ولا جواب قطعي حول ذلك.

في الأثناء ما تزال الشركات المنتجة لهذه الأعمال لم توضح قرار تأجيلها لأعمالها، التي اعتبرها النقاد والمشاهدون عشوائية وغير مقبولة. في حين رأى آخرون أن سبب استبعادهم يعود لكثرة مسلسلات المنصّة أو القصيرة.

بسبب الرقابة؟

في المقابل، أصدرت قناة “أبوظبي”، العارض الحصري لمسلسل “دوار شمالي”، قرارا قبل ساعات قليلة من بدء موسم دراما رمضان 2023، بتأجيل بث العمل الدرامي إلى ما بعد رمضان. وحتى الساعة لم تصدر شركة “آي سي ميديا” المنتجة للعمل أي بيان توضيحي، رغم نشرها قبل نحو ثلاثة أسابيع بيانا أوّل أكدت فيه أن العمل يتعرض لمحاولات تشويه وتحريف.

بعض التقارير قالت أن سبب استبعاده هي حروب بين شركات إنتاج سورية، عمل بعضها على الضغط على القناة لسحب المسلسل، متهمة “دوار شمالي” ببث مشاهد من العنف الطائفي المرتبط بالواقع السوري، في حين قال بعض النقاد أن الرقابة السورية هي من رَفضت المسلسل بعنوانه السابق “تحت الرماد”، ومن ثم انتقال مواقع التصوير والعدّة كاملة من الأراضي السورية إلى اللبنانية. وضعت تحته لجنة القراءة والرقابة التلفزيونية خطاً أحمر بذريعة ضرب النسيج الوطني السوري جراء تأويلات طائفية. بقي العمل سورياً رغم غربته عن بيئته وأرضه، ومع ذلك لم ينل استحسان التلفزيون الرسمي، وفق تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط”.

قد يهمك: قصي خولي ونادين نجيم إلى الواجهة.. لماذا لم يعتد الجمهور على “المشاهد الجريئة” بعد؟ – الحل نت 

هذا وتتداخل الأسباب حول إخراج مسلسل “دوار شمالي”، إذ يقول النقاد إن كان الاستقرار السياسي السوري الإماراتي أحدها، فالآخر تقريبا شخصي. حيث إحدى شركات الإنتاج، وهي على خلاف مع منتج المسلسل إياد خزوز، نبّهت إلى أن العمل لم ينل موافقة الرقابة السورية وفتّحت العيون على التحفظات ضمن النص. ولأن القناة في منأى عما يعكّر صفو المرحلة السياسية، ارتأت تفادي التشويش على الجوّ السائد، ففضّلت تعليق العرض. بالتالي فهي ليست سوى حروب ومناكفات سورية-سورية بين شركات الإنتاج السورية.

قبل أسبوع من بداية العرض، أوعزت بعض شركات الإنتاج إلى هيئة الرقابة السورية بضرورة رفض النص، وعدم إصدار تصريح بالموافقة عليه، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في فضائية “أبوظبي” التي ارتأت تأجيل عرض المسلسل والاستعاضة عنه بآخر يحمل عنوان “خريف عمر”، بدأ عرضه أول أيام رمضان، وفق ما أورده تقرير لموقع “العربي الجديد”.

مسلسل “دوار شمالي” يأخذ اسمه من مسار أطول رحلة وسائط نقل عامة في دمشق، وتدور أحداثه في حي “ما ورد” الشعبي الذي يحاول رجل فاسد السيطرة عليه لأهمية موقعه الجغرافي طمعا بتحويله لثروة عقارية، وحينما يصطدم بصلابة سكانه، يستعين بابن أحد ملّاك الحي الأساسيين لتحقيق غايته بأي ثمن، تدور أحداث العمل خلال ثلاثة فترات زمنية، في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وصولا إلى الزمن الحاضر.

المسلسل من تأليف حازم سليمان، وإخراج عامر فهد، وإنتاج إياد الخزوز، وبطولة كل من عبد المنعم عمايري، أمل بوشوشة، أنس طيارة، نانسي خوري، أحمد الأحمد، محمد حداقي، فايز قزق، هبة نور، علي كريّم، وائل زيدان، طارق مرعشلي، جمال العلي، عبير شمس الدين، مريم علي، علا باشا، مروة الأطرش، رنا كرم، وممثلون كثر آخرون.

أرقام غير مغرية؟

في السياق، مسلسل “مال القبان” من إخراج سيف الدين السبيعي الذي تم استبعاده أيضا من السباق الرمضاني، ودون إعلان الأسباب من قبل القائمين على العمل، بعض المصادر المقربة منهم قالوا إن التأخير في عمليات التصوير حال دون خروج العمل إلى العرض، وقيل أيضا إن انشغال الكاتب والممثل يامن حجلي بمشروع آخر، هو الجزء الثالث من مسلسل “للموت”، في بيروت كان سببا في التأخير، وكذلك انشغال السبيعي بمسلسل “العربجي”، ليؤجل العمل إلى موعد غير معروف، وهو من بطولة بسام كوسا وسلاف فواخرجي.

غير أن البعض الآخر عزا ذلك لإخفاق مُنتجَيه هلال أرناؤوط وأحمد الشيخ في تسويقه. ويبدو أن العروض المادية لم تكن جيدة وهذا ما أدى إلى خروجه من العرض الرمضاني.

هذا فضلا عن انتشار أعمال تجارية تروّج لقصص حب مستهلكة وأعمال “أكشن” مُضخَّم، على حساب أعمال أكثر رصانة تُنهكها تهمة أنها ما عادت مرغوبة. السبب الرئيسي خلف كل ما يجري يتحمّله منتجون سوريون يتأخرون في التسويق إلا قبل شهرين من رمضان. وبالتالي فإن الثلاثية القابضة على مسار العمل الدرامي من التحضيرات إلى العرض هي التنسيق والتوزيع والتسويق، فبغير ذلك وفق بعض النقاد، سيكون مصير أي عمل درامي الفشل.

أما عن تعليق عرض مسلسل “كسر عظم2″، من إخراج كنان إسكندراني. كان الأخير قد شارك كمخرج مساعد في الجزء الأول الذي وقعته زميلته رشا شربتجي. وكانت قد نشطت في الأسابيع الماضية عمليات التصوير للحاق بموعد العرض، وبدأ الترويج للمسلسل، وإصدار الملصقات، حتى فوجئ المتابعون قبل أيام قليلة بعدم إدراجه على لائحة العرض من دون أسباب واضحة، ولزمت الشركة المنتجة الصمت.

مسلسلات سورية رمضان

بالمثل، لم يعلن عن عرض مسلسل “كانون” للمخرج إياد نحاس، وتأليف علاء مهنا. يجمع العمل بسام كوسا ومهيار خضور في تقاسم البطولة، وما من سبب واضح وراء قرار تعليق العرض، إذ اكتفى القائمون عليه بأن تصويره تأخر، فاستبعد من السباق، غير أنه البعض عزا ذلك لخلافات مادية جمّدت البيع.

في العموم، الأسباب التي دفعت شركات الإنتاج إلى تجميد أعمالهم الدرامية لهذا العام غامضة وغير واضحة، ويبدو أن المنتجين إذا لم يحصلوا على أرقام مغرية لن يفرطوا بعرض أعمالهم، وبالتالي مصير هذه الأعمال الأربعة أما لحين تنازل هؤلاء المنتجين عن بعض الشروط المالية في سبيل إنقاذ تكاليف أعمالهم على الأقل أو الانتظار حتى قيام بعض القنوات شراء هذه الأعمال وعرضها كما يحلو لهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.