في كل مرة يتم فيها الإعلان عن مسلسل يحتوي على بعض المشاهد الحميمية حتى وإن كانت غير مباشرة، تشهد وسائل التواصل الاجتماعي موجات غضب واستنكار من هذه المشاهد، في ظاهرة أصبحت مكررة، إن كانت ضمن موسم رمضان أو من خلال الأعمال التي تم طرحها خارج السباق الرمضاني.

على الرغم من الانخفاض النسبي تدريجيا لهذه الموجات، إلا أنها لا تكاد تتوقف مع كل مسلسل يتم فيه إدراج هذا النوع من المشاهد، ما يطرح التساؤلات عن أسباب هذا الرفض، أو أسباب إصرار شركات الإنتاج على إدراج هذه المشاهد ضمن الأعمال الدرامية، رغم رفض الشريحة الأوسع من الجمهور لها.

ربما ما يبرر لشركات الإنتاج هذا الإصرار، هو مساهمة موجات الرفض على مواقع التواصل الاجتماعي بشهرة المسلسل حتى قبل عرضه، فضلا عن أن موجات الجدل خلال عرض المسلسل، يزيد من صيت المسلسل ووتيرة تداول اسمه بين الجمهور، ما يساهم برفع المشاهدات والمتابعات، ما يعني أن أحد أهداف هذه المشاهد قد يكون تسويقيا، إلى جانب أهداف السياق الدرامي.

هل يستمر الاعتراض؟

إصرار شركات الإنتاج على إدراج هذا النوع من المشاهد، لم يجعل الجمهور الرافض لها يعتاد على مشاهدتها، في حين يرى بعض المختصين في الدراما، أن سبب هذا الاعتراض الكبير هو عدم اعتياد الجمهور على مثل هذه المشاهد في الدراما، فهو نفسه لا يرفضها في السينما، بالتالي فإن عامل الزمن سيساهم إلى حد كبير في تقبل الجمهور لهذه المشاهد، بصرف النظر عن استمرار النقد حول طريقة طرحها وحاجة السياق الدرامي لها.

قبل بدء موسم دراما رمضان هذا العام، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي هجوما لاذعا على مسلسل “وأخيرا”، بعد نشر البرومو الخاص بالمسلسل والمقرر عرضه خلال أيام شهر رمضان الجاري، وذلك بسبب لقطة تُظهر بطلي المسلسل الممثل السوري قصي خولي، والممثلة اللبنانية نادين نجيم، وهما يتبادلان القبلات في سياق أحداث المسلسل.

قد يهمك: أحمد رافع يهاجم اللاجئين السوريين.. حادثة فقدان ابنه وسيلة للمزايدة؟

موجات الجدل تمحورت حول اللقطة التي جمعت نجمي المسلسل، في وقت اعتبر فيه الناقدون أن هذه المشاهد التي وصفوها بـ”الجريئة”، “لا تصلح للعرض في شهر رمضان” على حد تعبيرهم، ومن خلال متابعة “الحل نت” للجدل الذي رافق نشر إعلان المسلسل، يبدو أن معظم من يتحدث عن المسلسل قد تجاهل قصة المسلسل وجميع مشاهد الإثارة والتشويق ضمن البرومو، فيما كان التركيز على لقطة مدتها أقل من ثانية جمعت خولي ونجيم.

أحداث مسلسل “وأخيرا” التي لم يتم الحديث عنها في مواقع التواصل، وتدور حول بطلة المسلسل “نادين” التي تقوم بدور سيدة قوية ومشهورة، لها ماض مخيف تخفيه عمّن حولها، ويشارك بطولة العمل العديد من النجوم أبرزهم منى واصف، وعادل كرم، وزينة مكي، وسعيد سرحان، وسام صباغ وآخرون، وهو من إنتاج صادق الصباح، وإخراج أسامة الناصر.

موجة الانتقادات إزاء هذا النوع من المشاهد، تصاعدت خلال السنوات القليلة الماضية، وكان مسلسل “شارع شيكاغو” من أوائل المسلسلات خلال العقد الماضي، الذي تعرض لانتقادات حادة بسبب مشهدٍ وصِف بـ”الجريء” جمع الممثلة سلاف فواخرجي مع زميلها مهيار خضور، ورغم الانتقادات حقق المسلسل مشاهدات واسعة، وهو الذي يأخذ اسمه من أحد شوارع مدينة دمشق الذي كان يضج بالحياة الثقافية والليالي الصاخبة حتى مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وتدور أحداث المسلسل حول لغز جريمة قتل بين زمنين، ستينيات القرن العشرين، والزمن الحالي.

دور مواقع التواصل

مواقع التواصل الاجتماعي، لا شك أنها ساهمت بوصول الانتقادات بشكل مباشر إلى الجهات العاملة في الوسط الفني، فبمجرد ما يتم نشر أي إعلان لمسلسل أو عرض أحد الحلقات عبر الأنترنت وشاشات التلفاز، يبدأ الحديث حول ما تم عرضه، ويتشارك الناس آرائهم حول أي مشهد يعتبرونه “جريئا”.

حتى ضمن الوسط الفني، يمكن القول إن العاملين في إنتاج الدراما من ممثلين وفنيين، منقسمين برأيهم حول جواز إدراج تلك المشاهد في الدراما، لا سيما في الدراما السورية، فقد خرج العديد من الممثلين بتصريحات رافضة لإدراج هذه المشاهد في الدراما التلفزيونية فيما دافع آخرون عن هذه الظاهرة.

الممثل السوري عدنان أبو الشامات اعتبر في وقت سابق، أن “القبلة” تعبيرٌ حركيٌّ عن الحب والمحبة، وذلك في معرض تعليقه على الجدل الواسع الذي أثاره مشهد القبلة في الفيلم السوري “الإفطار الأخير“ بين كندة حنا وعبد المنعم عمايري، بينما اعتبرت الممثلة السورية رنا جمول، أن هذه المشاهد تجعل الدراما السورية تسيء للمجتمع السوري بشكل خاص وإلى النساء السوريات بشكل عام على حد تعبيرها.

البعض كذلك يرفض هذه المشاهد في الدراما لكنه يقبلها في السينما، على اعتبار أن الدراما تعرض على القنوات الفضائية الموجودة في كل منزل، بينما مشاهدة الأفلام هي خيار شخصي، لكننا نعلم أنه مع التطور الحاصل في طريقة مشاهد المحتوى الفني، لم يعد هناك فرقا كبيرا بين خيار مشاهدة السينما والدراما.

ماذا عن السينما؟

خيرُ مثال على ذلك، أن مشهد القُبلة في الفيلم السوري “الإفطار الأخير”، لاقى انتقادات بنفس الوتيرة والحدة التي كانت على المشاهد ضمن المسلسلات، واعتبر منتقدون أن هذه المشاهد “خادشة للحياء”، في حين اعتبر البعض أن تلك المشاهد قد تخدم أحداث الفيلم، ولا تهدف بالضرورة لخدش الحياء، طالما أن مًن لا يريد مشاهدتها يستطيع تخطيها.

وفيلم “الإفطار الأخير” تم إنتاجه قبل عامين، من قبل “المؤسسة العامة للسينما” في سوريا، وهو من تأليف وإخراج عبد اللطيف عبد الحميد، من بطولة الممثلة كندة حنا بدور “رندة” وزوجها عبد المنعم عمايري بشخصية” سامي”، تدور أحداثه حول إفطار أخير جمع الزوجين رندة وسامي، كانت رندة قد شعرت أنه الأخير لكثرة القذائف في ذلك اليوم، وفق ما عبرت،  فتقربت رندة من زوجها أكثر وقدمت له ما “لذ وطاب” من الطعام، وكان ختام المشهد بينهما “قُبلة” طويلة، كوداع أخير عند مفارقتها زوجها سامي من عالم الدنيا، بعدما سقطت قذيفة هاون وهي تجهز طعام الغداء في المطبخ.

لا يبدو أن شركات الإنتاج ستعلن استسلامها أمام موجة الانتقادات الواسعة من الشارع السوري بشكل خاص والشارع العربي عموما، فهي مستفيدة بكل الأحوال من هذه الانتقادات، وتساهم في زيادة الجدل حول أعمالها وبطريقة أو بأخرى زيادة المتابعات، إلا أن مختصين يرون أن عامل الزمن سيجعل الجمهور يعتاد، وربما تتحول الانتقادات إلى محور جدوى هذه المشاهد وفيما إذا كانت فعلا تخدم السياق الدرامي أم أن المنتجين يدرجونها لأهداف تسويقية بعيدا عن أية سياقات درامية تخدم قصة المسلسل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.