بعد أكثر من عام على فشل القضاء العراقي في عقد جلسة لمحاكمة القاتل رغم وجوده في السجن، مما دفع الكثيرين للتساؤل حول صحة أنباء تحدثت عن هروب القاتل من السجن على يد فصيل مسلح. أثارت نائبة عراقية، أمس الثلاثاء، الجدل حيال الغموض الذي يكتنف مكان احتجاز قاتل الخبير الأمني هشام الهاشمي.

النائبة نداء حسن ماضي، قالت إنه بعد اغتيال الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي، أجّلت المحكمة المختصة قرارها بحق المتهم (أحمد حمداوي عويد معارج الكناني) 6 مرات، وسط أنباء عن هروب المتّهم أو تهريبه، وأن تعذّر إحضار المتهم ولأكثر من خمس مرات، أمرٌ أثار استغراب الجميع سواء من عائلة الشهيد أو مَن ينتظر العدالة.

شكوكُ النائبة نداء حسن ماضي حول “هروب المتهم”، ازدادت بعد تأكيد وزارة العدل على عدم وجود النزيل في الأقسام الإصلاحية التابعة لها، بعد طلب رسمي من النائبة لوزارة العدل ووزارة الداخلية معا لمعرفة مكان سجن أو توقيف المتهم، لافتا إلى من خلال منشور لها عبر “فيسبوك”، إلى أن وزارة الداخلية لم تجب عن مكان توقيفه أو عن سبب تعذر إحضاره.

“القاتل” غير موجود بالسجن

النائب ماضي، بحسب وثيقة اطلع عليها موقع “الحل نت”، قد أرسلت كتابا أول مرة بتاريخ 7/10/2022، وفي نفس الوقت قامت بإرسال كتاب ثان إلى وزارة الداخلية لمكتب الوكيل الأقدم للوزارة، وعلى إثره استلمت نسخة من تحويل مكتب الوكيل الأقدم للوزارة بتاريخ 2/11/2022، لكن بعد ذلك لم تستلم إجابة وزارة الداخلية.

بعد ذلك، أكدت النائبة إرسال بنفس محتوى الكتاب لوزير الداخلية، لكن تسليم يد وليس عن طريق بريد الوزارة وبواقع لقائين، ثلاث كتب لوزير الداخلية، لكنه أيضا لم تتم الإجابة على أي منها، الأمر الذي عدته النائبة مثيرا للاستغراب حيال أمر المتهم، فيما وعدت بنشر كافة التحركات والكتب الخاصة بشهداء الاحتجاج والجهات المعرقلة أو تتجنب الإجابة، قائلة، كوننا لا نملك إلا الطرق القانونية والدستورية في ظل عدم الأخذ بهما بكل ما يتعلق بالميليشيات المسلحة والمنتمين إليها.

اقرأ/ي أيضا: جولة أميركية ملحمية في إفريقيا.. هل تكبح الأجندة التوسعية لروسيا والصين؟

بحسب النائبة، فإنه لم يصدر حكم نهائي بحق المتهم، لذلك من المفترض أن يكون موقوفا في سجون وزارة الداخلية، في حين قررت الهيئة القضائية المكلفة بالقضية، مؤخرا، تأجيل القضية للمرة العاشرة، فيما حددت السابع من أيار/مايو المقبل موعدا للجلسة المقبلة، إثر طعن جديد من جهة الدفاع عن المتهم.

مرور موعد الجلسة الأخيرة عزز شكوكا أثارتها معلومات سابقة عن “هروب المتّهم” رفقة عناصر من “كتائب حزب الله”، من معتقله في العاصمة بغداد، حيث لم تقدّم السلطات أي توضيح رسمي عن سبب التأجيل أو أنباء هروب المتّهم على مدى أشهر طويلة، حيث سبق وطالب نواب بإجراءات علنية للمحاكمة الخاصة بالمتهم في قضية اغتيال الهاشمي، إثر مرور أكثر من 20 شهرا منذ اعتقاله دون أي تطورات.

اغتيل الهاشمي في 6 تموز/يوليو 2020، أمام منزله بمنطقة زيونة في العاصمة بغداد برصاص مسلحين على دراجة نارية، في حادث أثار ضجة بين الأوساط الشعبية ولقي صدى دوليا، وفي تموز 2021، أعلن رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي إلقاء القبض على قتلة الهاشمي، في حين بثّ التلفزيون الرسمي اعترافات المتهم، وهو ضابط برتبة ملازم أول عمره 36 عاما.

قصة هروب “قاتل” هشام الهاشمي

في أيار/مايو الماضي، تحدث تقرير صحفي لموقع “ألترا عراق”، عن أنباء “هروب المتهم الذي اعترف بارتباطه بكتائب حزب الله العراقية، أثناء تقديم اعترافاته، من معتقله في العاصمة بغداد”، وأشار إلى أن “المتهم تم تهريبه من قبل حزب الله ما تعذر حضوره للمحاكمة في شهر شباط الماضي”. 

التقرير أكد حينها نقلا عن مصادر مطلعة على سياق القضية، ومصادر أمنية رفيعة، أن “عناصر من كتائب حزب الله نقلوا المتّهم من السجن، دون أي احتكاك مع عناصر القوة الأمنية المكلفة بحماية المعتقل”. 

اقرأ/ي أيضا: العراق على فوهة انفجار.. البرلمان يكسر إرادة الشارع بإقرار “سانت ليغو“

أيضا سبق وأن نقل التقرير تأكيدات عن شاهد عيان حضر إحدى جلسات المحاكمة، إن القوة المكلفة بنقل الكناني أبلغت هيئة المحكمة بتعذّر إحضار المتهم، وعدم وجوده داخل معتقله في العاصمة بغداد، مشيرا إلى أن ضابط رفيع أفاد، بهروب الكناني، وإغلاق ملف القضية، كما أنه تم نقل المتهم فورا إلى خارج البلاد بجواز سفر وتأشيرة رسمية، مؤكدا أن الجهات الأمنية العليا على إطلاع كامل بعملية إخراج المتهم وتهريبه إلى خارج البلاد، لكنها لم تتخذ أي إجراء، وبات ملف اغتيال الهاشمي مغلقا كأمر واقع.

منذ ذلك الحين، لم تقدم السلطات أي توضيح رسمي عن سبب التأجيل أو أنباء هروب المتهم، لكن موقع “ألترا عراق”، أكد أن جلسة المحكمة لم تأتِ بأي جديد، بإشارة إلى الجلسة التي كان من المقرر أن تنعقد في ذات الشهر، إذ صدر قرار بتأجيل المرافعة إلى أجل غير مسمى حينها، وبذات المبرر، أي لتعذر حضور المتهم. 

كذلك لم تعرض الحكومة الاعترافات الكاملة للمتهم أحمد عويد الكناني، بحسب مصادر متعددة في أجهزة أمنية حساسة، فيما يقول كتاب وصناع رأي أن اقتطاع الاعترافات والاكتفاء ببعض الإشارات عن الجهة المخططة والمنفذة لعملية الاغتيال لم يكن مفاجئا لجهة نفوذ الفصائل المسلحة وهيمنتها على السلطة.

الهاشمي كان الضحية الأولى

وفقا للمعلومات، فإن الاعترافات تنص على أن عملية اغتيال الهاشمي كانت الأولى التي يطلق فيها المتهم النار على أي شخص على الإطلاق، ومن سلاحه الحكومي، كما تشير إلى أن المنفذين الآخرين هربوا إلى إيران، في حين أن المتهم الهارب اعترف صراحة ودون تعذيب بالانتماء إلى “كتائب حزب الله” منذ نحو 9 سنوات.

ضابط عمل مع “القاتل” على مدى سنوات تحدث لوسائل إعلام محلية، قائلا إن الكناني لم يكن يبدي أي تصرفات غير مألوفة، لكنه كان غامضا بقدر كبير، فيما انخرط المتهم في سلك القوات الأمنية في وزارة الداخلية عام 2007، قبل أن يصبح ضابطا عبر دورة خاصة للمنتسبين من خريجي الجامعات، ويقطن المتهم في حي سكني شعبي جنوب غربي العاصمة بغداد، حيث اعتُقل هناك قبل أيام، واعترف بالاشتراك في عملية اغتيال الخبير الهاشمي مع آخرين، فيما لا يزال المنفذون الآخرين والمخطّطون والمشرف على الاغتيال أحرارا.

 قبل ذلك، كان الهاشمي قد كشف عن تعرّضه إلى تهديدات ومضايقات من شخصيات بارزة في “كتائب حزب الله”، بحسب مقربين من الهاشمي، إثر نشر معلومات عن الهيكل التنظيمي للحركة وهجماتها الصاروخية وملف التمويل قُبيل اغتياله بفترة قليلة.

الراحل الهاشمي كان يُعد من أبرز الباحثين في مجال الأمن والسياسة في العراق، وخبير أمني معتمد من قبل وسائل الإعلام العربية والأجنبية، وعدد من الجامعات ودور البحث في العالم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة