في شهر رمضان وخاصة في الأسبوع الأول من الشهر، اعتاد السوريون على تنظيم وجبات الإفطار مجتمعين مع عوائلهم وأصدقائهم، وفق ما يعرف بـ”عزيمة رمضان”، التي يتولاها فرد من أفراد العائلة كل يوم، وتتنوع فيها الأصناف المقدمة من المأكولات السورية، فضلا عن الحلويات والمشروبات.

لكن مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، تغيرت كثيرا أجواء “عزيمة رمضان”، لكن النسبة الأكبر من هذه العائلات بقيت محافظة على هذه العادة الرمضانية رغم ضعف إمكانياتهم المادية وارتفاع تكاليف تنظيم هذه العزيمة مع الأهل والأصدقاء، حيث تصل تكلفة أصغر عزيمة الآن نحو 250 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل ضعف متوسط راتب الموظف الحكومي.

“عزيمة على قد الحال”

“عزيمة على قدنا” قالت هنادي الآغا، وهي أم في عائلة مكونة من سبعة أفراد تعيش في مدينة حلب، مؤكدة أن طقوس “عزيمة رمضان” تغيرت كثيرا، بعدما ارتفعت أسعار المستلزمات الأساسية للأطباق التي تُقدم عادة في هذه المناسبة، فضلا عن ارتفاع كل مواد الضيافة من مشروبات وحلويات.

الآغا، أضافت في حديثها لـ”الحل نت”، “عادة ما كنا نطبخ ثلاث طبخات ونعزم الأقارب من الدرجة الأولى، ويمكن أن يصل عدد المدعوين إلى 15 شخصا في أول أيام رمضان، وعزيمة رمضان، يجب أن تتضمن الطبخة الرئيسية وعادة ما تكون لبنية باللحم أو أحد أنواع الكبة الحلبية، وطبخة أخرى من المعجنات كالسنبوك، فضلا عن الحلويات والمعروك والمشروبات التي يتم تقديمها خلال سهرة رمضان بعد الإفطار”.

لكن ارتفاع الأسعار هذا العام لم تمنع الآغا من إقامة “عزيمة رمضان” لأبنائها وإخوتها هذا العام رغم ضعف الإمكانات، لكنها أشارت إلى أن عزيمتها اقتصرت على نوع واحد من أنواع الطعام، إضافة إلى بعض أنواع الحلويات والمشروبات، ورغم ذلك فإن تكلفة العزيمة كانت مرتفعة، نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية منذ قدوم شهر رمضان.

طبق رئيسي وحلويات

الآغا أوضحت أنها أعدّت طبق اللبنية في اللحم أول أيام رمضان، ولم يكن هنالك طبق ثانوي، واقتصرت الأصناف الأخرى على المقبلات والشوربات، مؤكدة أنها كانت سعيدة بإعداد مائدة رمضان لأقاربها في أول أيام الشهر، كما أنها أعدت مشروبات رمضان في المنزل، واشترت كذلك صنفين من أصناف الحلويات.

قد يهمك: طبيب محمد فؤاد يفتح النار على رامز جلال.. ما حصل “جريمة شنعاء”

وزادت بالقول، “أحضرنا قرص من معروك الجبنة، والقليل من المشبك لتقديمه خلال سهرة أول يوم رمضان، وقد حضّرت كذلك عصير البرتقال في المنزل من أجل تقديمه للضيوف، لم يكن هناك أصناف كثيرة كما اعتدنا في السنوات الماضية، لكنها كانت مائدة لطيفة، والأهم أنها جمعتنا في أول أيام الشهر الكريم، وقد كانت كلفتها 300 ألف ليرة، وهي أقل ما يمكن تقديمه”.

السوريون بشكل عام، وفي حلب خصوصا اعتادوا كذلك على تحضير طبق الكبة بأنواعها وتقديمها في “عزيمة رمضان”، خاصة وأنها الأكلة الأشهر تقريبا في مدينة حلب، حيث يتفنن أهلها بطريقة طبخها، وصنعها بطرق مختلفة ومتنوعة، حيث يحتل طبق الكبة  المكانة الأبرز في قائمة المأكولات لدى العائلات الحلبية ضمن خطة الطبخ الرمضانية.

ماذا عن الكبة الحلبية؟

بحسب تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، فقد ابتعد طبق الكبة في الأعوام الأخيرة، عن قائمة المأكولات خاصة وأن اللحمة هو المكون الأساسي لهذا الطبق، فكيلو لحم الخاروف “الكباب” وصل إلى 75 ألف ليرة، وكيلو البرغل إلى 6 آلاف ليرة والهبرة بـ 80 ألف ليرة، والبصل أكثر من 10 آلاف ليرة والجوز نحو 70 ألف ليرة، إضافة إلى زيت القلي الذي وصل سعر العبوة سعة ليتر واحد إلى 17 ألف ليرة.

فيما إذا قررت عائلة، إدراج الكبة المقلية على سبيل المثال في مائدة الإفطار، فإنها ستحتاج إلى 2 كيلو غرام من البرغل، وكيلو لحمة ونصف كيلو هبرة ونصف كميلة بصل ونحو ربع كيلو جوز وليتر زيت إضافة إلى بهارات، وستصل التكلفة في أفضل الاحتمالات إلى 180 ألف ليرة سورية، وهي طبخة تكفي لأسرة مؤلفة من أربع إلى خمسة أشخاص.

وبالحديث كذلك عن المشروبات الرمضانية، التي تعتبر من أساسيات المائدة الرمضانية، فقد شكلت هذا العام كذلك عبئا إضافيا على السوريين، وتراوحت أسعار التمر الهندي والعرق سوس بين 4000 إلى 6000 ليرة لليتر الواحد، في حين بلغ سعر مشروب التوت الشامي 4000 ليرة للتر الواحد.

رغم ارتفاع التكاليف وانخفاض مستوى الحياة المعيشية، يلاحظ إصرار العائلات السورية على الحفاظ على العادات الرمضانية، لإضفاء البهجة المعتادة في هذا الشهر بأقل الإمكانيات المتوفرة.

•  بعد 3 أيام من الإبحار.. قبرص تعيد مهاجرين وصلوا إليها إلى لبنان
• تعليق التجارة النفطية بين الصين وإيران.. مآلات وتداعيات الحرب في غزة 
• تجولات الأسد و”زوجة رجل مهم”.. خراب المدينة وأسئلة العنف ومصير القاتل
• الرّد الذي تحول إلى مكاسب: كيف استفادت إسرائيل من الهجوم الإيراني؟
• لماذا توجّه أصابع الاتهام إلى “حزب الله” بعد كل جريمة سياسية؟