في ظل التخبط الكبير والارتفاع في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، يتساءل السوريين حول الجهة المسؤولة عن ضبط الأسعار، في وقت تتهم فيه وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” التجار بعدم الالتزام بقوائم الأسعار الصادرة عن الجهات الحكومية، ليرد التجار ويبررون غلاء الأسعار بالارتفاع المتواصل لتكاليف الإنتاج، فضلا عن النقص الحاد في موارد الطاقة والمحروقات.

في سوق الهال تضيع المسؤولية وسط غلاء وصفه مواطنون بـ”الفاحش” في أسعار الخضار والفواكه، التي أصبحت تشكل عبئا ثقيلا على جيوب المستهلكين في سوريا، ما يطرح التساؤلات حول الجهة المسؤولة عن ضبط الأسعار والتحكم بها، وأسباب هذا الارتفاع.

“سوق الهال”.. من المسؤول؟

عضو لجنة تجار ومصدري الخضار في دمشق محمد العقاد، أكد في تصريحات نقلتها صحيفة “تشرين” المحلية، أن وضع الأسعار لا يتم من قبل اللجنة، إنما يتم الاعتماد في التسعير على نشرات الأسعار الواردة من مديرية التجارة الداخلية بدمشق، لكون اللجنة تابعة لها، وهذه النشرات التموينية تحدد الأسعار ابتداء من تاجر الجملة وحتى تاجر الكيلو وانتهاء بهامش الربح المحدد في النشرة.

مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك تؤكد أنها، تعمل على ضبط الأسعار في سوق الهال ، عبر جهاز حماية المستهلك في المحافظات كافة بمتابعة كل ما يتعلق بموضوع ضبط أسواق الهال وأسعار المواد بكل أنواعها وفي جميع المناطق وتلقي الشكاوى ومعالجتها وتكثيف الدوريات الرقابية والجولات الميدانية عليها لضبط الأسعار وحالات الاحتكار وتداول الفواتير بين حلقات الوساطة التجارية للوصول إلى المحرك الأساسي للأسعار وتنظيم الضبوط اللازمة بحق المخالفين.

على الرغم من جميع الإجراءات التي تقول الجهات الحكومية إنها تنفذها، لضمان وصول المواد إلى المستهلكين بأسعار مناسبة، إلا أن مواطنون يشتكون منذ سنوات من ارتفاع الأسعار، وعدم التزام بائعي التجزئة بالأسعار الواردة من وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، وبالتالي عدم جدوى جميع الآليات التي تعلن عنها الوزارة لضبط الأسعار في الأسواق.

الأسباب الحقيقية

مراقبون وخبراء في الاقتصاد، رأوا أن سبب تدهور وفوضى الأسعار يعود إلى الحكومة السورية والفساد المستشري في البلاد، بجانب تحريك تدهور الليرة السورية أمام النقد الأجنبي، فضلا عن غياب دوريات الرقابة الحكومية وتحكم التجار بالأسعار، وعدم وجود خطط مجدية لضبط عمليات البيع بأسعار مناسبة. 

أسعار الخضار والفواكه ارتفعت بشكل غير مبرر مع بداية شهر رمضان بنسبة متفاوتة وصلت في بعض الأحيان إلى 30 بالمئة، وسط تقاذف الاتهامات بين الجهات الحكومية والتجار، حيث ارتفع سعر كيلو البندورة من 1200 إلى 2000 ليرة السورية، ما وصل سعر كيلو الخيار إلى 2900 ليرة، فيما وصل سعر كيلو الموز المستورد إلى 13500 ليرة، وتراوح سعر كيلو التفاح بين 2000 إلى 5000 ليرة سورية حسب النوع والصنف.

تجار سوق الهال برروا ارتفاع الأسعار، بعدم توفر المحروقات إضافة إلى ارتفاع أجور العمال وأسعار الخضار والفواكه من المصدر، هذا فضلا عن انخفاض الطلب في بعض المواد، وبالتالي أصبح التاجر معرض للخسارة من بيع بعض المواد كالموز التي تشهد الأسواق انخفاضا في معدلات الطلب عليه بسبب ضعف القوة الشرائية للمواطن.

فادي الأحمد تاجر يعمل في سوق الهال بدمشق، يؤكد ان تكلفة نقل أحمال الخضار والفواكه ارتفعت بأكثر من 50 بالمئة خلال ثلاثة أشهر، بالتالي فهو لا يستطيع الالتزام بأسعار قوائم الحكومة، وسط غياب الدعم الحكومي المتعلق بمستلزمات الإنتاج وخاصة المحروقات.

الأحمد قال في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “كيف يلتزم تجار سوق الهال بالأسعار الواردة في قوائم التجارة الداخلية، وهي لا تقدم له مثلا المحروقات بأسعار مدعومة، المحروقات هي المحرك الرئيسي للأسعار، وخاصة وأنها تستخدم في نقل البضائع من الأراضي الزراعية إلى سوق الهال، ومن ثم نقلها من سوق الهال إلى الأسواق، هذا فضلا عن ارتفاع أجور العمال، وارتفاع الأسعار من المزارع، الذي هو أيضا يعاني من ارتفاع أسعار المحروقات اللازمة لعملية الإنتاج لديه”.

الحكومة في دمشق تبدو عاجزة عن السيطرة على الأزمات الاقتصادية المختلفة، ولو كان بيدها أدوات اقتصادية حقيقية، لحاولت الحفاظ على قيمة العملة المحلية من الانهيار، وبالتالي أوقفت الزيادات الخيالية في أسعار السلع والخدمات، التي لم يعد المواطن يتحملها، وكان هذا الخيار الأفضل من ترك الاقتصاد ينهار ومن ثم اللجوء إلى رفع الرواتب 20 و30 بالمئة. 

قد يهمك: “لا تتطلب سي في“.. جامعيون على دراجات توصيل الطلبات في شوارع دمشق

تحسين الواقع المعيشي للسوريين، يتطلب بحسب مختصين في الاقتصاد إلى وجود رؤية وخطة واضحة لتحسين واقع الإنتاج بمختلف قطاعاته، فضلا عن تحسين البنية التحتية وتأمين الخدمات الأساسية، بما يخدم القطاع الإنتاجي، وبذلك تتحرك العجلة الصناعية ويزداد الطلب على اليد العاملة، بالتالي يمكن الحديث عن تحسن في الواقع المعيشي للسوريين، لكن كل ما سبق فشلت دمشق في تحقيق الأدنى منه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات