مؤشرات خطيرة تهدد حركة البناء في سوريا، فمنذ سنوات والاتحاد المهني لصناعة الإسمنت يحذر من انهيار قطاع البناء نتيجة تراجع قطاع إنتاج مواد البناء وعلى رأسها الإسمنت، فضلا عن القرارات الحكومية المتعلقة برفع الضرائب، والتي أدت إلى توقف معظم المشاريع في سوريا بسبب التكاليف المرتفعة وأزمة الركود التي يعاني منها هذا القطاع.

أعضاء مؤتمر الاتحاد المهني لصناعة الإسمنت، أعلنوا أن قطاع صناعة الإسمنت يواجه خطرا حقيقيا، ينذر بتوقف الإنتاج، في حال لم يتم اتخاذ إجراءات حكومية عاجلة، لمعالجة الخلل الكبير بين تكاليف الإنتاج وأسعار الإسمنت، التي يدفع ضريبتها المستهلك والعمال

معامل مهددة بالتوقف.

أعضاء الاتحاد ناقشوا في مؤتمر تقارير متعلقة بقطاع إنتاج الأسمنت، وبحسب ما نقلت صحيفة “الوطن” المحلية، فإن  جميع معامل الإسمنت الحكومية مهددة بالتوقف عن الإنتاج جراء عدم توافر السيولة لدى هذه المعامل، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وثبات سعر الإسمنت، ما أدى إلى عدم قدرة هذه الشركات على الاستمرار في تأمين المواد الأولية وخاصة الكهرباء والفيول التي تشكل أكثر من 70 بالمئة من تكلفة إنتاج الإسمنت.

مصدر الصورة: وكالة الصحافة الفرنسية

معظم شركات الإسمنت في سوريا، تمتلك خطوط إنتاج قديمة وعمرها أكثر من 50 عام وهي غير قادرة على تطوير خطوط الإنتاج بسبب عدم توفر السيولة، فضلا عن عدم جدوى هذا التطوير، لأن الجدوى الاقتصادية من أي خط إنتاج لا تتحقق اليوم في ظل الأسعار الحالية.

قد يهمك: “لا تتطلب سي في“.. جامعيون على دراجات توصيل الطلبات في شوارع دمشق

معامل إنتاج الإسمنت اشتكت كذلك من انخفاض أسعار الإسمنت بحسب النشرات الحكومية، وذلك على الرغم من ارتفاع التكاليف بنسبة كبير خلال الأعوام القليلة الماضية، وبحسب ما ورد في التقرير فإن معظم خطوط الإنتاج لا تعمل بطاقتها بسبب الدخول في الصيانة وعدم توافر مادة الفيول، وورد في التقرير أنه لم يتم رفع أسعار الإسمنت منذ بداية 2022 حيث كان سعر كيلو الكهرباء 110 ليرات سورية، وطن الفيول 650 ليرة، وفي نيسان من العام الماضي ارتفع سعر الكهرباء إلى 300 ليرة للكيلو، وفي تموز من العام الماضي تم رفع سعر الكهرباء إلى 450 ليرة للكيلو، ورفع سعر الفيول إلى 1388 ليرة للطن، حيث ارتفع سعر الفيول أكثر من الضعف والكهرباء إلى ثلاثة أضعاف.

حلول ممكنة؟

عن الحلول المقترحة لاستمرار شركات الإسمنت في الإنتاج، أشار أعضاء المؤتمر إلى ضرورة قيام الجهات المعنية بدراسة تكاليف إنتاج الإسمنت بشكل واقعي، ومنح تلك الشركات هامش ربح يوفر لها السيولة المطلوبة لتجديد خطوط الإنتاج، “وصرف الحوافز التشجيعية للعمال، الذين بدأت هذه الصناعة تفقد الكثير من خبراتهم الفنية”.

فضلا عن ارتفاع أسعار مستلزمات البناء، فقد ساهمت القرارات الحكومية في تراجع قطاع البناء في سوريا، لا سيما فيما يتعلق بالرسوم التي تدفع مقابل الحصول على رخص البناء، وقد أكد رئيس دائرة الرخص والبناء في مجلس مدينة طرطوس بسام شاهين، أن الدائرة منحت 30 رخصة بناء في المحافظة، برسوم بلغت مليار ونصف المليار ليرة سورية، في حين كانت سابقا لا تتجاوز رسوم هذه الرخص 50 مليون ليرة.

هذا الارتفاع في رسوم البناء يعود إلى التعليمات التنفيذية للقانون 37، حيث تحدد رسوم رخصة البناء وفقا للقيمة الرائجة لسعر متر الأرض الذي تحدده المديريات المالية، لمساحة البناء والشرفات ومتغيرات أخرى، وهذه الرخص منوعة شملت إما بناء جديد أو استكمال لبناء طابق إضافي. 

بسبب ندرة الإسمنت، وتكاليفه الباهظة في السوق السوداء التي تزيد عن 70 ألف ليرة سورية مقابل كيس بوزن 50 كيلوغراما، توقفت معظم أنشطة البناء في دمشق ومحيطها، كما أن ارتفاع سعر الإسمنت، بحسب مقاول بناء في ريف دمشق، يعني خسارة المقاولين، بمن فيهم من يملكون شققاً لم تُباع بعد، وسيضطرون إلى رفع الأسعار مجددا، تاركين الأمل في بيعها.

من ناحية أخرى، يرى أحد الاقتصاديين أن فقدان الإسمنت وما تلاه من ارتفاع في سعره لهما عواقب اجتماعية وخيمة، حيث يمتد تأثيرها إلى ما هو أبعد من رفع أسعار الشقق، بل إلى تسريح عشرات الآلاف من العمال في هذا القطاع، مما يجعل أسرهم معرضة لخطر الفقر والعوز، وبحسب متابعات مستمرة لموقع “الحل نت”، فإنه قياسا على سعر صرف الليرة السورية، فقد بلغت أسعار العقارات في دمشق أرقام خيالية، ليصل متوسط سعر المنزل وسط دمشق بمساحة 100 متر مربع إلى نحو 1.5 مليار ليرة.

تحسين حركة البناء في سوريا، تحتاج بحسب خبراء في الاقتصاد إلى دعم قطاع الإنتاج بالدرجة الأولى، وذلك عبر تأمين المحروقات والطاقة ومستلزمات الإنتاج بأسعار معقولة، فضلا عن دراسة مقدار الزيادة في الضرائب، إذ يؤكد خبراء  نسبة الزيادة غير منطقية، وستؤثر بشكل كبير على حركة العمران وأسعار العقارات، لكن يبدو أن الإدارة الاقتصادية غائبة لدى الحكومة بما يخدم عجلة الصناعة وبالتالي يخدم كذلك تحسين أوضاع السوريين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات