بينما ينتظر الكثيرون عودته للعمل السياسي الذي اعتزله في آب/أغسطس الماضي، فاجأ زعيم “التيار الصدري”، منتصف ليلة الجمعة، الجميع بقرار تجميد تياره لعام كامل على الأقل، مع إغلاقه جميع منصات التيار، بما في ذلك حسابه الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، والذي يتابعه أكثر من مليوني شخص.

قرار الصدر غير المتوقع، بدأ بإعلان إلغائه مراسم الاعتكاف في مسجد الكوفة بمحافظة النجف جنوب البلاد، عازيا سبب ذلك لما وصفه بتصرفات الفاسدين من “أصحاب القضية”، وهي مجموعة من داخل تياره.

المفاجأة بذلك، أن الصدر كان قد عمم خلال الأسبوع الماضي، هوية “المعتكف” للراغبين بالاعتكاف في مسجد الكوفة خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، وهو المسجد الذي كان يصلي وقتل فيه الإمام علي، والذي كان أيضا يؤم فيه والد مقتدى الصدر، المرجع محمد صادق الصدر، الذي قتل أواخر تسعينيات القرن الماضي.

استغلوا لاعتكاف للدعوة لـ “عصمة” الصدر

أنصار “التيار الصدري”، بجانب أخرين من المسلمين الشيعة، يحرصون على الاعتكاف داخل المساجد لإحياء العشرة الأخيرة من رمضان، مثلهم مثل باقي المسلمين، وتمثل ليلة الثالث والعشرون من الشهر، أهم ليلة باعتقاد الشيعة الذي يقدّرون أنها ليلة القدر، وتوزيع هوية الاعتكاف تأتي بناء على ذلك لتنظيم أحوال الراغبين من الصدريين بالاعتكاف داخل مسجد الكوفة.

اقرأ/ي أيضا: الدراما العراقية في رمضان 2023.. هل تحجز مقعدها في الساحة العربية؟

غير أن المجموعة التي تُعرف بـ “أصحاب القضية”، وهم من الموالين لـ “التيار الصدري”، يبدو أنها استغلت المناسبة لتنظّم تحركا أثناء الاعتكاف في مسجد الكوفة، دعت فيه إلى مبايعة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بوصفه “الإمام المهدي”.

من شاع أنه زعيم المجموعة، يدعى حيدر الأمين “حذام”، كان قد ظهر في مقطع مصور وهو يقول، إن “في هذه الأيام المباركة، العشرة الأخيرة من شهر رمضان، ستكون هناك حملة إعلان البيعة للإمام الموعود المنتظر السيد مقتدى الصدر عليه السلام”.

“حذام”، أضاف، “سنبايعه ونعلن أنه هو الإمام المنتظر ونكون تحت ركابه وفي نصرته”، داعيا إلى أنصار التيار إلى عدم خذلان إمام زمانهم، في حين يعتقد المسلمون الشيعة الإمامية أن الإمام “المهدي المنتظر محمد بن الحسن بن علي، هو الإمام الأخير من أئمة أهل البيت المعصومين، وأنه غائب، وسيظهر آخر الزمان لنشر العدل”.

مقتدى الصدر غاضب

بناء على ذلك، أعقب الصدر قرار إلغاء الاعتكاف ببيان غاضب، تضمن قرارات عقابية صارمة بحق التيار ومعظم مفاصله، قبل أن يغلق حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك مكتبه ومرقد والده المرجع محمد صادق الصدر، وليتبع ذلك باقي منصات “التيار الصدري”.

الصدر كان وصف في بيان نشره في تغريدة على حسابه الشخصي في موقع “تويتر”، المجموعة بـ “الفاسدين”، وقال “أن أكون مصلحا للعراق ولا أستطيع أن أصلح التيار الصدري فهذه خطيئة، وأن أستمر في قيادة التيار الصدري وفيه أهل القضية وبعض الفاسدين وفيه بعض الموبقات، فهذا أمر جلل”.

اقرأ/ي أيضا: أميركا مستعدة لتقديم الدعم.. هل تستقر أسواق الدولار أكثر بالعراق؟

كما أضاف، “لذا أجد من المصلحة تجميد التيار أجمع، ما عدا صلاة الجمعة وهيئة التراث وبراني السيد الشهيد، لمدة لا تقل عن سنة، لأعلن البراءة من كل ذلك أمام ربي أولا وأمام والدي ثانيا، بالإضافة إلى إغلاق مرقد السيد الوالد أيضا إلى ما بعد عيد الفطر، على أن تنفذ القرارات من هذه الليلة المباركة فورا”، مذيلا التغريدة بوسم “قد سئمتهم وسئموني”.

في تطور لاحق تم إغلاق الصفحة الخاصة بزعيم التيار الصدري على موقع “تويتر”، كما يظهر في حسابه الرسمي، كما تم إغلاق مرقد “السيد الشهيد الصدر”، والمكتب الخاص بالصدر أيضا، فضلا عن صفحة “وزير القائد”، المعنية بنقل نشاطات “التيار الصدري، وتوجيهات الصدر لأنصاره.

موقف أمني وقضائي

على إثر ذلك، شهدت مدينة النجف حملة اعتقالات بحق زعيم المجموعة والعشرات من عناصرها، قبل أن يعلن “مجلس القضاء الأعلى” صباح اليوم الجمعة، توقيف عصابة ما تسمى “أصحاب القضية”.

إعلام المجلس ذكر في بيان تلقى موقع “الحل نت” نسخة منه، أن محكمة تحقيق الكرخ، قررت توقيف خمسة وستون متّهما من أفراد عصابة ما يسمى “أصحاب القضية” التي تروّج لأفكار تسبب إثارة الفتن والإخلال بالأمن المجتمعي، مشيرا إلى أن ذلك، تم بالتنسيق مع “جهاز الأمن الوطني” باعتباره الجهة المختصة بالتحقيق.

هذا وكان الصدر قد أعلن اعتزاله العمل السياسي في أغسطس/آب من العام الماضي، بعد اعتصام أنصاره داخل “البرلمان” العراقي، وما لحقها من تطورات وصلت حدة المواجهات المسلحة بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، على خلفية محاولة القوات الأمنية وفصائل تابعة لـ “الحشد الشعبي” من المنطقة الخضراء، التي تعد معقل الحكومة والبعثات الدبلوماسية.

ذلك جاء بعد أن اقتحم أنصار الصدر القصر الحكومي داخل المنطقة الخضراء، احتجاجا على ترشيح تحالف “الإطار التنسيقي” الذي يضم جميع القوى الشيعية الموالية لإيران، لمحمد شياع السوداني رئيسا للحكومة آنذاك، بعد تعطيل التحالف لمشروع الصدر الذي فازت كتلته أولا في الانتخابات التي أٌجريت في تشرين الأول/أكتوبر 2021، بتشكيل حكومة “أغلبية وطنية”، تستثني مشاركة بعض أو كل أطراف “الإطار”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة