على الرغم من أن الحكم لا يزال مبكرا، إلا أنه بعد الموسم الرمضاني الناجح بالنسبة للدراما العراقية، من حيث الأعمال التي انتهت، والأعمال التي لا تزال أصداؤها قائمة، وهي في دور العرض، يبدو أن النجاح هذه المرة سيكون له وقعا عربيا ليس محليا فحسب.

نحو 25 عملا دراميا وكوميديا أُنتج في السباق الرمضاني الحالي، عرض منها نحو 20 عملا، و5 أعمال منها بدأ عرضها في الأسبوعين الأخيرين من هذا الشهر، إلا أنه وبعد سنوات من التراجع الذي عاشته الدراما العراقية، تمكنت خلال الشهر الحالي من منافسة الأعمال العربية الأخرى.

المسلسلات تنوعت بين الدراما والحب، الكوميديا والأكشن، لكن بالمجمل هناك شبه رأي عام حول التحول الذي تعيشه الدراما العراقية في الموسم الرمضاني الحالي، بخاصة وأنه خلال السنوات الماضية قد شهدت الدراما في العراق تراجعا إلى مستويات غير مسبوقة من حيث الطرح والإنتاج والقصة.

طموحات عراقية لدراما أكثر ازدهار

فنانون ومعلقون كثيرون اعتبروا أن موسم رمضان 2023، بالنسبة للدراما العراقية هو موسمٌ استثنائي خصوصا بعد أن نجحت في تقديم مسلسلات تعالج في سيناريوهاتها قصص سياسية ومجتمعية بطريقة احترافية، وذلك بجانب الانتقالة الفنية التي يمكن ملاحظتها بشكل لافت، بالإضافة إلى منح الفرصة لشباب واعدين.

اقرأ/ي أيضا: عصابة “أبو تابوت” تثير ذعر العراقيين والشرطة تتحرك سريعا.. ما القصة؟

بدوره، اعتبر الناقد الفني حميد قاسم في أحد مقالاته أن “بغداد الجديدة” و”العشرة” وسواهما، أعمال بثت الروح في الدراما العراقية بعد سُبات طويل، موجها التحية والإعجاب للأصدقاء المبدعين، وفي السياق، أملت العديد من آراء المغردين أخذ الوقت الكافي وإعطاء المساحة الكافية لتسليط الضوء على الإنتاجات العراقية التي تستحق الاهتمام، لأنها تطرح واقع العراق بمصداقية.

في ما يلي عرضٌ لأبرز المسلسلات العراقية الحاضرة بقوة في هذا الموسم والتي تتمحور حول الحب منها؛ فمسلسل “العشرة” من بطولة الممثلَين آلاء حسين وخليل فاضل خليل، ويتألف من 10 حلقات، ويتحدث عن آثار الحروب الأخيرة التي عاشها العراقيون.

بطلة العمل  التي لا يمكن تجاوز حضورها القوي في الدراما العراقية، تكشف عن أن المسلسل “انتقام روح” جرى تصويره قبل عامين، ولم يتم عرضه حتى هذا الموسم الرمضاني، وانقسمت الآراء حول ذلك.

صدى عربي

بجانب تلك الأعمال، وبقلب التدافع حولها، ظهرت “العشرة” و”طوارئ” و”اقتحام” و”انتقام روح” و”خان الذهب” وحتى “الكاسر” الذي أُوقف بثّه، كلها أعمال درامية حجزت لها مقعدا بين قائمة مسلسلات الدول العربية، محققة قفزة بواقع حال الدراما العراقية.

غلاف مسلسل خان الذهب/ إنترنت + وكالات

اللافت أيضا أن مسلسل “العشرة”، فإن كل حلقة فيه تتناول حربا معينة، لكن الحلقة بأكملها عبارة عن مشاهد ثنائية بطلاها آلاء وخليل، مرة تصبح بينهما علاقة حب عند كل مرة يذهب فيها خليل لقص تذكرة السفر للعودة لأهله من الحرب عبر القطار من قاطعة التذاكر آلاء، ثم فجأة لم يعد يقطع التكت، وحينها تكتشف موته.

اقرأ/ي أيضا: أميركا مستعدة لتقديم الدعم.. هل تستقر أسواق الدولار أكثر بالعراق؟

مرة أخرى، تكون زوجته، ويموت في الحرب، تاركا إياها وحيدة مع طفلهما تصارع الحياة، وثالثة كلاهما مقعدَين بسبب الألغام الحربية، يحبان بعضهما عند كل مراجعة طبية لهما في محاولة للتغلب على الشلل والعودة للمشي على الأقدام، وهكذا دواليك.

“انتقام روح”

اجتماعي فانتازي حديث، لا علاقة له لا بالتاريخ ولا بالحروب، ويتناول صراع شركَتين على مجال الطاقة في العراق، من بطولة “عادل عباس وسولاف خليل”، تتخلله قصة حب بين المهندسة أمل وحسام ابن مدير الشركة، التي تربح معظم مناقصات الدولة العراقية بطرق ملتوية، لتتوالى الأحداث في إطار غير متوقع.

وحقق العمل إشادة الجمهور، حيث اعتبره البعض يستحق المشاهدة، فيما رأى آخر أن بطلته تمثل بتلقائية وقوة، بينما اعتبر آخرون أن أداءها كان متميزاً وأبرزت قدرتها على التحكم بالانفعالات.

“خان الذهب”

عمل تلفزيوني درامي تتخلله قصة حب عاصفة، بين الفنانين رويدا شاهين “حياة” وسيف الشريف “أمير”، في إطار دراما اجتماعية، تناقش العديد من القضايا التي تخص المجتمع العراقي بأجواء لا تخلو من الرومانسية والتشويق في منطقة “خان الذهب”، وقد لاقى استحسان الجمهور بشكل كبير.

الجمهور تفاعل  مع أحداث العمل، وتأثرهم به هو بسبب تعرض حساب السيناريست وكاتب المسلسل على الـ “فيسبوك” للاقتحام والتوقيف من قِبل المتابعين، فعلّق عبر حسابه على “انستغرام” متوجها بالشكر إلى الجمهور، ومنوها بدعمهم ومتابعتهم للعمل، ووعدهم بأحداث أكثر قوة وتشويقا.

“بغداد الجديدة”

 أحداث المسلسل تدور حول مجموعة من الأشخاص يمتلكون السطوة والنفوذ والسلاح، ويعملون في عالم المخدرات وتجارة السلاح والجريمة، ويدخلون في عدة صراعات يكون البقاء فيها للأخطر واﻷقوى، في عمل وصف إخراجه وحبكته بالأقرب إلى الأعمال الهوليوودية، وفقاً للعديد من المشاهدين.

“اقتحام”

حبكة تشويق وحركة، مقتبسة من الواقع الحياتي المؤلم لضحايا الفقر والمرض والموت، حيث تقتحم الممثلة زهراء بن ميم ووالدها “البنك المركزي”، في محاولة للحصول على 2 مليون دولار لإجراء عملية ضمور العضلات الشوكية بجسد طفلتها، في حادثة تهز الرأي العام، وتبدأ رحلة التفاوض بين القوات الأمنية والخاطفين.

تعقيبا، توالت المواقف المنوّهة بالعمل، حيث لاقى استحسان الكثير من المعلقين معتبرين بأن مسلسل “اقتحام” يُظهر المرأة العراقية قوية و”أخت الرجال”، وأثنوا على براعة الممثلين في الأداء.

على المقلب الآخر

في المقابل، يحتدم الجدل في العراق، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وحتى داخل “البرلمان”، حول ما وصفت بأنها إساءات تنطوي عليها أعمال تلفزيونية رمضانية، لاسيما مَنعُ عرض مسلسل “معاوية” من إنتاج “إم بي سي عراق”، استباقا لما يحتويه من سرد تاريخي، قد يكون سببا لأزمات داخلية، وتناحر طائفي سني شيعي.

“الكاسر”

في الأيام الأولى من رمضان، أثار عرضه جدلا عبر مواقع التواصل، بعدما صوّر نجل شيخ قبيلة من جنوب العراق في جلسة رقص، إضافة إلى تناول الصراعات العشائرية وجرائم الثأر في جنوب العراق، ما اعتبره بعض العراقيين إساءة لأعراف العشائر العراقية وتقاليدها.

ذلك استتبع ردود فعل وصلت إلى “البرلمان” العراقي، حيث طالب نواب هيئة الإعلام والاتصالات بوقف عرضه، وبالفعل تم إيقافه عند الحلقة الثالثة، بعدما جرى استنكار تصوير أعمال درامية تظهر المجتمع الجنوبي على أنه دموي وفوضوي، ولا يأتمر بقوانين الدولة ويتمرد عليها، من أجل تحقيق مكاسبه، وسط مطالبات بمقاضاة منتجي المسلسل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات