في حادثة أثارت الرأي العام العراقي، قال مواطنون عراقيون من أهالي العاصمة بغداد، إن عصابة تستقل سيارة “بيك أب”، أقدمت على تهديد عوائل من سكنة منطقة الكرادة وبغداد الجديدة وسط العاصمة، بطريقة غريبة أثارت ذعر البغداديين.

الأهالي تحدثوا لقناة “الشرقية نيوز”، قائلين إن عصابة تدعى “ابو تابوت” تهدد المحال التجارية ومنافذ الصرف بالقتل عن طريق وضع “تابوت” مخضب بالدم وفيه رصاصات نارية أمام أبواب المنازل. 

الحادثة أثارت مخاوف الأهالي من سكنة العاصمة بغداد، حيث طالبوا بتدخل الجهات الأمنية بشكل عاجل، الأمر الذي دفع وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، بتوجيه الجهات المعنية بتقصي الحقائق حول عصابة “التابوت” التي ذاع صيتها مؤخرا في منطقة الكرادة ببغداد.

القصة على لسان الداخلية

وزارة الداخلية ذكرت في بيان تلقاه موقع “الحل نت” أمس الثلاثاء، أن مفرزة من مديرية الشرطة المجتمعية في دائرة العلاقات والإعلام، قد توجهت الى محل وضع “التابوت”، بعد توجيه من وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، لتقصي حقيقة ما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي حول وجود “عصابة التابوت” التي تقوم بتهديد المواطنين وابتزازهم في منطقة الكرادة ببغداد، من خلال وضع تابوت فيه عدة اطلاقات نارية.

اقرأ/ي أيضا: حملة عراقية ضد أحمد وحيد بسبب مشهد كوميدي.. ما القصة؟

حيث تبين، وفقا للبيان، أن القضية ترتبط بخلافات ومشاكل بين شخصين، وأن القضية منظورة أمام المحاكم المختصة، التي أصدرت بدورها أمرا قضائيا على الشخص الذي قام بوضع “التابوت” أمام إحدى الشركات المملوكة لأحد الأشخاص.

إلى ذلك، وبحسب البيان، طمأنت الشرطة المجتمعية المواطنين، من عدم وجود عصابة باسم “عصابة التابوت” تهدد المواطنين وتبتزهم، داعية في ذات الوقت القنوات الإعلامية إلى توخي الدقة في نقل الأخبار، واعتمادها من مصادرها الموثوقة والمختصة.

ذلك يأتي، بعد أن سجل العراق أعلى معدل ارتفاع لجرائم القتل خلال العام الماضي، بنسبة سنوية تصل إلى أكثر من 11.5 بالمئة لكل 100 ألف نسمة، وهي الأكبر على مستوى الوطن العربي وإيران وتركيا، ويستند ذلك على إحصائية قدمتها وزارة الداخلية، حتى شهر تشرين الثاني/أكتوبر الماضي.

الإحصائية أكدت تسجيل أكثر من 5300 جريمة قتل، وفق ما أفاد به المفتش العام السابق للوزارة والخبير القانوني جمال الأسدي، حيث جاءت بارتفاع ملحوظ عن العام الذي سبقه، والذي شهد العراق خلاله 11216 جريمة احتيال، جرى اكتشاف 7961 جريمة منها؛ أي بنسبة 71 بالمئة، و1077 جريمة قتل؛ تم الكشف عن 666 جريمة منها، أي بنسبة 61 بالمئة، بحسب وزارة الداخلية العراقية، التي أفادت أيضا بأن قضايا الشروع بالقتل لذات العام 2021 بلغت 1646 قضية. 

نسبة جرائم 2021، جاءت بشكل منخفض عن العام الذي سبقه، والذي كان قد سُجّل فيه 1269 جريمة قتل عمد، وهو ما يعكس انخفاضا بنسبة 15 بالمئة بين العامين الماضيين، فيما تم تسجيل 158 حادثة خطف خلال 2021، لتنخفض في العام التالي إلى 125 جريمة، وهو انخفاض بنسبة 21 بالمئة، وباستثناء حوادث الخطف التي شهدت ارتفاعا حينها بنسبة 10 بالمئة، وفقا لوزارة الداخلية.

ما وراء انخفاض الجرائم

الانخفاض في الجرائم بين العامين السابقين، هو نتيجة لتطور تقنيات الكشف عن الجرائم، الذي يُفترض منه تحقيق انخفاض أكبر على مستوى العام الذي يليه، غير أن إحصائية 2022، ظهرت مرعبة ومخالفة للتوقعات، ما يؤشر على وجود خلل ما، وهو ما عزاه المفتش العام السابق لوزارة الداخلية في مقال نشره بوقت سابق، إلى ضعف التحقيق الجنائي ومنظومة التشريعات العقابية، التي تُعد من بين أبرز أسباب ارتفاع معدلات الجريمة، إضافة إلى الأسباب الطبيعية الأخرى التي تتحملها وزارة الداخلية بالخصوص. 

الشرطة العراقية أثناء اطلاعها على أحد المنازل التي تعرضت للتهديد من قبل عصابة “ابو تابوت”/ إنترنت + وكالات

هذا وتسجل البلاد بشكل شبه يومي جرائم قتل واعتداء وتحرش، في ظل حاجة ماسة إلى تحديث العقلية التحقيقية قبل البحث عن طرق العنف، وإعداد خريطة الجرائم الجنائية بدلا عن زيادة أفراد الأمن غير المجدية، من وجهة نظر الأسدي.

اقرأ/ي أيضا: عمّان توقف استيراد النفط من بغداد.. ما علاقة وكلاء إيران؟

كذلك، أن العراق يسجل منذ 18 عاما حالات متزايدة في جرائم القتل، فمنذ الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003 شهدت البلاد مقتل عشرات الآلاف من المدنيين والقوات الأمنية، ويشير مشروع إحصاء الجثث في العراق، على موقعه البريطاني على الإنترنت، إلى أن أعداد الضحايا بين آذار/مارس 2003 وبين كانون الثاني/يناير 2021 شهد مقتل 288 ألف عراقي من ضمنهم أولئك الذين قتلوا بسبب التفجيرات والاغتيالات والحروب وغيرها.

إلا أن مصادر أخرى تنفي هذه الأرقام وتشير إلى ما هو أكثر من ذلك، خاصة أن هناك عشرات الآلاف من العراقيين لا يزالون في عداد المفقودين ولم يسجلوا كقتلى، وهو ما قد يرفع العدد الكلي إلى نصف مليون عراقي.

في مقابل ارتفاع معدلات الجريمة في البلاد إلى مستويات تاريخية، كانت وزارة التخطيط العراقية قد كشفت عن ارتفاع نسبة البطالة بين العراقيين إلى 16.5 بالمئة في عام 2021، فيما كانت 14 بالمئة في عام 2020 حيث شهد العراق حينها إغلاقا تجاريا بسبب جائحة “كورونا”. 

نسبة البطالة للفئة العمرية من 15-40 عاما ارتفعت إلى 23 بالمئة، في حين بلغت نسب البطالة بين جميع النساء 30 بالمئة للعام 2021، وذلك في الوقت الذي يمثل فيه الشباب الفئة الأكبر في المجتمع العراقي. وفقا لتقارير، فإن الفقر والبطالة والمخدرات، وسوء الخدمات، كلها أسباب أدت إلى تفكك المجتمع ومنظومته التي عُرفت بالقوة والترابط طوال مراحل الفوضى والاضطرابات التي شهدها العراق. 

تزايد معدلات الانتحار

إلى ذلك، وبالتوازي مع ارتفاع معدلات الجريمة، يشهد العراق تزايدا في أعداد حالات الانتحار سنويا، فبحسب تقرير لـ “إندبندنت عربي” البريطانية، فقد بلغ عدد الضحايا 772 في عام 2021، وهذا الرقم يشير إلى الحالات المكتشفة التي تم الإبلاغ عنها، والصادرة في بيانات وزارتي الصحة والداخلية و”مفوضية حقوق الإنسان”.

 إلا أن الأرقام الحقيقية تُشكل أضعافا، ففي مجتمع تحكمه العشائر مثل العراق يصعب فيه تناول هذا الأمر، ويتحتم عليهم التكتم على الموضوع، خصوصا بالنسبة إلى الفتيات القاصرات عندما تكون أسباب الانتحار ظروف الفتاة العائلية القاهرة.

متحدث وزارة الداخلية خالد المحنا، سبق وأوضح حول معدلات الانتحار بالقول، إن حالات الانتحار المسجلة عام 2021 هي أكثر بنحو 100 حالة عن العام الماضي والتي بلغت 663 حالة”، مشيرا إلى أن حالات الانتحار بدأت منذ عام 2016 تتجه نحو الازدياد.

في 2016 بلغت حالات الانتحار 393 حالة، أما عام 2017 بلغت 462 حالة، وفي عام 2018 530 حالة، وفي عام 2019 بلغت 605 حالات، وكانت الفئات العمرية الأقل من 20 سنة، نسبتهم 36.6 بالمئة، أما من هم بين 20 و30 سنة كانت نسبتهم 32.2 بالمئة، وفيما بلغت نسبة الذكور 55.9 بالمئة، والإناث 44.8 بالمئة، بحسب المحنا. 

من بين تلك الأرقام والنّسب، شكلت حالات الانتحار لدى المتزوجين 40 بالمئة و55 بالمئة بالنسبة للعزاب، أما المراحل التعليمية، فقد بلغت نسبة المنتحرين من الذين كان تحصيلهم الدراسي أقل من المرحلة الابتدائية 62.2 بالمئة، ومن هم دون المتوسطة 16.9 بالمئة، والعاطلين من العمل 35 بالمئة، وربات البيوت 29.9 بالمئة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة