في حين كان غياب الممثلين السوريين عن الأعمال الدرامية واضحا تماما خلال الأعوام الفائتة، لم تكن الأخبار المتعلقة بهم متواترة أيضا، بدورها لم تظهر وسائل التواصل الاجتماعي والمنافذ الإخبارية حتى مع انتشارها السريع أي لمحات عن حياتهم ومهنهم وما آلت بهم الأحوال بسبب المخرجين.

كانت سوريا في حالة من الاضطراب منذ سنوات مع استمرار الحرب التي عطلت حياة عدد لا يحصى من الناس، بما في ذلك أولئك الذين يعملون في صناعة الدراما والفن. ونتيجة لذلك، وجد العديد من الممثلين السوريين أنفسهم بلا عمل، ويكافحون من أجل تغطية نفقاتهم، بل لجأوا إلى التّسول من المخرجين من أجل أدوار ثانوية ليستقوا لقمة عيشهم.

حنان اللولو.. تبكي وضعها

لم تكن صناعة الدراما السورية بمنأى عن آثار الحرب، في مواجهة قيود الميزانية وانخفاض عدد رواد المسارح والمخرجين والمنتجين كافحت الفئة الثانية من الممثلين السوريين كما يصفهم الإعلام، لإيجاد طرق للبقاء على قيد الحياة. مع قلة الفرص، لم يبقَ أمامهم سوى الشاشة من أجل فضح أوجاعهم.

الفنانة حنان اللولو تبكي بالشارع - برنامج "يلا قصة"
الفنانة حنان اللولو تبكي بالشارع – برنامج “يلا قصة”

الفنانة السورية حنان اللولو أثارت تعاطف الجمهور مؤخرا بعد في ظهورها الأخير على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث لم تستطع أن تتمالك دموعها وهي تتحدث عن ظروفها المعيشية غير الجيدة.

في فيديو متداول أمس الخميس يعرض مقابلة مصورة معها، أعربت اللولو عن ألمها بسبب ظروف حياتها السيئة، معلقة: “أنا لست بخير أبدا.. ويعتريني التعب من كافة نواحي الحياة”.

عند حديثها عن الظروف المادية والصحية السيئة التي تعيشها بكت اللولو، لافتة إلى أنها منذ وقت طويل لم تعمل؛ إذ يرفض المخرجون منحها أي فرصة بسبب حالتها الصحية التي تتطلب استخدام جهاز مساعد للمشي.

الممثلة التي شاركت في العديد من المسلسلات السورية، أكدت أنها عرضت على المخرجين تقديم أي شخصية كانت، وإن تطلبت منها جهدا جسديا، ورغم ذلك فهي لا تجد أي فرصة.

اختفاء اللولو عن الشاشة لشرح حالتها بررته بأنها تخاف من تعليقات الجمهور، لذلك كانت تخشى الحديث عن وضعها الصحي والمعيشي، لكن ألمها الكبير دفعها إلى الكشف عمّا تعانيه، مشيرة إلى أنها تعيش في منزل يشبه القبر وتعاني من ضعف في القلب ولا تملك ثمن الدواء خصوصا بعد وفاة ابنها وزوجها.

حالة اللولو ليست الأولى سوريًا

بعض الممثلين السوريين في الفترات الأخيرة كانوا يتواصلون مع المخرجين شخصيا وبشكل متكرر للحصول على وظائف وأدوار دون جدوى. ما واجهته اللولو وغيرها من الممثلين من مصاعب بما في ذلك توقف مسيرتها الفنية في سوريا، لم يعلم بها الجمهور الذي كان يتابعهم سابقا إلا بعد ظهورهم عبر برامج منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

الممثلة السورية التي بدأت مشوارها عام 2000، ومن أهم أعمالها مسلسلات “عشتار”، “بقعة ضوء 9″، “شاميات”، “هارون”، “مبروك”، “دنيا”، “فزلكة عربية”، “غزلان في غابة الذئاب” وغيرها، كشفت عن مصاعب كبيرة واجهتها.

في معرض حديثها، قالت عن إحداها بعد وفاة زوجها، حيث أصبحت المعيل الوحيد لأبنائها، فدخلت مجال التمثيل الذي أصبح مصدر رزقها الوحيد.

أما عن سبب غيابها عن الشاشة والأعمال الدرامية، أشارت إلى أن عدم تعاون المخرجين معا، وعدم طلبها لأي عمل كان أحد هذه الأسباب، لافتة إلى أن بعض المخرجين يجدونها لا تواكب الموضة ولا تناسب الأعمال الحالية بسبب نمط لباسها.

حالة اللولو ليست الأولى في سوريا، ففي شهر شباط/فبراير الفائت، أثارت تصريحات الفنان السوري هاني شاهين  والمعرف بشخصية “نوري” في مسلسل “باب الحارة”، بشأن ظروفه المعيشية والإنسانية الصعبة، تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر كثيرون عن تعاطفهم معه، وسط حالة من الأسف والأسى لما آلت إليه أوضاع غالبية الشعب السوري.

اسم الفنان الثمانيني هاني شاهين تصدر المنصات الرقمية، ولم تكن أدواره التي قدمها على مدى عقود طويلة على خشبة المسرح أو شاشة التلفزيون موضوع الحديث، بل ظروفه الحالية التي أوصلته إلى بيع سيارته وتدينه مبالغ من جيرانه من أجل العيش.

شاهين قال إنه كان يلجأ للاقتراض -  "مواقع التواصل"
شاهين قال إنه كان يلجأ للاقتراض – “مواقع التواصل”

لم يخلُ الحديث من الحزن والشجن، إذ صدم الفنان السوري جمهوره بقوله إنه يعيش وزوجته على الزيت النباتي والزعتر منذ 20 يوما، مشيرا إلى أنه لم يتذوق أي نوع من الفواكه منذ سنة، وأنه نسي طعمها.

في طي النسيان بسبب “الترند”

في عالم التمثيل، المنافسة على الأدوار شرسة، ويجب على الممثلين باستمرار صقل حرفتهم وشبكاتهم للبقاء في إطار الشاشة. ومع ذلك، بالنسبة للممثلين السوريين، فإن التحديات تتجاوز صراعات المهنة المعتادة. مع الحرب التي أجبرت الكثيرين على الفرار من ديارهم والانكماش الاقتصادي الناتج عن ذلك، فضلا عن سعي المنتجين خلف “الترند” قلل من فرص عملهم.

الفنانة السورية سوسن علي دار الزمان - برنامج "الناس لبعضها"
الفنانة السورية سوسن علي دار الزمان – برنامج “الناس لبعضها”

لسنوات عديدة، غاب الممثلون السوريون الذين غابوا عن المشهد الفني وعن الأخبار، لكن عاد بعض هؤلاء الممثلين إلى الظهور من خلال مقابلات.

أحد الموضوعات المشتركة في هذه المقابلات هو الصعوبات المالية التي يواجهها الممثل السوري. اضطر الكثيرون إلى بيع منازلهم وممتلكاتهم لمجرد البقاء على قيد الحياة، بل لجأ البعض إلى التسول في الشوارع. وهذا تناقض صارخ مع نجوميتهم ونجاحهم المرتبطين غالبا بعالم التمثيل.

على مدى عقود كانت صناعة الدراما السورية مصدرا رئيسيا لترفيه ملايين المشاهدين في جميع أنحاء العالم العربي خلال شهر رمضان المبارك. ومع ذلك، فإن عروض هذا العام تركت مشاعر إحباط وخيبة أمل. فالصناعة، التي كانت مزدهرة وقادرة على المنافسة، تضررت بشدة لأسباب أبرزها اللهث وراء “الترند” وهو من أسباب اعتماد المنتجين على أسماء بعينها.

نقّاد وكتّاب سوريون اعتبروا أن صنّاع الأعمال الدرامية التي عُرضت خلال رمضان الفائت، ركزوا بالدرجة الأولى على متطلبات العرض والطلب للمحطات الفضائية، وصناعة “ترند” التي تجذب شركات الإعلان.

قصة اللولو وشاهين وسوسن علي هي مجرد واحدة من قصص عديدة، وهي تسلط الضوء على الحاجة الملحة لمزيد من الدعم للممثلين السوريين وغيرهم من المهنيين المبدعين. يمكن أن يشمل ذلك مبادرات مثل تمويل الأفلام المستقلة وورش العمل وبرامج التدريب والمساعدة في ربط الجهات الفاعلة بالمخرجين والمنتجين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات