بعد حلّ “مجلس الأمة” الكويتي رسميا من قِبل أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح، الشهر الماضي، إثر خلافات مستعصية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، قرر “مجلس الوزراء” في الكويت، أمس الأربعاء، رفع مشروع مرسوم بتحديد يوم السادس من حزيران/يونيو القادم موعدا للانتخابات التشريعية المقبِلة ورفعه إلى ولي العهد.

حيث قرر “مجلس الوزراء” خلال اجتماع استثنائي عقده في قصر بيان، تعطيل العمل في جميع الوزارات والجهات الحكومية والمؤسسات العامة يوم الاقتراع مع اعتباره يوم راحة، بحسب ما نقلته وكالة “الأنباء الكويتية” الرسمية، وأشارت إلى أن الأجهزة ذات طبيعة العمل الخاصة فتحدد عطلتها بمعرفة الجهات المختصة بشؤونها لمراعاة المصلحة العامة.

ذلك يأتي بعد أن تم حلّ “مجلس الأمة” المنتخب في عام 2020 والعائد بقرار من المحكمة الدستورية أخيرا، حيث أصدر ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الاثنين الماضي، مرسوما يقضي بحلّ “مجلس الأمة” على أن تنظّم الانتخابات التشريعية بمدة أقصاها شهرين، وفق المادة 107 من الدستور التي نصت على أنه إذا حلّ المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل، وإلا يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية، ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن يُنتخب المجلس الجديد.

الكويت ورغبة الشعب والدستور 

في حين جاء بنص المرسوم الذي نشرته الوكالة الرسمية، أن حلّ المجلس تم احتكاما إلى الدستور، ونزولا واحتراما للإرادة الشعبية، وصونا للمصالح العليا للبلاد، وحفاظا على استقرارها، ويقضي المرسوم الأميري بالعودة إلى انتخابات نيابية جديدة في البلاد.

اقرأ/ي أيضا: الإضراب العام بلبنان.. مسار الدولة نحو ارتفاع التضخم؟

هذا ويأتي ذلك بعد أن كانت المحكمة الدستورية قد قضت منتصف آذار/مارس الماضي، ببطلان انتخابات 2023، وعودة “البرلمان” المنتخب عام 2020، الذي كان قد تم حلّه في 2 آب/أغسطس الماضي، بمرسوم أميري يقضي بذلك لعدم التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، في أزمة استمرت عدة أشهر.

هذه الأزمة السياسية التي تعيشها الكويت حاليا ومنذ عامين، هي جزء من سلسلة أزمات متكررة تهز الدولة الخليجية الثرية بالنفط، تتعلق بالحكومة وشخصيات من الأسرة الحاكمة و”البرلمان” الذي تم حلّه مرات عدة، وغالبا ما يكون السبب مطالبة نواب بمساءلة وزراء من العائلة الأميرية على خلفية قضايا تشمل الفساد.

على هذا النحو، تعيش الكويت صراعا مستمرا بين “مجلس الأمة”، والحكومات التي شُكّلت خلال هذه الفترة، حيث يحتدم الخلاف بشأن قضايا عدة، ومنها؛ قانون الدَّين الخارجي حيث تتمسك الحكومة بإقراره ويرفضه “البرلمان”.

على هذا الوقع شهدت البلاد ثلاث حكومات لم تنجح في إخراجه من أزمته، وهو ما كلّف الكويت استقالة ثلاث حكومات بظرف عام، قبل أن تتجدد الآمال في المرة الرابعة مع إصدار أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، في آذار/مارس الماضي، أمرا أميريا بإعادة تعيين الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيسا لـ “مجلس الوزراء”.

رئيس الوزراء الشيخ أحمد نواف الصباح، وهو نجل أمير البلاد، كان قد قدّم في كانون الثاني/يناير استقالة حكومته بسبب خلاف مع “مجلس الأمة” المنتخب العام الماضي، قبل أن يُعاد تعيينه رئيسا للوزراء للمرة الثالثة.

انتخابات متتالية تبحث عن إجابات 

بناء على ذلك، وفي حال جرت انتخابات جديدة في الكويت خلال الأشهر القادمة، فإنها تُعتبر الانتخابات الثالثة التي تُعقد في عهد حاكم البلاد الشيخ نواف الأحمد، منذ تقلّده منصب الأمير في أواخر أيلول/سبتمبر 2020، الأمر الذي فتح الباب على تساؤلات عدة، منها؛ جدوى ذلك في إخراج البلاد من أزمته المتكررة، ومدى نجاحها.

مجلس الأمة الكويتي/ إنترنت + وكالات

حول ذلك، توقّع الكاتب والمحلل السياسي عايد المانع، أن تكون المشاركة في الانتخابات النيابية الكويتية، التي حُدّدت في 6 حزيران/يونيو القادمة، ليست بالكبيرة، لكون موعدها يأتي في فصل الصيف الذي يقضي فيه الكويتيون إجازاتهم بالخارج.

المانع قال في حديث لموقع “الحل نت”، إن من أسباب عدم وجود إقبال على الانتخابات القادمة هو خشية المواطنين من إعادة إبطال “مجلس الأمة” دستوريا كما حدث مع مجلس 2022، لذلك العملية الانتخابية الحالية غير مطمئنة.

أما حول المنافسة التي يمكن أن تشهدها العملية الانتخابية، يرى المانع، أنه في حالة وصل السعدون والغانم إلى قاعة عبدالله السالم (البرلمان)، سيكون الأول أقرب لرئاسة المجلس في حالة جاءت نتائج الانتخابات قريبة من نتائج انتخابات 2022.

في حين يرى مراقبون، أن الكويت ستشهد واحدة من أهم الانتخابات البرلمانية في تاريخها، لكونها الأهم في العقود الثلاثة الأخيرة، والأصعب على جميع المرشحين بمختلف توجّهاتهم، لاسيما في ظل ما ستشهده من منافسة أبرز تكتلين سياسيين الأول المتمثل برئيس “مجلس الأمة” السابق مرزوق الغانم، إلى جنب أستاذ القانون عبيد الوسمي، ونواب سابقين آخرين، في مقابل التكتل الذي سبق وشكّل شبه أغلبية في المجلس المبطّل.

يشار إلى أن، الكويت التي تستعد إلى عاشر انتخابات تشريعية بتاريخها، قد كانت أول دولة خليجية تتبنى نظاما برلمانيا في عام 1962، بينما منحت المرأة حق التصويت والترشح للانتخابات في 2005.

صلاحيات “مجلس الأمة”

هذا ويتمتع “مجلس الأمة” الكويتي بسلطات واسعة، تشمل سلطة إقرار القوانين ومنع صدورها، واستجواب رئيس الحكومة والوزراء، والاقتراع على حجب الثقة عن كبار مسؤولي الحكومة.

بيد أن الكويت تحظر الأحزاب السياسية لكنها تعطي مجلسها التشريعي نفوذا أكبر من ذلك الذي تحظى به المجالس المماثلة في دول الخليج الأخرى، كما أن الاستقرار السياسي في البلاد كان يقوم عادة على التعاون بين الحكومة و”مجلس الأمة”.

الكويت تمتلك ميزانيات مالية وخارجية قوية لكن التشاحن الداخلي والجمود السياسي أعاقا الاستثمار والإصلاحات التي تهدف إلى تقليل اعتمادها الشديد على إيرادات النفط.

جدير بالذكر، أنه لطالما عاشت الكويت أجواء مشابهة تبدأ بالاستقرار عند تكليف رئيس جديد للحكومة، مثلما حدث عند تكليف الشيخ جابر المبارك عام 2012، ثم الشيخ صباح الخالد عام 2019، قبل أن تدب خلافات عميقة تسببت برحيلهما من الحكم، وذلك بسبب الاختلاف الجذري في الرؤى السياسية عند الطرفين.

وسط ذلك، تنقسم الدوائر الانتخابية في الكويت إلى خمس دوائر، تنتخب كل دائرة منها عشرة أعضاء، ويحق للناخب الإدلاء بصوت واحد فقط لمرشح واحد، وذلك وفقاً لمرسوم الصوت الواحد، الذي أقرّه أمير الكويت السابق الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، عبر قانون “مرسوم الضرورة” عام 2012، وقلل بموجبه أصوات الناخبين من أربعة أصوات إلى صوت واحد.

الكويت شهدت  انتخابات برلمانية في 29 أيلول/سبتمبر الماضي، عقب حلّ “مجلس الأمة” السابق في 2 آب/أغسطس الماضي، على خلفية الأزمات المتواصلة بين الحكومة و”مجلس الأمة”، الذي  يمتلك صلاحيات واسعة، أبرزها قدرته على استجواب رئيس الحكومة أو وزرائه، فضلا عن قدرته على التصويت لحجب الثقة عن الوزراء.

وفقا للمعطيات، فإن الانتخابات التشريعية الكويتية المقبِلة ستكون لها خصوصية تتميز بها، خلافا لسابقاتها، لاسيما مع تصاعد الخلافات بين القوى السياسية والمرشّحين، الأمر الذي يجعل من هذه الانتخابات التي ستشهدها الكويت للمرة الثانية في أقل من عام، ساحة مبارزة بين القوى المرشّحة التي سبق أن خاض جزء كبير منها دورات انتخابية عدة وهي منقسمة في الولاءات بين أجنحة الأسرة الحاكمة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات