على غرار “الاتحاد الأوروبي”، تعمل دول “مجلس التعاون” الخليجي، على إصدار تأشيرة دخول سياحية تسمح بزيارة جميع دول المجلس الشريكة بالتأشيرة، حيث تجري محادثات لتقديم تأشيرة شاملة على غرار تأشيرة “شنغن”، وفقا لما تناقلته مواقع إعلامية عديدة، حيث أشارت إلى وجود مناقشات بهذا الخصوص على المستوى الوزاري، تدور حول كيفية الحصول على تأشيرة موحدة.

إذ إن هناك نية لإصدار تأشيرة موحدة شاملة لدول “مجلس التعاون؛ الخليجي، بحسب ما نقل عن فاطمة الصيرفي، وزيرة السياحة في مملكة البحرين، وعبد الله الصالح وكيل وزارة السياحة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفهد حميد الدين، الرئيس التنفيذي لهيئة السياحة السعودية، خلال سوق السفر العربي الذي انتهى يوم أمس الخميس في العاصمة القطرية الدوحة.

الصيرفي قالت إن المناقشات جارية على المستوى الوزاري بين دول “مجلس التعاون” الخليجي حول كيفية الحصول على هذه التأشيرة، مضيفة؛ نرى أن هذا سيحدث قريبا جدا، لأننا نشاهد الأشخاص الذين يأتون من الخارج يقضون وقتهم عادة في بلدان خليجية عدة بدلا من بلد واحد.

تجربة البحرين مثال الخليج

كما أشارت، إلى أن البحرين استفادت من الترويج المشترك لها إلى جانب الإمارات والسعودية، فقد استهدفها 8.3 مليون سائح خلال عام 2022، لكن العدد تزايد إلى 9.9 مليون سائح، بحسب الصيرفي، التي استدركت بالقول، لأننا شاركنا بالترويج للسياحة في بلادنا بجانب الأسواق الخليجية.

وزيرة السياحة في مملكة البحرين، أوضحت أنه، كان النظر إلى بطولة كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت نهاية العام الماضي في قطر على أنها اختبار تجريبي ناجح للتعاون المتبادل بين دول الخليج في ما يخص التأشيرة الموحدة، مردفة، لدينا فرصة كبيرة والجهد هو في كيفية توحيد جميع دول “مجلس التعاون” الخليجي.

 اقرأ/ي أيضا: الثانية بأقل من عام.. هل تنتشل الانتخابات الكويت من أزمته السياسية؟

كذلك بينت الصيرفي، أنه كانت هناك مبادرة رئيسية واحدة في ذلك العام، حيث بدأنا في الترويج لمملكة البحرين كوجهة موحدة مع دول “مجلس التعاون” الخليجي، مضيفة أن، الفرص لا تصدق إذا وحدت جميع دول “مجلس التعاون” الخليجي جهودها في الترويج.

خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم، التي اعتبرت أنها اختبار تجريبي ناجح للتعاون المتبادل بين دول الخليج، قدمت السعودية تأشيرات لمدة 60 يوما لجميع حاملي بطاقات “هيا” خلال كأس العالم، ومع نجاح المونديال، أثار ذلك مناقشات حول سياسات سفر مماثلة أكثر ديمومة، والتي من شأنها أن تسمح للسياح بالتنقل بحرية بين الدول دون قيود.

هذا وتصعب عملية الحصول على تأشيرات لدول “مجلس التعاون” الخليجي بشكل كبير، لسبب أن دول المجلس التي تشمل الإمارات والسعودية وعمان والكويت وقطر والبحرين، تنظم التأشيرات بخطوات مختلفة، مما يجعل سياسات التأشيرات صعبة، بحسب فهد حميد الدين، الرئيس التنفيذي لهيئة السياحة السعودية.

حميد الدين، شدد على أن التعاون هو اسم اللعبة وأن نجاح كل دولة من دول “مجلس التعاون” الخليجي يكمل الآخر، في حين أكدت وزيرة السياحة البحرينية، أن المناقشات جارية، وهناك تأكيد متزايد بأن تأشيرة “شنغن” لمنطقة الخليج يمكن أن تكون مفيدة للغاية، كما سيأتي اليوم حيث سيقول السياح إنهم ذاهبون إلى الخليج، على غرار ما يقولون إنهم ذاهبون إلى “أوروبا” و“آسيا” وما إلى ذلك.

تعزيز سياحة الخليج بتأشيرة الـ “شنغن”

في السياق، قال عبد الله الصالح وكيل وزارة السياحة في الإمارات، إن سهولة السفر عبر الخليج ستعزز السياحة للجميع، مبينا أنه، إذا جاء المسافرون لمسافات طويلة إلى هذه المنطقة، فإن وجود برنامج لزيادة زيارتهم إلى أكثر من دولة أمر مذهل، حيث سيكون الزائر أكثر سعادة بزيارة العديد من البلدان، دون قيود عبور الحدود.

سائحون في أحد أسواق دول الخليج/ إنترنت + وكالات

وسط ذلك، برز الحديث عن أهمية هذه الخطوة التي تسعى لها دول “مجلس التعاون” الخليجي، حيث قال أحمد الربيعي، إن عملية اعتماد تأشيرة شنغن، ليس بالأمر السهل، كما أن منافعها لا تقتصر على إنعاش القطاع السياحي فحسب، بل تمتد إلى أكثر من ذلك، وهذا في الأساس يحدد في طبيعة تأشيرات “شنغن”، مبينا أن إصدار تأشيرة “شنغن” يعني إقرار عدد من فئات “شنغن” والتي يحدد بموجبها جملة من الأمور التي تتعلق بالتجارة والنقل وحتى الدراسة وأغراض العلاج.

الربيعي العامل في مجال السياحة والسفر، أوضح في حديثه لموقع “الحل نت”، أن دول “مجلس التعاون” الخليجي، تمتلك الإمكانيات لذلك، بل في الأساس أنها خطوة متأخرة، فمثل هذه الخطوة كان يجب أن تكون قبل هذا الوقت بكثير، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه تعزيز مصالح الخليج وزيادة استقرار المنطقة، خصوصا وأن الذهاب باتجاه إصدار تأشيرة “شنغن” يعني الذهاب باتجاه التعاون الأمني بشكل أكثر جدية.

اقرأ/ي أيضا: الأزمة المغربية بفعل التضخم.. هل تهدد عرش الملوكية؟

بالتالي، بحسب الربيعي، فإن التأشيرة التي تسعى دول “مجلس التعاون” الخليجي لإصدارها، ستساعد بشكل كبير في نهضة القطاع السياحي، وتفعيل السياحة بطريقة أكثر جاذبية، مبينا أن التكاليف ربما ستكون ذاتها على السائحين، لكن طبيعة الجذب النفسية ستتغير أكثر، وتدفع بالكثيرين إلى زيارة منطقة الخليج، على اعتبار أن السائح عندما يشعر بإمكانه زيارة عدد من الدول في تأشيرة واحدة ستزيد رغبته إلى السفر.

الربيعي، أردف بالقول، إن تأشيرة “شنغن” الموحدة، تعتبر نوع من التأشيرات التي تسمح للسائحين بالدخول إلى منطقة شنغن بأكملها؛ أي إلى جميع الدول الأعضاء في هذه المنطقة، كما أنه عند إصدار هذه التأشيرة، يتم فيها تحديد عدد مرات الدخول المسموح لك بها إلى منطقة “شنغن”، بحيث تسمح لك إما بالدخول لمرة واحدة أو الدخول لمرتين، أو الدخول لعدة مرات، أو استخدام المطارات فقط لعبور الترانزيت.

بناء على ذلك، لفت الربيعي إلى أن، طبيعة هذا التعامل بما يوفره من تسهيلات وما يفرضه على دول “الشنغن” من زيادة التعاون، ستزيد كلها من تطور القطاع السياحي، وتفرض مكاسب أخرى على الدول الأعضاء في باقي القطاعات، منها الاقتصادي والأمني، والأخير سيكون أولوية قصوى، وهذا بحد ذاته مكسبا كبيرا، على حد قوله.

أثناء ذلك، تسعى دول “مجلس التعاون” الخليجي لتنويع اقتصاداتها وتبني استراتيجية مستدامة لتنمية هذه الاقتصادات، وهنا يعد قطاع السياحة من بين القطاعات المستهدفة لتحديث وتطوير بنية اقتصاداتها، وزيادة عائداتها المالية، إلى جانب إيرادات النفط. 

سياسات داعمة

على هذا الأساس، تبنت دول الخليج حزمة من السياسات في الفترة الماضية بهدف إرساء أسس خلاقة لتنمية القطاع السياحي، وشمل ذلك التوسع في تنظيم الأحداث الكبرى، وتنمية المشاريع السياحية، إلى جانب تقديم تسهيلات السفر للسياح، ومن شأن تلك الحزمة أن تدعم آفاق السياحة في منطقة الخليج.

في غضون ذلك، حقق قطاع السفر والسياحة في دول “مجلس التعاون” الخليجي معدلات نمو قوية قبل جائحة “كورونا”، وساهم بنسبة وصلت في المتوسط إلى 9.7 بالمئة من الناتج المحلي للاقتصادات الخليجية في عام 2019، ولكن بسبب تبعات “كورونا” انخفضت هذه النسبة إلى 6.5 بالمئة في عام 2021، طبقا لبيانات “مجلس السياحة والسفر العالمي”، وفي المجمل، ساهمت دول الخليج بنسبة 3 بالمئة من إجمالي حركة السياحة العالمية في عام 2019.

بحسب تقارير، فإنه في دولة الإمارات وصلت مساهمة قطاع السفر والسياحة إلى 11.7 بالمئة من الناتج المحلي في عام 2019، بينما بلغت 9.7 بالمئة في السعودية خلال العام نفسه، وذلك قبل أن تضطرب مؤشرات الأداء السياحي بمختلف الدول السياحية حول العالم بعد “كورونا”.

هذا ويعتبر السفر الشخصي والترفيه الغرض الأساسي للمسافرين إلى دول الخليج بحصة تصل إلى حوالي 75 بالمئة من إجمالي المسافرين سنويا، وفقا لتقارير متخصصة، بينما تستحوذ الأعمال والمؤتمرات على النسبة المتبقية، وبصفة عامة، تشير الإحصائيات السابقة إلى ارتفاع معدلات مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج، ونمو القطاع مدعوما بسياسات قوية لتطويره خلال السنوات الماضية. 

من سياسات التطوير، هي مواصلة دعم بنية الطيران، وتنظيم الأحداث العالمية الكبرى، وتوسيع البنية السياحية، وتنويع نظام التأشيرات السياحية، والتطوير المؤسسي لقطاع السياحة والسفر، وذلك بموازاة السياسات الداعمة المتمثلة بتنفيذ برامج سياحية مشتركة، وتنويع الأسواق السياحية، فضلا عن تطوير السياحة الداخلية والبينية.


وفقا لذلك، فإن أمام دول “مجلس التعاون” الخليجي فرصة كبيرة لتعزيز المصالح والتعاون المشترك الذي من شأنه خلق منطقة أكثر جاذبية واستقرارا، الأمر الذي سيحفز رؤوس الأموال حول العالم بإن تكون منطقة الخليج قبلتها، علاوة ما يمكن تحقيقه من ذلك سياحيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات