تزامنا مع محاولات الحكومة السورية، التخفيف من استهلاك المحروقات المدعومة عبر تقليص حصص وسائط النقل العامة، تهدد القرارات الحكومية الأخيرة بتفاقم أزمة المواصلات المستمرة منذ سنوات، وسط عجز الجهات المعنية عن تقديم الحلول الحقيقية، رغم تقديم عشرات الوعود المتعلقة بتخفيف وطأة الأزمة.

الحكومة السورية عمدت مؤخرا،  إلى توفير المحروقات الذي تُمنح بشكل دوري لسائقي وسائل النقل، في المقابل يشتكي السائقون من القرارات الحكومية التي تحاصرهم وتدفعهم ربما لترك المهنة، خاصة مع ارتفاع أسعار المواد النفطية في السوق السوداء إلى أرقام خيالية.

سائقو وسائل النقل في سوريا، يضطرون للحصول على المواد النفطية عبر الحكومة، وذلك بأسعار مدعومة في محاولة من الحكومة خفض تكاليف التشغيل، لتقديم خدمات المواصلات بأقل سعر ممكن إلى المواطن، إلا أن أصحاب السيارات يؤكدون باستمرار أنهم لا يحصلون على كميات كافية لعملهم اليومي.

التضييق على سائقي وسائل النقل

التضييق على سائقي وسائل النقل، يتم عبر العديد من الوسائل، أبرزها إجبار السائقين على تركيب أجهزة تحديد المواقع ودفع رسومها لمراقبة تحرك السيارات، وقد أكد عضو “المكتب التنفيذي لقطاع المحروقات والتجارة” بمحافظة دمشق قيس رمضان، أنه سيجري تركيب أجهزة التتبع لسيارات الأجرة، خلال فترة شهر.

رمضان هدد في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، من يمتنع عن تركيب أجهزة التّتبع من سائقي وسائل النقل، بحرمانه من كميات البنزين المخصصة له، موضحا أنه تجري دراسة الآلية المتّبعة للتزويد حسب المسافة التي تقطعها المركبة. 

بحسب تصريحات المسؤول الحكومي، فإن المسافة المسموحة يمكن أن تتراوح بين الـ 165 – 200 كم يوميا، دون تحديد المسار، وتحدد الكمية وفقا لذلك، إلى جانب معايرة الكميات التي تحتاجها السيارة كونها تختلف من نوع لآخر، لافتاً إلى أن سعر الجهاز يتراوح بين الـ 300 – 350 ألف ليرة. 

سعر لتر المازوت في السوق السوداء بسوريا يزيد عن 10 آلاف ليرة والبنزين 12 ألف، ذلك ما يجعل اعتماد سائقي وسائل النقل على الشراء الحر للمحروقات أمرا مستحيلا، في وقت يحصل السائقون على المحروقات المدعومة للحكومة بأسعار 6800 و6600 للمازوت والبنزين على التوالي، لكن بكميات محدودة جدا.

قد يهمك: باسم ياخور معرض للتهديد بسبب “ابتسم أيها الجنرال“.. ما حقيقة الأمر؟

بعد أن أجبرت الحكومة، جميع سائقي وسائل النقل العامة على تركيب أجهزة تتبع “جي بي إس” من أجل مراقبة عملهم، حددت محافظة دمشق مهلة لجميع الآليات والسيارات الحكومية والتكاسي وسيارات الغاز وآليات نقل البضائع وذلك لتركيب أجهزة التتبع، بقرار اعتماد نظام التتبع الالكتروني لجميع “السرافيس” وباصات النقل الداخلي وذلك ضمن إطار التوجه العام لتركيب الجهاز على جميع الآليات.

أزمة نقل متفاقمة

الحكومة السورية تبرر إجبارها على تركيب هذه الاجهزة، بضرورة مراقبة عمل السائقين، وذلك بهدف عدم ذهاب المحروقات المدعومة لأشخاص لا يعملون على آلياتهم ويتجهون إلى ضخ المحروقات المدعومة في السوق السوداء.

سائقو وسائل النقل أكدوا أن تطبيق آلية التّتبع لم يساهم في حصولهم على كميات كافية من المحروقات، إذ يضطرون لشراء الكميات الباقية من السوق السوداء بأسعار مرتفعة، وبالتالي رفع التعرفة على المواطنين، الأمر الذي يدخلهم باستمرار في مشادات كلامية مع الزبائن.

آلية مراقبة السائقين عبر تقنية تحديد الموقع، أقرّتها الحكومة لضمان الالتزام وتواجد وسائل النقل العامة على خطوطها، إلا أنها فشلت هي الأخرى في إحداث فرق في أزمة المواصلات، حيث أكد العديد من الأهالي ممن تحدث إليهم “الحل نت” في دمشق، أنهم لم يلحظوا أي فرق سوى في بعض الأيام الأولى من إقرار هذه الآلية.

في جولة على الشوارع في العاصمة دمشق، ستجد الازدحام الشديد على وسائل النقل القليلة، في ظل امتناع شريحة واسعة من السائقين عن العمل، بدعوى عدم تلقيهم مخصصاتهم الكافية من المحروقات، ومحاولة الحكومة ملاحقتهم وفرض العقوبات، لتصبح المواصلات عبئا جديدا يضاف إلى أعباء المواطن المعيشية والاقتصادية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات