في ظل الواقع المتردي للتيار الكهربائي في سوريا، تساهم القرارات الحكومية في زيادة معاناة السوريين في البلاد، حتى تحول تأمين الكهرباء المنزلية إلى عبئ ثقيل على العائلات السورية، بعدما فشلت الحكومة السورية في تحقيق معظم الوعود التي أطلقتها خلال السنوات الماضية حول تحسين واقع الكهرباء.

رغم تردي الخدمات التي تقدمها الحكومة في قطاع الكهرباء، فإن وزارة الكهرباء تدرس حاليا زيادة أسعار شرائح الكهرباء في البلاد، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف إنتاج التيار الكهربائي، حيث أوضحت مصادر مطّلعة في الوزارة، أن هناك دراسة يتم إجراؤها حاليا لتعديل أسعار شرائح بيع الكهرباء في البلاد.

المصادر التي نقل عنها موقع “أثر برس” المحلي، أشارت إلى أنّ الشرائح الثلاث الأولى للمستهلكين ستبقى ضمن دائرة الدعم؛ ولكن بأسعار جديدة سيتم إصدارها لاحقا، فيما سيكون السعر الجديد للشريحة الرابعة وما فوق بسعر التكلفة، وهذا يعني أنّ كل ما سيتم استهلاكه ضمن الشريحة الرابعة سيكون خارج دائرة الدعم الحكومي.

تبرير الحكومية

وزارة الكهرباء بررت اتجاهها لرفع أسعار التيار الكهربائي، بارتفاع تكاليف إنتاج الكيلو الواط ساعي، وذلك كون الوزارة حاليا غير قادرة على تحمّل تكاليف الإنتاج كاملة في ظل الظروف الحالية، خاصة بعد ارتفاع أسعار المحروقات مؤخرا للقطاع العام، حيث وصل سعر طن الفيول إلى مليون ليرة سورية للقطاع العام، و 3 مليون و335 ألف ليرة سورية للطن الواحد المباع للقطاع الخاص.

زيادة أسعار الكهرباء، ستؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة الأعباء المادية على السوريين بشكل كبير، فضلا عن زيادة في الفواتير الشهرية. سيواجه السوريون ارتفاعا في أسعار مختلف السلع والخدمات، التي يعتمد إنتاجها بشكل رئيسي على التيار الكهربائي.

بحسب تقرير الموقع المحلي، فإنه من المحتمل أن يتم رفع أسعار الشرائح الثلاث الأولى بنسبة أعلى من نسبة رفعها المرّة الماضية، وبالتالي ستكون فاتورة المنزل الذي يستهلك 1600 كيلو واط نحو 125 ألف ليرة سورية.

وزارة الكهرباء كانت قد رفعت أسعار الكهرباء العام الماضي على مختلف الشرائح، حيث كان يُباع الكيلو واط ساعي في الشريحة الأولى التي يكون استهلاكها إلى حد 600 كيلو واط ساعي،  ومن المحتمل أن يصل وفقا للتسعيرة الجديدة إذا رفعت الوزارة سعر الكيلو واط فيها بنسبة 200 بالمئة فهذا يعني أنّ سعر الكيلو واط في هذه الشريحة سيصل إلى 6 ليرات سورية.

وفيما يخص الشريحة الثانية والتي تتراوح كمية استهلاكها ما بين 601 إلى 1000 كيلو واط ساعي كان مسبقاً يباع الكيلو واط منها بـ 6 ليرات سورية، أمّا وفقا للتسعيرة الجديدة من المحتمل أن ترتفع إلى 200 بالمئة فهذا يعني أنّ سعر الكيلو واط في هذه الشريحة سيصل إلى 18 ليرة سورية، بمعنى أنّ المنزل الذي استهلاكه 1000 كيلو واط خلال دورة ستبلغ فاتورة منزله 10800 ليرة.

وفيما يتعلق بالذي يزيد استهلاكه عن 1500 كيلو واط خلال الدورة الواحدة، سيتم حساب سعر كل كيلو واط فوق 1500، بسعر التكلفة والذي يقارب 1000 ليرة سورية بحسب المصدر، وهذا يعني أنّ المنزل الذي يصل استهلاكه إلى 2000 كيلو واط خلال الدورة الواحدة ستصل فاتورة منزله إلى نحو نصف مليون ليرة سورية تقريبا.

“أصلا ما عم نشوف الكهرباء لنحس بالفرق”، يقول حسام نجدي وهو صاحب محل لبيع الألبان والأجبان في دمشق، مؤكدا أن الزيادة الأبرز كانت على أسعار اشتراكات الأمبير، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات، الأمر الذي سيؤثر على التكاليف.

قد يهمك: غضب واسع بعد إنذار بإخلاء عقار يأوي حيوانات بريف دمشق.. هل تتراجع الحكومة؟

نجدي أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “الكهرباء في المنزل لا نراها سوى بضع ساعات أسبوعيا، وفي الدكان نعتمد بشكل أساسي على اشتراكات الأمبير لتشغيل البرادات، وقد شهدت ارتفاعات مؤخرا بنسبة 25 بالمئة وقد ترتفع أكثر، بالطبع سيؤثر ذلك على التكاليف والأسعار”.

لا حل لواقع الكهرباء

الحكومة السورية بدورها، لا تملك حتى الآن أي رؤية لحل مشكلة الكهرباء، وذلك رغم مرور أكثر من ست سنوات على الاستقرار العسكري الذي عاشته المناطق الخاضعة لسيطرتها، واكتفت بإطلاق الوعود المتعلقة بحل أزمة الكهرباء وغيرها من مؤسسات البنية التحتية، إلا أن الوضع الاقتصادي استمر بالانحدار، وتراجعت الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، الأمر الذي انعكس على القدرة الشرائية للمواطن، وانحدار الوضع المعيشي في البلاد.

منذ أن فقدت العائلات السورية الأمل في تحقيق الحكومة لوعودها المتعلقة بتحسين الشبكة الكهربائية، لجأت هذه العوائل للبدائل بحسب القدرة المالية لكل منها، فمنهم من اتجه إلى شراء مولدة صغيرة، أو الاشتراك في المولدات الكبيرة داخل الأحياء السكنية، ومنهم من بقي ينتظر حل الأزمة لعدم قدرته على دفع ثمن البدائل.

هذا الوضع كان السبب في إنفاق الكثير من العائلات لجزء كبير من دخلهم الشهري لسد احتياجات منازلهم وأماكن عملهم من الكهرباء، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن تنعم هذه العوائل بالكهرباء طوال اليوم، فأوقات تشغيل هذه المولدات يبقى محدودا وتكلفتها عالية، خاصة في ظل عدم التدخل الحكومي بآلية عملها.

تأكيدا على عدم جدّية الحكومة في قراراتها، ذكرت تقارير محلية سابقة مطلع فصل الشتاء الفائت على لسان مسؤولين في مؤسسات تابعة لـ”وزارة الكهرباء السورية” أن وضع التقنين الكهربائي خلال الشتاء مرتبط بحوامل الطاقة وإذا كان هناك مردود إضافي بحوامل الطاقة فسيشهد تحسنا، وأن دمشق تسعى دائما لوضع كافة الإمكانيات لتحسين الواقع الكهربائي.

استمرار غياب الكهرباء لساعات طويلة، يعود لعدم امتلاك دمشق لرؤية وخطط مستقبلية واضحة، وفق مراقبين. وبالتالي هذا يؤثر على مستقبل البلاد ككل، من ارتفاع الأسعار وزيادة حجم المشاكل الاقتصادية والتضخم والتحديات والأزمات الاجتماعية ككل، من زيادة وتيرة النزوح والهجرات فضلا عن تفاقم معدل البطالة والفقر.

كل ذلك يجري وسط انهيار قيمة الرواتب والأجور أمام هذا الواقع المُعتم، على الرغم من تحذير العديد من الخبراء ضرورة معالجة الواقع الخدمي حتى يعيش المواطن السوري ويكمل مسيرة حياته اليومية بأقل الخسائر، أي ضرورة تحسين وضع الكهرباء وتوفير المحروقات ورفع مستوى الدخل وما إلى ذلك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات