لقد شهد الذكاء الاصطناعي تقدما وتطورا سريعا في السنوات الأخيرة، وقد بدأ في إحداث تأثير كبير على صناعة الفن والسينما والترفيه، أحد المجالات التي يكون للذكاء الاصطناعي تأثير كبير فيها هو مسيرة نجوم السينما والمخرجين، خصوصا بعد تصريحات أكبر نجوم هوليود بذلك.

بعض قادة صناعة السينما والدراما العالمية يرون أن الذكاء الاصطناعي سيؤثر على سوق العمل، فمع الاستخدام المتزايد لأدواته، هناك مخاوف متزايدة من أنها قد تشكل تهديدا لوظائف مخرجي الأفلام، إلا أن آخرون يرون أن قدرته على إنجاز مهام معينة، لا يعني بالضرورة أن يحل محل كبار المخرجين.

هذا الجدل أثاره الممثل الأميركي توم هانكس، من خلال سرده لفكرة استمرار مسيرته المهنية حتى بعد وفاته، عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث قال إنه يمكن استخدام التكنولوجيا لإعادة إنتاج صوره، ما يضمن استمرار ظهوره في الأفلام “من الآن وحتى قيام الساعة”.

الذكاء الاصطناعي يطارد مهنة النجوم

فهم دور الذكاء الاصطناعي في صناعة السينما والفن لا يزال متأخرا، إذ حاليا يتم استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق مختلفة، من إنشاء تجارب الواقع الافتراضي إلى كتابة سيناريوهات الأفلام القصيرة، فيما تتمثل إحدى أهم الطرق التي يتم بها استخدام الذكاء الاصطناعي في السينما هي خلق ممثلين رقميين.

تشكل أدوات الذكاء الاصطناعي تهديدا لوظائف المخرجين - إنترنت
تشكل أدوات الذكاء الاصطناعي تهديدا لوظائف المخرجين – إنترنت

الممثل الأميركي هانكس اعترف أيضا بأن تطور التكنولوجيا خلق تحديات فنية وقانونية جديدة، حيث جاءت تصريحاته في الوقت الذي قال فيه المغني والمؤلف نيل تينانت، من فرقة “بيت شوب ويز”، إنه يمكن للموسيقيين استخدام الذكاء الاصطناعي لإكمال تأليف أغانيهم.

هانكس بطل فلمي “كاست آواي” و”فورست جامب”، خلال الحلقة الأخيرة من بودكاست آدم بوكستون، ذكر أن المختصين في صناعة السينما بدأوا إجراء محادثات حول كيفية حماية الممثلين من تأثيرات التكنولوجيا، مبيّنا أن هناك مناقشات جارية في جميع النقابات والوكالات والشركات القانونية، من أجل التوصل إلى صيغة قانونية تخص عرض الوجه والصوت وكل شيء يمثل الملكية الفكرية للممثل.

مستقبل صناعة السينما

الأستاذ المشارك بكلية الصحافة والاتصال قسم الإنتاج الإعلامي بجامعة “فلوريدا”، المخرج جيمس بابانيكوس، قال في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية” أمس الخميس، إنه مقتنع بأن الذكاء الاصطناعي سيشارك بشكل كبير في مستقبل صناعة السينما، وإحدى الطرق هي بالضبط ما يلمح إليه توم هانكس.

جهاز عرض قديم الطراز في غرفة مظلمة يعرض فيلمًا - إنترنت
جهاز عرض قديم الطراز في غرفة مظلمة يعرض فيلمًا – إنترنت

هانكس لفت إلى أنه في الوقت الحالي هناك إمكانية كبيرة أن يصور ويعرض سلسلة من سبعة أفلام، يكون فيها عمره 32 عاما، ومن شأنها أن تُخلد نجوميته إلى الأبد.

وفقا لتصريحات الممثل العالمي، فإنه يمكن لأي شخص الآن إعادة تكوين نفسه رقميا، بحيث يظهر في أي عمر يريد، وكل هذا يتم عن طريق الذكاء الاصطناعي أو تكنولوجيا التزييف العميق، حسب وصفه. مضيفا “أنا يمكن أن تصدمني حافلة غدا وأموت، لكن هذه التكنولوجيا ستعرض أعمالي بجودة واقعية حتى بعد وفاتي، بالتأكيد هناك تحديات فنية وقانونية، لكن الجميع سيستمتع بأعمالي لوقت طويل”.

تقنية مماثلة في أحدث أفلام سلسلة “إنديانا جونز” استخدمت بالفعل، حيث ظهر الممثل هاريسون فورد الذي يبلغ من العمر 80 عاما، بمظهر شبابي في افتتاحية الفيلم؛ بعد أن قام المختصون في صناعة الأفلام بمطابقة صور فورد القديمة مع صوره الجديدة وخلق صورة وهمية تُظهر فورد كما وكأنه جاء من عام 1944.

في مثال آخر، وبعد 45 عاما من تسجيل أصوات واحدة من أكثر الشخصيات شهرة في تاريخ السينما، ودّع جيمس إيرل جونز شخصيّة  الشرير “دارث فيدر”، حين أخبر الممثّل الأسطوري البالغ من العمر 91 عاما “ديزني” مؤخرا أنه “يفكّر في إنهاء هذه الشخصية الخاصة”.

أجبر ذلك الشركة على إيجاد بديل لجونز، وكانت الإجابة التي استقرت عليها “ديزني” في النهاية، مع موافقة الممثل، بإعادة إنشاء صوته عبر برنامج للذكاء الاصطناعي بمساعدة شركة أوكرانية ناشئة تستخدم التسجيلات الأرشيفية وتقنيات الذكاء الاصطناعي.

سيناريوهات باستخدام الذكاء الاصطناعي

رغم أنه في مراحله الأولى بالوقت الحالي، إلا أن تطبيق “تشات جي بي تي” يمكّن الكتاب من استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء المسودات الأولى للمشاهد، وبعد ذلك يمكّنهم من تحسين تلك المسودات وجعلها تستحق التصوير. أيضا بات بإمكان الكتاب جعل الذكاء الاصطناعي يُنشئ نصا برمجيا الآن، وهذا النص كفء، لكنه ليس جيداً، لذلك الكتاب لا يزالون مهمين للغاية.

تم تصميم أدوات الذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام المتكررة وتقديم رؤى قائمة على البيانات. وفي حين أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد مخرجي السينما والدراما على اتخاذ قرارات أفضل من خلال تزويدهم بمعلومات أكثر دقة وفي الوقت المناسب، إلا أنه وفي الوقت الحالي لا يمكن أن يحل محل العنصر البشري المطلوب بهذه الصناعة لاتخاذ القرارات الاستراتيجية.

في سياق الحديث عن السينما والفنانين، فإنه من السهولة أن يخطئ الناظر لميرا موراتي، ويعتقد أنها ممثلة شابة تلعب دورا كبيرا في فيلم، أو نجمة موضة. لكن الضجة التي تثيرها موراتي حيثما حلت ليس لها علاقة بشكلها الخارجي الجذاب، ولكن لأنها قد تكون “المرأة الأكثر إثارة للاهتمام في مجال التكنولوجيا”، كما وصفتها مجلة “فاست” الاقتصادية.

ميرا موراتي هي العقل المدبر لـ"تشات جي بي تي" - إنترنت
ميرا موراتي هي العقل المدبر لـ”تشات جي بي تي” – إنترنت

موراتي هي كبيرة مسؤولي التكنولوجيا في “أوبن أي آي”، الشركة الناشئة التي طورت “تشات جي بي تي” أكثر روبوتات دردشة الذكاء الاصطناعي المفتوحة للعامة تقدما على الإطلاق. إذ ولدت موراتي في ألبانيا وهي من قدامى المطورين في شركة “تسلا”، حيث قادت تطوير الطراز “إكس” من السيارة الكهربائية الشهيرة، وتعمل مع “أوبن أي آي” منذ عام 2018

مع إرخاء العولمة بظلالها على الثقافة سواء أغان وأفلام وأدب وعروض أزياء وعادات ولغات وغير ذلك، وإحداثها تغييرا في الأغنية والسينما على مستوى الأسلوب والموسيقى والكلمات والسيناريو، إلا أنها بنظر البعض لن تشكل مع أدوات الذكاء الاصطناعي تهديدا لوظائف المخرجين وصناع السينما والدراما في الوقت الحالي، بل ستحتاج إلى وقت أكبر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات