بطبيعة الحال مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، يزداد الإقبال على استخدام الأجهزة الكهربائية للتبريد، وهذا يؤدي إلى زيادة استهلاك الكهرباء والماء، لكن في سوريا مع انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، يعاني الكثيرون من صعوبة في الحصول على الماء البارد والمشروبات الباردة، ولحل هذه المشكلة، بدأ البعض في استخدام أواني الفخار كبديل للبرادات.

العودة إلى الأدوات القديمة بات خيارا واقعيا لمعظم السوريين الذين يعانون في الصيف من ثنائية غياب التيار الكهربائي لمدة تتراوح نحو 22 ساعة يوميا، والذي حرم معظم السوريين من البراد المنزلي، الذي يحتاج لجهد عالي حتى يتم تشغيله، حيث يقتصر تشغيله على الأشخاص القادرين على استجرار كميات كبيرة من الكهرباء عبر المولدات المحلية، الأمر الذي يتطلب ميزانية كبيرة شهريا.

تعديلات للزير تجذب الزبائن

أواني الفخار تتصدر واجهات عدد كبير من المحال التجارية في جميع المحافظات السورية مع قرع الصيف أبوابه من منتصف أيار/مايو الجاري، بالإضافة لعودة إقبال المواطنين على شراء هذه الأدوات في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة ما جعلها مصدر تبريد مياه الشرب في فصل الصيف.

تعديلات لصناعات الفخار في سوريا تجذب الزبائن - إنترنت
تعديلات لصناعات الفخار في سوريا تجذب الزبائن – إنترنت

طبقا لما نقلته صحيفة “تشرين” المحلية، أمس الاثنين عن أحد أصحاب محال بيع الفخار، فإن التعديل عليها سواء من خلال إضافة صنبور للجرات الخاصة بحفظ الماء وذلك كنوع من تطوير المهنة لتناسب متطلبات العصر ولتسهّل على الناس الاستخدام، بالإضافة للرسم على الفخار، جذب المستهلكين لشرائها، مؤكدا أن الإقبال جيد حاليا.

بيع الأواني الفخارية لم يتقصر على “الزير” أو “الخابية” كما تُعرف محليا، بل هناك العديد من الأصناف من مقالي للطهو وكؤوس تحفظ البرودة،في حين أن الأسعار ارتفعت كثيرا عن السابق حيث تتراوح بين 15 إلى 75 ألف ليرة سورية بسبب ارتفاع سعر المواد الأولية، والتكاليف الباهظة للإنتاج.

الإقبال على شراء الأواني الفخارية في سوريا والتي كانت سابقا أثر يواجه الاندثار بسبب التطور التكنولوجي، جاء لضرورتها في هذه الأوقات الصيفية الحارة لتمكّنهم من شرب مياه مقبولة غير ساخنة على الأقل، خصوصا أنها تتميز بالحفاظ على برودة المياه لساعات طويلة، وذلك بعد وضع قطع من الثلج داخلها.

الكهرباء والأمبيرات السبب؟

بالتوازي مع استمرار أزمة الكهرباء التي تعيشها سوريا منذ سنوات، وفشل الحكومة السورية في تحقيق وعودها المتعلقة بتحسين التغذية الكهربائية في البلاد، يلجأ السوريون لعادات بدائية نسيها الأجداد، تعود ليتلقّاها الأحفاد في عصر يُقال إنه عصر الأتمتة والسرعة.

صناعة الفخار في سوريا تجذب الزبائن - إنترنت
صناعة الفخار في سوريا تجذب الزبائن – إنترنت

التقنين الكهربائي الخانق في سوريا والمستمر منذ سنوات عديدة، حيث تصل ساعات التقنين في عموم المحافظات السورية إلى 12 ساعة خلال فصل الشتاء، حتى تنخفض بفارق ساعة أو ساعتين في فصل الصيف، وبالتزامن مع غلاء أسعار المحروقات، لم يكن السبب الوحيد.

ففي السياق ذاته شهدت أيضا أسعار البطاريات والألواح الشمسية ارتفاعا كبيرا خلال الأيام القليلة الماضية تحت مبررات ارتفاع سعر الصرف، في وقت دخل فيه عدد من التجار على خط استغلال الوضع الراهن وخاصة ارتفاع سعر الصرف لرفع الأسعار بشكل كبير، علما أن ثمة كميات مخزّنة من البضائع.

أيضا حتى مع منح “محافظة دمشق” تراخيص العمل بنظام “الأمبيرات” لتوزيع الكهرباء في عدد من أسواق العاصمة السورية، بدلا من إيجاد حلول لأزمة توفير الكهرباء، إلا أنها اقتصرت على الفئات غير القادرة على تأمين الطاقة الشمسية ذات التكلفة المرتفعة والكبيرة.

فضلا عن ذلك، وعلى الرغم من تردي الخدمات التي تقدمها الحكومة في قطاع الكهرباء، فإن “وزارة الكهرباء” تدرس حاليا زيادة أسعار شرائح الكهرباء في البلاد، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف إنتاج التيار الكهربائي، حيث أوضحت مصادر مطّلعة في الوزارة، أن هناك دراسة يتم إجراؤها حاليا لتعديل أسعار شرائح بيع الكهرباء في البلاد.

شراء “الخابية” باتت ضرورة

رئيس اتحاد الحرفيين في اللاذقية جهاد برو، أكد في تصريحات صحفية أن صناعة الفخار كانت قد شهدت فترة ركود بسبب توجه المستهلك بالاعتماد على الصناعات الحديثة مثل الزجاج، الميلامين، والاعتماد على الكهرباء لحفظ وتبريد الماء والأطعمة كبديل لهذه الصناعة. 

صناعة الفخار في سوريا تجذب الزبائن - إنترنت
صناعة الفخار في سوريا تجذب الزبائن – إنترنت

لكن نتيجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية في الآونة الأخيرة عادت هذه الصناعة للانتعاش بسبب توجه المستهلك للاعتماد على الفخار كبديل عن المنتجات الزجاجية، إذ حلّت خوابي الفخار في كثير من المنازل محل البرادات لحفظ المياه الباردة بسبب انقطاع الكهرباء.

عادة ما يعاني السوريون من مشكلة حفظ وتبريد الطعام بسبب توقف البرادات المنزلية، وعادة ما تلجأ العائلات السورية إلى شراء قوالب الثلج للمساعدة في حفظ الطعام، حيث كان يبلغ سعر القالب العام الماضي 5000 ليرة سورية.

لكن هذا العام ومع ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات، تضاعف سعر قالب الثلج في دمشق نحو خمسة أضعاف، حيث أفاد تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، أن سعر قالب الثلج هذا العام بلغ 25 ألف ليرة سورية، الأمر الذي يهدد الكثير من العائلات بتوقف استهلاكها لهذه المادة.

تقرير لوكالة “ناسا” الأميركية، ذكر أن الجفاف الذي بدأ عام 1998 ويستمر حتى الآن في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط التي تضم سوريا ودول أخرى، من المحتمل أن يكون الأسوأ خلال القرون التسع الماضية.

من جهتها وزارة البيئة والإدارة المحلية، أوضحت في تقرير لها منتصف العام الفائت، أن سوريا تعاني من آثار تغيّر المناخ، إذ إنها تتعرض لأسوأ موجة جفاف منذ 70 عاما، ما يهدد الأمن الغذائي في البلاد.

فصل الصيف تحول مؤخرا إلى عبء إضافي على السوريين بسبب قلة الكهرباء، فتكلفة صيانة المكيفات وصلت بين 150 إلى 300 ألف ليرة سورية، أيضا أسعار المراوح في أسواق دمشق، سجّلت هذا العام أرقاما قياسية بواقع 700 ألف ليرة للكبيرة، بينما يتراوح سعر المروحة الصغيرة التي يمكن أن تعمل على الكهرباء والبطارية بين 550 إلى 600 ألف ليرة.

منذ أن فقدت العائلات السورية الأمل في تحقيق الحكومة لوعودها المتعلقة بتحسين الشبكة الكهربائية، لجأت هذه العوائل للبدائل بحسب القدرة المالية لكل منها، فمنهم من اتجه إلى شراء مولدة صغيرة، أو الاشتراك في المولدات الكبيرة داخل الأحياء السكنية، ومنهم من عاد لعصر الأجداد باستخدام الأواني الفخارية كبديل مؤقت للبرادات في حالات الانقطاع المفاجئ للتيار الكهربائي الذي لا يدوم سوى ساعتين يوميا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات