في خطوة جديدة أثارت العديد من التساؤلات حول توقيت اتخاذها وانعكاساتها، أعلنت دولة الإمارات الأربعاء 31 أيار/مايو الفائت، أنها انسحبت قبل شهرين من تحالف القوة البحرية الموحدة الذي تقوده الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بعد تقييم للتعاون الأمني، مضيفة في المقابل عبر بيان لوزارة الخارجية أنها ترفض “التوصيفات الخاطئة” التي وردت لمحادثاتها مع الولايات المتحدة بشأن الأمن البحري.

وزارة الخارجية الإماراتية شددت من خلال البيان ذاته والذي نشرته وكالة أنباء الإمارات “وام” بأن دولة الإمارات تلتزم بالحوار السلمي والسبل الدبلوماسية كوسائل لتعزيز الأهداف المشتركة والمتمثلة في الأمن والاستقرار الإقليميين، مضيفة بأنه “نتيجة لتقييمنا المستمر للتعاون الأمني الفعال مع جميع الشركاء، انسحبت أبو ظبي منذ شهرين من مشاركتها في القوة البحرية الموحدة”.

حول دوافع هذا القرار، كانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قد نقلت عن مسؤولين أميركيين وخليجيين قولهم إن الإمارات ضغطت على الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات أكثر قوة لردع إيران بعد أن احتجز الجيش الإيراني ناقلتي نفط في خليج عمان الأسابيع الأخيرة.

الصحيفة أضافت نقلا عن مسؤولين خليجيين، أن الولايات المتحدة أخفقت في فعل ما يكفي لردع الهجمات التي يشنها وكلاء إيران السنوات الأخيرة مما يقوض إيمانهم بالتزام واشنطن تجاه المنطقة.

انسحاب نهائي؟

البحرية الأميركية استبعدت مسألة انسحاب الإمارات من القوات البحرية الدولية المشتركة، حيث قال متحدث باسم الأسطول الأميركي الخامس لقناة “الحرة” الأميركية إن “الإمارات لا تزال شريكا في القوات البحرية المشتركة، ولا نتحدث عن حجم ومستوى مساهمة الدول الشريكة في تلك القوات”.

Share on WhatsApp
عربي ودولي
بين "الانسحاب" الإماراتي و"التوضيح" الأميركي.. ما هو التحالف البحري الدولي؟
الحرة - دبي
31 مايو 2023
جانب من عمليات القوات البحرية الدولية المشتركة "أرشيف"
جانب من عمليات القوات البحرية الدولية المشتركة "أرشيف"/courteys
جانب من عمليات القوات البحرية الدولية المشتركة “أرشيف”/courteys

 وفقا للموقع الإلكتروني لقوات البحرية المشتركة، فأن الإمارات لا تزال موجودة في عضوية هذه الشراكة البحرية التي تقودها واشنطن.

بدوره، قال مسؤول في الأسطول الخامس لم يكشف عن هويته لـ”الحرة” إن القوات البحرية المشتركة تعد شراكة وليست ائتلافا ومستوى مساهمة الدول الشريكة فيها تحدده هذه الدول.

من جهته يوضح الخبير الأمني والاستراتيجي عمر الرداد بأن سياق تشكيل التحالف البحري الموحد بقيادة الولايات المتحدة عبر الأسطول الأميركي الخامس ومقره البحرين، هو الاعتداءات المتواصلة من قبل إيران ووكلائها على ناقلات النفط والبواخر التجارية.

الرداد يستدرك خلال حديثه لـ”الحل نت” بأن المستجد في الموضوع الآن هو الانسحاب الإماراتي من هذا التحالف، احتجاجا على مواقف أميركية وصفتها أبو ظبي بـ”غير الفعالة” في تنفيذ التزاماتها بأهداف هذا التحالف، إذ واصلت إيران احتجاز ناقلات نفط في خليج عمان دون رد من واشنطن.

حسب “وول ستريت جورنال” فقد سبق لمسؤولين أميركيين أن أكدوا أن الولايات المتحدة تتفهم مخاوف الإمارات وتعمل مع شركاء خليجيين لردع إيران عن استهداف السفن التجارية في المنطقة، كما نقلت الصحيفة عن المتحدث باسم الأسطول الأميركي الخامس قوله، إن واشنطن تتمتع بعلاقات بحرية قوية في جميع أنحاء الشرق الأوسط تمكنها من الرد بطريقة تعاونية على ما وصفه بالعدوان الإيراني الأخير.

الرداد شبه ما حصل بـ”الأزمة الجديدة” والتي تعكس عمق الخلافات بين أبو ظبي وواشنطن المسؤولة عن التحالف البحري الموحد، وبحسب الخبير الأمني إن لدى الإمارات قناعات بأن الولايات المتحدة غير جادة في التعاون الاستراتيجي معها، وذلك استنادا على جمله قضايا منها رفض واشنطن تزويد أبوظبي بأسلحة أميركية، ما دفعها لعقد صفقة ضخمة لشراء طائرات “رافال الفرنسية”، والتوجه لشراء أسلحة أيضا من ألمانيا وتعزيز شراكاتها مع دول أوروبية أخرى بهدف تنويع مصادر السلاح.

القوات البحرية المشتركة

إن القوات البحرية المشتركة، تعد شراكة بحرية متعددة الجنسيات، تهدف لدعم النظام الدولي القائم على القواعد، من خلال مكافحة الجهات غير المشروعة من غير الدول في أعالي البحار، بحسب ما جاء في موقعها الإلكتروني.

كما تعمل هذه القوات على تعزيز الأمن والاستقرار عبر ما يقرب من 3.2 مليون متر ميل مربع من المياه الدولية، والتي تشمل بعضا من أهم ممرات الشحن في العالم، وتضم المنطقة بعض أهم طرق الشحن في العالم والتي شهدت منذ 2019 سلسلة من الهجمات على سفن بالتزامن مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.

هذه القوات المشتركة تتألف من 38 دولة، ويقع مقرها بالقاعدة البحرية الأميركية في البحرين وتعمل على ضمان الأمن ومكافحة الإرهاب والقرصنة في البحر الأحمر والخليج، وفقا للموقع ذاته.

بينما الدول الأعضاء في القوات البحرية الموحدة هي أستراليا والبحرين وبلجيكا، والبرازيل وكندا، إضافة لدنمارك وجيبوتي ومصر وفرنسا وألمانيا واليونان، وكلا من الهند والعراق وإيطاليا واليابان والأردن وكينيا إلى جانب كوريا الجنوبية والكويت وماليزيا وهولندا، وأيضا نيوزيلندا والنروج وعُمان وباكستان والفلبين والبرتغال وقطر، وأخيرا السعودية وسيشيل وسنغافورة وإسبانيا وتايلاند وتركيا واليمن والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، والإمارات التي أعلنت انسحابها.

ما هي وظيفة هذه القوات وفرقها؟

مجالات عمل قوات البحرية الدولية المشتركة الرئيسية تتركز على مكافحة المخدرات والتهريب وقمع القرصنة وتشجيع التعاون الإقليمي، والمشاركة مع الشركاء الإقليميين وغيرهم لتعزيز القدرات ذات الصلة من أجل تحسين الأمن والاستقرار بشكل عام، تعزيز بيئة بحرية آمنة خالية من جهات غير مشروعة ليست من الدول، بحسب ما نقله موقع قناة “الحرة” الأميركية

كما تستجيب أصول القوات البحرية المشتركة في البحر أيضا للحوادث البيئية والإنسانية عند الطلب منها، وتتحد الدول الأعضاء في الرغبة بدعم النظام الدولي القائم على القواعد من خلال حماية التدفق الحر للتجارة، وتحسين الأمن البحري وردع النشاط غير المشروع من قبل الجهات غير الحكومية في منطقة العمليات.

القوات البحرية الدولية المشتركة تتكون من 5 فرق عمل مشتركة هي عمليات الأمن البحري خارج مياه الخليج “سي تي أف 150″، ومكافحة القرصنة “سي تي أف 151”، إضافة لعمليات الأمن البحري داخل مياه الخليج “سي تي أف 152″، وكلا من الأمن البحري للبحر الأحمر “سي تي أف 153”، وتدريب الأمن البحري “سي تي أف 154″، وتعتبر الأخيرة المتخصصة بالتدريب حديثة التأسيس بعد أن أعلنت القوات المشتركة عن إنشائها يوم 22 أيار/مايو الماضي.

“الفرقة 154″، التي يقودها نقيب في البحرية الأميركية، ستعمل على إجراء تدريبات بحرية في مواقع مختلفة في الشرق الأوسط، مما يوسع فرص الدول الشريكة في الحصول على التدريب من دون استخدام سفن أو طائرات، وستنظم تدريبا دوريا يتركز على 5 مجالات، هي الوعي البحري، وقوانين الملاحة، وعمليات الاعتراض، وعمليات الإنقاذ، والدعم، والتنمية القيادية.

من جهته اعتبر قائد الأسطول الخامس، براد كوبر، بأن إنشاء “الفرقة154 “يظهر التزام البحرية الأميركية العميق بتعزيز وتوسيع الشراكات من أجل تعزيز الأمن البحري الإقليمي.

التزامات الدول تجاه التحالف

إسهامات كل بلد مشارك بالتحالف تختلف حسب قدرته على المساهمة بالأصول وتوافرها في أي وقت، إذ تعد القوات المشتركة تحالفا مرنا لا تشترط مستوى معينا من المشاركة من أي دول عضو.

قوات بحرية أمريكية في مياه الخليج (رويترز)
قوات بحرية أمريكية في مياه الخليج (رويترز)

في هذا الإطار، قال مسؤول بالأسطول الخامس لقناة “الحرة” دون الكشف عن هويته إن مساهمة الدول الشريكة في القوات البحرية المشتركة متفاوتة وغير ثابتة وتتغير يوميا دون الحاجة إلى إعلان رسمي، ويمكن أن تختلف المساهمات من توفير ضابط اتصال في مقر القوات البحرية المشتركة بالعاصمة البحرينية المنامة إلى نشر السفن الحربية أو طائرات الاستطلاع البحري.

كما أن الدول الـ 38 التي تشكل القوات البحرية المشتركة ليست ملزمة بأي تفويض سياسي أو عسكري ثابت. ويمكن للقوات أيضا استدعاء السفن الحربية غير المخصصة للتحالف لتقديم الدعم المطلوب، إذ يسمح للسفينة الحربية بتقديم المساعدة بينما تقوم في نفس الوقت بمهام وطنية أخرى.

في موازاة ذلك، استبعد الخبير الأمني والاستراتيجي عمر الرداد، بأن تنسحب الإمارات بشكل كامل من التحالف البحري المشترك، مؤكد أن انسحابها هو بمثابة رسالة بلغة قاسية للولايات المتحدة رغم إعلان أبو ظبي أنها انسحبت قبل الخلاف أي قبل أن تعلن “وول ستريت جورنال” عن ذلك قبل أيام.

 السبب في ذلك، باعتقاد الرداد، هو أن أبو ظبي تلتزم بقانون الوحدة والصراع مع واشنطن بمعنى الوحدة والتحالف في إطار استراتيجي، لكن هناك خلافات في كثير من التفاصيل سواء ما يتعلق بصفقات الأسلحة التي تقدم للإمارات والتي تم الاتفاق عليها وتعطيلها، أو الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة للإمارات لاسيما وأن الأخيرة لديها شكوك عميق بقدرة الولايات المتحدة على الاستمرار بتوفير الحماية والدعم لها، خاصة بعد عمليات الطائرات المسيرة التي نفذها “الحوثيون” ضد مراكز وأهداف داخل الإمارات.

أخيرا، يرى مراقبون بأن توقيت تسريب خبر انسحاب الإمارات من التحالف البحري الموحد بهذا التوقيت غير معزول عن تسارع “تطبيع” العلاقات بين الإمارات وإيران، وهو تسارع لا ينظر إليه في واشنطن بعين الرضا، كما هو حال مساعي المصالحة بين الرياض وطهران.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات