بعد بدء “محافظة دمشق” منح تراخيص العمل بنظام “الأمبيرات” لتوزيع الكهرباء في عدد من أسواق العاصمة السورية دمشق، وسط التقنين الكهربائي الخانق في سوريا، يبدو أن “الأمبيرات” ستصل وتنتشر في مناطق محافظة ريف دمشق أيضا، إذ باتت تنطلق أخبارٌ مفادها بأن المحافظة تدرس كالعاصمة الأسس والمعايير التي ستنظّم عملية منح تراخيص “الأمبيرات”.

انتشار نظام “الأمبيرات” في العاصمة والمدن الكبرى في سوريا يُعد بمثابة اعتراف حكومي بعجزها عن حل أزمة الكهرباء في البلاد، ويبدو أنها بدأت تتعايش مع الأزمة، وأدركت مؤخرا أنها لا تستطيع حل الازمة أو تحسين واقع الكهرباء، لتبدأ بتنظيم البدائل للمواطنين.

“الأمبيرات” تنتشر في سوريا

ثمة تأكيدات نقلها مواطنون مقيمون في بعض مناطق ريف دمشق لموقع “غلوبال” المحلي، مؤخرا، أن نظام “الأمبيرات” بات ينتشر بشكل تدريجي هناك.

مولدات الكهرباء في مناطق الحكومة السورية- “إنترنت”

المواطنون من مدينة حرستا أكدوا للموقع المحلي أنه يوجد بالفعل مولدات كهربائية وبكثرة، ويصل سعر الكيلو وفق نظام الاشتراك إلى 5000 ليرة، فضلا عن أن هناك من يتحدث عن استخدام الشبكة العامة على أنها “أمبيرات”، ويقومون ببيعها للمواطنين بتلك المناطق.

في هذا الصدد، أوضح عضو المكتب التنفيذي بمحافظة ريف دمشق فضل عدم ذكر اسمه بأن المحافظة ولغاية هذه اللحظة لم تشرعن موضوع “الأمبيرات”، ولم تمنح أي موافقة أو ترخيصا لأي شركة من الشركات الخاصة بطلب السماح بالاستثمار في بيع “الأمبيرات” حتى الآن.

كما وأكد عضو المكتب التنفيذي بأن المحافظة تركت الموضوع للمجلس المحلي لتقدير مدى الحاجة وتقدير الأمور، ولاسيما للفعاليات الخدمية والاقتصادية والطبية وغيرها من الفعاليات الهامة شريطة عدم استخدام الشبكة العامة أو أملاك الدولة.

بعد أن بدأت “محافظة دمشق”، منح تراخيص العمل بنظام “الأمبيرات” في عدد من أسواق العاصمة السورية والأحياء السكنية، فمن محتمل جدا أن يتم شرعنة هذا النظام في ريف دمشق والعديد من المناطق والمحافظات الأخرى، مثل حمص وغيرها.

يشار إلى أن الكثير من سكان  محافظة ريف دمشق ولا سيما القاطنين في المناطق البعيدة عن مركز المحافظة يشكون من ارتفاع ساعات تقنين الكهرباء، وعدم وجود برنامج واضح أو أيّة عدالة فيما يخص توزيع التيار الكهربائي ما بين مناطق المحافظة بالتساوي، وفق الموقع المحلي.

غموض حول نظام “الأمبيرات”

نظام “الأمبيرات” يعني الاعتماد على الكهرباء المولدة عن طريق المولدات الصناعية مقابل دفع اشتراك شهري، ويبدو أن الأمر بات واقعا في دمشق و”الحبل على الجرار” كما يقولون، في ضوء معطيات غير مبشّرة بحدوث تحسّن في واقع الكهرباء في المنظور القريب.

مصدر خاص في “وزارة الكهرباء” أكد في وقت سابق لنفس الموقع المحلي، أن الوزارة ليس لها علاقة بنظام “الأمبيرات” ولم ولن تعطي تراخيص لأحد، فالوزارة لديها كهرباء وتعطي كهرباء فقط.

أمر مبهم أن تتهرب الحكومة عن شرعنة نظام “الأمبيرات” رغم انتشارها في الأسواق والمدن، وتقول دوما إن مسؤولية القرار يعود للمجالس المدنية. يبدو أن المسؤولين المعنيين يحاولون عدم الاعتراف بشكل علني بعجز الحكومة في حل أزمة الكهرباء، وبالتالي لا يردون القول بأنها بدأت تمنح الرخص للعمل بنظام “الأمبيرات”.

كما أن القرار ربما قد يؤدي إلى تعميق التفاوت الطبقي ويتنافى مع قرار ترشيد الاستيراد، وفق ما يراه الخبير الاقتصادي عامر شهدا، حول قرار السماح بإعطاء تراخيص وتساءل شهدا أيضا “هل يعني ذلك توفر فائض قطع أجنبي لتمويل المستوردات”، بالتالي تم اختيار استيراد “الأمبيرات” وقطع تبديلها وحاجاتها الأخرى من صيانة ومشتقات نفطية وغيرها.

السؤال الآخر المُثار والمطروح كيف منحت وزارة الاقتصاد إجازات الاستيراد دون ترخيص من “وزارة الكهرباء”، وكيف وصلت المولدات إلى دمشق ومن منح إجازة الاستيراد، ومن هي الشريحة التي تستطيع الاشتراك بـ”الأمبيرات”، وهل تمت دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع.

شهدا أردف أن القرار بالسماح باستخدام “الأمبيرات” يؤدي إلى تعميق التفاوت الطبقي في المجتمع السوري، كما أنه يتنافى مع قرار ترشيد الاستيراد لتوفير القطع الأجنبي وبالتالي هو إرهاق للبلد وليس أكثر من ذلك.

البدء بالنظام في دمشق

على إثر أزمة الكهرباء المستمرة والتي أصبحت تؤرق المواطنين، باتت نسبة كبيرة منهم يعتمدون على نظام كهرباء “الأمبيرات” كحل بديل، الذي يتم إنتاجه من خلال المولدات ويرتبط سعره بسعر المازوت حيث يعتمد عليه مشغّلو المولدات لتشغيل أجهزتهم.

عضو “مجلس محافظة دمشق” سمير دكاك، كشف في تصريحات صحفية سابقة عن بدء العمل بنظام “الأمبيرات” في عدد من أسواق العاصمة دمشق مثل “الشعلان والحمراء والصالحية” بعد أن حصلت على التراخيص اللازمة، مؤكدا أن هذه الحالة ليست معممة إلى الآن، حسبما أفاد لصحيفة “الوطن” المحلية، مؤخرا.

دكاك أردف أن المولدات الخاصة بتوزيع “الأمبيرات” أُزيلت من حديقة “السبكي” إلى مكان آخر في محاولة لتخفيف الضوضاء، لافتا إلى صعوبات تواجه تعميم موضوع “الأمبيرات” في ظل الاكتظاظ السكاني بحيث تحتاج مولدات “الأمبيرات” مساحات واسعة كالحدائق، معترفا بأنه “أننا لغاية الآن لم نتمكن من ضبط موضوع المولدات والمحال الصناعية والمخابر وسط الحصول على تراخيص لهذا الأمر ما يتسبب بإزعاجات للسكان ويتسبب بأضرار للبيئة”.

سعر كيلو الأمبير يساوي 5000 ليرة سورية في ريف دمشق- “إنترنت”

بحسب ما نقلت وسائل إعلام محلية، مؤخرا، فإن مصدرا في مؤسسة الكهرباء، أشار إلى أن موضوع “الأمبيرات” أصبح أمرا واقعا، لافتا إلى أن الجهة المسؤولة عن منح تراخيص “الأمبيرات” هي المحافظة وليست “مؤسسة الكهرباء”.

منذ أن فقدت العائلات السورية الأمل في تحقيق الحكومة لوعودها المتعلقة بتحسين الشبكة الكهربائية، لجأت هذه العوائل للبدائل بحسب القدرة المالية لكل منها، فمنهم من اتجه إلى شراء مولدة صغيرة، أو الاشتراك في المولدات الكبيرة داخل الأحياء السكنية، ومنهم من بقي ينتظر حل الأزمة لعدم قدرته على دفع ثمن البدائل.

تفاقم أزمة الكهرباء وضع السوريين أمام تحديات عديدة في تأمين البدائل، حتى وصلت الأزمة إلى الضغط على جيوب السوريين وراحتهم في الليل. هذا الوضع كان السبب في إنفاق الكثير من العائلات لجزء كبير من دخلهم الشهري لسد احتياجات منازلهم وأماكن عملهم من الكهرباء، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن تنعم هذه العوائل بالكهرباء طوال اليوم، فأوقات تشغيل هذه المولدات تبقى محدودة وتكلفتها عالية، خاصة في ظل عدم التدخل الحكومي بآلية عملها.

بعيدا عن تحدي ارتفاع تكلفة بدائل التيار الكهربائي، فإن أزمة الكهرباء خلقت أزمة جديدة تتعلق بأرق النائمين في المدن السكنية نتيجة استخدام المولدات الكهربائية في بعض الأحياء خلال أوقات الليل، وسط غياب الرقابة الحكومية للفصل بين المشتكين وأصحاب المولدات.

عشرات الشكاوى نقلتها وسائل إعلام محلية، من سكان مناطق متفرقة في دمشق، تتعلق بإزعاج المولدات الكهربائية التي يضعها بعض أصحاب المنازل والمحلات، كذلك فإن بعض المنشآت التي تعمل ليلا كالمخابز، تستخدم المولدات الكهربائية، الأمر الذي يؤرّق نوم العائلات، ويؤثر على طلاب المدارس والجامعات.

أما مَن لا يقوى على دفع البدائل، فيتجه إلى آلة الزمن للعودة إلى الوراء، عبر الشموع التي تُعدّ حاليا أرخص الحلول رغم ارتفاع أسعارها مؤخرا بسبب ارتفاع الطلب عليها من قبل العائلات ذات الدخل المحدود، كذلك فإن البطاريات المخزنة للطاقة تُعدّ أحد الحلول التي تتجه إليها العائلات السورية، من أجل الاستخدامات البسيطة كالإنارة وشحن الهواتف المحمولة.

عليه، من المرجح ووسط ندرة الكهرباء، أن تعتمد جميع المحافظات السورية في الفترة المقبلة على نظام “الأمبيرات” كما هو الحال في مناطق الشمال والشمال الشرقي بسوريا، وحلب وتدريجيا في العاصمة دمشق، خاصة وأن الحكومة السورية غير قادرة على إيجاد حلول لأزمة الكهرباء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات