في محاولة منها سد العجز من الدولار، تسعى الحكومة المصرية مؤخرا لطرح حزمة من الخطط والاجراءات الجديدة تهدف إلى جمع كميات من النقد الأجنبي بسعر فائدة مناسب لسد العجز وتلافيه.

من جهتها نقلت جريدة “البورصة” المصرية، عن مصادر من بنكي “الأهلى” و”مصر” بأنهما يدرسان عددا من المقترحات التي صاغتها إدارات تطوير المنتجات بالبنكين لزيادة الحصيلة الدولارية لكلا منهما، حيث أضاف مصدر من البنك “الأهلى” بأن هناك أكثر من 5 أو 6 مقترحات قدمها موظفو البنك المختصين للإدارة التنفيذية سيتم الاختيار بينها، والموافقة عليهم من قبلها ورفعهم للبنك المركزى للحصول على الموافقة تمهيدا لطرحهم.

من بين المقترحات التي تم تقديمها، شهادات ذات عائد يصل إلى 17بالمئة مع صرف القيمة المعادلة للفوائد بالجنيه المصرى، وآخر بعائد يصل إلى 10بالمئة مع صرف الفوائد بالدولار، وقصر حق الاكتتاب على المصريين مزدوجى الجنسية، أو العاملين بالخارج أو الأجانب.

سد العجز

الباحثة في الاقتصاد الدولي سمر عادل ترى بأن الطرق المتعبة لسد العجز الحكومي من الدولارات تكون على مستويين زمنيين، قصير وبعيد، إذ يكون المستوى القصير عبر اتخاذ سياسات نحو ترشيد الإنفاق بصورة أكبر مما هي عليها الآن والنظر في أوجه الإنفاق وإعادة هيكلته.

جنيه مصري/رويترز
جنيه مصري/رويترز

تضيف عادل خلال حديثها لـ”الحل نت” بأنه على الحكومة القيام بمجموعة قرارات سريعة وجادة تستهدف تحفيز الاستثمار وتوفير فرص تمويلية في ظل سياسات التشديد النقدي الموجودة، وهو ما يعني وجود سعر فائدة مرتفع وهو ما يكون له تأثير سلبي على المشروعات وفرص التمويل.

عادل ترى بأن تقوم الحكومة بمجابهة السوق السوداء ومنع الدولرة بطرق أكثر صرامة، والعمل أيضا من ناحية أخرى على تقليل مستويات الدين الخارجي.

أما على المستوى الزمنى المتوسط والبعيد، تقول عادل بأنه يجب الاستمرارية على تقليل مستويات الدين الخارجي، بالإضافة إلى العمل على توفير بدائل للواردات عبر الإنتاج المحلي والتحول من دولة مستهلكة تقوم على جلب الواردات إلى دولة مصدرة لجلب عملة صعبة للبلاد، وهو ما يحتاج إلى محفزات تمويلية لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة من أجل جعلها مشاريع منتجة ومصدرة.

في موازاة ذلك طرحت الحكومة المصرية منذ آذار/ مارس 2022 عدة مبادرات لجمع أكبر حصيلة ممكنة من العملة الصعبة، من بينها طرح قطع أراض مميزة بالدولار، والسماح باستيراد سيارات معفاة من الجمارك والضرائب شريطة وضع قيمتها بالدولار لمدة 5 سنوات وصرفها بالجنيه وقت استحقاق الوديعة.

حول ذلك نقلت وكالة “سي إن إن” العربية عن  الدكتور فخري الفقي رئيس “لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري”،  قوله بأن اللجنة وافقت من حيث المبدأ على مد العمل بقانون منح تيسيرات للمصريين بالخارج لاستيراد سيارات من الخارج؛ لزيادة الحصيلة الدولارية من القانون، من خلال منح مُدة للمتقدمين للمبادرة لاستيراد السيارات من الخارج لمدة 5 أعوام،  والاستفادة من وقت هذه المبادرة لمدة شهرين إضافيين لكي يتسنى للمصريين المقيمين في الخارج الاستفادة من التعديل.

أسباب الارتفاع والأزمة

السبب وراء ارتفاع نسبة الفائدة سواء على الأوعية الادخارية بالدولار الأميركي أو بالجنيه، تعلق عادل، بأن هناك محاولات عدة لجذب الدولار، حيث كان أحد الحلول المطروحة، هي فكرة رفع نسبة الفائدة على الأوعية الداخلية للدولار كمحاولة لجذب الدولارات إلى البنك في خضم أزمة تعاني منها مصر.

أما بالنسبة للأوعية الادخارية المتعلقة بالجنيه، تقول الباحثة الاقتصادية، بأنه أيضا هناك محاولات لجذب السيولة إلى البنك لمجابهة التضخم، وخاصة أن معدلات التضخم الآن في مصر ليست بالقليلة، وأحد هذه الآليات الأكثر شهرة هي جذب السيولة إلى البنوك عبر الفائدة على المدخرات، وبالتالي هذا يعد جزء من محاولات مجابهة التضخم.

بينما الأسباب الكامنة وراء هذه الأزمة، توضح عادل، بأن هناك أسباب عدة، منها أن مصر دولة مستوردة ومجتمع مستهلك، أي أن شق الواردات المصرية أعلى من الصادرات، وهذا يعني خلل في الميزان التجاري وعجز في ميزان المدفوعات، وبالتالي يكون له تأثير سلبي على الدولار.

المشروعات ذات المكون الدولاري التي كانت قائمة في الفترة السابقة كان لها تأثير سلبي على الدولار أيضا، إلا أن توقفها جاء إيجابيا، وفق عادل، كذلك مصر تعتمد على السياحة، إلا ان الأخيرة تأثرت نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية. حتى وإن عادت بشكل قليل الآن، لكن كان لذلك تأثير سلبي أيضا على الدولار.

عادل ترى بأن زيادة أسعار بعض المنتجات في مصر وعلى رأسها القمح، يشكل إحدى الأزمات، لأنها تعتمد على استيراده من الخارج وهذا يتطلب تكلفة كبيرة من الدولارات، وتشير إلى أن السلع الغذائية الأساسية أو حتى السلع غير الأساسية كثير منها يتم استيرادها من الخارج، وذلك يسبب جزء من الأزمة أيضا، لأنه يأخذ من حصيلتها الدولارية، بالإضافة إلى القروض وفوائدها له تأثير سلبي كون مصر دولة غير منتجة أي دولة شبه ريعية.

إلى ذلك تعاني مصر من نقص في السيولة الدولارية بسبب خروج رؤوس الأموال الأجنبية بعد الحرب الروسيا الأوكرانيا، واندلاع التضخم المُصاحب لزيادة أسعار الطاقة بعد العقوبات على روسيا، ما دفع البنوك المركزية الكبرى لتشديد السياسة النقدية، ما عزز شهية المستثمرين نحو الملاذات الآمنة والخروج من الأسواق الناشئة.

ذلك أدى لنشاط السوق الموازية التي يُتداول الدولار فيها بمستويات أعلى بأكثر من 20 بالمئة من السعر الرسمي الذي استقر عند 30.9 جنيه منذ كانون الثاني/يناير الماضي، وتسبب ذلك في تراجع تحويلات المصريين بالخارج 23 بالمئة إلى 12 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالي الحالي مقابل 15.6 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفقا لجريدة “البورصة” المصرية.

الشهادات الدولارية

بسعر فائدة يعد من أعلى العوائد المقدمة في البنوك بمصر، بدأت بنوك مصر و”الأهلي” المصري و”التجاري الدولي”، بطرح شهادات ادخار دولارية حاليا بهدف إتاحة وعاء ادخاري للعملاء يضمن لهم استثمار أموالهم بعائد مرتفع، بحسب ما نقله موقع “مصراوي”.

البنك الأهلي المصري/وكالات مصرية
البنك الأهلي المصري/وكالات مصرية

إذ تتيح البنوك لعملاء الشهادات الدولارية صرف عائد دوري منتظم شهري أو ربع سنوي أو سنوي، وإمكانية كسرها بعد مرور 6 شهور من على شرائها لاسترداد أصل قيمة الشهادة، وكذلك إمكانية الحصول على بطاقة ائتمان بضمانها.

في سياق ذلك، طرح البنك “الأهلي” شهادة ادخار مميزة بأجل 3 سنوات، وتتميز بأنه يتم صرف عائد ثابت يصل لـ19 بالمئة، وتصل مدة الادخار في هذه الشهادة لـ 3 سنوات، وتمتاز أيضا بأن لها عائدا ثابتا طوال مدة الشهادة، إضافة لذلك فإنه يجرى احتساب العائد من الشهر التالي لشهر الشراء، كما ويصل الحد الأدنى لشراء شهادة الادخار لـ1000 جنيه ومضاعفاتها.

كما يتم استرداد الشهادة بكامل قيمتها في نهاية المدة “القيمة الاسمية + العوائد المتبقية بعد الخصم قيمه الأقساط”، ويمكن استردادها في أي وقت من تاريخ الشراء وفقا ورغبة العميل بالقيمة التي تم شراء الشهادة بها، بحس ما نقله موقع “المصري اليوم”.

من جانبه قدم بنك “مصر” شهادة ادخار بعائد سنوى متناقص يبدأ بـ 22 بالمئة في السنة الأولى و18 بالمئة في السنة الثانية، و16 للسنة الثالثة، يصرف عائدها شهريا، بينما قام بنك “سي أي بي” مصر، برفع العائد على شهادات الادخار الثلاثية ذات العائد الثابت ليصبح العائد على شهادة بريميوم 18 بالمئة سنويا و17 بالمئة شهريا، بحيث يكون الحد الأدنى لشراء الشهادة مليون جنيه ومضاعفات الألف جنيه.

كذلك رفع البنك العائد على شهادة “بلس” الثلاثية إلى 17.5 بالمئة سنويا و16.5 بالمئة شهريا، بحيث يكون الحد الأدنى للشراء 200 ألف جنيه ومضاعفات الألف جنيه، هذا ويصل الحد الأدنى لشراء شهادة الادخار من بنك “سي أي بي” مصر 100 ألف جنيه، ومضاعفات الألف جنيه.

أخيرا يحاول الجهاز المصرفي المصري اتباع طرق لجمع كمية من النقد الأجنبي “الدولار” لسد العجز، إلا أن الحل الأمثل للخروج من هذه الأزمة هو انتقال مصر بشكل جذريا من دولة شبه ريعية إلى دولة إنتاجية، وهذا هو الخيار الأنسب لاستقرار وازدهار اقتصاد البلد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات