في ظل العجز عن تأمين رواتب “جيدة“.. وزارة التربية السورية تضع شروطا للاستقالة

تزامنا مع استمرار تدهور الوضع المعيشي في سوريا، تتفاقم ظاهرة الاستقالات من المؤسسات التابعة للحكومة السورية، في وقت تحاول الحكومة فيه منع الموظفين من الاستقالة، عبر فرض شروط جديدة على طلبات الاستقالة، أو التهديد بالغرامات والسجن لكل من يتغيب عن عمله بدون حصوله على موافقة رسمية لطلب الاستقالة.

ارتفاع معدلات الاستقالة من المؤسسات الحكومية، تسبب بحدوث نقص كبير في كوادر العمل في مختلف المؤسسات، حيث أكدت وزارة التربية، أنها تعاني من نقص كبير في الكوادر التدريسية في مختلف المحافظات السورية، في وقت تتجه فيه الوزارة إلى التضييق على طلبات الاستقالة.

مدير التنمية الإدارية في وزارة التربية السورية سامر الخطيب، أكد أن الوزارة فرضت شروطا على الموظف ليتمكن من تقديم طلب الاستقالة، أبرزها أن يكون قد مرّ على خدمته 30 عاما، مشيرا إلى أن المديريات التابعة للوزارة يحق لها أن ترفض الطلب وفق رؤيتها ومدى حاجة المديرية لخدمات الموظف.

نقص كبير في الكوادر

الخطيب قال خلال لقاء مع إذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، إن ارتفاع معدلات الاستقالة ساهم بنقص كبير في الكوادر التعليمية، وأضاف “في ظل النقص الحاصل في الكوادر، اضطرينا لوضع بعض الضوابط لطلبات الاستقالة من ضمنها بلوغ خدمات الموظف 30 سنة، إضافة لشروط أخرى”.

الخطيب أشار كذلك إلى أن قبول الاستقالة من قبل المديريات، يكون تبعا لإمكانية الاستغناء عن خدمات العامل، في وقت يكون قبول الاستقالة أكثر احتمالية في حال كان يتعلق لأسباب صحية تمنع العامل أو الموظف من استكمال المهام الموكلة إليه.

الحكومة السورية تلجأ إلى فرض هذه الشروط، في محاولة منها السيطرة على تفاقم ظاهرة الاستقالة من المؤسسات الحكومية، التي ارتفعت وتيرتها خلال السنوات القليلة الماضية، مع تدني قيمة الأجور والرواتب في سوريا، حيث يبغ متوسط الراتب الحكومي نحو 150 ألف ليرة سورية، وهي لا تغطي تكاليف المواصلات بالنسبة لبعض الموظفين.

كذلك لجأت الحكومة مؤخرا إلى التهديد، بتطبيق أحكام المادة 364 من قانون العقوبات المعدل بمقتضى المرسوم التشريعي ذي الرقم /46/ لعام 1974، بالحبس من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن الراتب الشهري مع التعويضات لمدة سنة كاملة، كل من ترك عمله أو انقطع عنه من العاملين في الوزارات أو الإدارات أو المؤسسات أو الهيئات العامة أو البلديات أو أي من جهات القطاع العام أو المشترك.

لجوء إدارة المؤسسات إلى عدم قبول طلبات الاستقالة، دفع الموظفين إلى ترك عملهم، حتى ولو لم يحصلوا على موافقة رسمية بقبول الاستقالة، فقد أفادت صحيفة “تشرين” المحلية، بأن الأشهر القليلة الماضية شهدت ازديادا كبيرا في أعداد الموظفين الراغبين في الاستقالة، تزامنا مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي أثّرت في الجميع، نتيجة ارتفاع الأسعار والتضخم غير المسبوق.

ضعف الأجور والفساد

تقرير صادر عن “اتحاد العمال السوريين”، أفاد بارتفاع أعداد المستقيلين ومقدّمي طلبات الاستقالة من القطاع العام خلال النصف الأول من العام الجاري، مسجلا استقالة 400 موظف في محافظة السويداء، و300 آخرين في محافظة القنيطرة أغلبهم من قطاع التربية.

قد يهمك: هل يصلح “الفطر” ليكون بديل اللحم في سوريا بعد غلاء الأسعار؟

كذلك سجلت محافظة اللاذقية 516 طلب استقالة، بينها 230 طلبا من عمال في شركات الغزل، و149 من عمال في مؤسسة التبغ، و58 من عمال في قطاع الزراعة، و31 طلبا من عاملين في مديرية الصحة، و48 طلبا من موظفين في مختلف القطاعات الأخرى.

خبير بالإدارة العامة، عبد الرحمن تيشوري، أشار إلى أن تفاقم ظاهرة الاستقالة من المؤسسات الحكومية هو نتيجة ضعف الأجور والفساد، “مؤكدا أن القطاع العام وصل للإفلاس الإداري”، حيث أن هنالك عجز كبير بالأداء المؤسسي، ناهيك عن مشكلات الفساد المالي والإداري والتّسيب وعدم حماية وحراسة المؤسسات في الوقت الذي تكشف فيه الرقابة عن اختلاس 10 ملايين ليرة سورية يوميا.

تيشوري أكد كذلك أن نحو 50 بالمئة، من الشباب الذين لديهم خبرة واسعة هاجروا، ومن المتوقع أن تزيد هذه النسبة في حال لم يكن هناك رد فعل قوي من الحكومة، لحل مشاكل الموظفين، لا سيما فيما يتعلق بالرواتب والأجور، فرواتب بعض الموظفين لا تكاد تكفيهم تكاليف النقل ووصولهم إلى مكان عملهم.

الحكومة في دمشق تقف عاجزة أمام انهيار قيمة الرواتب والأجور في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية للأُسر السورية، فضلا عن انهيار العملة المحلية، الذي أفقد الرواتب في سوريا نسبة كبيرة من قيمتها، وهذا ما دفع المئات من موظفي المؤسسات الحكومية السورية إلى الاستقالة مؤخرا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات