“لا تكفي حتى لشحن الموبايلات“.. ارتفاع ساعات التقنين الكهربائي في سوريا

طوال فصل الشتاء كان المسؤولون الحكوميون في وزارة الكهرباء السورية، يطلقون الوعود بشأن تحسن واقع التغذية الكهربائية في سوريا بعد انتهاء الشتاء، وذلك بدعوة ارتفاع معدلات الاستهلاك خلال فترات انخفاض درجات الحرارة في الشتاء، كون الأهالي يستخدمون الكهرباء في تشغيل وسائل التدفئة.

لكن ما إن دخل فصل الصيف حتى بدأت وزارة الكهرباء تتنصل من وعودها، حتى وصل الأمر إلى إقرار زيادة ساعات التقنين في بعض المناطق خلال الأيام القليلة الماضية، لتصل في كثير من المناطق إلى نحو 20 ساعة يوميا، في ظل عجز الحكومة عن تأمين الحد الأدنى من حاجة السوريين من التيار الكهربائي.

منصة “غلوبال نيوز” المحلية، أفادت بأن برنامج التقنين الكهربائي المطبّق في العاصمة دمشق، شهد خلال الأسبوع الماضي تغيرا ملحوظا، حيث انخفضت ساعات التغذية الكهربائية من ساعتين مقابل 6 ساعات قطع إلى ساعة واحدة فقط، تزامنا مع الحاجة الماسة للكهرباء في ظل ارتفاع درجات الحرارة واعتماد الأهالي على الكهرباء في تبريد المياه والعديد من الأعمال اليومية.

تبريرات حكومية

وكعادتهم، حال المسؤولين المعنيين إطلاق تبريرات عشوائية، لتغطية عجز الحكومة عن تأمين الكهرباء، حيث أوضح مدير عام شركة كهرباء دمشق لؤي ملحم، في تصريح للمنصة المحلية، أن سبب انخفاض ساعات التغذية الكهربائية التي لمسها قاطنو مدينة دمشق هو وجود مشكلة في توليد الكهرباء، مفضلا عدم تحديدها.

“لا تكفي حتى لشحن الموبايلات” أوضحت رولا شيخ خالد وهي ربة منزل تعيش في العاصمة دمشق، أن الكهرباء لا تأتي لمنزلها سوى 4 ساعات يوميا وهذا هو الحد الطبيعي، إضافة إلى أنها قد تنقطع لأيام متتالية في حال وجود عطل ما في الشبكة الكهربائية.

شيخ خالد قالت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “كل شهر هناك نظام جديد في التقنين، وغالبا ما تزيد ساعات القطع، في الشتاء تكون مبرراتهم ارتفاع معدلات الاستهلاك، وفي الصيف لديهم أيضا مبررات، دائما المبررات موجودة والنتيجة واحدة لا كهرباء، اشتراك الأمبير أصبح 80 ألف شهريا ولا نستطيع تحمل هذه التكاليف”.

في ظل استمرار أزمة الكهرباء بسوريا، يواجه الأهالي تحديات كبيرة لتأمين التيار الكهربائي لسد احتياجاتهم اليومية، خاصة مع فشل الحكومة الإيفاء بوعودها المتعلقة بتحسين ساعات التغذية الكهربائية، بعدما وصلت ساعات التقنين مؤخرا إلى 20 ساعة في بعض المناطق، فضلا عن الأعطال التي تُغيّب التيار لأيام وأسابيع متتالية.

قد يهمك: بسبب رداءة التعليم.. الدروس الخصوصية تلتهم مدخرات السوريين

الحكومة يبدو أنها بدأت تتعايش مع الأزمة، وأدركت مؤخرا أنها لا تستطيع حل الازمة أو تحسين واقع الكهرباء، لتبدأ بتنظيم البدائل للمواطنين، لا سيما فيما يتعلق بالمولدات الكهربائية المحلية المنتشرة في الأحياء السكنية لتزويد المنازل والمنشآت التجارية بالكهرباء.

تراخيص للأمبيرات

في مؤشر يؤكد على عجز الحكومة على حل أزمة الكهرباء، بدأت “محافظة دمشق”، منح تراخيص العمل بنظام الأمبيرات  في عدد من أسواق العاصمة السورية والأحياء السكنية، وذلك في ظل غياب الكهرباء معظم ساعات اليوم.

نظام “الأمبيرات” يعني الاعتماد على الكهرباء المولدة عن طريق المولدات الصناعية مقابل دفع اشتراك شهري، ويبدو أن الأمر بات واقعا في دمشق و”الحبل على الجرار” كما يقولون، في ضوء معطيات غير مبشّرة بحدوث تحسّن في واقع الكهرباء في المنظور القريب.

مصدر خاص في “وزارة الكهرباء” أكد في وقت سابق لنفس المنصة المحلية، أن الوزارة ليس لها علاقة بنظام “الأمبيرات” ولم ولن تعطي تراخيص لأحد، فالوزارة لديها كهرباء وتعطي كهرباء فقط.

أمرٌ مبهم أن تتهرب الحكومة عن شرعنة نظام “الأمبيرات” رغم انتشارها في الأسواق والمدن، وتقول دوما إن مسؤولية القرار يعود للمجالس المدنية. يبدو أن المسؤولين المعنيين يحاولون عدم الاعتراف بشكل علني بعجز الحكومة في حل أزمة الكهرباء، أو تحمّل المسؤولية حيال هذا الأمر الذي له آثار سلبية على البيئة حتما.

كما أن القرار ربما قد يؤدي إلى تعميق التفاوت الطبقي ويتنافى مع قرار ترشيد الاستيراد، وفق ما يراه الخبير الاقتصادي عامر شهدا لأحد المواقع المحلية مؤخرا، حول قرار السماح بإعطاء تراخيص وتساءل شهدا أيضا “هل يعني ذلك توفر فائض قطع أجنبي لتمويل المستوردات”، بالتالي تم اختيار استيراد “الأمبيرات” وقطع تبديلها وحاجاتها الأخرى من صيانة ومشتقات نفطية وغيرها.

هذه الفرضية أكدها أحد المسؤولين في المجالس البلدية، حيث قال في تصريحات صحفية سابقة، أنه على الرغم من ارتفاع أسعارها، فكلفتها مرتبطة بسعر المازوت ولذلك ليس بمقدور الجميع الاشتراك، حيث يمكن أن يشترك أصحاب الورشات ومن لديهم قدرة مالية، أما الفقراء في حال اشتراكهم بـ”الأمبيرات” فلا يتعدى الاشتراك الأمبير الواحد لتشغيل البراد أو الإنارة فقط.

أما مَن لا يقوى على شراء حتى أمبير واحد، فيتجه إلى آلة الزمن للعودة إلى الوراء، عبر الشموع التي تُعدّ حاليا أرخص الحلول رغم ارتفاع أسعارها مؤخرا بسبب ارتفاع الطلب عليها من قبل العائلات ذات الدخل المحدود، كذلك فإن البطاريات المخزّنة للطاقة تُعدّ أحد الحلول التي تتجه إليها العائلات السورية، من أجل الاستخدامات البسيطة كالإنارة وشحن الهواتف المحمولة وغيرها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات