لا يزال القطاع الطبي في سوريا يتلقى ضربات موجعة في ظل استمرار الانهيار الاقتصادي التي تعاني منه البلاد منذ سنوات، ونتيجة لزيادة الأعباء المادية على السوريين وضعف القطاع الطبي العام، فقد شهدت البلاد مؤخرا إهمال المواطنين لصحتهم بسبب عدم قدرتهم على تحمّل تكاليف العلاج من مختلف الأمراض.

هذا الأمر يهدد بكارثة محتملة على صحة الإنسان في سوريا، فقط الألم الخارج عن التحمل يدفع السوريين إلى الذهاب إلى الطبيب أو المشفى، فهم يقولون إن ألم العلاج في كثير من الأحيان يكون أصعب من ألم المرض، في ظل ارتفاع تكاليف زيارة المراكز الصحية في البلاد.

قطاع طب الأسنان كغيره من الاختصاصات الطبية في سوريا، أصبح مهددا بسبب الفجوة الكبيرة في الأسعار بين التكاليف التي تتحملها المراكز والعيادات، وبين قدرة المرضى الشرائية، حيث أصبحت زيارة طبيب الأسنان تسبب ألما للمواطن يضاهي ربما ألم الأسنان.

تكاليف مرتفعة

خلال الأيام القليلة الماضية، شهدت تكاليف علاج الأسنان في سوريا ارتفاعا جديدا، حيث أفاد تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، برفع عيادات الأسنان لأسعار خدماتها، لتصل تكلفة سحب العصب إلى 170 ليرة سورية، والقلع 50 ألف ليرة، في حين بلغت تكلفة تنظيف السّن مع حشوة عادية 45 ألف.

أما تلبيس الأسنان فبلغت تكلفته نحو 300 ألف ليرة سورية للسن الواحد بمادة الخزف، أما مادة “الزيركون” فتصل تكلفتها إلى 600 ألف ليرة سورية للسّن الواحد، لتصل تكلفة زراعة السّن في سوريا إلى مليونين ونصف ليرة سورية، وهذه الأرقام تُعد “أرقام فلكية” بالنسبة للمواطن الذي لا يتجاوز متوسط دخله شهريا مئتي ألف ليرة.

معاناة ارتفاع الأسعار لم تقتصر فقط على المرضى والمواطنين، بل إن الأطباء اشتكوا كذلك من ارتفاع الأسعار، الذي خفّض الإقبال على عيادات الأسنان، فضلا عن الارتفاع المتواصل بالتكاليف الأمر الذي يجبرهم على رفع الأسعار باستمرار.

“المعاينات الدورية انخفضت بشكل كبير” قال علاء خفاجي وهو طبيب أسنان يعمل في مدينة حلب، مؤكدا أن نحو 90 بالمئة من المراجعات التي تأتيه، هي مراجعات إسعافية، فارتفاع الأسعار جعل معظم الناس يهملون صحة أسنانهم بشكل كبير.

قد يهمك: رامي مخلوف يهاجم رجال السلطة في سوريا.. التضييق يزداد على ابن خال الأسد؟

خفاجي، أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “للأسف جميع مراجعاتنا إسعافية، وتكون لأشخاص لم يتمكنوا من تحمل آلام أسنانهم، المراجعات الدوري اختفت تقريبا، جميع الأهالي يخافون من ارتفاع الأسعار، الذي يؤثر كذلك علينا بشكل كبير، جميع الأطباء باتوا يتجهون لخيار الهجرة بسبب الوضع الاقتصادي الذي لا يوفر لا مريض ولا طبيب”.

القطاع الصحي في انحدار

كأحجار الدومينو تتساقط القطاعات الحيوية في سوريا، حيث إن الوضع الاقتصادي المتدهور ينعكس بدوره على كافة القطاعات الأخرى، وقد أثّر ذلك بشكل كبير على القطاع الطبي الذي يواجه خطر الانهيار منذ سنوات،  لا سيما مع استمرار ظاهرة هجرة الأطباء خارج البلاد أملا في الحصول على فُرص عمل أفضل.

الوضع الطبي دخل في مرحلة جديدة من المعاناة، بعدما بدأ يعاني مؤخرا من نقص في كوادر التمريض، متأثرا بتراجع الوضع المعيشي في البلاد، حيث أعلنت العديد من المشافي السورية مؤخرا، عن نقص في كوادر التمريض، بعد موجة الاستقالات التي واجهتها مؤخرا، في ظل عجزها عن إيجاد كوادر بديلة.

الجهات الحكومية أصدرت العديد من القرارات في محاولة منها للحدّ من هجرة الأطباء، لكنها فشلت في تحقيق الأهداف التي أعلنت عنها حول المحافظة على الكادر الطبي، هذا فضلا عن الأخطاء الطبية المتكررة التي أودت بحياة عشرات السوريين خلال السنوات القليلة الماضية، نتيجة ضعف الكادر الطبي.

مشروع قرار جديد تعتزم الحكومة السورية تطبيقه في محاولة للمحافظة على الكادر الطبي المتبقي في سوريا، حيث بيّن عضو “اللجنة الدستورية والتشريعية” في مجلس الشعب فيصل جمو،ل في تصريحات لصحيفة “الوطن” المحلية قبل أسابيع، أن مشروع القانون الخاص برفع سنّ انتهاء خدمة الطبيب البشري للأطباء العاملين في القطاع العام، تضمّن رفع السّن التقاعدي إلى 65 عام.

بموجب القرار يحق للطبيب بعد التقاعد في سن 65 عام، طلب التمديد بشكل اختياري حتى سن 70 عام، وتكون الموافقة على طلب التمديد من الوزير المختص، وذلك بعد تعديل المادة الواردة من الحكومة في هذا الصدد والتي كانت تنصّ على أنه يحتاج إلى موافقة رئيس مجلس الوزراء.

مشروع القرار الذي تحدّث عنه كذلك نقيب الأطباء في سوريا غسان فندي، يطرح التساؤلات حول جدوى القرار وإمكانية مساهمته فعلا في المحافظة على الأطباء، وتخفيف الفاقد من الكوادر الطبية السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات