المطاعم المتنقلة في سوريا.. أدوات تتحدى الواقع الاقتصادي وتحارب من الحكومة!

في سوريا ينشغل الأهالي باستمرار فيما يخص عمليات البحث عن أدوات أو مِهن جديدة، من شأنها أن تساعدهم في مواجهة الأزمات المعيشية التي تتفاقم باستمرار، مع تواصل انهيار قيمة العملة المحلية، حيث وصل سعر الدولار الأميركي في سوريا إلى نحو 14 ألف ليرة سورية للدولار الواحد.

هذه المواجهة جعلت السوريين يعملون ربما في أكثر من وظيفة وبدوامين يوميا، فضلا عن انخراطهم في مِهن جديدة لم يكونوا قد اعتادوا عليها من قبل، خاصة العاملين في القطاع الحكومي، هؤلاء غالبا ما تجدهم يعملون بوظيفة أخرى أو مهنة أخرى بعيدة ربما عن وظيفتهم بعد انتهاء دوام الوظيفة يوميا.

من بين المِهن التي انتشرت مؤخرا في المدن السورية، مهنة “المطعم المتنقل”، التي وجد بها مئات الشباب في سوريا فرصة إضافية لزيادة دخلهم، في محاولة لمواكبة موجات ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة التي لا تنتهِ، إلا أنهم واجهوا صعوبات بسبب القرارات الحكومية، التي بدأت تعرقل السوريين وتحرمهم من فرصتهم في مواجهة صعوبات الحياة.

مطاعم متنقلة

المطعم المتنقل بحسب ما نقلت صحيفة “الوطن” المحلية، هو عبار عن سيارة صغيرة فيها معدات بسطة طعام لأكلات بسيطة، يتجول في أحياء المدن وتبيع السندويشات الشعبية وبعض الأطعمة، إذ يؤكد أصحابها، أن ما دفعهم لاتخاذ السيارة مركزا للعمل هو ارتفاع إيجارات المحال التجارية إلى أرقام خيالية، وعليه سيكون أيّ مشروع خاسر، كما أن العمل المتنقل يوفر مصاريف كبيرة متعلقة بالضرائب وتجهيزات المطعم من طاولات وكراسي وغيرها.

“مافي مشكلة بالرقابة بس التضييق مستمر”، قال شادي نجاري وهو صاحب مطعم متنقل يعمل في العاصمة دمشق، مؤكدا أن المطعم المتنقل ساعده كثيرا على توفير احتياجاته، حيث يعمل على السيارة مع صديقه يوميا في بيع بعض السندويشات الشعبية البسيطة إضافة للوجبات السريعة.

نجاري أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “الجهات الحكومية تقول إنها ستزيل هذه السيارات بدعوى الرقابة الصحية، وتارة يقولون سيتم تخصيص ساحات مخصصة لهذه المطاعم، هذه القرارات ستفرغ فكرة المطعم من مضمونها، وستكون مجحفة بحقنا”.

نجاري، أكد أن وتيرة عمل المطعم معتمدة بشكل أساسي على التنقل حتى ولو بشكل أسبوعي بين منطقة وأخرى، كذلك فإن المطعم المتنقل تكاليفه بسيطة، فهو يقتصر على معدات بسيطة، بعيدا عن دفع فواتير الكهرباء والإيجارات المرتفعة.

قد يهمك: زيادة تكاليف العودة للموسم الدراسي بسوريا.. هل يتراجع عدد الملتزمين بالمدرسة؟

مدير الأملاك العامة بمحافظة دمشق حسام سفور، أوضح أن قرار منح رخص لسيارات طعام جاء لضبط بعض الحالات العشوائية المنتشرة في شوارع المحافظة، وجاء بعد ورود العديد من الطلبات إلى المحافظة، وبناءً عليه تم اقتراح الترخيص وتخصيص ساحات لتجمّع هذه السيارات، وليس حالات فردية للبيع، ذلك لعدم إشغال الطرقات نظرا لضيق الشوارع في دمشق وتفادياً للازدحام.

سفور، أشار في تصريحات نقلتها الصحيفة المحلية، إلى أنه “سيتم وضع رسوم شهرية مقابل خدمات النظافة اليومية أو الأسبوعية ستحدد قيمتها لاحقا، بالإضافة إلى وضع رسم إشغال وفق القانون المالي لوحدات الإدارة المحلية المحدد بـ 3000 ليرة سورية على المتر المربع يوميا، بحيث إذا كانت مساحة الموقع 10 أمتار سيكون الرسم اليومي 30 ألف ليرة علما أن الرسوم سيتم تقاضيها سنويا”.

المطاعم المتنقلة والبسطات أحيانا، تشهد مؤخرا إقبالا متزايدا من قبل السوريين، وذلك لانخفاض أسعار المأكولات لديها مقارنة بالمطاعم الرسمية، إذ غالبا ما يسعى السوريون إلى البحث عن أكلات شعبية تناسب مداخيلهم التي تفقد قوتها الشرائية شيئا فشيئا.

“الكبة الصقاقية”

في مدينة حلب مثلا تشتهر الكبة المقلية أو كما تُعرف “الكبة الصقاقية”، وتلقى إقبالا واسعا من الأهالي بسبب أسعارها المنخفضة وانتشارها في شوارع المحافظة، حتى كادت تتفوق على الفلافل وهي الأخرى من أشهر الأكلات الشعبية في عموم المحافظات السورية.

تقرير لمنصة “غلوبال نيوز” المحلية، أكد أن أكلة “الكبة الصقاقية”، تحولت مؤخرا إلى أبرز الأطعمة التي يتناولها الأهالي بوصفها “أكلة الدراويش” الأولى، خاصة بعد ارتفاع أسعار جميع المأكولات الشعبية، حيث وصل سعر سندويشة الفلافل إلى نحو 5 آلاف ليرة سورية.

بحسب تقرير المنصة، فإن الإقبال على هذه الأكلة المشهورة في شوارع حلب ارتفع مؤخرا، “حيث يقصدها العمال البسطاء لسد جوعهم بعد يوم عمل شاق، أو عند المرور مرور الكرام من المنطقة المصنفة تجارية، فتدعوهم الأكلة الشعبية إلى تناولها”.

الكبة الصقاقية، هي نوع من أنواع الكبّة الحلبية، وتصنع من البرغل ويضاف إليها البهارات المطيّبة، ثم تتم عملية طهيها بالزيت وتبقى مطلوبة من الناس بسبب سعرها المنخفض، مقارنة بأكلات شعبية أخرى

الإقبال على هذه الأكلات جاء نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الوجبات السريعة المصنوعة من لحم الدجاج واللحوم الحمراء كالشاورما، حيث يبدأ سعر السندويشة التقليدية من 10 آلاف ليرة سورية، وفي دمشق من 12 ألف ليرة، لكنه وصل إلى 22 ألف ليرة في محال  مشهورة في الشعلان، بينما وضعت مطاعم أخرى عدة أسعار للسندويشات تبدأ من 12 ألف ليرة ثم 15 ألف ليرة ثم 18 ألف ليرة، ويمكنك طلب سندويشة بـ 20 ألف ليرة حسب الرغبة.

كذلك تراوح سعر كيلو الشاورما بين 100 – 125 ألف ليرة سورية، تبعا للمطعم وموقعه، بينما يبقى سعر الفروج البروستد أرخص من كيلو الشاورما بسعر 75 ألف ليرة سورية، كأقصى حدّ يمكن أن يصل إليه في دمشق، ما جعله خيارا أفضل للأُسر التي ترغب بتناول الطعام الجاهز.

الارتفاع بالطبع لم يوفّر الأكلات الشعبية التي يلجأ إليها عادة السوريون من أجل الحصول على الغذاء بأقل تكاليف ممكنة، حيث ارتفع سعر قرص الفلافل ثلاثة أضعاف، وبحسب تقرير الصحيفة فإن تحضير وجبة من الفطور بأكلات شعبية خفيفة بات يكلّف نحو 50 ألف ليرة لشراء نصف كيلو فول ومثله مسبحة ونحو 30 قرص فلافل وكمية قليلة من المخلل وتضاف إليها تكلفة الخبز والشاي والسكر.

قرص الفلافل بلغ سعره في الأسواق السورية اليوم أكثر من 200 ليرة سورية، في وقت أكدت فيه صحيفة “الوطن” المحلية، أن هذا السعر مرشّح للارتفاع بحسب عدد من أصحاب المحال المختصة ببيع المأكولات الشعبية، وذلك كنتيجة طبيعية لارتفاع تكاليف إعداد المأكولات بأنواعها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات