إعلان العديد من وجهاء السويداء والمرجعيات الدينية الدرزية في المدينة خلال الأيام الماضية، تأييدها الاحتجاجات ضد السلطة السورية، كان له تبعات عديدة على أهالي المحافظة، حيث شجع المزيد من الأهالي على النزول للشارع وإعلان موقفهم الحاسم من السلطة، لا سيما بعد ارتفاع مطالب المحتجين ووصلها إلى مطلب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.

لكن على ما يبدو فإن القيادة المركزية، حاولت اللعب على وتر الوجهاء مؤخرا، فأخذت ترسل بعض وجهاء المدينة في محاولة لتهدئة الاحتجاجات، فيما أعلن آخرون تأييدهم للرئيس السوري، الأمر الذي ينذر ربما بانقسام بين وجهاء السويداء وبالتالي انقسامٌ في الشارع ومطالب المحتجين.

الشيخ حكمت الهجري وهو من أبرز وجهاء المحافظة، كان قد أعلن عن تأييده لمطالب المحتجين، وكان له تأثير واضح شجّع أهالي جبل العرب على إعلان موقفهم الحاسم من السلطة، ورفع شعارات سياسية تطالب برحيل الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه، وخروج إيران من سوريا، وتطبيق القرار الدولي 2254 بشكل كامل، وفي المقدمة منه البند المتعلق بتشكيل هيئة حكم انتقالي.

وجهاء منحازون للسلطة

أحد شيوخ “عقل الطائفة الثالث” في السويداء وهو يوسف الجربوع، لم يتراجع عن موقفه المنحاز للقيادة السورية، وقد أكد في آخر كلمة له خلال اجتماع ضم وجهاء السويداء إضافة إلى محافظ ريف دمشق صفوان أبو سعدة، على رفض بعض المطالب التي يطلقها المحتجون، في إشارة على ما يبدو إلى المطالب السياسية.

يوسف جربوع، قال إن علم الدولة هو العلم الذي يمثله، واعتبر أن الحراك الشعبي يطلق هتافات خاطئة، كما اعتبر أن السلطة القائمة حاليا في سوريا هي “الخيار الاستراتيجي والوطني”، فيما حمل أبو سعدة بحسب ما نقلت شبكة “السويداء 24″، رسالة عتب من قيادته، ومزاعم بأن الحراك الذي تشهده السويداء تستغله جهاتٌ لها نزعة انفصالية، وتحرف مسار المطالبين بتحسين الأوضاع المعيشية، وأنه يأتي في إطار “المؤامرة الكونية” على سوريا. 

أبو سعدة أكد أن القيادة في دمشق تبدي اهتماما كبيرا بمطالب المحتجين المتعلقة بالواقع الاقتصادية، وقد كرر في الاجتماع ما يدور في أروقة الحكومة مبنى البرلمان السوري، حول وجود خطة حكومية من شأنها تحسين الواقع المعيشي للسوريين خلال الفترة القادمة.

قد يهمك: حمى الأسعار تواصل الارتفاع بسوريا.. مشتقات العجين والحليب تنافس المحروقات

يوما بعد آخر تتسع رقعة الاحتجاجات الشعبية ضد السلطة في سوريا، والتي بدأتها السويداء يوم السادس عشر من شهر آب/أغسطس الجاري، تنديدا بالقرارات الحكومية التي ساهمت بتفاقم أزمة الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد منذ سنوات.

تصعيد أمني

في تطور لافت ولأول مرة منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة السورية في محافظة السويداء، استخدمت قوات الأمن السورية الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين في بلدة شهبا بريف السويداء، الأمر الذي بدأ يثير المخاوف حول اتخاذ السلطة السورية الخيار الأمني لمواجهة الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت قبل نحو أسبوعين.

توجه السلطات نحو الخيار الأمني، يدل ربما على انعدام الحلول لدى الحكومة السورية، لامتصاص غضب المحتجين، إذ يؤكد خبراء أن القيادة المركزية تعلم جيدا، أن ترك المتظاهرين وعدم مواجهتهم، سيعني اتساع الاحتجاجات إلى مزيد من المناطق السورية.

مخاوف من استمرار التصعيد الأمني من قبل السلطات السورية، بدأت تظهر بين أهالي المناطق الجنوبية، إذ إن اتجاه السلطة لمواجهة المتظاهرين بالنار، سيعني بالتأكيد تصعيد مقابل من الأهالي، ما قد يؤدي بالمنطقة إلى مواجهات دامية محتملة خلال الفترة القادمة.

التخوف من التصعيد الأمني ضد المتظاهرين، يعززه إفلاس الحكومة السورية في تقديم أي حلول لمشاكل السوريين، خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي والمعيشي، ما يعني أن التصعيد الأمني هو الأداة الوحيدة بيد السلطة في سوريا، في ظل غياب الحلول عن خطط الحكومة.

قبل أيام  أعلنت وسائل إعلام محلية رسمية، عن زيارة لمحافظ السويداء بسام بارسيك، بأحد وجهاء مدينة السويداء للوقوف على آخر تطورات الاحتجاجات في المدينة، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول أهداف هذه الزيارة، وفيما إذا كانت السلطة جادة للتعامل مع مطالب المحتجين، أم أنّها كانت كتهديد لوقف المظاهرات أو اتجاه السلطة للتصعيد الأمني.

مظاهرات السويداء كانت قد بدأت قبل نحو أسبوعين، بعدما تغيرت حياة الملايين من السوريين بشكل جذري، حينما أصدرت السلطات السورية قرارات اقتصادية غير مسبوقة، تشمل زيادة مئوية على الرواتب والأجور والمعاشات للعاملين والمتقاعدين في الدولة، وإلغاء الدعم عن مادة البنزين بشكل كامل، ورفع أسعار النفط ومشتقاته بكافة الأصناف. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات