للمرة الثانية منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في السويداء يتعرض المتظاهرين المطالبين بالتغيير السياسي ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد، لإطلاق رصاص مباشر من قبل القوى الأمنية وعناصر حزب “البعث” الحاكم في سوريا، في وقت تطرح التساؤلات عن تبعات اتجاه السلطة لاستخدام القوة في قمع التظاهرات المستمرة منذ نحو شهر.

اتجاه السلطات السورية لاستخدام العنف ضد المحتجين، يوحي بانعدام أدوات الحكومة في التعامل مع مطالب أهالي السويداء، كما يفتح الطريق أمام العديد من السيناريوهات، أبرزها تصعيد الاحتجاجات الشعبية وانضمام المزيد من الأهالي، حيث أن التجارب أثبتت أن استخدام العنف خاصة إذا وقع ضحايا بين المحتجين من شأنه أن يوسع دائرة الاحتجاجات.

خلال مظاهرات أمس الأربعاء، أطلق عناصر من داخل مبنى حزب “البعث” في مدينة السويداء، الرصاص باتجاه المتظاهرين الذين كانوا يهتفون للتنديد بالسياسات الحكومية والتغيير السياسي ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.

إصابات بالرصاص

شبكة “السويداء 24″، أكدت إصابة ثلاثة أشخاص بجروح إثر تعرضهم لإطلاق نار من مبنى الحزب، حيث تم نقل المصابين إلى مشفيي شهبا والسويداء، كذلك فقد عمد بعض الأشخاص قالت مصادر محلية إنهم “شبيحة تابعين لحزب البعث” إلى مهاجمة بعض المتظاهرين باستخدام السكاكين، كما شهدت المنطقة بعدها تفرق للمتظاهرين، الذين عادوا للتجمع في ساحة “الكرامة” في مظاهرة مسائية نادت بالمطالب نفسها.

ناشطون بثوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات مصورة، تظهر عملية إطلاق النار أمام مبنى الحزب، في وقت عمد متظاهرون إلى إغلاق مقرين لحزب البعث في بلدتي المزرعة والغارية بمحافظة السويداء، وكتبوا على جدران المقرين عبارات من قبيل “حزب البعث شريك بقتل السوريين”.

قد يهمك: انعدام الكهرباء يزيد الإقبال على “الكافيهات” في سوريا

حالة من الغضب الشعبي عاشتها المدينة عقب حادثة إطلاق الرصاص على المتظاهرين، لكن وجهاء من المدنية نجحوا بحسب ما نقلت الشبكة، في تهدئة الشبان ودعوتهم إلى عدم التصعيد ضد عناصر الأمن، كما طالب وجهاء المدينة بضرورة عدم صدور استفزازات من الجانبين، سواء من القوى الأمنية، أو من الأهالي.

مخاوف من استمرار التصعيد الأمني من قبل السلطات السورية، بدأت تظهر بين أهالي المناطق الجنوبية، إذ إن اتجاه السلطة لمواجهة المتظاهرين بالنار، سيعني بالتأكيد تصعيد مقابل من الأهالي، ما قد يؤدي بالمنطقة إلى مواجهات دامية محتملة خلال الفترة القادمة.

التخوف من التصعيد الأمني ضد المتظاهرين، يعززه إفلاس الحكومة السورية في تقديم أي حلول لمشاكل السوريين، خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي والمعيشي، ما يعني أن التصعيد الأمني هو الأداة الوحيدة بيد السلطة في سوريا، في ظل غياب الحلول عن خطط الحكومة.

حتى الآن لم تقدم دمشق أي تنازلات سياسية أو حتى اقتصادية، تدل على أخذ مطالب المحتجين في السويداء بشكل جدي، في حين يصر المتظاهرون على مطالبهم، لا سيما السياسية منها والمتعلقة بتطبيق القرار الأممي 2254 لتحقيق عملية الانتقال السلمي للسلطة في البلاد.

أفكار جديدة للاحتجاج

مع دخول الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء جنوبي سوريا يومها الرابع والعشرين، زخمُ الاحتجاجات لم يتراجع في نقاط التظاهر، رغم أن هذه الاحتجاجات تنطلق بشكل يومي دون أيّ انقطاعٍ خلال هذه الفترة، تنديدا بسياسات الحكومة السورية والمطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد والمضي في عملية التغيير السياسي.

القائمون على الاحتجاجات عملوا على تطوير الحراك في السويداء، فخلقوا استراتيجيات جديدة تكفل الاستمرارية في التظاهر، من خلال تنظيم العديد من النشاطات خلال الوقفة الاحتجاجية، شارك فيها فنانون من مختلف المجالات لا سيما الرسم والغناء، فأضافت أشكالا جديدة للمظاهرات التقليدية.

ولا يخفى على أحد أن حدّة الاحتجاجات تشهد تراجعا طفيفا خلال أيام الأسبوع أحيانا، وذلك لانشغال الأهالي في أعمالهم، فضلا عن عدم قدرة البعض على تحمّل تكاليف المواصلات إلى نقاط التظاهر، وغالبا ما يعود ارتفاع زخم المشاركة في المظاهرات خلال يومي العطلة الأسبوعية أي الجمعة والسبت.

المظاهرات الاحتجاجية استمرت بالطبع، لا سيما في ساحة “الكرامة” التي تحوّلت مؤخرا إلى رمزٍ للاحتجاجات في السويداء، فقد حازت ساحة “السير” وسط مدينة السويداء، منذ بداية الاحتجاجات الشعبية في المحافظة على رمزية واسعة، حيث تشهد هذه الساحة مظاهراتٍ مستمرة لليوم الـ 23 على التوالي بدون توقف، وهي الساحة الأولى التي تشهد هذه الاستمرارية بالتظاهرات، حيث لم تغب الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات ليوم واحد منذ السادس عشر من شهر آب/أغسطس الماضي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات