مع استمرار أزمة الكهرباء في سوريا، زادت معدلات الإقبال على “الكافيهات” المنتشرة في المدن السورية، حيث أصبحت وجهةً للطلاب الباحثين عن جوّ هادئ للدراسة، كما أنها وجهةٌ جديدة مع انتشار الأعمال التي لا تتطلب دواما في مقرات الشركات والمؤسسات.

“أجواء هادئة وخدمة إنترنت جيدة” أبرز ما تحتاجه “الكافيه” لجذب هذه الفئة من الزبائن، كما أن انعدام الكهرباء في المنازل، جعل من هذه الأماكن بديلا مناسبا، من قِبل فئة الشباب الموظفين أو الطلاب، لا سيما خلال فترة الامتحانات الجامعية.

تقرير لموقع “سناك سوري” المحلي، أشار إلى أن “المقاهي السورية تحولت مؤخرا من كونها مكانا محصورا بالترفيه والاجتماع، إلى مكان للدراسة والعمل”، ويقصدها بشكل مركّز فئة الشباب في وقت يغيب فيه التيار الكهربائي عن منازلهم بسبب سياسة التقنين التي تتّبعها الحكومة خلال السنوات الماضية.

وجهة للطلاب

“دائما ما أذهب للعمل في كافيه راجعين” قالت نغم الداخل، وهي خريجة جامعة حلب في قسم الاقتصاد وتعمل كمحاسبة في إحدى الشركات التجارية، مؤكدة أن عملها لا يتطلب دواما في مقر الشركة، لكنها تحتاج إلى كهرباء وإنترنت من أجل إتمام أعمالها اليومية.

الداخل، أضافت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “الكافيه أصبح مكان عملي، غالبا ما آتي إلى هنا من أجل العمل، خاصة وأن الكافيه الذي اعتدت الذهاب إليه بشكل يومي يوجد به كهرباء على مدار الساعة وأنترنت جيد، وهذه الخدمات لم تعد متوفرة في منزلنا بشكل دائم، ما يجعل العمل من المنزل أمرٌ غاية في الصعوبة”.

الداخل، أوضحت كذلك أنها تلتقي بالعديد من الشبان والشابات في هذا الكافيه، ممن يأتون للعمل أو الدراسة، وهذا ما يشجع أصحاب هذه الكافيهات على تقديم هذه الخدمات بشكل دائم، فهي وسيلة لجذب فئة الشباب وأحيانا أصدقائهم بشكل دوري، وأردفت قائلة “المقهى غالبا ما يكون مليئ بالطلاب الذي يحضرون المحاضرات أو يحضرون لفترة الامتحانات”.

بحسب تقرير الموقع المحلي، فإن مقاهي محافظة طرطوس “تزدحم خلال أيام الامتحانات الجامعية بالشباب الذين يقصدونها للدراسة والعمل لا للترفيه. كونها تنعم بالهدوء والكهرباء وهي المتطلبات الأساسية التي يحتاجونها للدراسة، هربا من أضواء الليدات الخافتة في منازلهم والتي تؤذي عيونهم خلال عملية القراءة”.

ولعل غياب الكهرباء ووسائل التبريد في المنازل، هي أبرز ما يدفع هؤلاء الشباب للتوجه إلى المقاهي لإنجاز أعمالهم اليومية وتحمّل تكاليف ارتياد المقاهي بشكل شبه يومي، هذا يضاف بالطبع إلى الجو الهادئ الذي توفره هذه المقاهي والمناسب لأجواء العمل والدراسة.

قد يهمك: معاناة جديدة للسوريين مع الصيدليات.. “المواطن طبيب نفسه“!

أزمة الكهرباء والمياه المستمرة باتت أكبر مصدر قلق يصاحب الحياة اليومية للسوريين. بل أصبحت من أكبر الهموم، حيث لا يُعقل أن يُصبح حُلم كل بيت استكمال “وجبة الغسيل” في الغسالة، نتيجة انقطاع الكهرباء أو المياه، وسط تخوّف عودة البلاد إلى العصور القديمة، تزامنا مع استمرار الأزمات الخدمية، من الكهرباء والمياه والغاز.

لا حلول قريبة

في ظل ازدياد ساعات تقنين الكهرباء وعدم وجود حلول تلوح في الأفق بخصوص هذه الأزمة، فإن الناس باتوا يلجؤون لنظام “الأمبيرات”، وفي استطلاع للرأي أجرته الإذاعة المحلية “نينار إف إم”، حول آراء الناس فيما يخص الكهرباء ونظام “الأمبيرات” في محافظة حلب مؤخرا، أظهر أن الكهرباء تأتي ساعة واحدة فقط كل 12 ساعة، وأنهم يعتمدون الآن على “الأمبيرات” وأن كل منهم يدفع ما لا يقل عن 50 ألف ليرة سورية شهريا حتى يتمكن من تأمين أمبير واحد لمنزله.

من جانب آخر أشارت إذاعة “المدينة إف إم” المحلية، في تقرير سابق، أن واقع الكهرباء ازداد سوءا في معظم المحافظات خاصة في الأشهر القليلة الماضية، إذ وصلت ساعات القطع إلى 7 ساعات مقابل ربع ساعة وصل في عدّة قرى ومناطق بمحافظة اللاذقية على سبيل المثال، والتي بات سكانها ينشدون المساواة مع باقي المحافظات على الأقل.

ساعات تغذية الكهرباء تختلف من منطقة لأخرى في عموم المحافظات، فمثلا في دمشق، تصل ساعات التغذية في بعض المناطق مثل الزاهرة الجديدة مسبق الصنع تحديدا والبرامكة والعدوي إلى ثلاث ساعات قطع ويقابلها ثلاث وصل.

بينما التقنين في أغلب المناطق الأخرى هو ساعتي وصل مقابل 4 ساعات قطع، ويتخلل ساعات الوصل انقطاعات متكررة في بعض الأحيان، كما أن بعض الأيام تشهد انقطاعا لخمس ساعات متواصلة مقابل ساعة وصل واحدة.

حال دمشق تُعتبر جيدة مقارنة مع أغلب مناطق الريف، حيث تصل ساعات القطع إلى 5 ساعات مقابل ساعة وصلٍ واحدة في أفضل الأحوال، بينما يشتكي سكان بعض القرى والأحياء في النبك وجديدة عرطوز وقطنا، من كثرة الأعطال في الكهرباء إذ تصل ساعات الوصل إلى نصف ساعة فقط مقابل عدد غير محدد من القطع.

أما في محافظات حمص وحماه وحلب، فإن ساعات وصل الكهرباء تتراوح بين نصف ساعة وساعة في أحسن الأحوال مقابل خمس ساعات قطع، كما تشتكي محافظتا حمص وحماه، من الحماية الترددية التي تؤدي إلى فصل التيار بشكل متكرر خلال فترة الوصل، مما يزيد من المعاناة ويؤدي لأعطال في الأجهزة الكهربائية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات