معاناة جديدة يعيشها السوريون في سبيل الحصول على أدويتهم، في ظل النقص الكبير وفقدان أصناف عديدة من الأدوية بعموم المحافظات السورية، فضلا عن الارتفاع الكبير في الأسعار، الأمر الذي يزيد من ألم السوريين حال تعرّضهم لأي مرض.

شكاوى عديد سجلتها وسائل إعلام محلية لمواطنين وجدوا صعوبات كبيرة في الحصول على أدويتهم من الصيدلية، حيث يشترط بعض الصيادلة بيع جميع أنواع الأدوية الموجودة في الوصفة الطبية، في حين يكون المريض بحاجة الحصول على صنف واحد من الوصفة.

هذه العملية التي يقوم بها المرضى، جاءت على إثر عدم قدرة معظم السوريين على تحمّل تكاليف الذهاب إلى الطبيب، وبالتالي فإن الشعور بأي ألم يجعل المريض يتحول إلى طبيب يعالج نفسه، خاصة في حال كانت له تجربة مع ذات المرض في وقت سابق.

شكاوى متزايدة

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، نقل شكاوى بعض المواطنين، تحدثوا عن امتناع بعض الصيدليات عن بيع نوع معين من الدواء وفق وصفة طبية، من دون بيع كامل الوصفة، حيث أن هناك مرضى يرتادون الصيدليات لشراء نوع معين من الأدوية بموجب وصفة طبية؛ وفي بعض الحالات قد يحتاج المريض إلى دواء واحد فقط من بين مجموعة أدوية مكتوبة في هذه الوصفة؛ إلا أن بعض الصيادلة يرفضون بيع دواء واحد فقط وإنما يشترطون شراء كامل الأدوية على الرغم من عدم حاجة المريض لها.

نقابة الصيادلة في سوريا وفاء كيشي، أكدت أن قوانين النقابة لا تسمح للصيدلي، أن يشترط على المريض بيع كامل الوصفة وهو ليس بحاجة إليها؛ وبإمكان المريض شراء الدواء الذي يحتاج إليه فقط من دون الحاجة إلى دفع مصاريف إضافية تزيد من أعبائه خاصة أن سعر الدواء لم يعد رخيصاً.

في تصريحات نقلها الموقع المحلي، لم تتحدث كيشي عن إجراءات ستقوم بها النقابة بناء على هذه الشكاوى، لكنها أشارت إلى أنه “بإمكان أي شخص يتعرض لذلك بأي محافظة كانت، تقديم شكوى خطية لرئيس الفرع متضمنة اسم الصيدلية وعنوانها، ويعالجها رئيس الفرع فورا”.

الارتفاع في أجور زيارة العيادات الطبية، زاد من أوجاع المرضى، حيث أن هذا الأمر يهدد بكارثة محتملة على صحة الإنسان في سوريا، فقط الألم الخارج عن التّحمل يدفع السوريين للذهاب إلى الطبيب أو المشفى، فهم يقولون إن ألم العلاج في كثير من الأحيان يكون أصعب من ألم المرض، في ظل ارتفاع تكاليف زيارة المراكز الصحية في البلاد، لذلك فإن “المواطن أصبح طبيب نفسه”.

قد يهمك: “كله بالدولار”.. غش وفوضى في أسواق مستلزمات الكهرباء بسوريا

مع انخفاض جودة وكفاءة الخدمات الصحية المُقدَّمة للسكان، وارتفاع تكاليف الأدوية والعلاجات بشكل كبير، اضطر كثير من السوريين إلى البحث عن بدائل أرخص وأسهل للحصول على رعاية صحية مقبولة. وهنا دخلت في المشهد الأدوية التقليدية، التي كانت تشكّل جزءا من التراث والثقافة السورية قبل تطور العلوم الطبية.

من دهاليز الزمن، حيث تختبئ العلاجات القديمة والتي باتت في أوراق الذاكرة بسبب تقدّم الطب وانتشار المستشفيات، عاد العلاج البديل، والأدوية التقليدية، لتمثّل الملاذ الأول لملايين السوريين. ففي عالم مليء بالتقنيات الحديثة والابتكارات الطبية، لا تزال هذه الأدوية تلقى رواجا بسبب السياسات الاقتصادية التي تنتهجها مؤسسات الدولة والتي عادت بالسّلب على المواطنين.

أدوية بديلة؟

وفي ظل انتشار شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في سوريا، استغل بعض التجار والمروّجين هذه المنصات لعرض وبيع مستحضرات طبية مختلفة، بدعوى أنها بديل رخيص وسهل للمستحضرات الطبية المتوفرة في الصيدليات أو المستشفيات. وقد استهدف هؤلاء التجار فئاتاً من السهل إغوائها خصوصا حبوب التقوية الجنسية عند الرجال، وحبوب تقليل الوزن عند النساء، والمستحضرات التجميلية لزيادة جمال المظهر. 

فالجوانب الاقتصادية والاجتماعية لهذا الموضوع تمثّل مسألة ذات أهمية قصوى. فيما أن الأسعار المنافسة وسهولة الوصول، تجعل هذه المنتجات جذابة للكثيرين، فإنها تعزز انتشارها واستخدامها بشكل واسع دون تفكير في المخاطر الصحية المحتملة. وبالنظر إلى أن معظم هذه المنتجات ليست مراقبة أو معتمدة من قبل السلطات الصحية، يمكن أن يتسبب استخدامها في تأثيرات جانبية خطيرة على الصحة.

معظم بدائل المستحضرات الطبية غزت الأسواق الإلكترونيـة السورية بعيدا عن الرقابة حيث يشتري مواطنون أدوية ومستحضرات تجميلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت وبشكل لافت في الآونة الأخيرة، وذلك لانخفاض أسعارها وسهولة الحصول عليها متناسين التأثير السلبي والمخاطر التي تنتج عن استخدام تلك الأدوية والمستحضرات، كونها لا تخضع لرقابة الجهات المعنية.

معظم هذه المنتجات تكون مقلَّدة أو غير فعّالة ولا تخضع للفحص والمراقبة والتقييم، ومن بين المستحضرات الطبية والمنتجات الجمالية التي تتميز بانتشارها الواسع في الأسواق الإلكترونية السورية، تجد حبوب تعزيز القدرة الجنسية للرجال وحبوب تخفيف الوزن ومستحضرات تجميلية للنساء وأدوية تساقط الشعر. 

إن توفر هذه المنتجات بأسعار منخفضة يجذب العديد من المستهلكين، لكن الأمر الخطير هو أن معظم هذه المنتجات لا تتبع المعايير الصحية ولا تخضع للفحص والمراقبة اللازمة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات