منذ بداية فصل الصيف وأسعار الشاليهات والمنتجعات والفنادق السياحية في الساحل السوري تسجل ارتفاعا كبيرا، إذ وُصفت تلك الأسعار بـ”الخيالية”، وتكاليف التصييف هذه لا يستطيع أغلب السوريين في الداخل تحمّلها، بل باتت مقتصرة على فئة قليلة قادرة على تحمّل تكاليف الشاليهات والفنادق الباهظة، حيث تجاوزت تكلفة الليلة الواحدة فيها نحو 900 ألف ليرة سورية.

الحكومة السورية على لسان بعض مسؤوليها اعترفت بأن السياحة في سوريا أصبحت للمغتربين والسُّياح الأجانب، وفي إطار دعمها الهزيل للسياحة لصالح المواطنين، أعلنت مؤخرا عن افتتاح فندق “لابلاج” في وادي قنديل بالساحل السوري المخصص للسياحة الشعبية، لكن أسعار هذا الفندق أثارت موجة سخرية واسعة على منصات التواصل الاجتماعي.

فنادق للسياحة الشعبية

نحو ذلك، قال مدير “الشركة السورية للنقل والسياحة” فايز منصور، يوم أمس الثلاثاء لبرنامج “صباح الخير سوريا” مع سالي أبو جمرة على هوا راديو “المدينة إف إم” المحلي، إن مشروع فندق “لابلاج” يهدف لدعم السياحة الشعبية وتوسيع الطاقة الاستيعابية لأكبر قدر من المواطنين الراغبين بزيارة المكان، كما يُعتبر ساحة جديدة لتوفير فرص العمل على مدار العام.

فندق” لابلاج” من سوية نجمتين بطاقة استيعابية، 30 غرفة وجناح، مجهزة بكافة وسائل الراحة، و24 شاليه خشبي، و5 أجنحة للإقامة الفندقية، ويعتمد المشروع بالكامل في خدماته على الطاقة المتجددة من حيث ضخ وفلترة مياه أحواض السباحة و إنارة وتكييف الغرف والوحدات الفندقية والشاليهات الخشبية.

كما ويُعتبر فندق”لابلاج” تجربة عصرية جديدة ويتمتع بميزات جديدة تعتمد على الطاقة البديلة وغيرها من وسائل الرفاهية، في حين يرتقي مستوى المنشأة التصنيفي لـ 4 نجوم، وفق منصور.

طبقا لمزاعم منصور، فإن أسعار الفندق ستكون مخفّضة عموما، علما أن أسعار الدخول لارتياد اليوم الواحد لمرافق الشواطئ المفتوحة 2000 ليرة سورية للشخص الواحد، وتكلفة الدخول هذه لوحدها تُعتبر غالية مقارنة بقيمة رواتب ومداخيل المواطنين الذي لا يتجاوز الـ 200 ألف ليرة سورية شهريا.

تفاعل رواد السوشيال ميديا مع هذا الإعلان، واعتبروه غاليا ولا يمكن أن يُصنّف ضمن الفنادق الشعبية، نظرا لأسعارها العالية، فإذا كانت تكلفة دخول الشاطئ للشخص الواحد 2000 ليرة سورية، فكيف ستكون أسعار باقي الخدمات من إيجار الغرفة إلى وجبات الفطور والغذاء والعشاء.

بالتالي هذا الخبر أثار موجة سخرية واسعة على منصة “فيسبوك”، فقد كتب أحدهم “شر البلية ما يضحك، محتارين وين نصرف هالراتب والله، مشان نفكر نزورو بس يصير معنا فائض مالي.. للسياحة الشعبية أجرة النهار بس 100 ألف ليرة يعني للفقراء والموظفين والمحتاجين، مابيخجلوا من حالهم. هو البلد كاملة مكملة كان ناقصنا فنادق عالبحر بس، هو نحن ناقصنا وبحاجة فنادق ماعارفين وين نكزدر بطلنا نروح ع المالديف نحلت أمورنا”.

من جانبه، صرّح مدير منتجع “لابلاج” السياحي، ياسر محمد، أنه تم رفع مقترح بأسعار غرف الفندق الجديد، وسيعلن عنها لاحقا وستكون أسعار مدروسة ومنافسة، مضيفا أن سعر الكوخ الخشبي لـ 4 أشخاص، نسق أول، يبلغ نحو 100 ألف ليرة يوميا، والكوخ الخشبي لـ4 أشخاص، نسق ثاني، يكلف 85 ألف ليرة، أما الشاليهات، طابق ثاني، فوصل سعرها يوميا إلى 200 ألف ليرة، مع توفر خدمة الكهرباء 24 ساعة عبر الطاقة الشمسية، وفق موقع “كيو ستريت جورنال”.

الشواطئ بسوريا ليست مجانية

في المقابل، حتى الشواطئ الساحلية لم تعد في متناول أصحاب الدخل المحدود، حيث أقرت الجهات الحكومية مؤخرا شمل جميع الشواطئ ضمن الخدمات المأجورة في المدن الساحلية، وتصل تعرفة دخول بعض الشواطئ إلى 20 ألف ليرة سورية، على الشخص الواحد.

التكاليف المرتفعة في الخدمات المقدّمة في المناطق الساحلية، أفضى إلى افتتاح العديد من المشاريع السياحية لـ”السياحة الشعبية”، حيث تم تشييد العديد من المشاريع في منطقة وادي قنديل في اللاذقية، التي تتضمن افتتاح أكواخ خشبية وتأجيرها للعائلات.

هذه التكاليف تُعتبر مرتفعة ولا يستطيع الموظف السوري تحمّلها، ومهما كانت الأسعار مناسبة ستكون أقل تكلفة لبضعة أيام في الساحل للعائلة بحوالي نصف مليون ليرة سورية، إذ يحتاج المواطن شهور لتوفير هذا المبلغ، وهنا لا نتحدث عن ارتياد الفنادق أو المنتجعات الفخمة، فهذه تحتاج للملايين لارتيادها بضعة أيام.

وزارة السياحة السورية بدورها، تقول إنها خصصت الشواطئ لارتيادها من قبل ذوي الدخل المحدود وبأسعار رمزية،  حيث أوضح معاون وزير السياحة لشؤون الاستثمار غياث الفراح، أن هناك شواطئ مفتوحة، “أنشأتها الوزارة بتكلفة 2000 ليرة للشخص الواحد والأطفال مجانا والخدمات المرافقة اختيارية، إضافة إلى منتزه سد المنطرة الشعبي في محافظة القنيطرة”.

الفراح أشار في تصريحات نقلتها صحيفة “تشرين” المحلية مؤخرا، إلى أن أسعار الإقامات في المنشآت الفندقية تتغير حسب المواسم وحسب المحافظات وأن هناك عدة مستويات بالنسبة لأسعار الحجوزات الفندقية، لافتا إلى أن هناك غرفا من نجمتين إلى خمس النجوم يبدأ سعر الغرفة بـ 75 ألف ليرة حتى 200 ألف ليرة سورية.

فندق “لابلاج” السياحي بالساحل السوري- “فيسبوك”

رحلات الاصطياف بالنسبة لكثير من السوريين، باتت تقتصر على زيارة الأماكن الطبيعية القريبة من مناطق سكنهم أو الاشتراك برحلة جماعية إلى الشواطئ المفتوحة، للتخفيف من تكاليف النقل نظرا للوضع الاقتصادي الصعب الراهن، وفق تقارير محلية.

في سياق متّصل، فإن الحكومة السورية تعول على تنشيط الحركة السياحية في البلاد، من خلال الأغنياء والسياح الأجانب، حيث قال مسؤول حكومي في وقت سابق بحسب إذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، أن كلفة الإقامة بالنسبة إلى غرفة لشخصين تبدأ من 50 ألفا، وهو ضمن فندق نجمتين، وترتفع حسب التصنيف لتصل حتى 700 ألف لليلة الواحدة، وتكلفة الشخص الواحد، من أكل ومنامة بشكل وسطي تبدأ من 150 ألف ليرة يوميا، معتبرا هذه الأسعار طبيعية نظرا للكلفة المترتبة على المنشآت السياحية من حيث التشغيل من محروقات وكهرباء ومواد وغيرها، وأن تكلفة السياحة في أي دولة تعادل عشرين ضعف ما تكلفه في سوريا.

لكن مع هذا الحديث، ينسى المسؤول الحكومي أن الرواتب في الدول الخارجية المعنية أعلى بعشرات المرات من رواتب وأجور الحكومة السورية ومؤسساتها، بالإضافة إلى القطاع الخاص. وهذا يعني أن الحكومة تريد أن تعترف وتقول إن الأمور الترفيهية مثل السياحة وغيرها من ارتياد المطاعم والمقاهي هي للمغتربين والسياح فقط.

أسعار الفنادق والمنتجعات

في سياق أسعار الفنادق والمنتجعات، فإن أسعار الفنادق شكّلت للسوّاد الأعظم من السوريين صدمة، فعلّق أحدهم قائلا “أحتاج راتب 5 أشهر لأستطيع قضاء ليلة واحدة”، حيث أفاد تقرير لموقع “كيو ستريت جورنال” المحلي، أن أسعار حجز غرفة ليوم واحد في فنادق الدرجة الممتازة في مدينة اللاذقية وصلت إلى 390 ليرة سورية.

بحسب مصادر محلية، فإن أسعار هذه الفنادق والمنتجعات تقترب من بعضها، إذ إن سعر حجز الغرفة الواحدة في فندق “اللاميرا” يتراوح بين 325 ألف ليرة و385 ألف ليرة سورية، والفارق يعود لإكساء بعض الغرف التي طالها التجديد، فيما يصل حجز الجناح العادي إلى 850 ألف ليرة سورية.

هذا الارتفاع الكبير في الأسعار جعل معظم العائلات السورية تبحث عن بدائل للمنتجعات والفنادق، فمنهم من لجأ إلى الشاليهات الخاصة، التي تعتبر أرخص إلى حد ما من الفنادق، حيث تتراوح أسعار اليوم الواحد من 50 ألف إلى 300 ألف ليرة سورية، حسب قرب الشاليه من البحر والخدمات الأساسية فيها، وإن كانت معظمها لا تتوفر فيها الكهرباء على مدار الساعة، وتستطيع عائلة كاملة المبيت فيها.

الرحلات السياحية ارتفعت تكلفتها أيضا، رغم أنها قد تبدو خيارا أقل كلفة، كون المواصلات وأماكن الإقامة تكون مشتركة وتنظّمها الشركات السياحية، حيث وصل متوسط تكلفة الرحلة للشخص الواحد لثلاثة أيام مع إقامة ليلتين إلى 500 ألف ليرة.

كذلك يلجأ الأهالي للمزارع الصيفية في المناطق الريفية كبديل عن قضاء عطلة الصيف في المناطق الساحلية، حيث يتم تأجير هذه المزارع بشكل يومي أو أسبوعي، لكن ونتيجة لارتفاع أسعار المحروقات ومختلف السلع والخدمات في سوريا، فقد شهدت هذه المزارع هي الأخرى ارتفاعا في أسعار استئجارها مقارنة بالعام الماضي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات