منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في السويداء قبل نحو شهر ونصف، لم تعمد السلطات السورية سَلك طريق العنف لمواجهة المتظاهرين، فلم تكن هناك مواجهات مع قوات الأمن، على غرار ما حدث عام 2011، عندما كان الرصاص أول ما استخدمته السلطة لقمع المحتجين في درعا ومن ثم باقي المدن السورية.

التعامل مع السويداء مؤخرا كان مختلفا تماما، فعلى الرغم من عدم تجاوب السلطة مع أي من مطالب المحتجين المتعلقة بالسياسات الاقتصادية أو التغيير السياسي، لم يكن هناك توجيه للبنادق نحو المتظاهرين، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول أسباب تغيير السلطة لسياساتها في التعامل مع التظاهرات المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد.

لكن خلال الأسابيع الماضية ومع ارتفاع وتيرة التظاهرات في المحافظة بشكل يومي، بقيت السويداء وحدها تتظاهر ضد السلطة، أما في المدن الأخرى فاستمر الوضع كما هو عليه، باستثناء بعض المحاولات الخجولة في جبلة، كذلك شهدت مدينة درعا بعض التظاهرات ثم توقفت بشكل نهائي.

أسباب عدم العنف

بحسب محللين ومتابعين للوضع الميداني في السويداء، فإن عدم انضمام المدن الأخرى إلى الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير السياسي، هو أبرز ما يطمئن السلطة في دمشق، فالوضع الآن ليس كما كان عليه في عام 2011، عندما بدأت الشرارة في درعا، وانضمت معظم المدن السورية تباعا إلى الاحتجاجات المطالبة بـ”إسقاط النظام”.

لذلك فالسلطة تعلم أن استخدام العنف قد يكون له تبعات سلبية وردود أفعال أكثر من عدم استخدام العنف، لذلك فقد اكتفت السلطة في دمشق بالعمل الاستخباراتي، الهادف إلى زرع الفوضى وتفكيك الموقف الجماعي للأهالي من الداخل، مع إطلاق ألسنته الجاهزة للتبخيس واختلاق شتّى صنوف الاتهامات ضد انتفاضتها.

منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء في السادس عشر من شهر آب/أغسطس الماضي، عمدت السلطات السورية إلى مواجهة المظاهرات عبر استمالة بعض وجهاء المحافظة، أو حتى استخدام العنف بأيادي غير حكومية، أو خلق فئة موالية لتعزيز فكرة الانقسام بين الأهالي.

هذه المساعي لم تنتهِ بهدف إثارة الانقسام في السويداء، على المستويين الديني والاجتماعي، خاصة في ظل عدم اتجاه السلطة لاستخدام العنف والحل الأمني لمواجهة المحتجين، وقد سعت دمشق خلال الأسابيع الأخيرة إلى خلق الفئة الموالية في المدينة، فهل تنجح.

استمالة بعض الوجهاء

المحاولات بدأت عبر استمالة بعض وجهاء السويداء، أو تحريك الفئة الحزبية لحشد الموالين، هذه المحاولات قابلتها وتيرة متزايدة في الاحتجاجات المطالبة بالتغيير السياسي ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.

بحسب تقرير لشبكة “السويداء 24″، فإن تلك المحاولات بدأت من “الشيخ معن صافي في ريف دمشق، إلى وئام وهاب في لبنان، وصولا إلى حسن الأطرش في السويداء، وأخيرا الشيخ عبد الوهاب أبو فخر، الذي تلى بياناً قبل أيام، باسم الهيئة الروحية للمسلمين الموحدين، يُعلن فيه وقوفه مع قائد الوطن”.

هذه الإعلانات لم تلقَ أي تفاعل في شوارع المحافظة، إذ تؤكد مصادر محلية أن هذه الجهات مستحدثة، ولا تحمل توقيع أي مرجعية من المرجعيات الروحية الرئيسية في محافظة السويداء، “فحتى شيخ العقل يوسف جربوع، فشلت كل محاولات السلطة باستقطابه لتصدير موقف منه ضد الحراك الشعبي، وإن كان موقفه لا يُلبي تطلعات الشارع، لكنه لم يقف ضده”.

  • الأهالي بدورهم يستغربون هذه المحاولات، فسياسة الحكومة خلال السنوات العشرة الأخيرة، استنفذت جميع الفئات الموالية للسلطة، خاصة فيما يتعلق بالجانبين السياسي والاقتصادي، حيث وصلت نسبة السوريين الذين يقبعون تحت خط الفقر إلى 90 بالمئة.

مطالب الأهالي في السويداء لا تزال مركّزةً على تطبيق الانتقال السياسي للسلطة وفق قرار “مجلس الأمن” الدولي رقم 2254، كما رفعوا لافتات أمس الإثنين رفضوا من خلالها استمرار حكم الرئيس السوري بشار الأسد، وكان لافتا مشاركة جميع فئات أهالي المدينة من رجال ونساء من مختلف الأعمار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات