نحو أكثر من شهر ونصف، هي الفترة التي مرت على بدء الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء جنوب سوريا، للمطالبة بالتغيير السياسي ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، ورغم تأكيد المحتجين ومطالبتهم تنفيذ قرار مجلس “الأمن الدولي” رقم 2254 المتعلق بسوريا، والذي كان على مدار سنوات طلبا للعديد من الدول، إلا أن موقفا واضحا لم يتم الإعلان عنه بشأن الاحتجاجات في السويداء، سوى بعض التصريحات هنا وهناك.

هذا الصمت الدولي يدل ربما على عدم وجود موقف واضح من المجتمع الدولي إزاء الاحتجاجات في السويداء، أو ربما عدم ثقة بعض الدول في جدّية هذا الحراك ومدى استمراريته، خاصة وأن السويداء شهدت العديد من التحركات الشعبية خلال السنوات الماضية، لكنها انتهت خلال أيام ولم تحقيق أي تقدم على الأرض.

المتابع بشكل يومي للحراك في السويداء، يدرك جيدا أن هذه المرة مختلفة تماما عن كافة التحركات الشعبية التي شهدتها المدينة خلال السنوات القليلة الماضية، فوتيرة المظاهرات لم تهدأ ليوم واحد على مدار الأيام الـ 46 الأخيرة، كما أن مطالب الأهالي واضحة، خصوصا فيما يتعلق بالتغيير السياسي والانتقال السلمي للسلطة وفق قرار مجلس الأمن.

استنكار الصمت الدولي

استمرارا للحراك الشعبي في المدينة، شهدت العديد من قرى وبلدات المحافظة تظاهرات يوم أمس الأربعاء، تنديدا بالسياسات الحكومية وللمطالبة بالتغيير السياسي، كما استنكر المتظاهرون تجاهل المجتمع الدولي للتظاهرات اليومية المطالبة بالتغيير السياسي.

مظاهرات أمس شهدت رفع لافتات كُتبت عليها عبارات من قبيل، “حراك السويداء يشعر بالقلق على المجتمع الدولي”، وذلك خلال مظاهرة بلدة صلخد، كذلك شهدت بعض القرى وقفات احتجاجية في ساعات المساء، أكد خلالها المعتصمون على استمرار الحراك حتى تحقيق كافة مطالبهم.

شبكة “السويداء 24” المحلية، نشرت العديد من الصور والتسجيلات المصورة لعشرات الأشخاص، ممن تظاهروا أمس في ساحة “الكرامة” وسط مدينة السويداء، ورفعوا لافتات كُتبت عليها عبارات من قبيل، “بدنا يحكمنا القانون مش عصابة كبتاغون”، مؤكدين على استمرار الحراك حتى تحقيق مطالب الأهالي.

قد يهمك: “مافي كهربا للتشغيل“.. كيف يتغلب السوريون على برد الشتاء بعد ارتفاع أسعار المدافئ

بالعودة إلى ردود الأفعال الدولية، فالصمت الدولي مستمر إزاء الحراك الشعبي في السويداء، باستثناء ما أعلنت المبعوثة البريطانية إلى سوريا آن سنو، قبل أيام، حول التزام بلادها بتطبيق القرار الأممي 2254، والمتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا. وذلك في تصريحات نشرتها عبر حسابها على منصة “إكس” (تويتر) سابقا.

تعليقات دولية

خلال منشورها على المنصة الإلكترونية، قالت سنو، إنها تحدثت مع الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في سوريا الشيخ حكمت الهجري، ضمن سلسلة اتصالات مع المنخرطين بالحركة الاحتجاجية في المحافظة، وأكدت أن بريطانيا تراقب الوضع من كثب.

قبل بريطانيا كان للأردن تعليق رسمي على الاحتجاجات الشعبية في السويداء، حيث اعتبر الملك الأردني عبد الله الثاني، قبل أيام أن مظاهرات السويداء عادت بسوريا إلى مرحلة عام 2011، محذرا في الوقت نفسه من موجة لجوء جديدة نحو الأردن، وقد جاءت هذه التصريحات خلال مشاركته في “قمة الشرق الأوسط” العالمية في مدينة نيويورك الأميركية.

خلال حديثه عن الوضع في سوريا، شكك عبد الله الثاني، في قدرة نظيره بشار الأسد على قيادة البلاد، وأردف قائلا “أعتقد أن الرئيس السوري لا يريد أن يحدث ذلك، ولا يريد صراعاً مع الأردن.. لا أعرف مدى سيطرته على البلاد، إننا نقاتل كل يوم على حدودنا لمنع دخول كميات هائلة من المخدرات إلى بلادنا”.

تصريحات الملك الأردني وتعليقه على الاحتجاجات في السويداء، جاء بعد أيام قليلة من إطلاق المتظاهرين هناك مطالب جديدة تتعلق بالتواصل مع الأردن، والتي جاءت على لسان “دار طائفة الموحدين الدروز”، وتتعلق بحركة المرور من الأراضي السورية نحو الأردن.

منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في السويداء قبل نحو شهر ونصف، لم تعمد السلطات السورية سَلك طريق العنف لمواجهة المتظاهرين، فلم تكن هناك مواجهات مع قوات الأمن، على غرار ما حدث عام 2011، عندما كان الرصاص أول ما استخدمته السلطة لقمع المحتجين في درعا ومن ثم باقي المدن السورية.

التعامل مع السويداء مؤخرا كان مختلفا تماما، فعلى الرغم من عدم تجاوب السلطة مع أي من مطالب المحتجين المتعلقة بالسياسات الاقتصادية أو التغيير السياسي، لم يكن هناك توجيه للبنادق نحو المتظاهرين، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول أسباب تغيير السلطة لسياساتها في التعامل مع التظاهرات المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات