أحداث متسارعة تشهدها الدول العربية، جعلت الأخبار السياسية والميدانية في مقدمة اهتمام معظم سكان هذه الدول نتيجة التطورات في منطقتهم، فمعظم صفحات التواصل الاجتماعي تعجّ الآن بصور القصف والضحايا والتصريحات السياسية ومواقف الدول مما يحصل في المنطقة وبشكل خاصة في غزة والمناطق الواقعة تحت سيطرة القوات الإسرائيلية.
في سوريا وبعد مرور سنوات قليلة من انخفاض وتيرة الأخبار السياسية، نتيجة الهدوء النسبي التي شهدته البلاد مؤخرا، عادت أولويات الأهالي لمتابعة الأخبار والتطورات الميدانية على الساحة السياسية نتيجة ارتباط ما يحصل حاليا مؤخرا بالملف السوري وسائر الملفات المفتوحة في سوريا والشرق الأوسط عموما.
في المقابل فإن وتيرة الأخبار المرتفعة مؤخرا، شكّلت سببا لعزوف كثيرين من سكان الدول العربية عن متابعة الأخبار، وفي سوريا بشكل خاص ظهرت مؤخرا فئة واسعة من السوريين، الذي قرروا العزوف نهائيا عن متابعة مواقع التواصل الاجتماعي بسبب كميات الأخبار والصور التي تسبب لهم مشاكل عديدة في حياتهم.
استطلاع رأي
في استطلاع للرأي أجرته إذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، أكد العديد من المشاركين في الاستطلاع، أنهم يتعمدون الابتعاد عن متابعة آخر المستجدات والأخبار الميدانية، فيما لجأ بعضهم إلى التوقف عن استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي تجنّبا لمتابعة الأخبار، وذلك لما لها آثار سلبية من الناحية النفسية عليهم.
البعض أكد كذلك أن استخدامه لوسائل التواصل زاد خلال الأسابيع القليلة الماضية، وذلك لحرصه على متابعة آخر المستجدات لحظة بلحظة، بل للمساهمة أيضا في نشرها على الإنترنت والتعبير المستمر عن مواقفه من آخر التطورات.
مريم الآغا كانت ممن شاركن بالاستطلاع الذي جاء على شكل سؤال “أنت شخص بتابع آخر المجريات ولا لأ، لأن بتحس بالسلبية؟ وكيف نفسيتك من 10 ياترى”، فأجابت الآغا، “أول كم يوم اتحولت وسائل التواصل بموبايلي حرفيا لنشرة أخبار، للأسف تعبت نفسيتي ودخلت بحالة غريبة من الإرهاق النفسي، وللأسف بلا فائدة حتى دراستي اتأثرت، فقررت أتوقف نهائيا عن متابعة الأخبار، للأسف كمان صورة وحدة من الصور الواردة من غزة كفيلة أنه اتدمرنا نفسيا خصوصا أنه نحنا عاجزين عن فعل شيء، اكتشفت أنه الابتعاد عن هي الأخبار هو الخيار الأنسب لصحتي النفسية”.
عمار العلي شاطرَ الآغا في الرأي، وأكد أن متابعة هذه الأخبار أدخلت حالة من اليأس على نفسيته، لكنه في نفس الوقت لم يقطع متابعته بشكل نهائي، حيث قال “لم أعد أتابع كما في السابق، لكنني في نفس الوقت لا أتابع لحظة بلحظة، الأثر النفسي كارثي، أحيانا أتابع آخر المستجدات في نهاية اليوم فقط، وأحيانا أنشر بعض الأخبار على صفحتي”.
“أنا كسوري عايش بأتعس بقعة في الأرض بدي مين يتضامن معي”، بهذه الكلمات عبّر أحمد أبو جواد عن مشاعره تجاه تسارع وتيرة الأحداث في غزة، معتبرا أن متابعة معاناة الآخرين لن تفيد في شيء، خصوصا في ظل المعاناة المستمرة في سوريا منذ أكثر من 10 سنوات.
أبو جواد أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “نحنا عم نعاني من 10 سنين، وما عاد عندنا طاقة نساند حدا للأسف، الصور الواردة من غزة مؤسفة وتعبر عن مستوى الانتهاكات التي تحصل، لكني رؤية هذه الصور ومتابعتنا لها لن تفيد أحد، هي فقط تضرنا على المستوى النفسي والمعنوي”.
وفق الاستطلاع الذي نشرته الإذاعة المحلية، فإن الجميع لم يتفق بالطبع على هذا الراي، فالبضع في المقابل اعتبر أن متابعة التطورات لحظة بلحظ “واجب” على كل إنسان، إضافة إلى التعبير والإعلان عن موقفه بشكل علني.
غادة بسوت، أجابت على سؤال الاستطلاع بالقول، “ما بعرف كيف فيه ناس قادرة تتجاوز هي الأخبار وما تتابع، الفلسطينيين أخوتنا ولازم نكون على متابعة دائمة للجرائم اللي عم تعملها إسرائيل، من الأنانية نقول ما إلنا علاقة وما نتابع الأخبار بحجة صحتنا النفسية”.
قضية إنسانية تفسدها السياسة؟
ما يحصل في غزة، يجمع عليه معظم العالم على أنها قضية إنسانية، لكن لا يخفَ على أحد دخول السياسة في هذه الأزمة الإنسانية، خاصة وأن الجرائم المرتكبة حاليا في غزة، مرتبطة بعملية “طوفان الأقصى”، التي بدأتها “حماس” بالهجوم على الإسرائيليين، لذلك فإن البعض يرى أن إعلان الموقف الإنساني يرتبط كذلك بانتقاد “حماس” وتحميلها جزءا كبيرا من المسؤولية عما يحصل، بالتالي فإن من حقّ البعض التزام الصمت أو على الأقل عدم الإعلان عن موقفه في ستوري على “إنستغرام” كي ترضى عنه جماهيره.
الواقع الأليم هو أن “طوفان الأقصى” يبدو وكأنها عملية متاجرة، حيث تقوم الفصائل بتنفيذ عمليات عسكرية للحصول على تغطية إعلامية وتأثير داخلي وإقليمي، دون وجود استراتيجية طويلة الأمد، وما يزيد في تعقيد الأمور هو دور إيران وأتباعها في دعم هذه الفصائل وتحفيزها على تنفيذ هذه العمليات.
بالتالي إن ما يجري في غزة ليس سوى حلقة جديدة من دورة مؤلمة للفلسطينيين، حيث يتعرضون لعقوبات ومعاناة جديدة تزيد من صعوبة حياتهم، وفي حال تأكد فعلا انخراط روسيا في هذه المعركة، فهنا سنتأكد أن الفصائل الفلسطينية تقوم بدورة جديدة من المتاجرة بحقوق الفلسطينيين من أجل تحقيق مصالح داعميها حتى ولو كان على حساب معاناة سكان قطاع غزة.
الجدير ذكره، أن “طوفان الأقصى”، عملية شنّتها الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة على إسرائيل فجر يوم السبت، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وشملت هجوما برّيا وبحريا وجويا وتسلّلا إلى عدة مستوطنات في غلاف غزة، وأعلن عن العملية “محمد الضيف”، قائد الأركان في كتائب “عز الدين القسام”، الجناح العسكرية لحركة “حماس”، لتُعتبر هذه العملية أكبر هجوم على إسرائيل منذ عقود.
لكن منذ بدء العملية العسكرية التي شنّتها حركة “حماس” ضد إسرائيل، تشهد المنطقة تصعيدا خطيرا في العنف والصراع، وفي ظل هذه الظروف، يواجه الأسد و“حزب الله” اللبناني، تحدّيا كبيرا في تحديد موقفهما المتواري ودورهما في الأزمة، وبات يتردد داخل حاضنتهما الشعبية، أنهما يلعبان على الحبلَين، بين دعم “حماس” وتجنّب الحرب مع إسرائيل.
- غزة ومعضلة استئناف المفاوضات.. فوضى الفصائل على حساب المدنيين
- تخفيض تصنيف الصين الائتماني بسبب الديون: لماذا تعترض بكين على الحقيقة؟
- “حماس” أمام مصيرَين: الزوال أو الابتعاد عن إيران إلى الحضن العربي
- فرقة “الرضوان” أولى الضحايا.. فتح باب التسوية بين “حزب الله” وتل أبيب
- إرهاب “الذئاب المنفردة” في باريس.. ما بواعث حوادث الطعن؟
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
الأكثر قراءة

هجمات وكلاء إيران تشعل غضب “البنتاغون”: ما القصة؟

نخبة النخبة في “حزب الله”: أكبر خسارة لـ”فرقة الرضوان” بسوريا ولبنان

ما تداعيات اختطاف “الحوثيين” لسفينة في البحر الأحمر؟

ما آخر تطورات صفقة الرهائن المحتملة بين “حماس” وإسرائيل؟

كوارث وبائيّة تهدد قطاع غزّة

في قلب الفوضى: “حماس” العراق تشنّ هجوما على قاعدة عسكرية أميركية
المزيد من مقالات حول ثقافة

جيني إسبر وآلان الزغبي.. هل ينجحان في كسر تنميط شخصياتهما في الدراما؟

“سرينادة”.. مسلسل ثلاثيني يعود بقصص الحب إلى واجهة الدراما السورية

بين الرياض وغزة.. الرقصة والكوميديا تستفز أهالي القاهرة

“التقدم مفتاح لمواجهة الأعداء“.. “موسم الرياض” يشعل حربا افتراضية بين العرب

مقاطعة “ستاربكس” و“ماكدونالدز“.. هل تساعد الفلسطينيين ومن المتضرر؟

“غلطت ورجعت للطريق الصح”.. إليسا وتصريحات مفاجئة حول إطلاق الألبوم الجديد

“لجؤوا للسحر لهدم حياتي“.. سوزان نجم الدين تهاجم زميلاتها في الوسط الفني
