رغم كل الدعوات لإلغائه على مدار الأسابيع الماضية، أعلن المستشار تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية، افتتاح “موسم الرياض” في نسخته الرابعة، وسط حضور عالمي حاشد تقدّمه رياضيون وفنانون ولاعبو فنون قتالية هم الأشهر على مستوى العالم.
هذا الإعلان كان بمثابة شرارةٍ أشعلت الأوساط العربية في مواقع التواصل الاجتماعي، بين الفئة وهم الأغلبية الذين رأوا أنه كان على المملكة العربية السعودية إلغاء “موسم الرياض” هذا العام، بسبب الأحداث التي تشهدها غزة، وبين مَن رأوا أن فكرة إلغاء “موسم الرياض” هي فكرة غير منطقية وغير قابلة للتطبيق، في حين أن إلغاء “موسم الرياض” لن يقدّم شيئاً للضحايا في غزة بحسب تعبيرهم.
غضب وتباين بالآراء
الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي من الدول العربية، عبّروا عن غضبهم بعد إعلان السعودية إطلاق “موسم الرياض” رغم دعوات تأجيل إطلاق فعاليات “موسم الرياض” هذا العام، تضامنا لما يمرّ به قطاع غزة من قصف إسرائيلي يومي مكثّف، وكذلك دعما معنويا من المملكة لأهالي القطاع.

فكرة إلغاء المهرجانات الترفيهية بسبب غزة للتضامن مع ضحايا الحرب، لم تقتصر على “موسم الرياض” فقد استجابت العديد من الفعاليات الترفيهية في الدول العربية، للحملات الداعية لإلغاء الفعاليات الترفيهية والفنية، وتم تأجيل “مهرجان القاهرة” السينمائي، في دورته الـ 45، الذي كان من المفترض انطلاقه في شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول جدوى هذه الحملات وأهدافها، وهل يمكن تطبيقها في كل الظروف والأماكن فعلا.
بالتأكيد فإن قسم واسع من روّاد هذه الحملة، يرون أن إلغاء الفعاليات الترفيهية هدفه التعبير عن الحزن وعدم المجاهرة في السعادة في الوقت الذي يشهد فيه قطاع غزة سقوط ضحايا مدنيين بفعل القصف الإسرائيلي، وبالتالي فإن مشاعر السعادة لا مكان لها في هذه الأيام، لكن هل تطلق السعودية “موسم الرياض” من أجل السعادة فقط.
كذلك فقد أكد رواد الحملة أن إلغاء “موسم الرياض” أو على الأقل تأجيله، كان سيكون له دور بتسجيل موقف رافض لما يتعرض له المدنيون في غزة من قصف ممنهج يستهدفهم بشكل يومي، على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية.
“موسم الرياض”، هو مهرجان ترفيهي سعودي يقام في مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، لكنه يهدف كذلك إلى تحويل السعودية إلى وجهة ترفيهية سياحية عالمية، وفقا لأهداف برنامج جودة الحياة أحد برامج رؤية السعودية 2030.
لذلك فإن البعض يرى أن فكرة إلغاء “موسم الرياض” هي فكرة غير مبررة ولن تقدم شيء للفلسطينيين أو الدول العربية، خاصة وأن الموسم مقرر منذ زمن وقبل بدء التصعيد والأزمة الإنسانية في غزة، بل وصل الأمر إلى القول، إن “موسم الرياض يساهم في تقدّم الدول العربية، والتقدم هو المفتاح الأول لمواجهة العدو”.
على مدار الأيام القليلة الماضية تراشق روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، الاتهامات حول مدى التضامن السعودي مع أهالي غزة في ظل الإصرار على إطلاق “موسم الرياض”، البعض عبّر عن دهشته من إطلاق الفعالية حيث كان يتوقع إلغاؤها للتضامن مع ضحايا الحرب، ووصف ما حدث بأنه “عار”.
سليمان عز، قال تعليقا على إطلاق “موسم الرياض”، “اذا نحن العرب عم نعمل فعاليات ترفيهية ولم نتضامن مع غزة فلا عتب على الدول الغربية، عار على السعودية إطلاق هذه الاحتفالات وأطفال غزة يموتون من القصف الإسرائيلي اليومي على المناطق السكنية”.
قد يهمك: مقاطعة “ستاربكس” و“ماكدونالدز“.. هل تساعد الفلسطينيين ومن المتضرر؟
أما إسماعيل، فعلق عبر “إكس” (تويتر) سابقا، قائلا، “مش مستغرب أن السعودية عملت موسم الرياض في عز القصف والابادة لغزة قد ما مستغرب الإقبال عليه – انا مش عارف اشتغل شغلي واكل عيشي اليومين بسبب الضغط النفسي والأخبار في غزة – مبالك بقي الي بيروح يحتفل ويتفسح بيعملها ازاي بيجي ليه نفس ازاي”.
هل يجب الإلغاء أو التأجيل؟
على النقيض فقد دافع جزء من رواد السوشيال ميديا عن فكرة استمرار “موسم الرياض”، مؤكدينَ أن إقامة هذه الفعالية لا تعني عدم التضامن مع ضحايا الحرب، وأن تأجيل أو إلغاء الفعاليات الترفيهية والثقافية لن يكون بالضرورة في صالح أي قضية إنسانية، بل العكس فيمكن لفعالية متل “موسم الرياض” أن يكون لها دورا بارزا في تسليط الضوء على أي قضية إنسانية في حال قرّر القائمون على الفعالية استغلالها لهذا الشأن.
ناشطون رأوا كذلك أن موجات الغضب والحملات ضد الفعاليات الترفيهية، لها العديد من الأسباب والمبررات أبرزها ربما، محاولة أصحابها تفريغ مشاعر الغضب الناتجة عن العجز أمام أهوال ما يحصل في غزة، فالبعض يشعر بالعجز عن مواجهة المتسبّب الأول بهذه الجرائم، فيلجأ إلى هذه الحملات ليقدم لنفسه شعورا ولو محدود بالرضا، فهذا كل ما بمقدوره أن يفعله إزاء ضحايا الحرب.
أحد الرافضين لشيطنة القائمين على “موسم الرياض” كتب عبر “إكس”، “انطلاق موسم الرياض مخطط له من قبل القضية ومع شركات عالمية زي دبليو دبليو إي، والملاكمه وغيرها وصعب جدا انه يتم تأجيلها عشان الشركات ف الاخير لها جداول ومواعيد غيرنا مو فقط في السعوديه واللي بيتسبب في خسارة للدولة غير الناس اللي حجزوا تذكرات بمئات والاف الريال وش ذنبهم يخسرون”.
موجات الجدل وصلت إلى بعض المؤثرينَ والفنانين العرب، حيث علّق الفنان والممثل السوري معتصم النهار على الهجوم الذي لاحق السعودية بسبب إقامة فعاليات النسخة الرابعة في منشور على موقع “أكس” حذفه لاحقا، “قوة السعودية وازدهارها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في مصلحة العرب جميعا الآن ولاحقا لا جدوى من هذه المزايدات”.
وتابع: “السعودية بلد محب لإخوانه وما يحدث فيها سيعود بالخير سياسيا واقتصاديا لكل الأمة العربية والإسلامية، توقفوا عن هذه الفتنة، الوقت ليس مناسب، نحن بحاجة لبلد عربي سليم وقوي”.
كما انتشر على نطاق واسع فيديو لمغرّد سعودي يؤكد أن بلاده لم تقصر في حق الفلسطينيين وأنها كانت دائما داعمة لها وأنها ليست ملزمة لإلغاء خططها وفعالياتها، على حد تعبيره.
وبين كل هذا الجدل خرج المستشار تركي آل الشيخ، في منشور له على فيسبوك -تم إلغاؤه لاحقا- ليرد على انتقادات البعض في ما يتعلّق باستمرار فعاليات “موسم الرياض” وعدم إلغائها وخاصة بعد انسحاب الفنان محمد سلام من مسرحية زواج اصطناعي.
المنشور نقله موقع “بي بي سي” عربي، قبل حذفه وجاء فيه ”هناك نقطة مهمة أعتقد يجب الإشارة إليها بوضوح، وأنا في الفترة الأخيرة لم أتحدّث كثيرا، لكن اعتقد أنه من المهم الحديث الآن، سنة 1967، عندما احتُلّت دول لم يتوقّف أيّ شيء، وعند حرب لبنان لم يتوقّف أي شيء وعندما حوربت بلدي 7 سنوات لم يتوقف فيها شيء ودم السعودي أغلى لديّ من أيّ شيء”.
بالتأكيد فإن فكرة محاربة الفعاليات الترفيهية في أوقات الأزمات الإنسانية ليست بجديدة، ولن تنتهي عند حادثة تزامن ما يحصل في غزة مع موعد انطلاقة “موسم الرياض”، ولن يكون هناك إجماع على رأي واحد، فكل جهة لديها وجهة نظر ومبررات للدعوات التي تطلقها، بين من يرى أن إقامة الفعاليات استهتار بالأرواح وبين من يرى أن استمرارية الحياة قد تكون جزء من التضامن مع ضحايا الحروب، عبر استغلال هذه الفعالية للتعبير عن مواقف إنسانية من بوابة الترفيه.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
الأكثر قراءة

هجمات وكلاء إيران تشعل غضب “البنتاغون”: ما القصة؟

نخبة النخبة في “حزب الله”: أكبر خسارة لـ”فرقة الرضوان” بسوريا ولبنان

ما تداعيات اختطاف “الحوثيين” لسفينة في البحر الأحمر؟

ما آخر تطورات صفقة الرهائن المحتملة بين “حماس” وإسرائيل؟

كوارث وبائيّة تهدد قطاع غزّة

في قلب الفوضى: “حماس” العراق تشنّ هجوما على قاعدة عسكرية أميركية
المزيد من مقالات حول ثقافة

جيني إسبر وآلان الزغبي.. هل ينجحان في كسر تنميط شخصياتهما في الدراما؟

“سرينادة”.. مسلسل ثلاثيني يعود بقصص الحب إلى واجهة الدراما السورية

بين الرياض وغزة.. الرقصة والكوميديا تستفز أهالي القاهرة

“التقدم مفتاح لمواجهة الأعداء“.. “موسم الرياض” يشعل حربا افتراضية بين العرب

مقاطعة “ستاربكس” و“ماكدونالدز“.. هل تساعد الفلسطينيين ومن المتضرر؟

“غلطت ورجعت للطريق الصح”.. إليسا وتصريحات مفاجئة حول إطلاق الألبوم الجديد

“لجؤوا للسحر لهدم حياتي“.. سوزان نجم الدين تهاجم زميلاتها في الوسط الفني
