مقاطعة “ستاربكس” و“ماكدونالدز“.. هل تساعد الفلسطينيين ومن المتضرر؟

منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى” وبدء التصعيد الإسرائيلي في غزة، كانت هناك دعوات واسعة تركزت في الدول العربية لمقاطعة بعض المنتجات والشركات العالمية، التي يتهمها أصحاب هذه الدعوات أنها داعمة لإسرائيل، الامر الذي يطرح التساؤلات حول جدوى هذه الحملات وعلى من تؤثر وهل فعلا كانت هناك استجابة في الدول العربية.

خلال الأسابيع الماضية أخذت هذه الحملات مساحة واسعة من المواضيع المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، في نفس الوقت فقد تعرضت هذه الحملات لانتقادات لاذعة من قبل البعض، وذلك ممن يعتبرون هذه الحملات بلا جدوى وكان لها دورا في التحريض على العنف في بعض الأحيان، كما أنها أضرت بالاقتصادات المحلية والمستثمرين أكثر مما أضرت بالشركات الأم.

استجابة واسعة

في المقابل فقد لاقت هذه الدعوات استجابة واسعة في بعض الدول العربية، فعند تجولك في شوارع العاصمة الأردنية عمّان، ستجد أن فروع “ماكدونالدز” و”ستاربكس” شبه فارغة، في وقت يقول فيها القائمون على هذه الحملة إن “ماكدونالدز” نفذ حملة في إسرائيل لتوزيع الطعام على عناصر القوات الإسرائيلية الأمر الذي اعتبروه استفزازا من قبل الشركة.

عضو حملة “محلي” المجتمعية في عمّان محمد عميرة، أكد أن حملة المقاطعة في الأردن توسعت لتشمل العديد من الماركات، مشيرا إلى تراجع حركة البيع في المتاجر التابعة لهذه الشركات بشكل كبير في المدن الأردنية.

القائمون على حملة المقاطعة، يرون أن هذه الحملة مرتبطة بمساندة الفلسطينيين، فهذه الشركات داعمة لإسرائيل بحسب اعتقادهم، وبالتالي فإن مقاطعتها جزء من مواجهة الحملة الإسرائيلية على قطاع غزة، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول مدى التأثير الذي تتركه هذه الحملات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي.

قد يهمك: لماذا يرفض البعض الإعلان عن موقفه من أحداث غزة؟

فقد تعرضت هذه الحملة لبعض الانتقادات، إذ أكد ناشطون أن حملة المقاطعة أدت إلى تصاعد وتيرة العنف في بعض المناطق ضد العاملين في هذه الشركات من السكان المحليين، كما أقدم البعض على مهاجمة متاجر الشركات وتكسيرها وخلق حالة من الفوضى عبر استغلال حملة المقاطعة، كذلك فإن هذه الحملة قد تضر بالمستثمرين المحليين أكثر من ضررها على الشركات الأم.

انتقادات للحملة

خبراء في الاقتصاد أكدوا أن حملات المقاطعة لهذه الشركات، سيتركز تأثيرها على المستثمرين المحليين وبدرجة أقل على اقتصادات الدول التي يتم فيها تنفيذ حملة المقاطعة أكثر من تأثيرها على الشركات الأم، فهنا يجب التفريق بين فرع الشركة الرسمي وبين الاستثمار في الشركة من قبل رجال الأعمال المحليين.

ومن المعروف أن فروع شركتي “ستاربكس” و”ماكدونالدز” لا تملك معظم فروعها حول العالم، وعادة ما تكون متاجر الشركتين غير تابعتين للشركة نفسها، وإنما يقوم مستثمر محلي بشراء اسم الشركة للحصول على حقوق الامتياز التجاري وفتح الفرع في بلده وتكون العائدات ملك المستثمر بعد دفع الضرائب المترتبة للدولة التي تم فيها فتح فرع الشركة.

نظام الامتياز التجاري، هو عقد تجاري يجمع بين طرفين يقوم بموجبه الطرف الأول المالك للعلامة التجارية بمنح الثاني حقوق استغلال واستعمال هذه العلامة في منطقة معينة ولفترة محددة، وفق نظام التشغيل الذي يعتمده الطرف الأول، بشروط وبمقابل مادي يتفقان عليه.

هذا يعني أن الضرر من حملة المقاطعة، غالبا ما سيكون على أصحاب المشاريع المحليين، لكن أصحاب الحملة يؤكدون على استمرار حملتهم، باعتبار أن الحملة ستؤدي بطريقة أو بأخرى إلى الإضرار باسم الشركة ومنع المستثمرين من شراء حقوق الامتياز التجاري مرة أخرى.

موقف المستثمرين المحليين

وفي أثناء توسع حملات المقاطعة في الدول العربية خصوصا، فقد سارع المستثمرين المالكين لامتيازات “ماكدونالدز” و”ستاربكس”، إلى إصدار بيانات ينفون خلالها دعم إسرائيل، مؤكدين على استقلاليتهم على الشركات الأم أو بعض الأفرع التي قالت تقارير صحفية إنهم قدموا وجبات طعام لعناصر القوات الإسرائيلية.

كما أصدرت “ستاربكس ـ الشرق الأوسط”، بيانا، نفت فيه دعهما لإسرائيل، معتبرة أنها “مجرد إشاعة مغرضة لا تمت إلى الحقيقة بأي صلة”، كاشفة أنها “لا تقدم أي نوع من الدعم المالي للحكومة الإسرائيلية، أو للجيش الإسرائيلي”.

لكن هذه البيانات لم تمنع بعض أعمال العنف التي استهدفت متاجر هذه الشركات، حيث شهدت مصر العديد من حوادث الاعتداء على فروع “ستاربكس”، كذلك شهدت مدينة غازي عنتاب في تركيا، هجوم عشرات الشبان على أحد فروع “ستاربكس” والاعتداء على العاملين فيه إضافة إلى تخريب الأساس بحسب ما أظهرت تسجيلات مصورة متداولة.

آراء متباينة

البعض أكد أن بيانات العاملين في هذه الشركات، تؤكد عدم جدوى هذه الحملات، فقال حسام الأحمد تعليقا على الحملة، “للأسف دائما ما نعتمد على ردود الأفعال العشوائية بما يخص القضية الفلسطينية، المقاطعة حق بالتأكيد، لكن ما الفائدة، هذا عدا عن بعض الأعمال التخريبية التي شهدتها بعض المناطق والضرر على المستثمرين المحليين”.

في حين أضاف أنس مراد، “يعني للأسف بعض سكان الدول العربية عم يدعوا لمقاطعة ستاربكس لدعمه إسرائيل، وعم يتجاهل أنه حكومته دافعة تريليونات لأميركا ثمن سلاح ومعدات عسكرية، وأميركا أهم داعم بالكوكب لإسرائيل”.

أما محمد جودت، فقال، “المقاطعة حق للكل، ومش صحيح أنها ما بتأثر ولو بشكل جزئي على الشركات الأم، والمقاطعة أهدافها مش فقط اقتصادية، وإنما محاولة لإيصال آراء الشعوب بشأن ما يجري للفلسطينيين إلى هذه الشركات”.

في النهاية فإن مقاطعة شركة أو منتج ما هو حق مضمون لأي شخص أو جماعة، لكن ذهاب الحملات إلى انتشار العنف في بعض المناطق، هو من أدخل هذه الحملات إلى مرمى الانتقادات، كذلك فإن انخفاض الجدوى منها، جعل البعض يؤكد أن جهود التضامن مع ضحايا الحرب في غزة، تركزت على أشياء لن تفيد أبدا الفلسطينيين، على حساب أشياء أخرى قد يكون لفعلها تأثيرا أكبر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات