على مدار الأيام القليلة الماضية، ومنذ أن أعلنت حركة “حماس” عملية “طوفان الأقصى”، تعرّض لاعب كرة القدم المصري ونجم نادي ليفربول الإنجليزي محمد صلاح، لحملة هجوم لم يسبق وأن تعرّض لها شخص عربي مشهور من قبل مئات الآلاف من سكان الدول العربية، وذلك نتيجة عدم إعلان موقفه مما يحدث في قطاع غزة.

ورغم خروج صلاح مساء أمس الأربعاء، لإعلان موقفه حيث أكد على ضرورة إرسال المساعدات الغذائية إلى غزة الذي خصها بالاسم، كما ناشد قادة العالم للعمل على إيقاف الحرب ووقف إزهاق جميع الأرواح وقال حرفيا “جميع الأرواح مقدسة”.

إلا أن ذلك لم يرقَ على ما يبدو لرؤية معظم جماهيره من الدول العربية، فحتى بعد إعلان صلاح لموقفه تواصلت حملة الهجوم والشتم على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يطرح تساؤلا تحدّث عنه عشرات المدوّنين تحت عنوان، “هل الصمت في هذا النوع من القضايا حق ولماذا يرفض البعض الإعلان عن موقفه”.

صلاح ليس الوحيد

صلاح لم يكن الوحيد من بين المشاهير العرب الذين رفضوا التحدث عما يحصل في غزة والأراضي الواقعة تحت سيطرة إسرائيل، وجميعهم تعرّضوا لنفس الحملة، فقبل بثّ صلاح للبيان أمس، كانت آخر منشوراته على “الفيسبوك” و”الانستغرام” مليئة بتعليقات الشّتم واللوم والمطالبة بإعلان موقفه.

كذلك فقد تعرّض الإعلامي السعودي أحمد الشقيري لحملة هجوم واسعة لنفس السبب، لكن الشقيري سبق الجماهير العربية وقام بإغلاق التعليقات لجميع منشوراته على صفحاته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد كتب في صفحته على “الانستغرام” في قسم البايو “باحث عن السلام الداخلي، في وسط ضعفي البشري”.

“لا أريد إعلان موقفي ولا متابعة الأخبار حتى”، قالت انفلونسر وصحفية سورية تملك على انستجرام نحو 800 ألف متابع (رفضت الكشف عن اسمها)، مؤكدة أنها تؤمن أن لكل شخص الحرية في إعلان موقفه أولا، فالصمت هو خيار وكذلك انتقاد الصمت لكن أن يصل الأمر إلى التحريض على الكراهية لمجرد التزام الصمت، فهي ترفض هذه التصرفات من قِبل شريحة واسعة من الجماهير العربية.

قد يهمك: هل قلل “تيك توك” من بريق بعض الممثلين السوريين؟

الصحفية أضافت خلال حديث خاص مع “الحل نت”، “منذ بدء الهجوم على غزة وأوقفت جميع نشاطاتي على انستغرام، باعتبار أن معظم الجماهير قد لا ترغب برؤية محتواي في هذه الظروف، لكن بعد مرور يومين فقط بدأت تصلني رسائل اللوم والعتاب والمطالبة بإعلان موقفي، وبعدها للأسف تحولت الرسائل إلى رسائل تهديد وشتم بأبشع الألفاظ”.

أما عن أسباب رفضها الإعلان عن الموقف، فهي ترى من وجهة نظرها أن دخولها في هذا الصراع لن يكون له أيّ تأثير كما أنه سيعود عليها بشكل سلبي، وأردفت قائلة، “أنا خرجت من سوريا هربا من الحرب ومشاهد الدماء، والآن الأطفال تموت في غزة، لا أقوى أبدا على متابعة هذه الأحداث ولا أعتقد أن إعلان موقفي سيكون له أيّ تأثير، لقد عمدت إلى إيقاف استخدام تطبيقات التواصل لأنني لم أعد أتحمل متابعة أخبار إراقة الدماء ومشاهدة هذه الصور، ليس لدي طاقة لذلك، ألا يحق ليّ”.

موجات كراهية

تؤكد الصحفية السورية أنها بدأت تفكر بإغلاق صفحاتها على الإنترنت بسبب موجة الكراهية التي تعرّضت لها خلال الأيام القليلة الماضية، لمجرد عدم إعلان موقفها بشكل علني، وختمت حديثها قائلة، “فكّرت جدّيا بإغلاق الإنترنت حتى إشعار آخر، بعض الأشخاص لديهم موجات كراهية غير مبررة، حتى ولو أعلنت موقفي، الهجوم لن يتوقف علي أو على الآخرين، فرأينا ما حصل مع محمد صلاح، رغم أن لا أحد يعلم ما هي الظروف التي يمر بها”.

اللاعب المصري بالطبع كان النجم الأول في هذه القضية، وكان الهدف الأول للجماهير العربية، وحول ذلك، قال الناقد الرياضي المصري محمود صبري، في حديث لصحيفة “الشرق الأوسط“، إن صلاح يُعد أحد السفراء الرياضيين العرب في أوروبا، مشيرا إلى أن الموقفَين الأوروبي والغربي بشكل عام يدعم إسرائيل، وأن صلاح في وضع حساس الآن.

في المقابل، رفض الناقد الرياضي المصري المقارنة بين موقفَي صلاح وأبو تريكة، واعتبر أن لكل منهما مكان ووضع مختلفَين، وعدّ ذلك نوعا من المزايدة على مواقف محمد صلاح، لافتا إلى أن علامات التأثر على صلاح خلال مباراته الأخيرة في الدوري الإنجليزي يوم الأحد الماضي أمام برايتون كانت واضحة، فقبل التوقف الدولي، ورغم إحرازه هدفين في المباراة، فإنه لم يبدِ أي سعادة بهما.

بينما رأى الناقد الرياضي أشرف محمود، أن صلاح ليس حرّا تماما فيما يكتبه أو يعلنه، مشيرا إلى أنه “لا يوجد مواطن عربي غير متعاطف مع غزة”. وقال محمود، في حديث لذات الصحيفة، إن “صلاح ربما قرر أن يدعم غزة بطريقة أخرى لا نعرفها، ربما تكون أكثر إفادة للقضية الفلسطينية ولغزة”.

صلاح كان قد كسر صمته حول الأحداث الجارية في غزة أمس من خلال خروجه بتسجيل مصور نشره على صفحاته الرسمية، وأعرب نجم نادي ليفربول عن تضامنه مع سكان غزة، في ظل سوء الأوضاع الإنسانية وقال “ليس من السهل أبدا الإدلاء بتصريحات في مثل هذه الأوقات، كان هناك الكثير من العنف والكثير من الوحشية المفجعة للغاية، ليس بالإمكان تحمّل وتيرة العنف المتصاعدة منذ أسابيع”.

وتابع “جميع الأرواح مقدسة ومن الواجب توفير سُبل الحماية لها، يجب أن تتوقف المجازر، فالعائلات مُمزقة”، موضحا أنه يجب السماح “بتقديم الدعم الإنساني لـغزة فورا، يمرّ سكان غزة بأوضاع صعبة، بالأمس ، شاهدنا مشاهد مروّعة في المستشفى، سكان غزة بحاجة إلى الغذاء والماء والدواء على الفور، أناشد جميع قادة العالم للتكاتف معاً لمنع وقوع المزيد من المذابح للأبرياء، والإنسانية يجب أن تسود”.

ما يحصل في غزة، يجمع معظم العالم على أنه قضية إنسانية، لكن لا يخفى على أحد دخول السياسة في هذه الأزمة الإنسانية، خاصة وأن الجرائم المرتكبة حاليا في غزة، مرتبطة بعملية “طوفان الأقصى”، التي بدأتها “حماس” بالهجوم على الإسرائيليين، لذلك فإن البعض يرى أن إعلان الموقف الإنساني يرتبط كذلك بانتقاد “حماس” وتحميلها جزءا كبيرا من المسؤولية عما يحصل، بالتالي فإن من حق البعض التزام الصمت أو على الأقل عدم الإعلان عن موقفه في ستوري على “إنستغرام” كي ترضى عنه جماهيره.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات