يبدو أن روسيا لن تتوقف عن خلق التهديدات الأمنية مطلقا، فخطواتها التصعيدية في صناعة الأسلحة خير دليل على ذلك، ولذا فهي تعتزم في أحدث تصعيد لها، إنتاج القنابل الانزلاقية “دريل” ذاتية الطيران، فماذا يعني ذلك؟ 

في التفاصيل الدقيقة، فإن موسكو تعتزم بدء الإنتاج المتسلسل لقنبلة انزلاقية جديدة خاصة بها من طراز “دريل”  في العام الجاري 2024، وذلك بعد أن “اجتازت جميع الاختبارات التي حددتها وزارة الدفاع”، حسب وكالة “تاس” الروسية للأنباء.

الوكالة نقلت عن ممثل شركة “روستيخ” الحكومية للدفاع قوله، إن “القنابل، وهي من أحدث الأسلحة الروسية، قادرة على التحليق بشكل ذاتي باستخدام مسار طيران منزلق على هدف على مسافة أكبر، ثم تنفتح فوقه في اللحظة المناسبة”.

ممثل “روستيخ” الذي لم يذكر اسمه، قال: “اجتاز المنتج كل أنواع الاختبارات حتى الآن”، مضيفاً أنه “من المقرر إنتاج الدفعة الأولى من قنابل دريل الجوية في العام الحالي”.

معلومات عن قنبلة “دريل”

قنبلة “دريل” مصممة على تدمير المركبات المدرعة ومحطات الرادار الأرضية ومراكز التحكم في محطات الطاقة وأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات، وهي تقاوم التشويش والكشف بالرادار؛ مما يجعل تدميرها أمرا صعبا للغاية.

وفقا لمصادر روسية وغربية، فإن “دريل” نوع من القنابل العنقودية. وتحظر أكثر من 100 دولة الذخائر العنقودية التي عادة ما تطلق أعدادا كبيرة من القنابل الصغيرة التي يمكن أن تقتل بشكل عشوائي على مساحة واسعة، والقنابل التي لا تنفجر قد تشكل خطرا على مدى عقود.

قنبلة انزلاقية من طراز “دريل” روسية الصنع – (تاس)

الإصرار الروسي على بدء الإنتاج المتسلسل للقنابل الانزلاقية “دريل” ذاتية الطيران وإطلاقها هذا العام، هو لأجل استخدامها بشكل جدي في الحرب على أوكرانيا بعيدا عن النظر لمخاطرها، كما يقول المحلل الأمني والعسكري إحسان القيسون في حديث مع “الحل نت”. 

بحسب القيسون، فإن موسكو باتت تعي جديا أن حربها على كييف طالت وستطول مدتها، وهي لا تريد أن تتحمل خسائر ثقيلة بالأرواح والمال مع طوال أمد الحرب، إذ لم تكن تعتقد أن كييف ستدافع بهذه الشراسة ضد الغزو، لذا باتت تفكر بشتى الطرق للإسرع من وتيرة احتلال المدن الأوكرانية وإنهاء الحرب، وإنتاج هذه القنابل هو أحد أهم الحلول بالنسبة لموسكو، استخدامها سيساعد في تسريع إنهاء المهمة، بحسب تعبيره.

موسكو واستغلال حرب غزة

في السياق، فإن أوكرانيا قالت إن روسيا تنشر بالفعل قنابلها العنقودية  داخل كييف، واصفة إياها بأنها “تهديد كبير للغاية”، علما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال في تموز/ يوليو 2023، إن موسكو ستستخدم القنابل العنقودية في أوكرانيا إذا اضطرت لذلك.

بحسب وكالة “تاس”، فإن العنصر المدمر في قنبلة “دريل” إذا لم يعمل على هدف معين، فسيدمر نفسه ذاتيا بعد فترة زمنية معينة،

بدأ تطوير القنبلة منذ عام 2016، من قبل شركة “Rostec”، وتهدف بالأساس إلى تدمير مركبات الخصم، “المدرعات ومحطات الرادار الأرضية ومراكز القيادة وأنظمة الدفع للصواريخ المضادة للطائرات”، وفق موقع “ناشيونال إنترست”.

القيسون بوضح، أن موسكو لم تعد تهتم لأي عقوبات ستطالها في حال استخدامها للقنابل الانزلاقية؛ لأن هدفها السيطرة على أوكرانيا مهما كان الثمن، وما دفعها للإسراع بإنتاج القنابل، هو توجه الأنظار الدولية نحو الحرب في غزة، بالتالي هي تريد استغلال ذلك قبل نهاية حرب إسرائيل على قطاع غزة.

ما يجب ذكره، أن وزن القنبلة الانزلاقية “دريل” يصل إلى نحو 500 كيلو جرام، ومداها 30 – 50 كيلو متر، وتجعل أنظمة تحديد هوية الخصم والإجراءات المضادة الإلكترونية، القنبلة محصنة ضد التدخل وغير مرئية للرادارات.

“الثالوث النووي” وصواريخ “يارس” 

الجدير بالذكر، أنه قبل قنابل “دريل”، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نهاية العام المنصرم، أثناء اجتماع مع كبار القادة العسكريين، اكتمال تحديث جميع أضلاع “الثالوث النووي” بنسبة تصل إلى 95 بالمئة من الأسلحة النووية.

وقال بوتين خلال اجتماع عُقد في وزارة الدفاع الروسية: “في ظل الطبيعة المتغيرة للتهديدات الوطنية، وظهور مخاطر عسكرية وسياسية جديدة تلوح في الأفق، ازداد الدور الذي يلعبه الثالوث النووي بشكل ملحوظ لضمان توازن القوى، والتوازن الاستراتيجي للقوى في العالم”، وفقا لما نقلته وكالة “إنترفاكس” الروسية.

عرض عسكري روسي لصواريخ من طراز “يارس” في موسكو – (رويترز)

الرئيس الروسي كشف كذلك خلال حديثه عن الأسلحة الجديدة النووية الاستراتيجية، أن الجيش الروسي يستعد لاستقبال 15 منظومة صواريخ من طراز “يارس” (RS-24 Yars) العابرة للقارات، ومركبات فرط صوتية من طراز “أفانجارد” (Avangard) مع مطلع العام الحالي.

وبحسب وكالة “نوفوستي” الروسية، أكد بوتين، ضرورة تزويد الجيش بمعدات وأسلحة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مشددا على أن الحكومة ستعمل على زيادة حجم مشتريات وصيانة الأسلحة والمعدات التي يستخدمها الجيش الروسي.

موسكو لا تكترث للمدنيين

من جانبه، قال قائد قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية، سيرجي كاراكاييف، إن فوجا جديدا من صواريخ “يارس”، دخل الخدمة القتالية ضمن قوات الصواريخ الاستراتيجية.

كاراكاييف قال خلال مقابلة أجراها مع مجلة “كراسنايا زفيزدا” مؤخرا، إن فوجا مسلحا بصواريخ “يارس” العابرة للقارات دخل الخدمة ضمن تشكيل “بولوجوفسكي” الصاروخي، مشيرا إلى أن دخول هذه الصواريخ إلى جانب مركبات “أفانجارد” الخدمة من شأنه أن يعزز القدرات القتالية لتشكيلات “كوزيلسكي” و”ياسنينسكي” الصاروخية ضمن قوات الصواريخ الاستراتيجية.

والتوازي مع التوسع المستمر في نشر أفواج صواريخ “يارس”، فمن المتوقع كذلك التوسع في نشر صواريخ RS-18A الموروثة من الحقبة السوفيتية، والتي يجري تعديلها لحمل مركبات “أفانجارد” الانزلاقية الفرط صوتية.

بحسب مجلة “كراسنايا زفيزدا”، فإنه من شأن توسع روسيا في نشر “أفانجارد” أن يمنحها القدرة على توجيه ضربات دقيقة للجيوش الأخرى، وهذه المركبة تتميز بقدرتها العالية على المناورة التي تجعلها عصية على الاعتراض من قبل أي منظومة دفاع جوي.

بالتالي، فإن إنتاج الأسلحة الروسية على مختلف صنوفها في هذا الوقت، يشير إلى هدف واحد آني، هو الإسراع قدر الإمكان بإنهاء مهمة احتلال الأراضي الأوكرانية وتفادي إطالة الحرب، ضاربة المخاطر التي يتعرض لها المدنيين في أوكرانيا والعالم عرض الحائط.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة