في قرار مفاجئ، أعلنت الحكومة السورية إلغاء جميع الفعاليات والاحتفالات العامة في البلاد، كتعبير عن حدادها على رحيل الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، وتضامناً مع تعرّض أسماء الأسد، زوجة الرئيس بشار الأسد لإصابتها بمرض السرطان.

هذا القرار المثير للجدل، الذي اتخذته الحكومة السورية، يأتي في ظل حالة حزينة مفروضة على البلاد جراء الفقدان المزدوج لشخصيتين بارزتين على الساحة السياسية والاقتصادية السورية عليهما جدل كبير بسبب نفوذهما. 

لكن هذا القرار المفاجئ قد يثير تساؤلاتٍ حول أولويات الحكومة السورية في هذه المرحلة الحرجة، حيث تواجه البلاد تحديات اقتصادية واجتماعية مستعصية. فهل سيُسهم هذا الحداد الرسمي في إضفاء المزيد من الرمزية على دمشق، أم أنه سيشكل إهمالاً للقضايا المعيشية المُلحّة للسوريين؟

أبواب العزاء في دمشق

في خطوة مفاجئة، أعلنت الجهات الحكومية السورية أمس الأربعاء، إلغاء جميع الأنشطة والاحتفالات المقررة في مناطق سيطرة دمشق. وتبدو الأسباب وراء هذا القرار متباينة، حيث يرتبط جزء منها بالحداد على وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بينما يعكس الجزء الآخر التضامن مع السيدة أسماء الأسد، زوجة الرئيس بشار الأسد.

من يقف خلف حادثة سقوط طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه؟ (2)
رجل يقرأ صحيفة تحمل على صفحتها الأولى تقريرًا عن تحطم مروحية الرئيس الإيراني خارج كشك في طهران في 20 مايو/أيار 2024. (تصوير عطا كناري/وكالة الصحافة الفرنسية)

ووفقاً لوسائل الإعلام المحلية، فقد تم إلغاء الاحتفال بمهرجان الوردة الشامية في قرية قلعة المهالبة بمحافظة اللاذقية، تضامنًا مع أسماء الأسد بعد الإعلان عن إصابتها بمرض (اللوكيميا). وقد اعتُبر هذا القرار رسالة تضامن من قبل أهالي القرية مع زوجة الأسد في سوريا في محنتها الشخصية.

ووفقًا لوكالة “سانا” الرسمية، أقامت السفارة الإيرانية في دمشق حفلاً تأبينياً لوداع الرئيس الإيراني، الذي لقي حتفه في حادث تحطم مروحية كان على متنها إلى جانب وزير خارجيته. وتوافدت شخصيات رفيعة المستوى من الحكومة السوري لتقديم العزاء.

شخصيات على المستوى الحكومي والعسكري والأمني والإعلامي توافدت إلى مبنى السفارة الإيرانية في دمشق، لتقديم العزاء وتم إقامة مجلس تأبين في مقر مكتب علي خامنئي بدمشق، إلى جانب مجلس التأبين الذي سيُقام في مقام السيدة زينب اليوم الخميس.

إلغاء حفلات واستنكار

بالتوازي، أعلنت وزارة السياحة في دمشق إيقاف جميع الحفلات والبرامج الفنية، حداداً على رحيل الرئيس الإيراني ووزير خارجيته. وفي سياق متصل، نشر الحساب الرسمي “إيران بالعربية” صوراً لإبراهيم رئيسي وسط شوارع العاصمة السورية، تحت عنوان “الصديق الوفي”.

بأنياب الموساد الإسرائيلي هكذا بدأ الأسد بأكل حلفائه الإيرانيين (1)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (يسار) يلتقي برئيس النظام السوري بشار الأسد في الرياض، المملكة العربية السعودية في 11 نوفمبر 2023. (غيتي)

وفي خطوة لافتة للنظر، أعلنت مساجد ومؤسسات دينية في دمشق إلغاء مختلف الفعاليات والاحتفالات المقررة، وذلك حداداً على وفاة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي. فقد أعلن “مسجد وحسينية الزهراء” في حي الإمام زين العابدين بالعاصمة السورية إلغاء احتفال مولد الإمام الرضا، في حين قامت عدة حسينيات في مناطق سيطرة دمشق بإقامة مجالس عزاء.

وتأتي هذه الخطوات في وقت طالب فيه بعض الموالين لحكومة دمشق بأن يتم توجيه هذه المشاعر الحزينة نحو قتلى الجيش السوري، مستنكرين المبالغة في الحداد على وفاة الرئيس الإيراني حيث ارتدى العاملين في الإعلام الرسمي ملابس سوداء وتم بث آيات قرآنية. 

الشخصيات الداعمة للسلطات السورية حاولت تبرير هذا الحداد بكون إيران ليست مجرد حليف عادي، بل شريك استراتيجي بالنسبة لدمشق.

إن سرعة الحكومة السورية في إظهار الحداد على رحيل الرئيس الإيراني تكشف عن مدى اعتماد دمشق على طهران كركيزة أساسية لبقائها في السلطة. ففي خطوة تؤكد مدى ارتباط دمشق بطهران، أعلنت دمشق الحداد الرسمي العام لمدة ثلاثة أيام على وفاة إبراهيم رئيسي، وعدد من المسؤولين الإيرانيين البارزين.

ووفقاً لبيان صادر عن مجلس الوزراء السوري، سيتم تنكيس الأعلام في جميع مناطق سيطرة الجيش السوري، في إطار المشاركة بالحزن على رحيل هذه الشخصيات الإيرانية، التي لقت حتفها جرّاء تحطّم طائرة مروحية كانت تقلّهم.

إصابة أسماء

أسماء الأسد، نالت نصيبا من هذا الحزن، فرغم حضورها الفترة السابقة مع الأسد في عدة زيارات، غابت أسماء الأسد عن زيارة زوجها الأخيرة إلى البحرين، إذ بعد عودة بشار الأسد من القمة العربية التي مكث فيها صامتا لم يُلقِ كلمة فيها، أعلنت “رئاسة الجمهورية السورية”، إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم. 

خضعت أسماء الأسد زوجة الرئيس السوري، بشار الأسد، للعلاج من سرطان الثدي، حسبما أعلنت الرئاسة السورية في وقت سابق. (تصوير: لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية)
خضعت أسماء الأسد زوجة الرئيس السوري، بشار الأسد، للعلاج من سرطان الثدي، حسبما أعلنت الرئاسة السورية في وقت سابق. (تصوير: لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية)

ففي بيان رسمي مفاجئ الثلاثاء الفائت، أعلنت الرئاسة السورية عن إصابة أسماء الأسد بمرض الابيضاض النقوي الحاد (اللوكيميا). ووفقاً للبيان، سوف تخضع أسماء الأسد لبروتوكول علاجي متخصص يتطلب العزل والتباعد الاجتماعي المناسب، كما ستبتعد عن العمل المباشر.

وتأتي هذه الإصابة بعد كشفٍ سابق عن إصابة أسماء الأسد (48 عاماً) بورم خبيث في الثدي في آب/أغسطس 2018. حينها، تم اكتشاف المرض في مراحله المبكرة، وخضعت للعلاج في أحد المستشفيات العسكرية في دمشق.

البيان ذكر، أن أعراض وعلامات سريرية ظهرت تبعتها سلسلة من الفحوصات تم تشخيص إصابتها بمرض الابيضاض النقوي الحاد (لوكيميا). 

إلا أنه بالتزامن مع إعلان دمشق عن إصابة أسماء الأسد بمرض سرطان الدم (اللوكيميا)، نشرت مواقع إعلامية محلية – لم يتأكد “الحل نت” من صحة المعلومة – عن وصول الأسد، زوجة الرئيس السوري، إلى العاصمة البريطانية لندن عبر طائرة خاصة.

المصادر التي نقلت عنها الصحيفة، لاحظت أن أسماء كانت في حالة صحية جيدة قبل أيام، مما يرجّح أن سفرها قد يكون جزءاً من صفقة سياسية بين الرئيس السوري وبعض الأطراف العربية أو الدولية خلال القمة العربية الأخيرة في المنامة.

ليست المرة الأولى التي يكتنف الغموض وجود زوجة الرئيس السوري بشار الأسد داخل وخارج سوريا، إذ طالما خيّم الالتباس على تحركاتهما وأوضاعهما الصحية. فبينما تحاول زوجة الأسد البحث عن أمل في هذه المحطة الجديدة، تتصادم مع جملة من التساؤلات حول حقيقة إصابتها وواقع معاناتها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات