في خطوة مفاجئة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والدبلوماسية، أدلى وزير سوري بارز بتصريحات لاذعة كشفت النقاب عن تفاصيل مثيرة حول الوضع الداخلي والإقليمي لسوريا. هذه التصريحات، التي جاءت في وقت حساس، سلطت الضوء على التحديات الأمنية والسياسية التي تواجهها البلاد، مما أثار تساؤلات عديدة حول مستقبل سوريا ودورها في المنطقة.
وفي الوقت الذي تسعى فيه دمشق جاهدة لاستعادة استقرارها الداخلي وتعزيز مكانتها الإقليمية، تأتي هذه التصريحات لتكشف عن تعقيدات الوضع الأمني في البلاد. فقد أشار الوزير إلى تحديات أمنية جسيمة لا تزال تواجه سوريا، مما يلقي بظلاله على جهود إعادة الإعمار والتنمية التي تسعى الحكومة لتحقيقها.
على الصعيد الإقليمي، أثارت تصريحات الوزير تكهنات حول توجّهات السياسة الخارجية السورية في المرحلة المقبلة. فقد تطرق إلى العلاقات المتوترة مع بعض دول الجوار والتحديات التي تواجه سوريا في استعادة دورها الإقليمي. هذه الرؤية الصريحة للوضع الراهن تفتح الباب أمام تحليلات معمقة حول مستقبل سوريا في خضم التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة.
سوريا المهكّرة
كشف وزير الزراعة السوري السابق، نور الدين منى، عن مشهد يعكس تدهوراً غير مسبوق في الأوضاع المعيشية، حيث تواجه سوريا مع اقتراب منتصف عام 2024 أزمة إنسانية حادة تهدد بتقويض أسس الحياة اليومية لغالبية السكان.
فقد كشفت الوزير منى أن الرواتب الحكومية باتت عاجزة عن تلبية الاحتياجات الأساسية لأيام معدودة، مما يدفع المواطنين إلى اتخاذ إجراءات قاسية للحفاظ على كرامتهم، بما في ذلك بيع ممتلكاتهم الشخصية.
وفي ظل هذا الواقع المرير، تبرز أزمة الخدمات الأساسية كإحدى أكثر التحديات إلحاحاً. فانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وندرة الوقود، وحتى صعوبة الحصول على مياه الشرب النظيفة في العديد من المناطق، كلها عوامل تضع سوريا في مصاف الدول الأكثر معاناة على مستوى العالم من حيث جودة الحياة.
الأرقام تتحدث بلغة صادمة، إذ تشير التقديرات إلى أن ما يزيد عن 90 بالمئة من الشعب السوري يرزح تحت وطأة الفقر المدقع، متجاوزاً بذلك المعايير العالمية للحرمان.
وضع غير مبشّر
في تحليل جريء عن واقع سوري مضطرب، حذّر وزير الزراعة السابق نور الدين منى، المسؤول الذي يعد من أشجع الأصوات المقيمة داخل سوريا، من تداعيات خطيرة قد تعصف بالاستقرار الهشّ.
وفي استعراض للتحديات الأمنية، أشار منى إلى استمرار العمليات الإرهابية في البادية السورية، مع تركيز خاص على ما وصفه بـ”دواعش تحت الطلب”.
كما لفت الانتباه إلى الاستهدافات المتكررة للقوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها، مؤكداً أن الضحايا في كلتا الحالتين هم من السوريين الأبرياء.
وفي ظل حالة الاستنفار الأمني المستمرة في مناطق الجنوب والشمال والشمال الشرقي، حذّر منى من احتمال امتداد الصراع اللبناني المحتمل إلى الأراضي السورية. كما أبدى مخاوفه من اندلاع فتنة في السويداء قد تكون لها عواقب وخيمة.
وفي إشارة لافتة إلى المشهد السياسي الداخلي، انتقد الوزير السابق ما وصفه بـ”المسرحية” المحيطة بالانتخابات البرلمانية، متّهماً بعض الأطراف بالتلاعب بمصير البلاد في سعيهم للوصول إلى السلطة.
الوزير منى قال: “شريحة من السوريين جلّ اهتمامهم في الوصول إلى البرلمان السوري؛ بإخراج مسرحي مسبق الصنع، والكومبارس يمتلك حرفية عالية أكثر من الممثلين أنفسهم.. ويا عين صبي دمع!!”.
“ماذا ستلد العنزة؟”
على الساحة الإقليمية، تصاعدت التكهنات حول إمكانية حدوث تقارب سوري-تركي، وسط تضارب في التفسيرات والتوقعات، وهو ما كان للوزير السوري رأي مختلف.
فقد كشفت تسريبات إعلامية عن لقاء رفيع المستوى جمع الطرفين في قاعدة “حميميم” الروسية، مما أثار موجة من التحليلات والتأويلات المتباينة في كلا البلدين.
وفي حين تناولت الصحف التركية المقرّبة من الحكومة هذه التطورات بنبرة متفائلة، مركزة على إمكانية التعاون في مواجهة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) قبل الانتخابات المرتقبة لـ”الإدارة الذاتية”، جاء الموقف السوري الرسمي أكثر تحفّظاً، وفق منى.
فقد أصرّت دمشق على رفض أي شروط مسبقة للحوار، مع التمسك بموقفها الرافض لوصف الوجود التركي بـ”الاحتلال”، في تناقض واضح مع تصريحات سابقة لوزارة الخارجية السورية.
وبحسب منى، يبقى ملف عودة اللاجئين السوريين ومصير “قوات سوريا الديمقراطية” من أبرز نقاط الخلاف التي تعيق إحراز تقدم ملموس في هذا المسار.
وفي ظل هذه التعقيدات، الترقّب هو سيد الموقف، حيث قال منى: “المهم سنرى ماذا ستلد العنزة قريباً جدي أم جرو، نقاط الاستعصاء تكمن في حل قسد، ومشكلة عودة اللاجئين السوريين”.
حزب لبنان الإيراني – وإسرائيل
في تحليل عميق للمشهد الإقليمي المتوتر، رسم وزير الزراعة السوري السابق نور الدين منى صورة قاتمة لمستقبل المنطقة في ظل التصعيد المتزايد بين إسرائيل و”حزب الله” اللبناني.
فقد حذّر منى من احتمال اندلاع حرب شاملة في الصيف، مستشهداً بالتصريحات النارية لـ”حزب الله” وتهديداته التي امتدت لتشمل دولاً في حلف “الناتو”.
وفي إشارة إلى التطورات التكنولوجية في المنطقة، لفت منى الانتباه إلى ما أسماه “درون الهدهد”، مشيراً إلى تطوير قدرات عسكرية جديدة قد تغير موازين القوى.
هذا التصعيد الكلامي والعسكري دفع الولايات المتحدة إلى إرسال حاملة الطائرات “ايزنهاور” إلى شرق المتوسط، في خطوة تعكس جدية التهديدات المحتملة.
وفي تناوله للموقف السوري، أشار منى إلى سياسة النأي بالنفس التي تتبعها دمشق حالياً تجاه الأحداث في غزة وجنوب لبنان، معتبراً أنها قد جلبت بعض “جوائز الترضية” للنظام. إلا أنه حذر من صعوبة التنبؤ بموقف سوريا في حال اندلاع حرب كبرى، خاصة في ظل علاقتها العميقة مع إيران.
وختم منى بالإشارة إلى وجود قرار دولي بإنهاء النفوذ الإيراني في سوريا، معتبراً ذلك مقدمة لتشكيل شرق أوسط جديد، في تحليل يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة لمستقبل المنطقة.
ثلاث لاءات أميركية
أما بالنسبة للمشهد الدولي وتأثيره على الأزمة السورية، يرى وزير الزراعة السوري السابق نور الدين منى أن آفاق الحل في المدى المنظور غير موجودة.
ففي حديثه، أكد منى أن الموقف الأميركي-الغربي لا يزال متمسكاً بما أسماه “اللاءات الثلاث”: رفض التطبيع مع الحكومة السورية، الإصرار على استمرار العقوبات الاقتصادية، ومنع جهود إعادة الإعمار.
وفي إشارة لافتة إلى الدور الروسي، ألمح منى بسخرية إلى انشغال الرئيس بوتين بقضايا هامشية، في وقت تتصاعد فيه التحديات الإقليمية والدولية.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يهتم حاليا بكلبي الصيد من السلالات النادرة التي أهداهما له الزعيم الكوري الشمالي، وهذا التلميح يثير تساؤلات حول مدى جدّية الدعم الروسي للقضية السورية في الوقت الراهن.
وزير الزراعة السوري السابق نور الدين منى
وختم منى تحليله بدعوة صريحة إلى حلٍّ سوري-سوري، مؤكداً أنه السبيل الوحيد لتعافي البلاد من جراحها العميقة. وفي موقف حازم، طالب بخروج جميع القوى الأجنبية من سوريا، مهما كان الثمن، مستخدماً عبارة “كلن يعني كلن” في إشارة واضحة إلى ضرورة شمول هذا الخروج لجميع الأطراف دون استثناء.
الجدير ذكره، أن نور الدين منى الحاصل على دكتوراه في الاقتصاد الزراعي عام 1986 في “جامعة تكساس إيه آند إم” في الولايات المتحدة الأميركية، كان وزير الزراعة بين 2001 و2003، كما شغل منصب مسؤول وممثل أممي في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو” بين 2004 و2014، وأستاذ ورئيس قسم الاقتصاد الزراعي في “جامعة حلب” بين 1996 و2001.
- وفيق صفا.. ما الذي نعرفه عن أول قيادي ينجو من ضربات إسرائيل
- ما بين النفط والموقع الاستراتيجي.. الصين عينها على السودان
- بموافقة 26 دولة.. مجلس حقوق الإنسان يعتمد قرارا حول سوريا
- إسرائيل تحيّد قائد وحدة الصواريخ بقوة “الرضوان” واستهداف جديد لـ”اليونيفيل”
- العراق وتعديل قانون الأحوال الشخصية.. الرجعية تكسر التنوير!
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.