في تصريح رسمي هو الأول من نوعه يخرج على لسان الرئيس السوري بشار الأسد، أكد الأخير انفتاح دمشق على مبادرات التطبيع مع أنقرة.
الرئيس السوري قال خلال لقائه ألكسندر لافرنتييف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن انفتاح دمشق على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة مع تركيا. يستند إلى “سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها من جهة، ومحاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته من جهة أخرى”.
وأشار الرئيس السوري، إلى أن تلك المبادرات تعكس إرادة الدول المعنية بها لإحلال الاستقرار في سوريا والمنطقة عموما، على حدّ قوله.
الأسد أردف، أن سوريا تعاملت دائماً بشكل إيجابي وبنّاء مع كل المبادرات ذات الصلة، لافتاً إلى أن نجاح وإثمار أية مبادرة ينطلق من احترام سيادة الدول واستقرارها.
اجتماعات في “حميميم”؟
من جهته أكّد لافرنتييف، دعم موسكو لكل المبادرات ذات الصلة بالعلاقة بين سوريا وتركيا من كل الدول المهتمة بتصحيح تلك العلاقة.
مبعوث بوتين، شدّد على أن الظروف حالياً تبدو مناسبة أكثر من أي وقت مضى لنجاح الوساطات، وأن روسيا مستعدة للعمل على دفع المفاوضات إلى الأمام، وأن الغاية هي النجاح في عودة العلاقات بين سوريا وتركيا.
وجاء تصريح الرئيس السوري بشار الأسد، بعد تسريبات من الإعلام التركي، حول اجتماعات تركية – روسية عبر خطوط الاشتباك وفي “قاعدة حميميم” بهدف إحياء مفاوضات التطبيع بين أنقرة ودمشق، فيما لم تعلّق الأخيرة على ذلك حينها.
لكن ومنذ أيام، قالت صحيفة “الوطن” المحلية والمقرّبة من حكومة دمشق، نقلا عن مصادر خاصة بها، إن عدم صدور أي ردّ سوري رسمي حول ما أُثير مؤخراً في وسائل الإعلام التركية، يأتي في سياق سياسة الحكومة السورية المعروفة بعدم الرّد على تقارير صحفية.
المصادر نفت للصحيفة السورية شبه الرسمية، ما جرى تداوله حول حصول أي لقاءات أمنية أو عسكرية مؤخراً بين الجانبين السوري والتركي في قاعدة “حميميم” على الأراضي السورية.
وأشارت المصادر، إلى أنه لم يطرأ أي تغيير في الموقف السوري تجاه شروط التقارب مع أنقرة، لا سيما ما يخصّ إبداء الاستعداد للانسحاب من الأراضي السورية وما يخصّ توصيف الجماعات المسلحة المنتشرة في مناطق شمال شرق البلاد من “جبهة النصرة” وغيرها بوضوح على أنها “إرهابية”.
وكشفت المصادر بحسب صحيفة “الوطن”، بأن التحركات لتنشيط ملف عملية “التقارب” بين البلدين مستمرة، وبات معروفاً بأن بغداد تلعب دوراً واضحاً في هذا الإطار بدعم من المملكة العربية السعودية وروسيا والصين وإيران، وموافقة ضمنية أميركية، وهي تسعى لإطلاق قريب لهذه “العملية”، حتى وإن كانت بداية على المستوى الفني تمهيداً لعقد لقاءات على مستوى أعلى في حال كانت شروط حصول مثل هذه اللقاءات محقّقة.
ولفتت المصادر، إلى أن سوريا كانت واضحة في مواقفها تجاه أي حوار أو تفاوض مع الجانب التركي، وهي تعتبر أن إعلان أنقرة بشكل واضح نيّتها الانسحاب من أراضيها لا يمكن وصفه بالشروط؛ “لأن استمرار الاحتلال وكما ذكر وزير الخارجية السوري فيصل المقداد يتناقض مع أي جهود يجب أن تُبذل من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين”.
تعليقات تُركيّة واجتماع في بغداد
في وقت سابق وتحديدا في الأول من حزيران/ يونيو الجاري، أعلن وزير الدفاع التركي، يشار غولر، أن بلاده تدرس إمكانية سحب قواتها من سوريا، بشرط أن يتم ضمان بيئة آمنة وأن تكون الحدود التركية آمنة، وفق قوله.
ومنذ يومين، قال وزير الخارجية التركي، حقان فيدان، إن تركيا تريد من الحكومة السورية تقييم حالة الهدوء وعدم وجود الاشتباكات وحلّ المشكلات الدستورية وتحقيق السلام مع معارضيها.
جاء ذلك خلال لقاء أجرته قناة “خبر تورك” التركية مع الوزير فيدان، أشار فيه إلى أن أهم شيء حققته تركيا وروسيا في الشأن السوري هو “وقف القتال بين دمشق والمعارضة”.
وزير الخارجية التركي بيّن: “ما نريده، هو أن تقيّم الحكومة السورية هذه الفترة من حالة عدم الصراع، هذه الفترة من الهدوء بعقلانية، وأن تستغل كل هذه السنوات كفرصة لحل مشكلاتها الدستورية، وتحقيق السلام مع معارضيها، وإعادة الملايين من اللاجئين السوريين الذين فروا إلى الخارج أو غادروا أو هاجروا من جديد إلى بلدهم، ليعيدوا بناء بلادهم و ينعشوا اقتصادها”.
ومن المقرّر أن يُعقد لقاء قريب بين الوفدين التركي السوري في العاصمة العراقية بغداد، في محاولة للمضي قُدماً بجهود التقارب بين أنقرة ودمشق، إذ سبق وأن كشفت مصادر موثوقة عن موعد محدد للقاء المرتقب بين سوريا وتركيا، على أن تستضيف بغداد هذا اللقاء المهم.
وقد أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في تصريحات صحفية يوم 31 أيار/ مايو الماضي، السعي الحثيث لإرساء أسس للمصالحة والحوار بين الجارتين المتخاصمتين، معلناً أن “المفاوضات بهذا الشأن مستمرة، ونأمل أن تشهد الفترة المقبلة خطوات ملموسة في هذا الاتجاه”.
وفي تطور لاحق، أفادت تقارير إعلامية عراقية بأن مسؤولاً حكومياً أدلى بتصريحات رسمية مفادها، أن وفدَين رفيعي المستوى من تركيا وسوريا سيلتقيان في بغداد خلال الأيام القادمة.
وأشار المسؤول في إطار الكشف عن الجهود الرامية لتحقيق المصالحة بين البلدين، إلى وجود “نتائج إيجابية من خلال اتصالات واجتماعات ثنائية غير مُعلنة، حيث قبلت كلٍّ من دمشق وأنقرة بشكل كبير وساطة بغداد”.
ويأتي هذا التحرك الدبلوماسي المكثّف في وقت حرج، إذ تشهد العلاقات بين سوريا وتركيا توتراً شديداً على خلفية الملف الكردي والوجود العسكري التركي في الشمال السوري، مما يجعل من مساعي الوساطة العراقية فرصة ثمينة لاحتواء الأزمة وتهدئة النزاع المستعر بين الجانبين.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.