يؤزم المناخ الإقليمي والعالمي السياسات الأمنية ويثير التوترات في مختلف المناطق، ولا تزال الجماعات الطائفية والتنظيمات الإرهابية تجد في ظل هذا الوضع غير المستقر الفرصة للحفاظ على تواجدها واتساع قاعدتها وانتشار أنشطتها.

كما أن العمليات الإرهابية المسلحة تكون ضرورة في توقيتات محددة لإحداث فوضى، وتهديد الخصوم السياسيين أو ابتزازهم وإرغامهم على الهزيمة أو الابتعاد من حيز المواجهة إلى التفاوض. 

تركيا ملاذ آمن لـ “داعش”!

فيما يعد تنظيم “داعش” الإرهابي المتفشي في عدة مناطق بالعالم، منها آسيا ودول إفريقية، سلاحا استخدمته قوى إقليمية لحساباتها الخارجية، كما حدث في العلاقة الملتبسة بين تركيا والتنظيم الإرهابي الذي وجد في ظلال سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أكثر من غطاء لتحركاته، مرة الغطاء الأمني وتوفير ملاذات آمنة، ومرة أخرى غطاء اقتصادي عبر توفير المال والاقتصاديات اللازمة وكذا شبكات التمويل الخفية والسرية، فضلا عن تلقي العلاج في مشافي تركيا. ولم تكن “داعش” سوى ورقة أو على وجه أدق السلاح الذي يهدد به أردوغان الأكراد في الشمال السوري بدعوى تهديد أمن بلاده القومي.

كشف تحقيق لمكتب التحقيقات الفيدرالي “أف بي آي”، أن “تركيا هي القناة الرئيسية” لتمويل “داعش” بالعملة المشفرة- “نورديك مونيتور”

يشير الباحث المصري المختص في العلوم السياسية الدكتور عبد السلام القصاص إلى نقطة مركزية، حول اقتصاديات التنظيمات الإرهابية، ومنها “داعش”، فيقول إنه “رغم هزيمة التنظيم في آخر معقله شرق سوريا، ببلدة الباغوز وملاحقة القوات الأميركية والتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب عناصر وقادة داعش الإرهابيين، لكن لا يمكن الوثوق بأن كافة الأعضاء في هذا التحالف على نفس درجة سلم الأولوية بشأن تصفية وتقويض داعش”. 

ويوضح القصاص لـ”الحل نت” أن “تركيا مثلا لديها رغبة في الإبقاء على التنظيم الإرهابي لحسابات تخص سياساتها حتى لو وقع بينهما عداء فهو طارئ، ومن ثم، فإن الاستراتيجي يتمثل في وجود هدف ونشاط مشتركين داخل نقاط جغرافية ما تزال ساخنة تجعل العلاقة الوطيدة مرشحة للمضي مرة أخرى قدما للأمام. فالصراع في منطقة شمال شرقي سوريا ما يزال يفتح شهية أردوغان على عدم القبول بتسوية تخص الاستقرار في وضع الإدارة الذاتية، كما أن ملف التطبيع مع حكومة دمشق، لم يصل لنتائج حاسمة، لكن الوساطة الروسية والطموح أو التنافس الإيراني قد يجعل الصراع يتجدد في أي لحظة وتختلط الأوراق ببعضها ويتم استدعاء كافة الأذرع الأمنية التي سبق ودخلت خط المواجهة لتأمين مصالح القوى والأطراف التابعة لها. ولم يكن من باب الصدفة أن يتم التخلص من قادة التنظيم الإرهابي عند المناطق الحدودية المتاخمة لتركيا، فهي بالنهاية ورقة يمكن تدويرها وإدارتها في أي وقت وعند الحاجة”. 

إذاً، يمكن القول حتما إن “داعش” تحت وطأة الهزائم العسكرية التي طالت بنية وهيكلية، لديه فرص في البقاء و”استعادة عافيته وتوازنه” بتعبير الباحث المصري عبد السلام القصاص، من خلال وفرة الموارد واقتصادياته، وهي أمور توفرها أو تساهم في التغطية عنها قوى إقليمية تغض الطرف عن شبكات تمويل مثل هذه التنظيمات وتساعد في تدفق الأموال، لصالح شراكة استراتيجية سياسية وأمنية وإقليمية، حتى لو كانت خفية وغير معلنة.

“تجميع الأموال في تركيا وإندونيسيا”

فقبل عامين، وضع مكتب “مراقبة الأصول الأجنبية” التابع لـ”وزارة الخزانة الأميركية”، يده على شبكة تتولى تحويل الأموال لدعم عمليات تهريب الأطفال من المخيمات بسوريا بهدف تعبئتهم بالتنظيم كعناصر قتالية محتملة، لكن كان لافتا أن هذه الشبكة تعمل لديها تواصلات مع آخرين في إندونيسيا وسوريا وتركيا، وتجمع الأموال في إندونيسيا وتركيا. ولهذا، فإنه على مدار أعوام طويلة، غضت الحكومة التركية الطرف عن قيام تنظيم “داعش” الإرهابي “نقل الأموال عبر شركات وهمية أنشأها في تركيا بين عناصره وعبر الحدود، مستغلا النظام المالي التركي”، كما يوضح “المركز الأوروبي” لدراسة التطرف.

لسنوات، غضت حكومة أردوغان الطرف عن نقل “داعش” للمقاتلين والتمويل والإمدادات اللوجستية عبر تركيا. وخلال عامي 2015 و2016، ورد أن وكالة الاستخبارات التركية تعاقدت مع شبكة “داعش” بتركيا لتنفيذ سلسلة من التفجيرات لتعزيز أجندة سياسية ومساعدة أردوغان في الحفاظ على السلطة.

هذا يشير إلى أن تقويض “داعش” لم يكن مطلوبا للنهاية، وحتى هزيمته العسكرية كان قرارا على ما يبدو فوق إرادة أطراف إقليمية، لا تهدف إلى استئصال شأفة التنظيم الإرهابي بالكلية، ولهذا حافظت على اقتصادياته وشبكاته المالية بنفس درجة الحفاظ على قوى إسلاموية متشددة ومسلحة تتمركز في نقاط جغرافية للحفاظ على مصالحها، كما نجد في شمال غربي سوريا بين إدلب الواقعة تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا) وحتى عفرين ومناطق سيطرة الجانب التركي وتضم قوى ميلشياوية حليفة غالبيتهم من فلول “داعش” الذين تكبدوا هزيمة فادحة في بلدة الباغوز. 

وقد أوضح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن “داعش” بحوزته مبالغ تقدر بنحو 300 مليون دولار، بعد فقدان الأراضي التي وقعت تحت سيطرته في ما سمي بـ”دولة الخلافة” المزعومة.

كما وكشف تحقيق لمكتب التحقيقات الفيدرالي “أف بي آي”، التابع لـ”وزارة العدل الأميركية”، أن “تركيا هي القناة الرئيسية” لتمويل “داعش” بالعملة المشفرة.

وبحسب التحقيق الأميركي، فقد كشفت لائحة الاتهام الموجهة إلى مواطن أميركي، يخضع للمحاكمة بتهمة تمويل تنظيم “داعش”، وكيف أصبحت تركيا قناة رئيسية لمعاملات العملات المشفرة غير المشروعة المستخدمة لتمويل عمليات الجماعة الجهادية في سوريا.

فقد قام محمد أزهر الدين تشيبا، وهو مواطن أميركي من أصل هندي، يبلغ من العمر 35 عاما ومقيم في ولاية فرجينيا، بتحويل أكثر من 188 ألف دولار أميركي إلى “داعش”. وقد تم استخدام الأموال للمساعدة في تأمين إطلاق سراح مقاتلي “داعش” وعائلاتهم في سوريا، باستخدام وسطاء أتراك وعملات مشفرة.

وفي إفادة خطية قُدِّمت إلى قاضي الصلح الأميركي في أيار/مايو 2023، أوضح مكتب التحقيقات الفيدرالي، أن الأموال المرسلة إلى “داعش” في سوريا غالبا ما تتم بهذه الطريقة من خلال وسطاء أتراك. يتم تحويل الأموال عبر العملة المشفرة، وهي شكل من أشكال العملة يصعب تعقبها، إلى سعاة في تركيا. ثم يقوم هؤلاء السعاة بتحويل العملة المشفرة إلى نقود، والتي يتم تهريبها سرا إلى سوريا دون ترك أي أثر.

وتؤكد قضية شيبا، وفق موقع “نورديك مونيتور” كيف يبدو أن حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان تتسامح مع أنشطة “داعش” في تركيا وعبرها. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن نحو واحد فقط من كل أربعة معتقلين من “داعش” يتم اعتقالهم أثناء محاكمتهم في المحاكم التركية، وهو ما يخلق فعليا سياسة الباب الدوار للمشتبه بهم في “داعش”.

كما أن العديد من المشتبه بهم في “داعش” الذين تم اعتقالهم يتم إطلاق سراحهم في وقت لاحق أثناء جلسات المحاكمة بتركيا، وقليل منهم فقط يحصلون على إدانة ويقضون فترة في السجن. وتتجنب الحكومة التركية الكشف عن عدد أعضاء تنظيم “داعش” الذين أدينوا، على الرغم من التحقيقات البرلمانية من قبل أحزاب المعارضة.

مخيم “الهول” الذي يأوي عوائل عناصر “داعش” في شمال شرقي سوريا- “أ ف ب”

لسنوات، غضت حكومة أردوغان الطرف عن نقل “داعش” للمقاتلين والتمويل والإمدادات اللوجستية عبر تركيا. وخلال عامي 2015 و2016، ورد أن وكالة الاستخبارات التركية تعاقدت مع شبكة “داعش” في تركيا لتنفيذ سلسلة من التفجيرات العنيفة لتعزيز أجندة سياسية ومساعدة حكومة أردوغان في الحفاظ على السلطة وسط التهديدات الإرهابية المتزايدة خلال دورات الانتخابات.

“علاقة موضوعية”

ولهذا، يتشكك الكاتب الصحفي اللبناني حازم الأمين في قدرة تركيا على أن تكون حليفا أو شريك موثوق به في الحرب على ما تبقى من “داعش” والإرهاب بسوريا، وذلك عام 2019، بينما يؤكد على أن الموقف بين تركيا و”داعش” يشي بكونه “علاقة موضوعية”. 

ويقول: “ابتسامة رجل الأمن التركي في مطار إسطنبول حين كان يختم جوازات سفر (المجاهدين) القادمين من أنحاء العالم إلى سوريا عبر تركيا، هي نفسها ابتسامة رجل الأمن الباكستاني في مطار إسلام آباد حين كان يستقبل أبناء الجيل الأول من المجاهدين. فلنراجع حكايات هؤلاء عن أنفسهم. الواقعة تكررت، ومضافات (القاعدة) في بيشاور يوازيها مضافات (داعش) و(النصرة) في مدن غازي عنتاب وأعزاز وأنطاكيا وغيرها، مع تقدير الفروق الزمنية وبعض الخفر التركي”.

وقد ألمح الكاتب إلى مراوغات النظام التركي إزاء ورقة الإرهاب وحرب “داعش”، لافتا إلى أنه “بمجرد الترحيب التركي بالخطوة الأميركية سرعان ما تحول إلى استعداد لحرب على الأكراد”. 

وعليه، عاود تحقيق “نورديك مونيتور” بخصوص الشركات الوهمية التي دشنها عملاء معروفون من التنظيم الإرهابي في إسطنبول، النقاش مجددا للبحث وراء من يضخ الدماء والقوة في جسد التنظيم الإرهابي ويجعله يبقى ويتمدد كما كان شعاره قديما، غير أن الأمر اللافت في التحقيق هو ما يمكن وصفه بالحماية السياسية التي يتمتع بها “عملاء” التنظيم الإرهابي وكذا شبكاتهم المالية، والعلاقة التي ترقى لمستويات أو جهات سياسية، لدرجة أن هذه الشبكات أو الشركات التي اعتمدت المصارف والبنوك الرسمية لم تلجأ ولم تكن بحاجة للتخفي عند إجراء التحويلات المالية من تركيا لسوريا، كما وثق التحقيق اعتماد الحملة الانتخابية للرئيس التركي أثناء الاستحقاقين الرئاسي والبرلماني على أحد مكاتب هذه الشبكة كمقر لأنشطتها الدعائية السياسية.

أردوغان يتجاهل ممولي “داعش” بتركيا

ويقول التحقيق إن “العميل الذي استخدمه داعش كممول هو مواطن سوري مقيم في تركيا يبلغ من العمر 46 عاما، ويدعى عماد المشنوق”. وبحسب معلومات سرية حصل عليها موقع “نورديك مونيتور”، فقد “تم تسجيل المشنوق كلاجئ، ومنح الإقامة في تركيا، وحصل حتى على رقم هوية وطني.. سمح له هذا بإنشاء شركات وفتح حسابات مصرفية وإجراء معاملات مع وكالات الحكومة التركية والوصول إلى الخدمات العامة. فيما تشير أوراقه الثبوتية إلى أنه استقر في منطقة باشاك شهير بإسطنبول، وهي معقل المحافظين في حزب العدالة والتنمية الحاكم. وكانت أول شركة ساعد في تأسيسها هي (الجواد العقارية للإنشاءات والمواد الغذائية المحدودة)، وهي شركة تعمل في مجال العقارات والبناء وتجارة المواد الغذائية”.

ولاحظ التحقيق أن الحماية السياسية لهذه الشبكات لم تكن فقط في إمكانية استخدام المصارف والبنوك الرسمية من دون عوائق، بل على قدرتهم الانخراط في الأعمال الاقتصادية المشبوهة والتي تعد رائجة لتبييض الأموال واستخدامها في أغراض غير شرعية، منها الإرهاب، ومن بين تلك القطاعات هي العقارات والبناء. 

تم استخدام شركة مملوكة لممول داعش في إسطنبول كمكتب للحملة الانتخابية المحلية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في عام 2023- “نورديك مونيتور”

يضاف لذلك، “تجارة المجوهرات في تركيا التي تعتمد في أغلب الأحيان على النقد، كما يعمل العديد من تجار المجوهرات كمراكز غير رسمية لتبادل العملات الأجنبية. ويشكل هذا القطاع أحد السبل الأساسية التي تستغلها الجماعات الإرهابية، مثل داعش، لنقل الأموال بوسائل مختلفة، وغالبا ما تستخدم ما يُعرف بنظام الحوالة”.

بل إن التحول الذي اتخذته الحكومة التركية من ناحية فرض إجراءات صارمة أو قيود على هذه الأنشطة المالية والمشاريع التي ساهمت في تضاعف المحفظة المالية لـ”داعش”، وتوافر الموارد والدعم الماليين، جاء مع الضغوط المتنامية من قبل واشنطن ومجموعة العمل المالي (فاتف). وقد صنفت المجموعة أنقرة عام 2021 في “القائمة الرمادية”، ووضعتها ضمن قائمة تتبع موسعة نتيجة ما أوجه العجز في آليات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. في حين لم تتخطى تركيا هذه القائمة إلا في النصف الثاني من العام الحالي.

بسبب الضغوط الأميركية

ويقول التحقيق إنه “لإبعاد نفسها عن القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي، كان لزاما على حكومة أردوغان أن تثبت أنها تتخذ إجراءات ضد غاسلي الأموال وممولي الإرهاب وشبكات الجريمة المنظمة. وفي هذه المرحلة، أصبحت أنشطة المشنوق التجارية في تركيا محور تحقيق جنائي، بعد سبع سنوات كاملة من تأسيس عملياته هناك”. 

مكتب شركة الجواد العقارية للإنشاءات والمواد الغذائية المحدودة، وهي شركة عقارية وبناء وتجارة أغذية يديرها ممول “داعش” عماد مشنوق، في منطقة باشاك شهير بإسطنبول. في العام الماضي، تم تحويله مؤقتا إلى مكتب حملة انتخابية محلية للرئيس رجب طيب أردوغان- “نورديك مونيتور”

كما “تبين من مراجعة استمارات شراء وبيع السلع والخدمات التي قدمها المشنوق أنها لا تتطابق مع الأنشطة التجارية التي كان من المفترض أن يمارسها ضمن المنطقة التي حصل على ترخيص العمل فيها.. بعبارة أخرى، كانت السلطات التركية على علم بأن المعاملات كانت تجري وأن الشركات كانت في الواقع شركات وهمية، لكنها لم تتحرك حتى اللحظة الحرجة عندما قررت حكومة أردوغان اتخاذ إجراءات صارمة ضد المشنوق وشركائه لإظهار استعداد تركيا للتعاون مع مجموعة العمل المالي لإزالة نفسها من القائمة الرمادية”.

وبالعودة إلى الباحث المصري المختص بالعلوم السياسية الدكتور عبد السلام القصاص، فإن تراجع تركيا عن توفير شبكات أو ملاذات لتهريب الأموال يبدو عملا تكتيكيا لعاملين؛ الأول الضغوط الخارجية من الولايات المتحدة وتداعيات ذلك على الاقتصاد المحلي والذي يفاقم الأوضاع الاجتماعية بارتداداتها في السياسة والحكم خاصة في بلد يقع دائما على حافة الاستقطابات الحزبية والأيديولوجية القومية والدينية.

وثانيهما خفض التصعيد المؤقت في الملفات التي تتقاطع فيها تركيا مع حاجتها لدور هذه التنظيمات الوظيفي، لكن يبقى التساؤل عن أعداد العناصر الإرهابية من تنظيم “داعش” التي تعلن الأجهزة الأمنية توقيفهم وهي أعداد لافتة ومن جنسيات عديدة، كما أنه في حادث روسيا، مؤخرا، تبين أن اثنان من المنفذين تنقلوا بحرية بين تركيا وروسيا، وهو سؤال آخر يثير الريبة والشكوك حول ذهنية الأمن ومقاربة السلطة سياسيا للعلاقة مع التنظيم سواء مع وضع المرونة أو القبضة العنيفة والتقييد حد التوقيف.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة